الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبح الشيوعية وجذوة الاحتجاجات ومستشار الخامنئي

سمير عادل

2018 / 2 / 25
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


لم يسعفنا الوقت في الاسبوع الفائت بالرد والتعليق على تصريحات مستشار الخامنئي علي ولايتي في تهجمه على الشيوعيين والليبراليين، اثناء لقاءه مع نوري المالكي، بسبب انشغالنا بكتابة مقال افتتاحي عن "مؤتمر اعادة الاعمار العراق".
تهجم ولايتي على الشيوعين الذي قدمهم في حديثه او تصريحه على الليبراليين اذ قال "الصحوة الاسلامية لن تسمح بعودة الشيوعيين والليبراليين للحكم"، يحمل رسالة الى الداخل الايراني اكثر مما هي الى الداخل العراقي، والتي وصفها البعض بأنها تدخل بالانتخابات العراقية والشأن العراقي وتجاوز على سيادة العراق والعرف الدبلوماسي.
لماذا هذا الخوف من الشيوعية اذا كان كما يقول دعاة الليبرالية الجديدة واقتصاد السوق وجوقة الاقلام المأجورة من المثقفين البرجوازيين، بأن مجتمعاتنا لن تقبل بالشيوعية بسبب الاغلبية المسلمة والدين الاسلامي والتقاليد الاسلامية؟ وليس ولايتي هو الاول في تهجمه هذا، بل سبقه المالكي في عدة مناسبات وبين الحين والاخر ونذكر منها على سبيل المثال في ذكرى اعدام محمد باقر الصدر عام 2013 تهجم على الشيوعيين والعلمانيين، واكثر من ذلك فعبر خطبة لعمار الحكيم في العام الفائت، التي اعلن فيها توبته من المجلس الاسلامي لغسل ذنوبه من اعمال النهب والسرقة والفساد وتأسيسه لتيار الحكمة، استبدل دماء الشيوعيين بالملحدين ومن يقف ورائهم ليهدرها، كي لا يشحذ ذاكرة التاريخ ويستحضر الارواح التي اهدرتها فتوى جده محسن الحكيم لدماء الشيوعيين ونفذها القوميين والبعثيين في انقلاب شباط 1968. ولكن لماذا اليوم، يطلق مستشار المرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايران هذا التهديد والوعيد؟.
فالجواب هو؛ جذوة الاحتجاجات ضد الاستبداد والقمع والفقر التي تجتاح ايران، وسرعان ما اعترفت بها وكالة الاستخبارات الايرانية وخامنئي المرشد الاعلى في بيان له على موقعه الالكتروني في الذكرى الاربعين لثورة عام 1979 في مدينة تبريز، بعد ان فشلوا في الصاق تهمة التحريض الخارجي بالاحتجاجات في الايام الاولى لها وبأنها مؤامرة صهيونية وامريكية ضد الجمهورية الاسلامية، والذي كان حسن نصر الله ونظام بشار الاسد احد العازفين على تلك النغمات، الا ان الشهود من اهلها خيب تحليلاتهم وخطاباتهم الخالية من اي حياء وذكاء. ان محور المقاومة الذي لن يسمح بعودة الشيوعيين مرتعب من تلك الاحتجاجات، التي بدأت النساء بإقامة تجمهرات عفوية او منظمة لخلع الحجاب وتعليقه كخرقة على عصا او على الاعمدة في الشوارع، والذي هو رمز الاذعان والاذلال على النساء وعلى المجتمع الايراني، انها جذوة التجمعات والتظاهرات والاضرابات العمالية ضد تدني الاجور وتدهور مستوى معيشة العمال في المدن الايرانية العديدة، التي لن يمر يوم والا راية تلك الاعتراضات ترفرف في احدى القطاعات الصناعية او الخدمية، انها جذوة الاعتراضات الطلابية التي تجتاح الجامعات الايرانية ضد قمع الحريات والاستبداد والدكتاتورية الاسلامية. ان جذوة الاحتجاجات التي تكبر اليوم ثم تخبو في اليوم الثاني لتتوقد في اليوم الثالث، تذكرنا بسنوات عشية الثورة الايرانية التي كانت الجماهير فيها تتمرن وتتدرب بنفس طريقة اليوم حتى وصلت الى الذروة وهو يوم اسقاط نظام الشاه. فعلي ولايتي يدرك اكثر من غيره وهو لم ينطق عن الهوى وليس زلة لسان كما حاول البعض من انصاره ان يرقعوا ما تفوه به، بأن تلك الاحتجاجات بالرغم انها عفوية بشكلها العام الا انه يشعر بأن رائحة الشيوعية تفوح منها، بل انها شبح الشيوعية التي تجول على المدن الايرانية. فرفع قامة العمال امام عرابي السوق والبنوك والليبرالية الجديدة المتمحورة بالحرس الثوري الايراني على غرار الجيش المصري ورئيسه السيسي، والتحرير الكامل للمرأة من اغلال العفونة وسلاسل الرجعية للملالي قساوسة القرون الوسطى الجدد، واطلاق الحريات الانسانية بشكلها المطلق وانتزاع المجتمع الايراني من براثن العمائم والتخلف واعادته الى الركب التمدن والحضارة، تجد مكانها فقط في قاموس الشيوعية والبرنامج الشيوعي والبيان الشيوعي لماركس وانجلز.
ان ولايتي أسدى لنا خدمة كبيرة بتصريحه، ليجنبنا العناء بالكشف امام الجماهير بان محور المقاومة يتخندق مع المالكي بالذات، ابرز وجوه الطائفية، وبطل الهزيمة امام داعش، وتسليم ميزانية العراق خاوية الى سلفه العبادي ليقفل علينا الاخير دائرة الفقر والفاقه عبر فرض سياسة التقشف، يتخندق مع الاسلاميين الذي قالت عنهم الجماهير في ساحة التحرير يوم 30 تموز من عام 2015 "باسم الدين باكونا الحرامية، و"من دخل بيها ابو العمامة صار البوكة للهامة". اي بلغة اخرى ان محور المقاومة يتخندق مع الظلم الطائفي الذي حول عصابات داعش الى غول يجتاح ثلث مساحة العراق، ومع الفساد والسرقة واللصوصية، ويدرك اي ولايتي، ان الشيوعية اينما تحل ستحل المساواة بين البشر وستقضي على الفساد وتدفع بالطائفيين الى قفص الديناصورات ليوضعو في احدى متاحف التاريخ.
واخيرا ان الجمهورية الاسلامية متورطة بقتل الاف من الشيوعيين والعلمانيين والليبراليين واليساريين ودعاة الحرية في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، للالتفاف على الثورة الايرانية والقضاء عليها وبدعم الغرب وبقيادة امريكا للتصدي للشيوعية واليسار ابان الحرب الباردة. وان تصريحات ولايتي تؤكد بأن محور المقاومة التي تقودها الجمهورية الاسلامية لا تعرف غير لغة الحديد النار، وان وجوده في العراق كما وجوده في سورية هي مثل الوجود الامريكي، من اجل الاستحواذ على الثروات الطبيعية من النفط والغاز وبايدلوجية طائفية مثل امريكا بايدلوجية الديمقراطية وتحت عنوان محاربة الارهاب.
واخيرا نقول ان الصحوة الاسلامية التي يبشرنا بها ولايتي، هي صحوة اللصوص والنهابين والسراق والعصابات والمليشيات الطائفية، وعليه ان يمسك بعمامته في ايران وليس في العراق قبل ان تطير رياح الثورة القادمة تلك العمائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة