الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورتان

سمير عبد الرحيم اغا

2018 / 1 / 16
الادب والفن


صورتان

(صورة التـــــخرج )

ركضت سريعا .... أحاول ان احصل على مكان جميل, بين زملائي , مكان ارى الجميع منه, نرسم " يوم سعيد, نادت الأصوات : البنات في الصف الأول وقوفا ، في يد كل منهن وردة ....ردد آخر : الطلاب في الصفوف الخلفية , الكل يتجمل .. الملابس . الشعر, اسعد يركض يحاول ان يحصل عل مكان .. لمياء لازالت ترتب مكياجها, روباك تبحث عن مكان بجنب أختها "اشتي " ولا ترضى إلا بهذا المكان, وصباح يريد ان يقف مع لمياء, لحظات تمر مسرعة, نرتب نفسنا والمصور يعيدها, أسعد يركض في وسط الصف, ونحن أكثر من خمسين طالبة وعشرين طالب .. يجب ان تجمعنا الصورة .. العيون كلها تنظر, لقطة .. ابتسامة .. نظرة . ذكرى, اليوم رمينا الأقلام والكراريس ، تركنا كل شيء , ولم يبق في جيوبنا إلا الابتسامة نحملها قلوبنا ... لصورة التخرج .. يقف المصور, يراجع الصفوف واحدا... واحدا يتكلم مع اسعد وسمير وسعدي ولمياء بأسلوب مهذب ولطيف .. الوجوه كلها سعيدة تحاول ان تتكلم ، وتقول .... احبك . .. لحظات ... صمت ينطلق صوت المصور :
سكوت .. سكوت "راح نصور " استعدوا
وبين همسات الطالبات ونظراتهن على ترتيب شكلهن .. تطلق الكاميرا فلاشها .. : استعدوا لقطة أخرى .... شكرا ، ثم تتعالى (الهلاهل )....نتفرق وسط التعليقات والصراخ العالي ، في اليوم التالي, تأتي الصورة أعلقها على جدار غرفتي ... انظر إليها وتنظر لي اسلم عليها وتسلم علي . وبمرور الأيام تصبح ذكرى .


صورة حرب

بعد انتهاء سنوات الحرب , قلت لنفسي : لابد ان أعود إلى الحياة, بحثت في دفاتري لم اجد شيئا ، بحثت في صوري القديمة , لم اجد شيء ، وجدت صورة "التخرج " لا تزال معلقة على جدار غرفتي , ذكريات لا تفارقنا على مدى الحياة ، أفتش في قاموس الأسماء, تأملت زملائي , كنت على حافة البكاء ، لأننا لم نبق على اتصال ، صفوف الصورة خمسة ، كأن الذاكرة غيرت مكانهم .. طبعا الصفوف ألأولى جلوسا للبنات, ما عاد وجوههم حاضرا أمامي .. من بين الصفوف اخترت الصف الثالث وقوفا من الصورة, هناك أشخاص ليست لدينا القدرة على نسيانهم مهما فعلوا ، عشرة طلاب اعرفهم كما اعرف أولادي , كلانا واقف أمام الكاميرا ، كانت كالحلم .في حياة كل منهم أيام جميلة أتذكرها جيدا ... انتقلنا بعد التخرج مباشرة, من حدائق الجامعة ... ليس إلى بيوتنا او مدن خيالية بل الى خنادق القتال, ابتدأت الحرب للتو, تدربنا, وتعارفنا مع كل المتخرجين من الجامعة, ضحكنا, لعبنا, احتضن بعضنا البعض, أفراحنا توقظ العصافير, مضى شهر وأكثر, دخلنا جبهات القتال, أسمائنا في أوراق التخرج مكتوبة في أسفل الصورة , وأسمائنا في خنادق القتال مكتوبة على قطعة معدن معلقة بصدورنا, غابوا عني لسنوات, بدأت ابحث عنهم, ولكن إلى متى ابحث ؟ مرت سنوات ولم اعرف مصيرهم, وخيل إلي ان وقتا طويلا مر دون ان اعرف أحوالهم, وفي كل مرة اطرح على نفسي سؤالا تقليديا :
هل ماتوا ... هل لا زالوا على قيد الحياة.. ؟"الموت عادة لا يأبه بالأسماء, الحزن يأتي فجأة, لابد أن القدر عرف مكانهم و ملك الموت سجل أسمائهم في سجله, وما شعرت بنفسي إلا وأنا واقف إمامهم . قال لي أحدهم : ثمانية منهم ماتوا في معركة لم اعرف تاريخها ... لكنني اعرف إنها كانت تسمى " معركة الفاو " انظر إلى الصورة واعرف أن الذي بقي من العشرة هو أنا والعاشر لازال مصيره مجهول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى