الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوف من البديل السياسي في سورية ...الأسلاميون يشاركون في السلطة ؟؟؟؟.

فراس سعد

2006 / 3 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ماذا لو شارك الأسلاميون في السلطة السورية؟

يطالعنا عدد من الكتاب في حقل الأجتماع السياسي السوري بمطالعات و توقعات لمستقبل سورية في حال غاب النظام الحالي قسرياً أو في حال انتهى طبيعياً بالموت السريري .
في الحالتين ينحو هؤلاء إلى أسلوب يستخدمه مسوّقوا البرامج الدعائية للمرشحين الرئاسيين في أوروبا غالباً , أسلوب حافة الهاوية أو ( أنا أو الموت ) و هو أسلوب دعائي نفسي استخدمه مسوقوا دعاية سياسية يعملون لحساب السيد شيراك و لسياسيين كثر في أوروبا و الولايات المتحدة و لا يخفى على أحد أن الأنظمة العربية الشمولية استخدمته لتطويب زعمائها حتى الموت .
مضمون هذا الأسلوب كما هو واضح من تسميته ( أنا أو الموت ) يقوم على تخيير الجمهور بين الزعيم الفلاني أو الخراب الشامل و الجحيم , فإما أن تنتخبوا الزعيم الفلاني أو تجددوا انتخابه و إما الموت المؤكد للأمة و خراب البلاد , أجل أنتم على حافة الهاوية فانتبهوا , خطوة واحدة و تصبحون في الجحيم , إذاً انتخبوا الزعيم الفلاني لتعيشوا في رفاهية و سلام , فلا بديل عن الزعيم سوى الخراب و العدم .
الفكرة الأولى هي إما بقاء النظام السوري الحالي و إما مجيء الأسلاميين - و احراق السفارة الدنماركية مثال على ما يعنيه ذلك و هؤلاء يتناسوا ان اعضاء من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بما فيهم حزب البعث شاركوا في المجزرة و كذلك طلاب من مجمع ابي النور لكفتارو و هؤلاء جميعاً جزء من النظام و حلفائه و موالاته .....
الفكرة التالية : إما بقاء النظام السوري الحالي و إما الفوضى و الحرب الأهلية الطائفية , كما أن عدد من الكتاب يطرحون الفكرة عينها في مقالات عديدة فهم يعتقدون أن استمرار النظام السوري الحالي هو الضمانة الكبرى لحماية سورية من الأخوان المسلمين فليس من بديل عن النظام الحالي سوى الأخوان المسلمين و هو ما رحنا نسمعه من عدد من الباحثين الأمريكيين في الفترة الأخيرة و ربما كان لبعض المثقفين السوريين فضل كبير في أقناع بعض الدوائر السياسية و الفكرية في أمريكا بهذه المعادلة و إما هم يرددون ما أقنعهم به عدد من المسؤولين و المنظرين الأمريكان .
و ما يفهم من كتابة هؤلاء أنهم يفضلوا بقاء النظام الحالي على علاته على حكم اسلامي او الفوضى , إذاً فالمجتمع السوري أمام خيارين لا ثالث لهما:
إما النظام المخابراتي المافيوي و إما الأخوان المسلمون و الحرب الأهلية , إما النظام الحالي أو الفوضى .
أوضحنا المعادلة فماذا عن تحليل مضمونها ؟
لا شك أن النظام السوري بتكوينه المافيوي الأمني يسرّه حتى الغبطة أن يوجد من يدافع عنه بهذه المعادلة عينها ( أنا أو الموت ) إذ لا يبقى من خيار أمام أي مواطن سوري يملك عقله لاختيار بديل مهما كان عن النظام الحالي , فالمعادلة أياها لا تفترض وجود أي بديل أو أمكانية لوجود بديل عن النظام الحالي سوى الفوضى و الحرب الأهلية , و كلاهما بالنسبة لشريحة كبيرة من السوريين أمر مرفوض تماماً .
لكن هل من الحق القول أنه لا بديل عن الوضع السوري الحالي سوى الفوضى أو الحرب الأهلية أو الأخوان المسلمين ؟
فلنبدأ من الأحتمال الأفتراضي الأول أي الفوضى . لا شك أن سقوط نظام قوي مستمر على خط واحد و نهج و تكوين واحد منذ 1970 أي منذ ما يقرب أربعة عقود سيؤدي إلى دوي كبير يعقبه فراغ أمني , لكن بالتأكيد لن يعقبه فراغ سياسي فالفراغ أو التفريغ السياسي قائم حالياً و هو ما ارتكبه النظام البعثي الفردي بقصد و عناد منذ أواسط الثمانينات على أقل تقدير , أما الفراغ الأمني فلن يكون كلياً كما في العراق لأن تركيبة النظام السياسي في سورية مختلفة عنها في العراق و لو ان النظام حالما يشعر بقرب سقوطه سيحاول ارتكاب فراغ امني في كل مكان يستطيعه من البلاد .
في سيناريو محتمل لاسقاط النظام لن يكون السقوط كميّاً أي لن تتم إزاحة الأجهزة الأمنية و الجيش من الساحة كما حصل في العراق فلا مصلحة في ذلك لأحد في الداخل أو الخارج , على الأغلب يمكن أن يتم سقوط نوعي أي سقوط القيادات العليا المتحكمة و استبدالها بقيادات جديدة ذات عقلية جديدة , تنفّذ برنامجاً أصلاحياً حقيقياً ,
بهذ نكون قد أجبنا عن الأحتمال الأول ( الفوضى ) و في رأينا فإن النظام الحالي هو من سيوصل البلاد إلى الفوضى و الحرب الأهلية ربما بسبب الجمود و التعنّت السياسي و القبض على السياسية و تدمير مكوّنات المجتمع الحيّة و تشويهها و تخليفها أو نفيها داخلياً عبر التهشيم و الأحباط أو دفعها للهجرة .

-2-
ثانياً : ماذا لو وصل الأسلاميون الى السلطة في سورية؟

فيما يخص الوضع السوري و الحالة الاسلامية في سورية , لنفترض أن الأخوان المسلمون قد وصلوا فعلاً إلى الحكم , يوجد وسيلتان لذلك : انتخابات حرة نزيهة او غير نزيهة , و احتمال ثان الحرب .
في انتخابات حرة نزيهة – مستبعدة في المستقبل القريب- لن يستطيع الاسلاميون ان ينالوا اكثر من 60 -65 بالمئة من الأصوات و لنعتبر أنها الغالبية المطلقة في أي برلمان سوري قادم في حال أن الطيف السني كله منحهم أصواته و هذا مستبعد , و سوف نعتبر أن التيار الأسلامي نال 60 بالمئة من الأصوات في انتخابات غير نزيهة, إن ذلك يمكّن الأسلاميين من تشكيل حكومة لكنه لن يمكّنهم من تعيين مضمون النظام أو الدستور أو حتى تصريف أمور الحكومة نفسها التي شكّلوها هم إلا بعد موافقة و رضى الأقليات البرلمانية لأن ذلك لا يقرره صندوق الأنتخابات و لكن يقرره التوافق الوطني الذي يشمل كل مكونات و أطياف الشعب السوري في حال كان النظام السياسي السوري القادم طائفي أما إذا لم يكن طائفياً فعلى جميع السوريين احترام نتائج الأنتخابات و الخيار السياسي الذي يقرره السوريون أياً كان هذا الخيار ( خيار اسلامي صاف, اسلامي – ليبرالي , اسلامي – اجتماعي ... ) و هو أمر صعب و لاشك , بل غير معقول لدى كثير من السوريين , لكن من يختار الديمقراطية عليه قبل كل شيء أن يستعد لدفع ثمنها و يتحمل الخسارة , مثلما يتوقع الربح و قبض الثمن .
مع ذلك لا بد من ملاحظة التالي بالنسبة للتركيبة السورية و الحالة الأسلامية داخلها:
1- لا يمكن قيام جمهورية اسلامية سورية كما في ايران 95 بالمئة من الشعب الايراني من مذهب واحد و هذا غير التركيبة السورية , و لا يمكن قيام مملكة اسلامية كما في السعودية , و هذا يعني ان الدستور لن يكون اسلامياً أيضاً حتى لو وصل الأسلاميون إلى البرلمان و استولوا عليه .
2- لا يستطيع الأخوان المسلمون لو وصلوا الى السلطة السياسية ان يلغوا حزب البعث و إن كان جسمه المتضخم سيعود الى حجمه الطبيعي و ربما تقزّم , و سيستمر الجيش وكذلك الأجهزة الأمنية مع احتمال تجميعها بجهاز او جهازين لكن الآلية و العقلية و غاية العمل ستتبدل إلى عقلية احترافية و ربما دخلت عناصر قيادية اسلامية او محسوبة عليهم و ستظهر اعداد كبيرة مكنوناتها الأسلامية داخل الجيش و الأجهزة ربما في المرحلة الأولى كرد فعل تلقائي على المظاهر الطائفية ذات اللون الواحد الغالبة على.... الاجهزة و الجيش , لكن في كل الأحوال ستبقى غاية الأجهزة و الجيش حماية البلاد و هو ما يجب أن يضمنه دستور سوري ديمقراطي , فحتى في نظام اسلامي مثل السعودية او ايران غاية هاتين المؤسستين حماية النظام و الوطن , هذا التحول من المافيوية إلى العقيدة الأحترافية لا بد أن يحدث صدامات و قلاقل داخلهما ناتجة عن صدمة معرفية نفسية لدى الجسم المتضخم لهاتين المؤسستين .

3- بعد وصول الأسلاميين إلى السلطة و نزولهم من مثالوية المعارضة و طوباويتها إلى واقعية العمل السلطوي سيسحب البساط من تحتهم في الشارع السني لاسيما بعد أن يتم تنفيس الأحتقان السياسي و النفسي الذي عاشه هذا الشارع طوال عقود , و سيخسر الأسلاميون شيئاً فشيئاً قطاعاً مهماً من أنصارهم غير المرتبطين عضوياً – اقتصادياً و اجتماعياً- بهم , و سيفرز هذا الشارع أحزاباً غير دينية تهتم بأمور الطائفة المدنية و كذلك تفرز الطوائف الأخرى أحزاباً غير دينية تهتم بأمور طوائفها المدنية , و يمكن أن تلتقي هذه الأحزاب في اهتماماتها المشتركة – النوعية – لتتحول في ظرف ملائم إلى أحزاب وطنية غير دينية تعبّر بالضبط عن حاجات الطيف السوري – الطائفي , الأثني - .
4- الأنعكاس الأجتماعي لوصول الأسلاميين إلى السلطة : لن تكون قوانين الأحوال الشخصية في ظل حكم اسلامي أسوأ من قوانين الأحوال الشخصية الحالية , و لا يمكنها أن تفرض على الطوائف غير الأسلامية و غير السنية , فالعلويون مثلاً لهم نظام أحوال شخصي متعارف عليه , لم يستطع و لن يستطيع أي قانون أحوال شخصي سلطوي ( مدني أم ديني ) أن يلغيه , فالخصائص الجوانية النفسية و الأجتماعية للطوائف غير السنية ستبقى كما هي , كما أنه سرعان ما سنجد مطالبات طائفية للأستقلال بقوانين أحوال شخصية أو لاستثناء الطوائف غير الاسلامية و غير السنية من النظام الأجتماعي السني , و هو ما يعني اللجوء إلى قانون الوفاق الوطني الذي يضمن الحرية الأجتماعية و العقائدية للطوائف غير السنية بمعنى أن كل طائفة يمكن أن تطبق ما يناسبها من القوانين الشخصية و الأجتماعية و تراعي كل طائفة قوانين الأخرى في حال التفاعل الأجتماعي و الدخول إلى " حرم " كل منها , كل ذلك و سواه – مهما بدى غريباً الآن – يمكن أن تضمنه الديمقراطية أو حتى نظام اسلامي ينحو صوب الديمقراطية , أما إذا كان النظام القادم ( اسلامي أم مدني ) ديكتاتورياً فهو امر آخر , لكن يجب الأنتباه هنا إلى أن النص المقدس الأسلامي يعترف بأهل الكتاب , و أي نظام اسلامي قادم على سورية لا يمكن ان تقوم له قائمة اذا لم يعترف بمكونات المجتمع السوري من كل الطوائف و الاديان و القوميات و إلا فإن البلاد سوف تتجه إلى التقسيم و هذا الأعتراف له مرجعية من نص مقدس اسلامي و فتاوى تتراوح بين الرفض و القبول على خلاف النظام القومي و الشيوعي الذي يعتبر أن التكوين الوحيد للبلاد هو تكوين " جماهيري " او " شعبي" , تكوين مسطح كمّي لا تنوع فيه و بالتالي يتساوى الجميع في القمع و التخلف و الظلم بغضّ النظر عن طوائفهم و انتماءاتهم .
5- إن الرهان سيكون على شكل و محتوى النظام السياسي السوري القادم و هو ما سيجد تنافساً كبيراً في جو ديمقراطي لا بد من احترام نتيجته مع ملاحظة أن الخاسرين من أهل السلطة ذوي الرؤوس الحامية سيلجؤون إلى السلاح كما في العراق و هم من سيسعى إلى خربطة اللعبة السياسية و جر البلاد إلى حرب أهلية أو أدخالها الفوضى الأمنية المسلّحة .
الرهان إذاً على اللعبة السياسية و ليس على أي شيء آخر , لهذا فالنظام الحالي سيمنع دخول البلاد المرحلة القادمة من البوابة السياسية ( قانون أحزاب حقيقي , انتخابات حرة , صحافة و وسائل إعلام حرة) لأن البوابة السياسية ستشكل خسارة أكيدة للنظام و هي فضلاً عن ذلك ستمثّل انتقالاً سلمياً للبلاد من نظام أمني مافيوي إلى نظام ديمقراطي حر, و هو سيدفع بالوضع الحالي إلى نهايته بما يشبه الأستعصاء السياسي و الحكومي اللبناني الحالي المتمثل بتعنّت رئيس الجمهورية لحود في منصبه و احجام الكتلة الشيعية عن الحكومة الأمر الذي أصاب الحكم اللبناني بالشلل , وصولاً إلى ما يشبه الحالة العراقية أواخر حكم صدام , الذي لم يرحم نفسه و لا الشعب العراقي حتى حلّ القضاء الأمريكي المبرم و بالضربة القاضية , أو الدوران في المكان بما يضعف النظام الأمني المافيوي أكثر و يغري الأقليات الأثنية و الطائفية السورية بلعب أدوار تقسيمية و انفصالية تشرزم سورية , لأن الضعف و التقسيم هما النهاية الموضوعية للجمود و شل المجتمع و القبض على السياسة و التحكم بمفاصل البلاد .
إن الخروج من حال الجمود و السكون السوري سيسبب آلاماً شديدة للمجتمع السوري و البعض سيترحّم على أيام الماضي , لكن هذه الآلام ضرورية و طبيعية في كل انتقال من حال إلى حال , فكيف بمن يخرج من الجمود إلى الحركة , من النوم إلى اليقظة . إن اقتحام ما يخشاه البعض و يهوّل منه ( نظام اسلامي , حرب أهلية , فوضى ) هو أمر ممكن و ربما لازم عن الفراغ في المرحلة الأنتقالية من مجتمع الجمود و السكون إلى مجتمع معافى , الحركة هي سمته الأساسية , و مهما كان الجمود آمناً و سليماً للأفراد و الأنظمة الفئوية , فالحركة هي المعادل الوحيد لوجود المجتمعات الحق .
فراس سعد
كاتب سوري
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص