الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث في الهوية الانثوية

وليد يوسف عطو

2018 / 3 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تقدمت الباحثة المغربية خلود السباعي باطروحتها المعنونة :
(الجسد الانثوي وهوية الجندر)لنيل درجة الدكتوراه , الكتاب صادر عن دار جداول – بيروت – لبنان .
يتم في الاعوام الاخيرة الاهتمام بالمراة من منظور جندري , حيث الجندر الانثوي هو الجسد الثقافي للمراة , ويختلف عن الصفات البيولوجية المتوارثة عن الجينات الوراثية.

ان للذكر والانثى خواص بيولوجية متميزة تجعل الواحد منهما مختلفا عن الاخر ومكملا له في نفس الوقت .لكننا عندما نتحدث عن الهوية الانثوية او الذكورية فان الامور تخرج من نطاق البيولوجيا لكي تاخذ طابعا اجتماعيا وثقافيا وايديولوجيا يرتبط بتاريخ المجتمعات وصيرورتها ,بالنظر لما تحيل اليه الهوية من ابعاد اجتماعية وثقافية تمكن الانا من بلورة مجموعة من التمثلات حول الذات , , كما تمكن من تعريف هذه الذات وتحديدها وموضعتها وفقا لما حددته الثقافة ,مما يعطي للهوية بعدا سيكولوجيا اجتماعيا , تسميه الدكتورة خلودالسباعي بالبعدالسايكو اجتماعي حيث تصبح الهوية وظيفة من وظائف الثقافة .

تتولى الثقافة وفق الهندسة الاجتماعية هيكلة الخاصيات البيولوجية وتثبيتها في ذهن الرجل والمراة وتتولى الثقافة تنميط الاشخاص ضمن فئات محددة لدى المراة والرجل , حيث يتحتم على كل جنس الامتثال لها دون قيد او شرط .ففي بعض المجتمعات يكفي ان تدرك المراة انها تنتمي الى الجنس الانثوي ,لكي تعي ان لها ادوارا اساسية تتمثل في دوري الزوجة والام ,وان تكون تحت حماية كل ذكور العائلة وسلطتهم بذلك تصبح الثقافة بمثابة ( وكالة )بحسب الدكتورة خلود السباعي لانتاج معنى كل من الذكورة والانوثة فهي التي تخبر الافراد داخل كل مجتمع عن هويتهم ومكانتهم والطرق المثلى في التعامل مع الاخرين .

يبقى من الصعوبة الحديث عن هوية المراة لان البحث عن الهوية النسائية هي بحث في خصوصية كل مجتمع وثقافة , بالاضافة الى اختلاف الفوارق الطبقية بين النساء واختلاف حاجتهن واهتمامتهن التي قد تبلغ حدالتناقض,لذا ينبغي النظر الى هذا المفهوم من خلال ابعاده الاجتماعية والطبقية مع مراعاة فوارق السن والوضعية الاجتماعية والعرق .

الهوية الانثوية من الناحية البيولوجية :

يمثل الجسد انطلاقا من الانتماء الى الجنس الذكوري او الانثوي , اولى الخصائص المحددة للهوية . تتضح الفوارق البيولوجية في طبيعتنا كبشر منذ سن البلوغ ,حيث يفرز الجسد الانثوي هرمونات معينة تكسب المراة صفات شبيهة ببعض صفات الاطفال ,فيكون جلدها اكثر نعومة وصوتها اكثر رقة , فضلا عن ان المراة منحتها الطبيعة دور ( المستقبلة ).فهي التي تستقبل الذكر في العملية الجنسية , والبويضة هي التي تستقبل الحيوان المنوي في عملية الاخصاب ,كما يستقبل الجسد الانثوي الجنين في فترة الحمل ,ثم تستقبل المراة الرضيع بعدالولادة لكي تطعمه وترعاه .

الفرق بين الذكر والانثى يكمن في كمية الهورمونات ونمط توزيعها وافرازاتها في جميع مراحل العمر .هذا التوزع يمنح الرجل بنية عضوية تساعده على ان يكون اكثر استقرارا ,في مقابل منحه المراة بنيةعضوية ابرز مايميزها امكانية التحول .يظهر هذا التحول في الحيض والحمل والولادة والرضاعة ثم انقطاع الطمث ,الذي ينعكس على الجسدالانثوي بشكل تتحول معه كل هويتها الانثوية باعتبار ان ماتمر به المراة ليس مجرد تغيرات فيزيولوجية ,وانما(تجارب )تعيشها بقوة بسبب مايصاحبها من الالام , منها مايرتبط بالعادة الشهرية ومنها مايرتبط بالولادة او الرضاعة او فترة انقطاع الطمث .

وقد ساعدذلك المراة على المستوى السيكولوجي بان تصبح اكثر تقبلا للتغيير واقدر على تحمل الالام ,ويتعمق هذا الاحساس لكي يمنحها خاصية الالتصاق او الاقتراب مما هو واقعي بشكل اكبر.ان علاقة المراة بالانجاب تجربة يعيشها جسد المراة تحقق من خلالها طقوس عبور وانتقال من وضعية الى اخرى.

اثبتت بعض الدراسات ان معدل العمر يرتفع لدى المراة مقارنة بالرجل . اذ تمتلك النساء مضادات او دفاعات مناعية اكثر مقاومة من تلك التي يمتلكها الرجل .لذلك يبقى الرجال اكثر عرضة للامراض القاتلة ,بينما تبقى النساء معرضات للامراض المزمنة المتسببة في عجز صحي كامل.ويمكن القول ان متوسط عمر المراة قد اصبح معطى عام ضمن جميع المجتمعات الانسانية .لذلك غالبا مايغمر الرجل نوع من القلق وهو يرى دماء الحيض وعملية الحمل والولادة والرضاعة.
انه لايكاد يدرك هذا السر الذي يسمح للمراة بان تحول دم حيضها الى جنين ,ثم الى طعام (حليب ),هذا السر الذي يسمح للمراة بان تكيف ذاتها وتصبح في نظره ( حوض الحياة ).

ولقد بينت بعض الدراسات الانثروبولوجية بان سر الامومة قد شكل منبع التفوق النسوي في المجتمعات القديمة,التي اعتبرت المراة بحكم خصوصيتها البيولوجية مصدر تقديس وتاليه .انها مخترعة الزراعة ورمز الخصوبة في الطبيعة والانسان , هذه الخصوبة التي مارست على الانسان البدائي تاثيرا اكبر من التاثير الذي مارسته عليه اسرار الكون والطبيعة.

بفضل هذه الامكانات البيولوجية , وتحديدا الانجاب ,اكتسبت المراة قدرة سحرية اخافت الرجل وجعلته يسعى الى ضبطها والتحكم فيها ,ولم تخل كل الديانات من هذا النوع من التعامل الدفاعي للرجل ,الشيء الذي تعكسه مختلف الطقوس التي اعترفت بهذه القدرة السحرية وحاولت التحكم فيها في نفس الوقت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرفيق جيفارا ماركس من الفيسبوك
وليد يوسف عطو ( 2018 / 3 / 15 - 16:49 )
شكرا على حضورك واعجابك بمقالتي ..

اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل