الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصّورة في الإعلام... الكابوسُ القاتل..

خالد ديمال

2018 / 2 / 2
الصحافة والاعلام


أهم ما يجب أن يتوفر في الصحفي، هي الإستقلالية عن الماليّين، وأن يتوفر كذلك على خط تحريري، لأن الصحفي، إذا لم يكن يتوفر على حرية الشجب والإدانة، فلن تكون له إمكانية المديح، رغم ما قد يشكله تداخل الإعلامي بالسياسي، من عوائق... في هذا الجانب.. وهو تداخل، يعيق في الغالب، عمل الصحفيين، الذي لا تحد من تأثيره، سوى الأخلاق المهنية (dianthologie)، عندما يتعلق الأمر بالمس بالسلامة الشخصية للأفراد.. وينضاف إليها، جدلية الإعلام والإقتصاد، عندما يتحول الإقتصاد إلى وسيلة للتأثير على الإعلام، بل والتحكم فيه، عندما يستثمر أصحاب رؤوس الأموال في الإعلام، لتبادل المصالح وحمايتها.. بل، هو ما يجعل رجال الأعمال يستثمرون أموالهم في الصحافة والإعلام...
قد يكون هناك اتفاق، على أن مفهوم الإستقلالية، في مجال الصحافة، مصطلحا مغلوطا، ولن يقابله في هذا الإتجاه، لخلق التوازن، سوى مصطلح التعددية، في منابر الإعلام، رغم كونه ليس مؤشرا، لأن التعددية هنا، تتحدد في التنوع، (من النوعية)، فكلما كان الإعلام نموذجيا، كلما كانت هناك إمكانية لكي تُعرض عليه توجهات مختلفة، دينية وفلسفية، وغيرها.. وكلما كانت له هذه الإمكانية، كلّما استطاع الحصول على هذه التوجهات، التي يمكنه من خلالها، أن يكوّن وجهة نظره الخاصة.. وهي عبارة عن معادلة: فكلما كان المجتمع نوعيا، إعلاميا، كلما كان ديموقراطيا، رغم التبعية للمال، حيث تبقى هذه التبعية أمرا عاديا في وجود (التنوع/النوعي).. لأن التناقض يسمح للمواطن أن يكوّن رأيه في إطار ما يسمى ب(سوق الأفكار).. بشرط عدم المساس بالحياة الخاصة للأفراد، تماشيا مع مدونات أخلاقيات الصحافة، سواء تلك التي تعدّها الدولة، أو الصحفيين أنفسهم لتنظيم مهنتهم، خاصة في ظل غياب ضوابط تحدد هذه الأخلاقيات في ميثاق حقوق الإنسان، وتحديدا (مادته العاشرة -10-)، وبالتالي، تبقى هيآت التقنين الذاتي هي الحل.. لهذه الإشكالية...
وهناك أحداث عديدة في هذا الصدد يمكن تسجيلها، مثل أحداث نهاية سنة 2015، بكولونيا بألمانيا، عندما اتهمت الصحافة، مباشرة، مئات اللاجئين، بأنهم تهجموا جنسيا على نساء ألمانيات، بعد صدور شكايات عن هؤلاء النساء، فظهرت بعدها أفعال عنصرية ضد اللاجئين، رغم أن هذه المعلومات خاطئة.. إضافة إلى ما تكتبه بعض الصحافة البريطانية، أو تبثه قنواتها مثل الbbc، التي انتقدت بشدة بقاء بريطانيا ضمن هذا الإتحاد، بمبرر أن البقاء، سيدفع 30 مليون تركي للهجوم على بريطانيا، مع أن تركيا لن تكون مهيأة للإنضمام للإتحاد الأوروبي، إلا في نهاية 2040، كما أن انضمامها، يقتضي قبول دول الإتحاد.. بمعنى أن الbbc، تبث معلومات، يتبيّن مع الوقت، أنها النقيض..
نفس الشيء يحدث مع جريدة le figaro التي تأسست في بداية القرن ال20، وكتب فيها كبار المفكرين الفرنسيين، وصانعي القرار، من قبيل ريمون آرون، والتي كانت تخضع لتأثير مالكيها الماليين، أمثال تاجرَيْ السلاح ‘‘داسو d’asseau’’ و‘‘لاغاردير Lagardère’’، حيث باعها الأول، فأصبحت تعبّر عن اليمين التقليدي، وفي خدمته، وخدمة مرشحه الطبيعي ‘‘نكولا ساركوزي’’، مما يكشف مستوى التداخل بين الإعلامي/والسياسي.. والإقتصادي..
لا ننسى هنا، أن الصحفي، في جميع الحالات، هو كلب حراسة الديموقراطية، كما أنه أضحى وسيطا إعلاميا، وبوصلة ذات مكانة، لأنه يعطي صورة عن مدى تقدّم البلاد في المجال القانوني، وهذا ليس معناه، أن يكون الصحفي خبيرا قانونيا، لكن عليه أن يعرف جيدا حدا أدنى من القوانين.. كالتمييز بين الحياة الشخصية، والتشهير، والخطاب الذي يبثّ الحقد.. من قبيل الرفض الذي يبديه الصحفي تجاه عمليات الإبادة التي قامت/وتقوم بها روسيا مثلا.. في (أفغانستان سابقا/ وسوريا حاليا).. من خلال استعمال الصُّوَر.. التي توثّق لمثل هاته الإبادة (وتقديم أمثلة) عنها، وحمايتها بحقوق المؤلف..
وما دمنا استحضرنا الصورة... فماذا يمكن القول عن هذه الأخيرة في وسائل الإعلام؟؟..
الحق في الصورة، أصبح كابوسا، بالنسبة لوسائل الإعلام، بمعدل 100.000 من الصور التي تُأخذ في الشارع، ويتم بيع هذه الصور لأغراض الدعاية.. خاصة وأن وكالات تعيش من مثل هذه الصور.. وفي فرنسا تُستعمل هذه التقنيات (tout choisir) أي (كل شيء خاضع لإختيار الصحفي) بمعنى (كل ما يصادفه في الطريق يمكن أن يكون هدفا للتصوير، حتى الأشخاص ولو دون موافقتهم، وفي مواقف غير منتظَرة منهم)، خارج حدود المهنية، وهو ما دفع العديد من ضحايا هذه الصور، إلى متابعة هذه الوكالات، خاصة وأن هذه الصور، تُأخذ دون إذنهم، وهي متابعات عرّضت عددا من هذه الوكالات للإفلاس، بالنظر إلى حجم مبالغ التعويض..
إن أخذ مثل هذه الصور، دفع إلى طرح السؤال التالي: (في الفضاء العام، لا يمكننا أن نصوّر نكرة، حتى نستطيع تصوير شخص معروف، يرتبط بالمصلحة العامة)... وعكس ذلك، يدخل في خانة التجريح، الذي قد ينْدغِم (يتماهى)، مع الصحافة الساخرة، التي تعتمد على المبالغة كشكل من أشكال التعبير مثل le canard enchainer في فرنسا..
لكن، كيف يكون الصحفي شخصا مسؤولا، هل بإعادة النظر في المنظومة القانونية برمّتها، أم انطلاقا من الرقابة الذاتية التي قد يفرضها الصحفي على نفسه، لتحقيق المهنية المطلوبة في الحقل الإعلامي؟؟.. يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توضيحات من الرئيس الإيراني من الهجوم على إسرائيل


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت على مساعدات عسكرية لأوكرانيا وإسرا




.. حماس توافق على نزع سلاحها مقابل إقامة دولة فلسطينية على حدود


.. -مقامرة- رفح الكبرى.. أميركا عاجزة عن ردع نتنياهو| #الظهيرة




.. إسرائيل تعلن قصف مبنيين عسكريين وبنى تحتية لحزب الله جنوب لب