الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خدمة إنسانية يجهضها القانون باسم الشرع!

محمد مسافير

2018 / 1 / 18
حقوق الانسان


في الدول المتقدمة عموما، ليس بإمكان الزوجين أن يمتلكا حق تبني أي طفل إلا بعد أن يتلقيا تكوينا مدته سنة، ينتهي بامتحان تقويمي يبين مدى استعدادهما النفسي والفكري، لتبني الطفل الذي يريدانه، والأروع في هذا كله، أنه إضافة إلى الزوجين، يتوجب أيضا توفر شخص ثالث يكون بمثابة احتياطي يكمل ما بدأه الزوجان في حالة وفاتهما، وهو كذلك يخضع في نفس الوقت لتدريب وامتحان، ويجب على الثلاثة أن يوفقوا في الامتحان بامتياز...
إنه مجتمع الحق والقانون، حيث يولي المشرع اهتماما عظيما للأجيال القادمة التي ستحمل على عاتقها عبء تطوير المجتمع، الأطفال هم الأساس، ويجب أن يتجند الكل في سبيل خدمتهم، مهما تكن أصول الطفل أو لونه أو عرقه أو دين آبائه، لا شيء من هذا يهم، لكنه إنسان في بداياته نشوءه، ويجب أن تفرش له الورود استقبالا له في هذه الحياة، يجب أن تتفتح عيونه على الأزهار والإهتمام والحب والحنان، هذا بالنسبة للطفل عموما، لكن بالنسبة للطفل في وضعية صعبة، للطفل المعاق، للطفل اليتيم، فهؤلاء في حاجة إلى اهتمام زائد، فتجدهم يبدعون في محاولات تقيهم من الاحساس بالنقص أو الحاجة المعنوية أو المادية، لقد حرموا أولا من دفء الوالدين، ويجب أن يعوض هذا الحرمان بميز إيجابي على كافة المستويات!
صديقي المغربي، المتزوج بفرنسية من أصول مسيحية، حاول التكفل بطفل مغربي، ليس لعدم قدرتهما على الإنجاب، فقد كان لهما ولد، لكن بدافع إنساني محض.. عزما على التكفل بأحد نزلاء الخيريات، جرت الأمور بسلاسة من الجانب الفرنسي، دون أن تجابه بأي تعثر أو تماطل، بل قوبلا بالتشجيع وتثمين المبادرة، لكن في المقابل، المتعلق بالجانب المغربي طبعا، فقد تعقد الإجراء حد الاستحالة، قالوا، إنه من اللازم عليهم أن يطمئنوا على عقيدة الطفل، بمعنى... يجب على الأم المسيحية أن تعتنق الإسلام أولا، يجب عليها أن تتنازل عن معتقدها كشرط جبري...
هكذا قطعوا عنها جميع السبل نحو العمل الإنساني، وهكذا أيضا، بقي الطفل نزيلا في الخيرية التي تغيب عنها أبسط معاني الحياة، التي تفتقد الحب والحنان اللذان يغذيان روح الطفل، بل هكذا يوثرون العقيدة على ضمان الدفء الأسري ومسائل أهم بكثير...
في مجتمعي، الطفل داخل أسرته لا ينعم بالدفء، وربما يحس هناك بالغربة، فلا اهتمام ولا مراعاة لنفسيته أو اختاراته، لا شيء من هذا إطلاقا، وداخل وطنه أيضا يحس بالضياع، أو ربما كأنه في منفى، فتجده يقمع حيثما حل وارتحل، فكيف سيكون حال الأطفال في وضعية صعبة، أو الأطفال في حالة إعاقة، أو المتخلى عنهم، أو اليتامى، فحسبك أن تجول بنفسك في المراكز الإجتماعية التي تتكفل بهذه الفئات حتى يصدمك الواقع، وحسبك أن تستفسر عن آدائهم الدراسي أو مستقبل معظمهم حتى تصاب بالجنون، فأغلبهم يتحولون إلى جانحين ساخطين على الأوضاع، على الماضي والحاضر وحلكة المستقبل، لا يرون إلا الظلام يحيطهم، ينتقمون في محيطهم الذي تجاهلهم في الصغر، وحرمهم من الطفولة والدفء والرعاية اللازمة!
ثم يأتي المشرع في الأخير ليسأل عن عقيدة فاعل الخير، بذريعة الإطمئنان على عقيدة الطفل، وكأنهم يؤهلون أطفالا صالحين ونافعين اجتماعيا، وكأنهم يعبئون كافة طاقتهم في توفير مأكلهم وملبسهم وتعليمهم وتكوينهم، ولم يتبقى إلا العقيدة... إننا نعيش وسط المجانين... فرفقا بنا يا الله!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة تحصل على شهادات لأسيرات تعرضن لتعذيب الاحتلال.. ما ا


.. كيف يُفهم الفيتو الأمريكي على مشروع قرار يطالب بعضوية كاملة




.. كلمة مندوب فلسطين في الأمم المتحدة عقب الفيتو الأميركي


.. -فيتو- أميركي يفشل جهود عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدة




.. عاجل.. مجلس الأمن الدولي يفشل في منح العضوية الكاملة لفلسطين