الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة/ الاعمى

منير ابراهيم تايه

2018 / 2 / 2
الادب والفن


في طريقي الى العمل عبر المترو، وحين اقترب القطار من الوقوف، اسرعت إلى الباب كي أتمكن من النزول قبل زحام الركاب الذين يتدافعون للركوب أثناء نزولنا، على الباب من الجهة الأخرى عبر الزجاج، وقف العشرات مزدحمين كأنهم كتلة بشرية يحاولون ركوب القطار فور فتح الباب، وأمامهم شاب أعمى، بيده عصاه، ينتظر أمامهم
خشيت أن لا يراني الأعمى ويصطدم بي أثناء صعوده، فُتح الباب، هممت بالاسراع بالنزول قبل الزحام، نظرت في وجه الأعمى، ابتسم لي وكأنه يعرفني، وانتظر نزولي واقفا أمام حشد من البشر المتعطشين للركوب، غير المبالين بالمسنة التي تحاول النزول أيضاً، انتظر الأعمى وهو يبتسم في وجهي وكأنه يراني، ولما نزلنا ركب القطار وركب المحتشدون من خلفه..
×××
وجدت نفسي اقف في طابور لاعرض آلامي على عرافة مشهورة بمهارتها وطول باعها في قراءة الطالع واسداء النصيحة.. وبعد انتظار طويل مع طابور من المنتظرين، ومن يدخل يخرج مبتسما.. عدلت عن فكرة البوح وغادرت الصف محتفظا بألمي بعد ان ادركت ان السعادة في العالم توزعها عرافة.
×××
حاولت إقامة علاقات صداقة وتعارف مع أناس في الواقع الحقيقي خارج الفيسبوك، بنفس الأسلوب والطريقة المتبعين في العالم الافتراضي..
نزلت إلى الشارع وبدأت بإيقاف المارة لأخبرهم ماذا أكلت قبل قليل، بماذا أشعر في هذه اللحظة، ماذا فعلت في الليلة الماضية، ما أنوي القيام به، وبصحبة من..
اعطيتهم صورا لي و لعائلتي، حديقة المنزل، صورتي وأنا أقف أمام أحد النصب التذكارية، صورتي وأنا أقود السيارة، وأنا أتناول الغداء، وغيرها من الصور التي توثق نشاطاتي اليومية..
كما وقفت الى جانب بعض المارة الذين تصادف وجودهم في الشارع يتحدثون الى بعضهم البعض لأستمع إلى احاديثهم وأبدي إعجابي به، وأخبرهم كذلك بإعجابي بهم..
المثير للدهشة، اكتشفت أن هذه الطريقة وبهذا الأسلوب في العالم الحقيقي تعمل، حتى الآن عندي ثلاثة أشخاص يتابعونني: رجلان من الشرطة وطبيب نفسي....
×××
يبدو انني قطعت لحظة عشق بين عاشقين على رصيف معتم، بينما كنت امشي بجثتي الضخمة وطولي الفارع وبهدوء دلفين، كان يقول.. اعرف من رائحة الياسمين، لم اتمكن من سماع الجملة التي سبقتها لربما كانت "اشم رائحة الياسمين حين تمرين بجانب بيتنا"..
×××
كل مساء اخلد الى النوم من غير اي ضمانة ان استيقظ في الصباح ، مع ذلك احرص على ضبط المنبه..
×××
فاجأني بائع الطبول حين باغتني بسؤال لم يكن بالحسبان وقال: هل تعلم لماذا يشتري الناس مني؟؟
قلت لا أعلم !!. ربما لأنهم يريدون الرقص!؟
نظر بعينيه يمنة ويسرة وكأنه يستعد لان يبوح لي بسر، أو إنه اصطفاني لقول كلام خاص
ثم ضرب بأصابعه برفق على جلد الدرابيك وقال: الناس يخافون الصمت، والطبول تنوب
ثم استمر في النقر متجاهلا وجودي معه وكأنني لم أقف معه وتاه في الزحام..
×××
بينما كنت في طريقي، وعلى حافة الرصيف شاب يعمل في حفريات للبلدية، متكئ على السياج الحديدي أمام الحفرة التي كان يعمل بها، يستمع الى اغنية من هاتفه، كنت في مزاج حينئذ، سألته وقد رأيت الخاتم في يده
هل أنت متزوج؟ نعم الحمد لله
وهل تزوجت من تحبها؟
أحب زوجتي، ولكنها ليست حبي الأول، لم أستطع التزوج منها، وأومئ برأسه إلى الهاتف "المقصودة من الأغنية ليست زوجته"
سألته: ولم؟
تنهد ونظر إلى البعيد قائلاً: الحب الأول ليس للزواج، بل للتعلّم فقط
×××

‏اليوم كانت اخر جلسة لي مع الطبيب النفسي الذي ساعدني أن أفترض بأنكِ كنتِ وهماً.. في نهاية الجلسة وهو يودعني عند الباب سألني: ماذا ستفعل الآن ؟ .. قلت لا أعرف.. أيها الطبيب، ربما عليّ أن أذهب إليها وأخبرها أنها وهم.. أنا معتاد أخبرها بكل شيء...؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق