الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالحِكْمَةِ والمَوْعِظَة الحَسَنَة ..

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2018 / 3 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أن تقول لإنسان ما بأن كلّ معتقده الديني خطأ بالمطلق ، هو في إعتقادي بلاهة بيّنة و خطيئة أدبية ومعرفية جسيمة ، و سذاجة كبيرة في معرفة فلسفة الأديان وأحوال النفس الإنسانية تصل إلى أعماق موغلة من الجهل .
أمّا وأن تمنحه قليلاً من الدهشة وتشاركه بعضا من الشك المنهجي ، وتوجّه بصيرته إلى ما تزعم أنه نور الحقيقة التي لديك، وتعمل على مساعدته على تنوير عقله بالمنطق وإعمال العقل ، فهذا - في إعتقادي - أفضل بكثير وأنجع حلاً وعملاً ، لطالما المُبتغى المطلوب نقد النص لا قتل الشخص ، و الحق المقصود صلاح حال هذا الانسان لا فناءه .
اذلك لابُدّ من إعطاء الناس المُؤمنة حلولاً إصلاحية ، ومنافذَ نجاة مأمونة مما يؤمنون به صواباً مطلقاً ، ويخافون الخروج على تعاليمه ، بل وينافحون عنه بكل قواهم العقلية والجسدية ، ولا يشعرون البتّة أن بعضاً من إيمانهم هذا ، قد بات في صدام جلي مع أبسط البسائط العلمية و الواقعية ..
وهنا يأتي دور النخب الثقافية الواعية ، غير الموتورة أو غير المُبتلاة بتبعيّة جهالة ما أسوأ وأنكى ، كي تقدّم لعامة الناس حلولاً واقعية ، ولتبني لهم خلاصاً فكرياً معقولاً لمُعتقداتهم المأزومة ، والتي - في إعتقادي - يُكابدون فيها الأمَرّين ويصطدمون بسببها بقوة ووضوح مع العالم الإنساني ..
أولا : بسبب انقضاء صلاحيتها مع الزمن الذي يعيشونه ..
ثانياً : بسبب سطوة قدسية تلك المعتقدات الهائلة على كافة مناحي حياتهم ..
من هنا فإن الاصلاح الديني – في إعتقادي - بات ضرورة وإلحاح مصيري لكل المجتمع الشرقي المُتدين ، و تتأتى أهميته من كونه الجسر المُخلّص ورافعة الخلاص الأسلم للشعوب ، المقدّمة للحال الوسطي الثالث بين الجمود الديني الحالي العنيف والمُؤذي من ناحية والجحود الجاهل والمُتطرف المُنحل من ناحية أخرى ..
علينا أن نعلم أن الذهن الانساني الجَمْعي لا يعرف الفراغ الفكري أبداً ، فهو لا يتخلى عن فكرة ما دون أن يضع بديلا عنها ، يستقوي به أمام هيبة الواقع ويتوازن من خلاله أمام مجاهله ، حتى ولو كان هذا البديل تافها وهشا معرفيا ومنطقيا .
وأن الخرافات لا تموت فجأة ، بل هي تتحوّل في ظهورها ، وتتغيّر في أشكال فهمها وحضورها في الأذهان باستمرار ، وقد تلبس مع الزمن لبوساً مُقدساً يُصَعّبُ نزعها من العقول بفترة وجيزة أو بقرار سلطة عنيفة ..
والتاريخ أثبت لنا بأن العنف يستطيع أن يقتل الناس لكنه عاجز عن قتل الأفكار .. وهي - أي الأفكار - لا تموت بسهولة كموت صاحبها .. ربما لأن لها أجنحة إلهية تطير بها عند كل مأزق تاريخي و اجتماعي ..
وفي نحو اقتراح الحل كما أزعم ، يمكن أن أورد هنا مثالين بسيطين ، أصبح مجال دحضهما أسهل بكثير مع تقدم العلم والمعرفة والوعي من ذي قبل ..
1- الاعتقاد بالعفاريت والجّان و سَبَدَلّلا والغول ... و .. الخ.. يمكن تدريج فهمها لبسطاء العقول ، على أنها مجرّد أمور وترّهات كانت ضرورة في وقت ما من تاريخ الوعي الإنساني ، وقد نشأت من سياق الخوف من المجهول أو في إطار الرغبات والأماني للإنسان القديم ، و جاءت من جرّاء اسرافه في الخيال والتهويم والخوف معاً ، و برزت في وقت لم يكن هناك بين يدي الانسان أية تفسيرات منطقية أو علمية بعد . .
2- كما يمكن تبيان زيف الإعتقاد بالحَسَدْ ، وخرافة أثر نظرة العين على نقص الأرزاق وتدهور صحة الإنسان أو تردّي أحواله ، من خلال تقديمه - على سبيل المثال - للناس العوام وضيقي العقول من المتعلمين ، على انه مُجرد أمنية لزوال النعمة عن أصحابها وحسب .
ولذلك فإن هدم العقائد الخرافية أو الفاسدة لا يكون بقتل مُعتنقيها ، أو اللجوء الى الحل العنيف في سحق هاماتهم ، أو إقصاء معتقداتهم كليّة دفعة واحدة عن الوجود المعيشي ، بل لابد من وضع برنامج ثقافي اجتماعي عام لهم ، يبدأ بتدريس أبنائهم الشك في أسس بنيانها وتشجيعهم على كشف تهافت نصوصها ، و الصبر في دعوتهم الحثيثة إلى إثارة الأسئلة العميقة حول ركام التفاسير التي ترزح تحته أفهام المؤمنين بها ، مع الإقرار طبعاً بضرورة تبيان خطر التقصّي والتعمق في ضلال معانيها المؤذية ، والإصرار على التحذير من نتائجها المُعادية لأبسط مبادئ النور والعلم والإنسانية ..
قصارى القول : المطلوب إعمال الذكاء في الإزاحة والقضاء ، وتفكيك النص العامد لا فكّ رقبة الشخص العابد .
ربما بداية الحل .. تتأتى في عبارة واحدة :
التعليم التعليم التعليم يَرْحَمْكمُ الله لأن ..
#الداعشية_فكر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاخام إسرائيلي يؤدي صلاة تلمودية في المسجد الأقصى بعد اقتحام


.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-




.. #shorts - 14-Al-Baqarah


.. #shorts -15- AL-Baqarah




.. #shorts -2- Al-Baqarah