الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهازيٌّ من الطراز الأول .

يوسف حمك

2018 / 3 / 1
الادب والفن


مؤلمٌ أن تكون مهزوزاً بدواخلك دائماً ، و لم تحس يوماً بالاستقرار ، و تدور في فلك الاضطراب و عثراته .
موجعٌ أن تشعر بأنك في سجنٍ دائمٍ . أينما تسير يلاحقك هاجس الخوف ممن جعلوا من أنفسهم آذاناً لرجال السلطة ، و عيوناً مفتوحةً لهم .

صلاحياتهم مطلقةٌ ، و لهم اليد الطولى في الوصول إلى من كان مذنبأ أو من لا ذنب له ، و تلفيق تهمةٍ باطلةٍ لابتزازه ، و الإيقاع به في فخ الغدر .
فلا يغرنك الجالس وراء الطاولة ، أو المزاول لمهنةٍ مكشوفةٍ .
فليساورك الشك بأنه يزاول وظيفةً غير معلنةٍ .

سحب الثقة من مستمعيك بات من الضرورات الملحة . بعد أن منحتهم ، فتكشف أنهم ليسوا أهلاً لها .
الكثير منهم إن لم يسمعوا نواياك المضمرة فسيسقطونها على ورقةٍ سريةٍ تسحبك معها إلى حيث ما لا يحمد عقباها . فلم تجد بعدها متنفساً و لو من فسحةٍ ضيقةٍ .
صنفٌ من الذين احترفوا الكتابة على قصاصات الورق الصغيرة بسريةٍ للغاية . – و ما أكثرهم – يلتزمون الصمت ، و يجيدون فن الإصغاء . و إن تكلموا فالعسل ينقط من ألسنتهم متعمداً و نفاقاً . ليتسربوا إلى أعماقك ببطءٍ ، فمعرفة ما يجول في خاطرك ، و يراقبوا وعيك ، و يشموا رائحة أحلامك ، فيكشفوا الغطاء عن أمانيك ، حتى يأخذوا منك الأمان ، ثم تبوح لهم ما يكون من صميم عملهم و جوهر و ظيفتهم السرية .

و غالباً ما يكبلونك بتسجيلٍ صوتيٍّ محكمٍ لا مفر من انتشالك مهما حاولت أن تنفض عنك غبار عفونتهم . و صدق من قال : ( للحيطان آذانٌ ) .

رغم تقدم الزمن ، و انتشار المفاهيم العصرية ( الديموقراطية – حقوق الإنسان – العدالة – المساواة ...... ) لا زال جدار الخوف لم يهدم ، و المتسلطون يقتاتون على تعاسة شعوبهم .
العباد يخفضون أصواتهم حينما يتكلمون ، فيلتفتون يمنةً و يسرةً قبل البوح بما يجول في خاطرهم . أو يلتزمون الصمت خوفاً من سوء الفهم ، و التفسير الكيفيِّ أو الكيديِّ .
مطبلون للاستبداد ، و ينسفون حقوق المخالفين في إبداء الرأي .

عالمٌ مبنيٌّ من الوهم و التزييف و الترهات ، و فكرٌ وضيعٌ ، و فلسفةٌ بائسةٌ نشأت في مستنقع الانتهازية . فما بالك لأدمغة كهوف الجهل التي لا تنتج سوى الجنازات و الفناء .

الواحد منهم بداخله الفضيلة متدهورةٌ ، و الأخلاق لديه ميتٌ ، لا يقدم المعروف إلا لمنفعته الشخصية ، و ليس للخدمات الإنسانية النبيلة ، و لا لعفة النفس .
تأزم القيم النبيلة في فكره بخطورةٍ بالغةٍ ، يطفح كيل الانتهازية في نفسه الشريرة بعنفٍ ، و تطفو على السطح حسب مقتضيات رغباته الفردية لتنعكس سوءاً على غيره .

ذاك الانتهازي الذي هو كائنٌ منفعيٌّ لذاته فقط ، بطل المدرسة النفعية التي صاغها الفيلسوف الانكليزي هوبز حينما وصف الإنسان بأنه ذئبٌ على هيئة بشرٍ ، يتربص بالآخر مستخدماً الدهاء و الخديعة لقهره . طبقاً لنظرية ميكيافيلي : ( الغاية تبرر الوسيلة ) . لتحقيق مآرب خاصةٍ ، و منافع ذاتيةٍ بأية وسيلةٍ . فكل الوسائل مشروعةٌ ، مهما كانت قاسيةً و بلا ضوابط .

منافقٌ جبانٌ لا يجيد الطعن إلا من الخلف ، عقله في جيبه ، أطماعه دنيئةٌ ، طموحاته وضيعةٌ ، يعبث بالعقول مستغلاً حاجات العباد .
متعاونٌ حينما تلتقي مصالحه معك ، و عقربٌ مكارٌ عندما تفترقان في المنافع ، فينصب شباكه لاصطيادك في الخفاء .
حقاً إنه مثيرٌ للشفقة ، لأن الزمن لا يرحمه ، و يقسو عليه برميه في مزبلته بائساً ذليلاً .
كما هو دائماً مادةٌ دسمةٌ لكتاباتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من شارموفرز إلى نجم سينمائي.. أحمد بهاء وصل للعالمية بأول في


.. أنت جامد بس.. رسالة منى الشاذلي لـ عصام عمر بعد أدائه في فيل




.. عصام عمر وركين سعد من كواليس فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد


.. أون سيت - لقاء مع الفنان أحمد مجدي | الجمعة 27 سبتمبر 2024




.. أون سيت - فيلم -عاشق- لـ أحمد حاتم يتصدر شباك التذاكر