الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على خطى يسوع- 16- ساعة الحقيقة

طوني سماحة

2018 / 2 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إنها ساعة الصفر، ساعة الحقيقة. جلس الصديقان على طاولة العشاء وحولهما الأحد عشر. نظر كل منهما في عيني الآخر. واحدهما ينظر أبعد من العينين ليصل الى ما في القلب والآخر تحاول عيناه أن تخفي ما يخطط له القلب والفكر. نظر يسوع الى يهوذا، غمس اللقمة في الصحفة، ناوله إياها، وقال له "ما أنت عامل فاعمله بأكثر سرعة". عندها قام يهوذا ومضى. لم يفهم التلاميذ هذه النظرات المتبادلة بين الصديق وصديقه. كان يهوذا أمين الصندوق وظنوا أن يسوع يقول له "إذهب واشتر ما نحتاج إليه للعيد، أو أعط شيئا للفقراء".

مضى يهوذا. كان التلاميذ مشغولين بأمور كثيرة يتحدثون عنها، لكن لم يكن أحد يدرك أن ساعة النهاية قد قربت. لم يعلموا أن الاعصار سوف يجتاح البيت هذا المساء ويشتت الجميع. لم يعلموا أن الملكوت الذي آمنوا به سوف يتحول بعد قليل الى نهر من الدم سوف يغذونه لاحقا بدمائهم. لم يعلموا ان الصديق الذي ائتمنوه على الصندوق كان على وشك بيع الحلم الذي عملوا من أجله ثلاث سنوات. كانوا يتحدثون فيما بينهم منشغلين عن يسوع حتى أن يوحنا الحبيب الذي اتكأ برأسه على صدر المعلم لم يكن يدرك ما كان يجول في خاطر سيده. وحده يسوع كان ينظر إليهم بحزن وهو يرى يهوذا يغلق الباب ويمضي لكي يبيعه بثلاثين من الفضة.

بشعة هي الخيانة. إثنان يأكلان من نفس الصحن، يشربان من نفس الكأس، يتشاركان المكان والزمان، يرتبطان بأسمى وأنبل العهود، ثم يأتي واحدهما ليضع السم في صحن الآخر وكأسه، يلوث المكان والزمان الذي جمعهما، وينقض العهد بحقد. بل ما أبشع الخيانة عندما يعانق الخائن صديقه فيما يده تقبض على الخنجر من الخلف بغيه الطعن به. هذا ما كان يفكر به يسوع، لكنه لم يكن ليتوقف عند خياتة صديقه له، بل كان يفكر كيف تراه يحتوي تلك الخيانة. كان يبكي على صديقه الذي لن يعود إليه تائبا باكيا. نظر يسوع الى بطرس. كان بطرس قد أعلن ليسوع مرارا أنه على استعداد ليموت من أجله وكان يسوع يدرك أن بطرس سوف ينكره ثلاث مرات تلك الليلة عينها. لكنه كان يدرك أن بطرس سوف يذرف دموعا غزيرة توبة وندما. أما يهوذا، فها هو يمضي الى مصيره المشؤوم يبكي خيانة وليس ندما، يذرف دموع اليأس وليس التوبة. أتى يسوع كيما يفتدي كلاهما، لكن بطرس اختار العودة الى حضن صديقه فيما يهوذا اختار ان يمضي في طريق الموت، الموت شنقا بدل التوبة.

انتهى وقت العشاء. كلم يسوع تلاميذه للمرة الأخيرة. أخبرهم أنه ماض الى حيث لا يستطيعون القدوم معه. أخبرهم أنه ذاهب ليعد لهم مكانا. أوصاهم ان يحبوا بعضهم بعضا. صلى من اجلهم كيما يثبتوا فيه وهو فيهم. ثم دعاهم كيما يتبعوه الى الوادي حيث يكون الصديق بانتظاره مع شلة من الجند. هناك سوف يكمل يسوع المسيرة، مسيرة الملكوت، الملكوت الذي دعامته الصليب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المأساة يجب أن تتم
مصطفى خروب ( 2018 / 2 / 10 - 20:39 )

إنه الرب ..... الذي تجسد ... يعني يعلم كل شيء منذ البداية بما في ذلك خيانة يهوذا ،، لكنه تركه بين تلاميذه يكمل دوره إلى النهاية لماذا ؟ المأساة يجب أن تتم وفي كل تراجيدية خائن ، في مسرحية الخلاص دور يهوذا كدور المسيح .... إن لم يكن يهوذا هناك آخر سيأخذ دوره ...... في كل الروايات بطل يعكس الخير ومجرم يعكس الشر ...... حتى في القصص الإلهية .... حيث النبوءات عن الشاة التي سيقت للذبح وعن إحصائه مع اثمة.... ثم لماذا نحزن عند الصلب طالما سيقوم ويهزم الموت ؟ من يقدم الفدية لا يسترجعها ...... مسرحية كغيرها عن الحياة والموت تشبع رغبة الإنسان في القيامة والخلود


تحياتي


2 - المأساة يجب ان تتم
طوني سماحة ( 2018 / 2 / 10 - 22:21 )
شكرا على المداخلة استاذ مصطفى
لكل زمن مسرحيته. ومع تغير الازمنة تتغير المسرحيات والادوار والكتاب والممثلون. كون هذه المسرحية استمرت ألفا عاما هو بحد ذاته دافع للتفكير. وهنا دعني اسألك: ما كان الدافع لهذه المسرحية؟لماذا آمن أبطالها بها ودفعوا حياتهم لأجلها؟ لماذا لم يخرج حينها من احبار اليهود والامم ليدلل على بطلانها؟ كيف استمرت لألفي عاما ولم تحمل سيفا؟ ما هي إثباتاتك على أنها مسرحية؟ أهي إثباتات تاريخية،؟ أم ثقافية؟ أم علمية؟ أم تاريخية؟ هل كان
بولس مجنونا ليدفع رأسه ثمن اكذوبة ومعه بطرس والاثني عشر و...أم أنهم كانوا مجرد هواة للموت؟ هل قرأت مثلا ما كتبه المؤرخون من القرن الاول والثاني مثل يوسيفوس وبلييني الاصغر ولوسيان من ساموساتا و تاسيتوس الحاكم الروماني وكلهم أعداء للمسيح والمسحية وبناء عليها استطعت ان تبني دراسة مفادها ان المسيحية مسرحية؟ ما هو جوابك على القبر الفارغ؟ لماذا لم يبرر حتى التلمود اليهودي القبر الفارغ وهو من ضمن الذين كتبوا عن يسوع متهمين اياه بالخداغ؟
احترم حقك في ان تقول ما تشاء، لكن مصداقية الانسان تتوقف على ثبات حججه علميا او
ثقافيا او تاريخيا واعتقد


3 - - المأساة يجب ان تتم- تابع
طوني سماحة ( 2018 / 2 / 10 - 22:23 )
أعتقد ان للمسيحية رصيد لا يستهان به على جميع هذه الاصعدة (ثقافيا، تاريخيا، دينيا، فلسفيا) وتبقى المسؤولية على من يعارض ان يأتي بالحجة.
شكرا مرة اخرى ولك مني كل الاحترام

اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية