الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا في عفرين..تجاذبات ماقبل الطوفان!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2018 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


بدت الاعتراضات الايرانية وإن تعددت مستويات المسؤولين الذين صرحوا بها، على عملية "غصن الزيتون" التركية في عفرين ، خجولة رغم حدتها في بعض الأحيان، وكأن شيئاً ما يجري تحت الطاولة بين تركيا وإيران وروسيا، وطبعاً سوريا، بما يعطي الانطباع أن الجميع لايريدون أن تنهار التحضيرات الواسعة (آنذاك) لعقد مؤتمر "سوتشي" الذي تريده الأطراف المتحالفة مع سوريا منصة لإعلان "إنتصار" هذا الأطراف ..في الحرب السورية.
وبرز واضحاً منذ الوهلة الأولى لبدء العملية العسكرية التركية، أن ظل "التفاهم" الذي انعكس منه الكثير على المعركة المستمرة في إدلب، كان بارزاً في سيطرة الجيش السوري وحلفائه على مطار أبو الظهور العسكري الاستراتيجي الذي يصفه الخبراء بالمفتاح الى تحقيق انتصارات أخرى تفوق بكثير مايمكن أن تخسره هذه الأطراف المتحالفة في العملية العسكرية التركية في عفرين والتي يجزم خبراء على صلة وثيقة بهذه الأطراف المتحالفة، أن نتائجها أيضاً ستكون في صالحها خصوصاً لجهة إيران ومشروعها الرامي الى إنشاء خط بري يصلها بالعراق فسوريا ولبنان لتأمين إمداداتها اللوجيستية الى حليفها السوري وحزب الله وتحقق حلمها في أن تصبح جاراً مزعجاً لإسرائيل.
وتستفيد ايران من عملية "غصن الزيتون" ويخدم ذلك سوريا أيضاً رغم التنديد السوري العلني بها، في أنها تساعد في إجهاض أو عرقلة، - على الأقل في الوقت الحاضر- ، مخطط واشنطن الذي يمهد للإبقاء على قوة عسكرية أمريكية في سوريا، عبر تشكيل آمريكا قوة عسكرية في شمال سوريا تظم 30 ألف جندي من الكرد ، لقطع الطريق الاستراتيجية على إيران من العراق في سوريا وإضعاف القوات الموالية لطهران تدريجياً.
ومع أن ايران طالبت بوقف "غصن الزيتون" وحجتها أنها تقوي الجماعات "الإرهابية"، مؤكدة على لسان المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي ، بجدية، ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واحترام السيادة الوطنية لسوريا، ومشددة على أنها تعتقد أن "جذور الأزمة السورية تعود إلي الممارسات غير المسؤولة والتدخلات غير الشرعية للقوات الأجنبية وخاصة التابعة للحكومة الأمريكية وبعض الأنظمة الطامعة في المنطقة ومنها الكيان الصهيوني".إلا أن حدة المعارضة هذه وجهها قاسمي صوب الولايات المتحدة ومخططات المتعارض مع المشروع الايراني، بقوله "مادامت القوات الأمريكية وحلفاؤها من الجماعات التكفيرية والإرهابية متواجدة في سوريا خلافا للقوانين الدولية والمصالح الوطنية للشعب السوري فإن هذه الأزمة سوف تستمر".
تباين في الداخل
وعلى خطى موقف الخارجية الايرانية، لم يوجه رئيس الأركان الإيراني "محمد باقري" أي تصريحات سلبية للعملية، خلال مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره التركي الجنرال خلوصي أكار، مساء الأحد، إلا أن وسائل إعلام إيرانية شنت حملة ضد العملية، واعتبرتها احتلالاً وتدخلاً سافراً في شؤون دولة مستقلة وانتهاكاً لسيادتها.
وكان لافتاً أن وكالة أنباء فارس التابعة للحرس الثوري تجاهلت عن عمد الإشارة الى أهداف الجيش التركي وحليفه الجيش السوري الحر في مقاتلة تنظيم "ب ي د/ بي كا كا" واكتفت بالقول إن قوات الجيش السوري الحر، التي دخلت إلى الأراضي السورية من ولاية كليس التركية (جنوبا) للمشاركة في عملية "غصن الزيتون"، اشتبكت مع "القوات الكردية"، دون ذكر اسم التنظيمين! فيما نقلت صحيفة " إيران" الرسمية التي تمثل الحكومة الايرانية أخبار العملية للقُرَّاء، تحت عنوان "تركيا تبدأ عملياتها ضد أكراد سوريا" متجاهلة هي الأخرى الإشارة الى الأهداف التركية المعلنة رسمياً، في حين وصفتها صحيفة "جهان صنعت" بأنها "مغامرة جديدة للرئيس (التركي) رجب طيب أردوغان". 
أما الصحف المحسوبة على التيار الإصلاحي الداعم للحكومة في إيران، مثل "مردم سالاري" و"شرق"، فقد نقلت أخبار العملية تحت عنوان "تركيا تشن هجوما على قلب الأكراد في سوريا" منسجمة في ذلك مع موقف يكرره الإصلاحيون دائماً مفاده أن التدخل الخارجي (ومنه الايراني) في الأزمة السورية، يزيدها تعقيداً ويلحق ضرراً بالدول المتدخلة ومنا إيران. 
وقالت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية في مقال نشرته على صفحتها الأولى تحت عنوان "أطماع النفوذ التركي في سوريا" وكأنه تمنح أنقرة الحق في تنفيد "غصن الزيتون" ، إن وقوف "العناصر الكردية المسلحة إلى جانب نظام بشار الأسد" كان الدافع الرئيسي الذي دفع تركيا لشن العملية. 
أما وكالة أنباء "إيسنا" الطلابية ، فإنها أبرزت موقف "النواب الإيرانيين الأكراد في مجلس البرلمان ونقلت بياناً عنهم "يعترضون فيه على العملية العسكرية التركية ضد الأكراد في سوريا".
كذلك قالت صحيفة "دنياى اقتصاد" وموقع "فرارو" الإخباري، إن عملية "غصن الزيتون" حيَّدت نحو ألف إرهابي ينتمون للولايات المتحدة، ومكّنت تركيا من إلقاء الكرة في ملعب الولايات المتحدة".
واعتبرت وكالة "مهر" للأنباء (شبه رسمية تابعة للأمن) العملية "انتهاكا" لسوريا"، في الوقت الذي اعتبر فيه التلفزيون الإيراني "بَرس تي في" الناطق بالانجليزية وهي توجه إشارات الى الغرب عن انتهاك أنقرة لحقوق الإنسان، أن عمليات القوات المسلحة التركية ضد الأهداف العسكرية لتنظيم "ب ي د/ بي كا كا" في عفرين، على أنه "حملة جوية ضد المدنيين في شمال سوريا". 
أما صحيفة "كيهان" المتطرفة فإنها وصفت عملية "غصن الزيتون" بأنها "انتهاك واضح للقانون والاتفاقات الدولية".
واستغلت الصحيفة التي تعارض على االدوام سياسات حكومة الرئيس حسن روحاني وتحرض عليه، العملية التركية،لتوجه انتقادات حادة الى موقف كل من الولايات المتحدة وروسيا حيال عملية "غصن الزيتون"،
قالت صحيفة "كيهان"، التي يشرف عليها ممثل المرشد علي خامنئي، إن روسيا تواطأت مع تركيا، على خلفية عملية "غصن الزيتون" التركي أطلقتها القوات المسلحة التركية مساء السبت ضد ميليشيات "وحدات حماية الشعب" (YPG) في منطقة "عفرين" السورية.
وقالت الصحيفة الإيرانية، الأحد، إنه لا بد من القول إن موسكو حصلت على بعض المكاسب من الأتراك من عمليات عفرين، وإن هناك تفاهما روسيا تركيا تم حول هذه العمليات.
واعتبرت كيهان أن ما حدث "لا يتفق مع ذكاء الروس حتى الآن؛ لهذا يجب انتقاد الروس على عدم تحركهم وعدم ردة فعلهم أمام تركيا"،وأشارت إلى أن تركيا تحاول إعادة تنظيم "الجماعات الإرهابية السورية" في جيش يتشكل قوامه من 22 ألف جندي سوري، للهجوم على عفرين.
وأضافت كيهان: "خلافا لمحادثات أستانة وسوتشي بين إيران وروسيا وسوريا، وخلافا للمفاوضات السورية - السورية التي انطلقت تحت رعاية الأمم المتحدة، فإن تركيا بدأت بقصف مدينة عفرين التي تبعد عن حدودها 100 كلم، وفي الوقت ذاته الذي تهاجم فيه عفرين، تعمل تركيا على تشكيل جيش من الإرهابيين السوريين". على حد تعبيرها.
ووصفت كيهان عملية غصن الزيتون بالعدوان التركي، وقالت: "إن عمل الحكومة التركية وفقا للقوانين المتفق عليها بين الدول هو بالتأكيد عدوان تركي، وسيكون له عواقب وخيمة على المنطقة".

وتابعت كيهان انتقادها: "العمليات العسكرية التي تنفذها تركيا ستزيد من التدخلات الخارجية في سوريا، ويمكننا القول إن العمل أحادي الجانب في عفرين من قبل تركيا يتعارض مع مهام الجيش التركي في سوريا".

وتوعدت الصحيفة بالرد على تركيا، قائلة: "إن التجربة تقول إن الجيش السوري وحلفاءه (إيران وروسيا) قادرون على التغلب على هذا العدوان العسكري التركي".
ويعكس انتقاد صحيفة كيهان لعملية غصن الزيتون، وجود مخاوف لدى طيف عام في دهاليز القرار الإيراني من عودة قوات المعارضة السورية في المناطق التي سيطر الجيش السوري الحر في بداية الثورة السورية، خصوصاً بعد تقارير تتحدث عن مشاركة "فيلق الشام" في العملية.
المحصلة
ورغم هذا التباين فان خبراء عسكريين قريبين دوائر القرار الإيراني في سوريا يرون في الوهلة الأولى أن العملية التركية في عفرين تخدم الخطة الأميركية المتمثلة بإطالة أمد الأزمة السورية لفرض مشروع التقسيم ولو في المستقبل غير المنظور، واستخدام الكرد شرق تركيا لنفس الأهداف في الجزء الغربي من الحدود التركية وقطع الطريق أمام ايران لتحقيق مشروع الاتصال بسوريا من العراق، وبالتالي قطع الطريق على الجيش السوري من الوصول إلى الحدود التركية في المرحلة الثالثة من معركة إدلب التي بدأها مع حلفائه وتوجت بالسيطرة على مطار أبو الظهور ليكون معبراً نحو انتصارات أخرى إذ يتوسط المطار ثلاث محافظات سورية، هي حماة وحلب بالإضافة إلى إدلب، كما يعتبر مدخلاً إلى البادية من جهة الشرق.
ويبعد المطار عن مدينة سراقب، المعقل الهام للجماعات المسلحة في ريف إدلب، حوالي 23 كيلومترا، وبالتالي يعطي إمكانية لفتح الطريق وفك الحصار عن الفوعة وكفريا.
كما يبعد المطار عن نقاط سيطرة الجيش السوري في ريف حلب الجنوبي 17 كيلومترا.
.فإذا لم لم تنسحب تركيا عن عفرين أو سلمتها للمعارضة السورية التي تدعمها، وتخطت تفاهمات الأستانة ، فإنها ستعتبر من قبل سوريا وحليفها الإيراني تحديداً، في موقع المحتل ، وعندها.. قد يأتي الطوفان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن