الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على خطى يسوع- 14-دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم

طوني سماحة

2018 / 1 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


غريب هو يسوع! جلس اليوم يعلّم. اجتمع الناس حوله، منهم العامي ومنهم الفريسي. كانوا رجالا ونساء وأطفالا. كان القاضي يستمع إلى يسوع شأنه شان المدان. ضرب لهم مثلا، مثل القاضي القاسي الذي كان لا يهاب الله ولا الانسان: كانت ارملة تأتيه طالبة منه انصافها من خصمها وكان يتجاهلها. لكن ولأنها كانت تصر على طلبها قال في نفسه "وإن كنت لا أخاف الله ولا أهاب إنسانا، فإني لأجل أن هذه المرأة تزعجني، أنصفها لئلا تأتي دائما وتقمعني". كان يريد يسوع أن يعلم التلاميذ "إن كان قاضي الظلم ينصف امرأة بسبب إصرارها، أفلا ينصف الله مختاريه الصارخين اليه نهارا وليلا؟"

عاد يسوع وضرب لهم مثلا آخر. فريسي متعجرف متكبر. يرى في ذاته ظل الله على الارض. هو صانع القوانين. له ينحني الناس. يميلون جانبا احتراما له كيما يمر في الشارع. هو الاول على الموائد. هو رأس السلطة المدنية والدينية. ذهب هذا الفريسي الى الهيكل للصلاة. كان هناك عشار يصلي. العشار وقف من بعيد. كان يشعر بثقل ذنوبه. كان منسحق الروح والنفس. كان يشعر انه لا يستحق الاقتراب من الهيكل وكان يردد "اللهم ارحمني انا الخاطئ". أما صلاة الفريسي فكانت "أشكرك، أللهم، أني لست مثل هذا الخاطئ، الزاني والعشار". أذهل يسوع الجموع بقصته عندما أخبرهم ان العشار ذهب الى بيته مبررا دون الفريسي . نظر الفريسيون الى بعضهم. كان لا بد من القضاء على هذا الرجل، يسوع، الذي أتى ليقوض مملكتهم. نظر الجموع الى بعضهم: أولئك الذين كانوا في نظر المجتمع مرذولين، زناة وعشارين أدركوا ان لهم قيمة في نظرالسماء تعلو عن قيمة رجل الدين.

كان يسوع بأمثاله وقصصه يقلب المقاييس، فأولئك الذين هم في الأعلى صاروا في الأسفل، والذين هم في المرتبة الدنيا أصبحوا في نظر يسوع على قمة الهرم. أحدثت تعاليمه هزة في النفوس والضمائر. فأمور الله لا تسير بالضرورة حسب ترتيب البشر. اغتنم الآباء والأمهات الفرصة ليقدموا أطفالهم ليسوع كيما يلمسهم ويباركهم. اغتاظ التلاميذ. فالمجلس مجلس الكبار ويسوع يخاطب الكبار، يتكلم بأمور الله، يعيد ترتيب الامور، يبني مجتمعا جديدا، يتكلم عن الملكوت العتيد، فكيف لبعض العامة أن يستهينوا برسالته وأن يقدموا الصغار على الكبار؟ كيف لأحد أن يقدم القشور على اللب؟ ضغط الآباء والأمهات كيما يصلوا بأطفالهم الى يسوع وقاوم التلاميذ. كان الضغط عليهم كبيرا. نظروا الى يسوع. كلمة منه كانت كافية كيما ترد هؤلاء المتطفلين الى الوراء. لكنهم ذهلوا عندما دعا يسوع الاطفال وقال لهم "دعوا الاولاد يأتون إلي ولا تمنعوعهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات. من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله".
تسمر التلاميذ في أماكنهم فيما تدافع الأطفال الى يسوع. كان التلاميذ يرون في أنفسهم حراس الملكوت بل أركانه وها هو يسوع يقلب المقاييس مجددا: فالعشار الخاطئ والزاني والسارق يسبق الفريسي الذي يصلي ويصوم مرتين في الاسبوع ويعشر ممتلكاته. والارملة الضعيفة المهمشة تستجيب لها عدالة السماء، وها هم الأطفال الآن يتقدمون عليهم في الترتيب في الملكوت.

كانت رسالة يسوع واضحة. السماء ليست للأغنياء لأن المال جل ما يستطيع شراءه هو بعض الارض، ولا هي لأصحاب المقام الذين ينحني الناس أمامهم إجلالا، ولا هي للفريسي الذي يظن انه يستطيع ان يحصل عليها بقداسة مزيفة. إنما السماء للأرملة التي تصرخ الى الله، السماء للعشار الذي حطمته الخطيئة والسرقة والغش فحط نفسه الى الارض ورفع عينيه الى السماء تائبا. السماء للأطفال الذين وضعهم المجتمع في المرتبة الثانية وربما الثالثة، إلا أنهم يسبقون رجال الرجال والنساء الى السماء، لأنهم أبرياء لا يخططون للخطيئة أو ينفذوها بوعي وإدراك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلام من ذهب
طوني سماحة ( 2018 / 1 / 21 - 11:35 )
شكرا أخ لؤي
كلام الذهب هو كلام الرب الذي تعلمناه منه

اخر الافلام

.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن