الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايهما افضل بالنسبة لوحدة واستقرار العراق، التجربة الفيدرالية الكندية ام التجربة الفيدرالية النيجيرية؟

نجم الدين رشيد خورشيد
(Najmadeen Rashid Khorsheed)

2018 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو ان هناك تجربتين فيدراليتين لهما صلة نوعاً ما بالتجربة الفيدرالية في العراق، وهما الفيدرالية الكندية والفيدرالية النيجيرية. بعد محاولة الاستقلال الفاشلة من قبل ولايات الجنوب الشرقي النيجري للاستقلال عن الدولة الاتحادية في نيجريا واعلان جمهورية بيافرا والتي اسفرت عن الحرب الاهلية استمر من 16 يوليو 1967 حتي 13 يناير 1970 راح ضحيتها مئات الالاف من النايجريين، بدأت الحكومة الفيدرالية في نايجيريا بالتضييق على سلطات الحكومات دون الوطنية (سلطات الولايات المكونة للاتحاد). فاخذت السلطات الفيدرالية تتجه نحو المركزية بعد ان كانت الدولة تتميز بطابع فيدرالي لامركزي. العلاقات البينو-حكومية داخل الاتحاد اصبحت اكثر مركزية مما كانت عليه من قبل. كل ذلك من اجل وقف حد لاية محاولة في المستقبل من قبل اية ولاية تريد الاستقلال او الانفصال عن الاتحاد.
بينما نرى العكس في التجربة الفيدرالية الكندية، فبعد الاستفتاء الأول التي اجرتها مقاطعة كيوبيك في سنة 1980، ذات الاغلبية التي تتكلم اللغة الفرنسية، ونتيجتها كانت ان 59 في المائة صوتوا ب لا للاستقلال. ثم في أكتوبر عام 1990، أجرت المقاطعة استفتاءً اخر، وكانت النتيجة ان 50.6 في المائة «لا» في مقابل 49.4 في المائة «نعم». وقد بلغت نسبة المشاركة 93.5 في المائة، وبالكاد فصل أكثر من 50 ألف صوت بين الطرفين. لكن كيبيك شعرت حينها بالتمزق، فيما أحست كندا بالاهتزاز. الا ان هذا الحدث لم يؤدي الى خلق صراع مسلح كما حصل في نايجيريا او الى صراع سياسي وابتزاز من قبل السلطة الاتحادية للحكومات الإقليمية كما يحصل في العراق من قيام المركز بتوسيع صلاحياته من خلال تفسير الدستور لصالحه على حساب حكومة اقليم كوردستان والمحافظات غير المنتظمة في اقليم. بل على العكس من ذلك اتجهت الدولة نحو المزيد من اللامركزية، اي ان السلطات الاتحادية الكندية منحت المقاطعات سلطات اكثر لكبح جماح الانفصاليين. الاستفتاء والحركات الانفصالية في كندا كانت احدى الاسباب التي ادت الى ان تتحول الفيدرالية الكندية من فيدرالية مركزية الى شكل لا مركزي تقوم على اساس التعاون والتنسيق والتفاوض في علاقاتها البينو-حكومية كشركاء متساويين لتحقيق الاهداف المشتركة وحل الخلافات القائمة بين الحكومات المختلفة داخل الاتحاد.
اذا على السلطات المركزية في بغداد ان تخطوا خطى التجربة الكندية بمنح الاقليم والمحافظات غير المتربطة باقليم المزيد من الصلاحيات والسلطات والتي هي اصلاً مقررة ومؤكدة عليها من قبل الدستور العراقي، لا ان تفرض المزيد من سلطاتها وتعيد الدولة الى نظام اكثر مركزية. التجربة النايجرية انتهت بالحرب الاهلية وقتل مئات الالاف من النايجريين، ولم تحقق الاستقرار الحقيقي القائمة على الارادة الحرة للحكومات المكونة للاتحاد الى يومنا هذا. فالولايات ذات الثروة النفطية مازالت لديها مشاكل مع الحكومة الفيدرالية منذ اكتشاف النفط، الى غير ذلك من المشاكل الداخلية الاخرى.
بينما نرى في كندا ان الاستفتاء ادت الى المزيد من اللامركزية ليست فقط بالنسبة لمقاطعة كيبك بل لجميع المقاطعات. لذلك نرى انه في الاستفتاء الثاني في سنة ١٩٩٠ صوت الشعب الكيبكي بارادتهم الحرة بـ لا للاستقلال. الوحدة القائمة على الارادة الحرة لشعوبها بعيدا عن وسائل سطلة القهر والسلاح، افضل بكثير من الوحدة القائمة على الارادة الحرة لشعوبها. فالاستقرار الحقيقي والوحدة الحقيقة لن تتحقق بقوة السلام وبفرض ارداة القوي على الطرف الضعيف، بل لابد ان تكون نتيجة رغبة حقيقة في البقاء داخل الاتحاد.
كل المؤشرات الموجودة على الساحة العراقية اليوم لاتشير الى ان تحقيق الوحدة الوطنية و الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق بالامر السهل. بل على العكس من ذلك، نرى ان الدولة العراقية لن تبقى لها قائمة بهذه العقلية التي تحكمها والتي تجهل ابجديات النظام الفيدرالي المطبق في 28 عشرون دولة في العالم. اذا المشكلة لاتكمن فقط في غياب ثقافة الفيدرالية بين الشعوب العراقية، بل حتى الساسة العراقييون يجهلون ابجديات المباديء والاسس التي تقوم عليها الفيدراليات في العالم. هذا لايعني ان حكومة الإقليم مثلا لم تخالف الدستور وانها مثالية في كل شؤونها مع المركز. ولكن لا بد من القول ان الدستور العراقي قد منح السلطات الاقليمة والمحافظات اختصاصات تفوق ما منحتها للسطات الفيدرالية في بغداد. فالسلطات الفيدرالية في العراق بحسب الدستور هي اضعف من السطات الإقليمية بل وحتى من سلطات المحافظت غير المنتظمة في إقليم. سواء اتفقنا مع هذا ام لم نتفق، ولكن هذا هي الحقيقة من الناحية الدستورية. التجاوز على الدستور ليس اجراءاً صحيحاً، بل اذا ما ارادت السلطات الفيدرالية ان توسع من اختصاصاتها لابد ان تغير المواد الدستورية المتعلقة بهذا الشأن، وهذا امر شبه مستحيل بالنسبة للدستور العراقي الذي يوصف بكونه من اكثر الدساتير الفيدرالية جموداً في العالم. الحل البديل يكم في إيجاد اليات غير دستورية وهي التفاوض مع حكومة الإقليم والمحافظات للتوصل الى اتفاق سياسي خارج الأطر الدستورية لتنظيم توزيع السلطات داخل الاتحاد بشأن المسائل المختلفة فيها، كادارة النفقط والغاز، المعابر الحدودية، الكمارك الى غير ذلك من المسائل التي تشكل عقبة حقيقة لاستقرار الوضع في العراق. هذه الاليات عملت بها في الكثير من الفيدراليات ومنها كندا وما زالت تعمل بها. امثلة على هذه الاليات هي المنتديات والاجتمات الدورية، الفصلية او السنوية، يلتقي فيها رئساء الوزارء والمحافظين او الوزراء في الحكومات المختلفة، بحسب طبيعة المشكلة او الأهداف المراد تحقيقها. فيمكن مثلاً تكون هنالك منتدى سنوي لوزراء النفط في العراق يحضره وزيري النفط الفيدرالي والإقليمي بالإضافة الى المدراء العامون او رؤساء لجان الطاقة في المحافظات المنتجة للنفط والغاز لبحث قضايا تتعلق بهذين المصدرين، ولوضع الخطط والبرامج ثم الوصول الى اتفقيات سياسية لحلحلة المسائل العالقة بهذا الشأن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى