الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول العمر

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2018 / 1 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


دخلتُ منذ سنوات مرحلة الكهولة وإن الإنسان في هذه المرحلة غالباً ما يفكر بالعمر و الشيخوخة و الحياة و الموت.
وأمامي اليوم ثمة أمور كثيرة تتعلق بالعمر و التجارب الحياتية يمكن تأملها و تعلم العبر منها و مناقشتها.
وقد حظيت الأبحاث العلمية حول الهرم والشيخوخة في السنوات الأخيرة بدعم كبير من المؤسسات و الحكومات و المنظمات الدولية في هذه المرحلة من التطور الإنساني حيث نشهد أن أعداد المعمّرين في ازدياد ويأخذ سكان الأرض يكبرون، ويتجاوز اليوم كثير من البشر المئة عام في العمر. إنّ المسألة الأساسية هي أننا أمام تغيرات جوهرية في كل مناحي الحياة، إذ كانت نفوس الأطفال حتى العقود الأخيرة من التاريخ البشري أكبر بكثير من الكبار في العمر، فاليوم انقلبت الصورة في كثير البلدان. و علينا أن نتأقلم مع القيم الجديدة و البنى المجتمعية الجديدة.
يعيش البشر اليوم من أبناء الطبقات و الشرائح الوسطى و العليا في المجتمع في البلدان الغنية أطول مدة، ويتمتعون بصحة أفضل و سعادة في البلدان الغنية. هذا ما أسمعه رغم المآسي التي تحل في بلداننا العراق و اليمن و سوريا و أفغانستان وغيرها. يتفاوت بالطبع معدل العمر الذي للمولود. في السويد بلغ عام 2016 متوسط العمر 84 عاما للإناث و تقريبا 81 عاماُ للذكور. و من المتوقع أن يصل هذا المعدل عام 20160 إلى 89 عاماً للإناث و 87 عاماً للذكور.
إن الجينات و الطبقة الاجتماعية و البيئة و نظام حياة صحي عوامل مؤثرة في تحديد متوسط العمر. رغم التطور التقني و العلمي لا أحد يشعر بالأمان المطلق، سواء في بيته أو المدرسة أو دائرة عمله.

يلقَى ما يقارب الـ1.25 مليون شخص مصرعهم سنويا نتيجة لحوادث الطرق، وفقا لما جاء في التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق لعام 2015 ، الصادر عن منظمة الصحة العالمية، وذلك رغم تحقيق تحسينات في مجال الأمان والسلامة على الطرق في العديد من بلدان العالم.
في السويد يموت فقط يموت سنوياً 266 شخصاً في حوادث السير و أكثر من100 شخص في حوادث الغرق. وآلاف يموتون بسبب تناول الكحول و المخدرات و ألف ينتحرون أو يُقتلون و ما يزيد عن الأف بسبب السرطان و غيره.
إن صح قولنا إن متوسط العمر عندنا هو 81 فالصحيح أيضا أن نصف أعدادنا لن يصل هذا العمر أبداً. لا نحظى بأكثر من 50% من الحظ للوصول إلى هذا المعدل من العمر.
يعني ذلك ان علينا أن نبقى ننتظر موت نصف من هم في أعمارنا من الأقارب و الأصدقاء و الخصوم قبل أن نبلغ 81 عاماً. لقد قضى الكثير من أصدقائي و أحبتي في الطفولة و زملائي في الدراسة وغادروا دنيا نا لمختلف الأسباب.
صحيح أنّ بفضل العلم الذي قضى على كثير من الأوبئة و الأمراض الفتاكة أصبح بإمكاننا العيش إلى حوالي 80 عاماً. وإن الحقيقة هي أن كثيرين قد بلغوا الثمانين أو أكثر في العصور القديمة. الفيلسوف أفلاطون الذي عاش قبل 2400 عام بلغ عمره أثناء وفاته 80 عاماً. و يقال إن زميله ديموقراط قد تجاوز التسعين من العمر. وعاش الشاعر الكبير بشار بن برد ( وفاة 784ميلادية) تسعين عاماً ، كما تجاوز الممثل المصري جميل راتب التسعين فمتوسط العمر الأقصى لم يتغير بصورة كبيرة خلال 2000 عاماً.
و إن الحقيقة هي أن كثيرين بلغوا الثمانين أو أكثر في العصور القديمة.
علينا التمييز بين أقصى عمر الإنسان و متوسط العمر المتوقع كمقياس إحصائي لجميع السكان. كان متوسط العمر في العصور القديمة أقصر بكثير مما هو عليه في البلدان الغنية. بينما متوسط العمر في البلدان النامية لا يزال قصيراً مثل السابق.
الفرق الكبير هو أن أعداد الكبار في العمر في ازدياد في البلدان الصناعية. ومن أهم أسباب ذلك أن العلوم اكتشفت أسباب المخاطر التي سببت في السابق وفيات الأطفال و الصغار عندما حصدت البكتريا و الفيروسات حياة مليارات البشر.
وتجري اليوم أبحاث مكثفة حول الشيخوخة و أسبابها . أصبحنا على معرفة بكثير من العوامل التي تؤثر في طول العمر أو قصره. كما أن قليلاً من الناس تحاول أن تعيش حياة صحية ما أمكن بسبب التكاسل أو تعلقهم بمتع الحياة التي تكلف كثيرا من صحتهم.
ومن جانب آخر يقل عدد المدخنين، و تتحسن الرعاية الصحية و التغذية ، وتتوفر الأدوية و العلاجات و نلجأ إلى العمليات الجراحية الناجحة مما يؤدي إلى ازدياد متوسط العمر في المستقبل. و كلنا يعي أن كل ذلك أمر إيجابي مفيد. لكن من يبلغ عمر الشيخوخة يصبح عاجزا على تدبير حياته بدون مساعدة المجتمع. فكلما زاد عدد الكبار في العمر ازدادت الحاجة إلى المساعدة. فأنا شخصياً أفضل الموت على أن أعيش أرذل العمر أفتقر خلاله إلى كلّ حواس اللذة و الاستمتاع، واصبح عالة على المجتمع.
إنّ الجميع يريدون أن يعيشوا عمراً طويلاً لكن لا أحد يريد أن يصبح عجوزاً. رغم كل شيء لا بد أن من أن تسوء أجهزة الجسم بعد بلوغنا السبعين. ولم يتوصل العلم لحد الآن إلى حل لغز الشيخوخة. فلا وجود لإكسير الحياة في الواقع. و ربما يكون ذاك من الإيجابيات، فمجتمعنا لم يبلغ بعد درجة النضوج لرعاية الشرائح المتزايدة من المئويين ومن تجاوزوا المئة عام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اخر البحوث
د.قاسم الجلبي ( 2018 / 1 / 20 - 19:37 )
تقول البحوث الطبية الاخيره ان ثلث الاطفال اللذين يولدون في هذه الفترة الزمنية سيعمرون الى ما بعد المئه في الدول المتقدمة..بفضل الرعاية الصحية الاولية من اللقحات التي ستقضي على العديد من الاوبئة والفايروسات بالاضافة الى الامراض المعدية.بالضافة الى ذلك وجود البيئة النظيفة والتغذية الصحية .الشيخوفة ممكمن ان تقلل مصاعبها هي اولا برياظة المشي والتغذية الصحية وقضاء وقتا ممتعا بصحبة الاصدقاء مع ممارسة الرقص والاستماع الى الموسيقى والنوم الى اكثر من سبع ساعات.متمنيا لكم شيخوخة هانئة بعيدة عن ضعف في الحواس الخمس مسمتعا بحاسة الشم والذوق عند تناول الطعام .مع التقدير


2 - العزيز د.قاسم
حميد كشكولي ( 2018 / 1 / 20 - 19:48 )
بعد التحية

أتفق معك فبما تفضلت .. وأشكرك على تمنياتك لي بالشيخوخة الهانئة ..
في مقال قادم ساتناول دور العلم في إطالة عمر الانسان و اشكلاياتها
مودتي
ألقاك على خير
حميد


3 - حميد كشكولي متشايخ لكنه غير متشائم!
أفنان القاسم ( 2018 / 1 / 20 - 20:39 )
لهذا مقالك مسك!!!


4 - اهلا أفنان
حميد كشكولي ( 2018 / 1 / 20 - 20:56 )
اسعدني مرورك
فعلا لست متشائما

مودتي


5 - كلام فاضي
محمد أبو هزاع هواش ( 2020 / 7 / 27 - 22:41 )
كلام فاضي وكليشيهات وكأن هذا الكشكولي هو اول شخص يصبح كهلاً...

اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254