الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولكتبي الضائعة حكايات

أكرم شلغين

2018 / 2 / 12
سيرة ذاتية


لأن الكتب والأشرطة كانت يوماً مستمسكات فقد تعمدت تهريبها من طريق من ينتظر الدليل على فقدان "طهرانيتي السياسية" ولأن الكتب كانت الدليل القاطع ضدي فقد تعمدت أن أخفيها بعيدة عن الأنظار كي لا تتكرر المأساة التي رأتها عيني مراراً مع أبناء جيلي وأقاربي وأبناء حارتي وترافقت مع تنهيدات الآباء ودموع الأمهات والحسرة للشعور بالعقم والعجز إزاء ما يقع من ظلم ولا تستطيع فعل شيء أي شيء لتوقفه...وهكذا حملت كتبي تباعاً خلال الليل إلى سطح بيتنا وتركتها هناك مطمئناً أن زوار الليل وضيوف الفجر* لن يعرفوا إليها طريقاً لأنهم سيفتشون داخل البيوت فقط. بعد أن اطمأن قلبي أن كتبي في أمان ذهبت إلى حلب وبقيت هناك لأيام بعدها عدت لأعرف أن السماء أمطرت في غيابي وأغرقت كتبي بالماء والتصقت الصفحات ببعضها البعض وأصبحت الكتب بحكم التالفة. بين غير مصدق وراغب في أن يكون التلف محدوداً ومن لا يريد أن يصعد إلى سطح "العليّة" في وضح النهار كي لا يكون الهدف الواضح لعين من قد يشي بحركتي وبين من يفكر بالواقع تباطأت بالصعود إلى السطح لأتفقد كتبي وأعرف لأي حد تلفت!
عدت ذات يوم إلى البيت لأُصدم بأن أحد أفراد أسرتي يحرق براميل من الورق والكتب! سألته عما يفعله فمسك كتابا من تلك الكتب وقال لي تصفحه! لقد أراد وقتها أن يثبت لي أن الصفحات التصقت ببعضها البعض ولا فائدة منها بعد ذلك الحين.
(طويت صفحة)
في بريطانيا، كان لي هوس خاص بشراء الكتب وفي كل مكان انتقلت إليه وعشت فيه كان ذلك هدفا رئيسياً لي. بعد خمس سنوات رغبت بمغادرة بريطانيا وانتقلت للعيش في ألمانيا فتبرع أحدهم ـ عربيا ـ بوضع كتبي لديه...وهكذا ملأت كتبي في ثلاثة عشرة صندوقاً من الكرتون بأحجام متفاوتة الأحجام ووضعتها في بيته. بعد عام ونصف اتصلت برقمه فأجاب شخص إنكليزي استغرب أن أتصل وأسأل عن شخص باسم (A.H.A.) وأكد لي أنه يستخدم ذلك الرقم منذ أكثر من عشر سنوات وان العنوان طريق لندن القديم منزل رقم 13(Old London Road, 13) والذي أتصل به هو نفسه الذي يسكنه منذ سنوات لكنه لم يسمع من قبل بالاسم الذي أسأل عنه..(بالطبع لم أصدق ما قاله لأنني كنت أزور ذلك البيت وأتصل بذلك الرقم بشكل مستمر. ولكنني لا أستطيع فعل أي شيء...!
(طويت صفحة أخرى)
في ألمانيا، بجنوب برلين حيث عشت لفترة ما أردت التعويض عما خسرت، فصار أن اقتنيت وقرأت من الكتب ما بطّن جدارين من صالوني بالكتب. لقد احتفظت بحب الكتب....عندما غادرت ذلك البيت ـ ولا أرغب هنا في الكلام عن كيف حصل ذلك وتفاصيل ـ بقيت الكتب في مكانها ولم أعرف إليها سبيلاً فيما بعد.
(صفحة أخرى طويت)
في ألمانيا، بشمال برلين، وفي آخر سكن لي قبل مغادرتي ألمانيا بدأت أجمع الكتب من جديد.... بعد عام ونصف على مغادرتي ألمانيا نُقِلت كتبي إلى قبو سكن سيدة لمع وجهها وهي تسأل عن ثمن بعض من الكتب... وأما عيني فلم تتكحل برؤية أي من تلك الكتب بعد نقلها...وحين أحتاج لكتاب أعرف أنني أمتلكه في مكان ما أشتريه من جديد...!
أحزن ولكنني أكرر في نفسي أن أياً منا لن يستطع ذات يوم حمل كتبه أو أي شيء آخر..معه في الرحلة الأخيرة!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* بزائر الليل وضيف الفجر أقصد المخابرات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف