الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
النظام السياسي المرن
قيس جرجس
2018 / 1 / 25مواضيع وابحاث سياسية
كل دولة في العالم بحاجة لتسوية سياسية كل عشرة إلى عشرين سنة أو أكثر، كما يستنتج الفكر السياسي و علم الإجتماع، بما تمليه التغيرات المعرفية و العلمية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية على تغير التحديات و تغير طبيعة الصراع الخارجي و الداخلي و مواقعه و قواه السياسية و بروز قوى جديدة و أدوات جديدة و طبقات جديدة.
لقد ثبت أن التغيير الاجتماعي و الاقتصادي و ما يتبعهما تقوده المعرفة و الإبداع العلمي، فكل اختراع علمي وضع العالم على أساس جديد اقتصادي ثقافي اجتماعي، من اختراع المحراث إلى الثورة الصناعية إلى الثورة المعلوماتية.
لقد تبين من خلال ما نشهده في العالم، أن النظام السياسي القادر على التأقلم مع التغيرات و على استيعاب ما يفرضه حراك المجتمع بكل تنويعاته، و على قدرته على التجديد و التجدد إلى نظام أجد يطرح الترهلات و يأخذ بعين الاعتبار ما هو قائم، بما يخدم مصالح المجتمع و الدولة العليا، و بما يحمي المجتمع من الانفجار العنفي و الانقسام و التقسيم الداخلي المدمر، هو نظام سياسي مرن قابل للحياة.
لقد تبين أن النظام السياسي القائم على مبدأ سيادة إرادة الشعب في الدولة، فيما تعني السيادة أولا من نيل و ممارسة الأفراد، كشخصيات مستقلة، حقوق الإنسان السيد بدون تمييز، و كمواطنين، حقوق المواطنة المؤسسة على رابطة الإشتراك في الحياة و إنتاجها على أرض الوطن المعينة تاريخيا وجغرافيا بدون العودة إلى لغته أو جنسه أو عرقه أو دينه أو طبقته، بمعنى آخر نظام سياسي لا يقوم على الإقصاء و الإبعاد و الحرمان الإيديولوجي أو الجنسي أو الديني أو اللغوي أو العرقي. لقد تم ترجمة ذلك بدستور قائم على مبدأ فصل الدين و اللغة و الإيديولوجية عن ممارسة السلطة في الدولة.
و فيما يعني ذلك المبدأ من إدارة الصراع على السلطة في النظام السياسي سلميا و الإحتكام إلى إرادة الشعب عبر صندوق انتخابات و قوننة ذلك بأدوات و مؤسسات متطورة و مفتوحة دائما على التطور باتجاه التخفيف من سلبياتها.
لقد شهدنا تطورات كبيرة على فكرة الدولة و النظام السياسي في العالم، من نظرة ليبرالية فردية تبعد الدولة كمؤسسة اعتبارية لشخصية المجتمع راعية و موجهة و تقوم بإدارة الموارد البشرية و المادية، و من نظرة شيوعية إيديولوجية تقوم على ديكتاتورية الحزب المالك للدولة المالكة و القامعة و المصنّعة للمجتمع.
الدولة اليوم هي حاصل حراك سياسي ثقافي اجتماعي اقتصادي على ضوء فشل التجربتين، لقد تطورت فكرة الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية التي تأخذ بعين الاعتبار كل شرائح المجتمع و طعّمت برامجها بكثير من تأمين الضمانات الإنسانية لكل أبناء المجتمع بحيث لا تسمح للانفجار الطبقي بجرف المجتمع إلى حرب مهلكة مدمرة. مع تبدل دائم لمفهوم اليمين و اليسار و الوسط نسبة للتحديات الداخلية و الخارجية. حتى فيما يعني العلمانية لقد ذهبت العلمانيات الإلحادية إلى التخفيف من عدائها و محاربتها للدين كشعائر و طقوس و ايمان في المجتمع، لقد ذهبت فقط إلى فصل الدين عن الدولة و حماية الدولة و النظام السياسي من سيطرة سلطة الدين السياسية. كما روسيا و فرنسا و تركيا. فهي غير قادرة على إلغاء الدين من مسرح الفرد فليبقى إذا ضمن علاقة الفرد بخالقه.
هذا لا يعني أنه ليس هناك سلبيات و تحديات لهذه الأنظمة تهددها دائما، فكما لكل دواء شاف لمرض مهدد لحياة الشخص أعراض جانبية مزعجة و مقلقة لكن لا تصل إلى حد أن نلغي الدواء و نقبل بالمرض المهدد لحياة الفرد. كذلك النظام السياسي و مبادئه.
لا داعي للمقارنة بين أعراس الديمقراطية التي جرت و تجري في البلدان الغربية و التي كشفت عن وصول قوى سياسية حزبية جديدة أو أشخاص من خارج الطقم التقليدي السياسي مع أعراس تجديد البيعة للقادة العرب المؤبدين.
فيما يسمى العالم العربي نجد النظام السياسي يستخدم الدولة و أدواتها و مقدراتها لأخذ المجتمع كاملا إلى زنزانته الانفرادية المؤبدة، و بالتالي من هنا نرى مانراه من عنف و دمار و انهيار لكل تغيير في السلطة السياسية لكل مجتمع.
لكن من المفارقة الجميلة أن الدولة كمؤسسة كبيرة و تحديات كبيرة بحاجة لتسوية سياسية كل عشرين سنة و مؤسسة الزواج الصغيرة بحاجة إلى عدة تسويات في اليوم كي تبقى المؤسسة قائمة.
د. قيس جرجس - كاتب وشاعر سوري
——————
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الإدارة الأميركية تبحث إنشاء قوات متعددة الجنسيات لحفظ السلا
.. شاهد| دوي اشتباكات عنيفة في محيط مستشفى الشفاء بغزة
.. بينهم 5 من حزب الله.. عشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على
.. بعد سقوط صواريخ من جنوب لبنان.. اندلاع حريق في غابة بالجليل
.. أميركا ترصد مكافأة 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن -القطة ا