الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة-الحب والعرجاء

غفران محمد حسن

2018 / 2 / 26
الادب والفن


تمشي بجسد مترنح ,متعرج بين الناس أول مرة وقع بصري عليها في قاعة ثقافية تصورتها من الجمهورهمس في صيوان اذني زميل أديب قائلاً بل إنها قاصة ,كيف تملك هذه الارادة الصلبة والعقل المتفتح لتواصل مسيرة حياتها وتتعايش مع الشلل النصفي قلت له.إنهاتملك لروح شفافة وطيبة وبراءة الاطفال الصغار لا تكره المجتمع ألذي تنتمي اليه رغم نضرة البعض اليها قال لي,تملك كبرياء وعزة نفس لم ألحضهما في بعض، زميلاتها من الشواعر والأديبات بل في بعض النساء عامةً إنها إمرأة فذة.
وعبرطريقٍ مشجَّر تحفّ به الاشجار في أحد الشوارع الرئيسة لمنطقة الجادرية رأيتها صدفةً كيف تساعد رجل ضرير بعبور الشارع رغم عوقها الجسدي وبعد برهة تعطي بعض النقود الورقية للمتسولة ,تأملتها بعمق وتسآلت في سرّي لو كانت روحها الشفافة موجودة في جلَّ البشر فكيف سيكون شكلهُ ولونه؟
كيف سيكون شكل الكرة الأرضية المفعمة بالحقد والكراهية ,الحياة المبددة بين أكاذيب الساسة وأحابيل الحرية الممسوسة بالتحريم ربما سيتغير تاريخ الأباطرة وميليشيات المقابر وترفع راية واحدة تمثل الوطن بدلاً عن تعدد رايات الأحزاب لو كنا نحب من يكرهنا ,ربما ستتغير جغرافية الأرض المولعة بالجمر والمتعطشة للدماء ربما سأستغنيى عن تمنطق السلاح في حزامي كل يوم خوفاً من رصاصة غدر قد أدفعها ثمن الكلمة الحرة ,وربما لن أرى الكوابيس في المنام ولن أستيقض على صوت صرخات الأرامل ونحيب اليتامى من ضحايا الحروب الذين ألتقيهم خلال عملي الصحفي ,ولن أفزع من قهقهات بعض الساسة الذين أحاورهم ويدعون القومية والوطنية في بلاد السواد بعض الساسة الذين يتكلمون في النهار كقديسين وأناعلى يقين أنّ بعضهم يدوخ في اليل على سرة إمرأة ,هربت من بشاعة الحياة ودخلت مدرسة الحب ,رغم أنّ وطني ألغى مادة الحب من مناهجه المدرسية لأنه يعتبر الوردة الحمراء والبيضاء اللتان ترفعان في ساحة التحرير مؤامرة على النظام!
وشعارات الحب والحرية والمساواة والمطالبة بالحقوق منشوراً سرياً ضده !
إعتبرت نفسي متحضرة لأنني أحببت كسرت القوانين والأعراف التي وضعتها لي بداوة أهلي وقبيلتي إن الحب عاراً على الانثى إذا أحبت لقد شطبت قبيلتي إسمي من ذاكرتها لأنني تمردت ورفت الزواج بإبن عمي ,كان حبيبي جميلاً ,ذو رتبة عسكرية عالية ’كثير المال والجاه ,لكنه مزاجي ,متقلب أجد الفصول الأربعة في قلبه ,لقد قوّى قلبه على قلبي الصبي, رضيت بوضعه الإجتماعي كان رجل ارمل وله ابنة جميلة أحببتها لأجله لكن أوراقه كشفت لي كان زير نساء يصرف أمواله على بائعات الهوى,لم يعجبه تمسكي بشرقيتي ’بعت كرامتي وكبريائي لأجل عيون رخصت الحب ’أعيش حالة إكتئاب لم أمر بها في حياتي ,تصورته الرجل الذي سينسيني أحزان السنين الماضية بإنكساراتها وخيبات آمالها ,شحب وجهي الملوّن ببراءة الصبا وعنفوان الشباب ,وإبتسامتي ذبلت تلك التي أسّرت قلوب الكثيرين من الرجال .
أقراص الإكتئاب لم تعيد لي حيويتي ونشاطي ،شعرت إنني بحاجة لنصيحة إمراة عاشت الحب يوماً وخرجت من حربه البسوسة ,ومن حروبه الطاحنة وهيّ منتصرة مرفوعة الجمجمة ’ ولم أجد أفضل منها ’كيف لي أن لاأهدر كرامتي وكبريائي بإسم الحب ؟كيف لي ان لا أتنازل دائماً وأرخِّص نفسي لأجل عيناه ؟عيناه اللتان إستغلتني أبشع إستغلال,قلت لها ,هذه القاصة التي يسمونها العرجاء,ألقناعة في الذات تجعلنا نتفوق على مزايا الحب التنازل لحضة فقط وبعدها نتوقف كي يفهم الآخر هويتنا وبأنّ الحب هو الغد وليس اليوم الذي يعده ملك له ,........أنصحكِ بتتبع معنى كلامي ولن تندمي ,شكراً لثقتكِ بي ’قالت لي هذه النصيحة التي دقت كالجرس في صيوان أذني جعلتني أعود الى الوراء وأقلِّب صفحات أيامي وكم كنت ساذجة مع من أسميته حبيبي أعرف أنني خسرت حباً جميلاً ولكنني لم أخسر نفسي, لم أخسر مبادئي’لقد غيرت تقويم حياتي غيرت أسماء فصولها وأيّامها ,غيرت أبجديتي في كتاباتي ,خلعت جلدي وإستبدلته بآخر يتناسب مع قوانين الحياة ودستورها يناسب مع جمادها وإنسانيتها ونباتاتها ومع رؤيتي الجديدة لبزوغ الشمس كل صباح وهيّ تضيء عيناي الغائرتين في المحجرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا


.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني




.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع