الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكون الواسع والعقول الضيّقة!

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2018 / 3 / 21
الطب , والعلوم


لقد ذكرت العديد من الدراسات في مجال الفيزياء النووية النظرية، الى أنّ فرضيّة توسّع الكون من الفرضيات المهمّة التي تطرّق اليها العلماء في العقود الأخيرة، حيث إتّسمت هذه الدراسات بالعديد من المواصفات المهمّة منها الإثارة والدقّة في كيفيّة الفرض والنتائج التي ظهرت من هذا الفرض من خلال الإثباتات الرياضيّة التي لعبت دورا كبيرا في قبول هذه الفرضيّات. والتي تطرّقت الى هذا الكون الفسيح الذي أظهرته الفرضيات والدراسات، الى ملاحظته بشكل كامل(والقول بهذا الكمال من خلال إكتشاف ما تمّ إكتشافه والباقي من خلال فرض الفرضيات لفهم ما يدور فيه وهو المتوسّع بنمطيّة مفهومة الى حدّ مقبول!). وحيث أظهرت المعارف من خلال علم من العلوم المسمّى علم الكونيّات والذي ينمو بدراساته بسرعة كبيرة، الى أنّ الدراسات في هذا العلم تؤدي في الغالب الى ظهور المفاجآت السارّة عند البعض والمحزنة عند البعض الآخر! حيث أظهرت الى ان المواد التي تتشكّل منها الكواكب والنجوم والمجرّات التي يمكن لنا مراقبتها لا تشكّل اكثر من %5 من جميع طاقات الكون أو الطاقة الكليّة لهذا الكون. بينما تشكّل المادّة المظلمة %27 والتي مازالت غامضة في تفاصيلها! بينما تشكّل %68 الطاقة المظلمة والتي تقود الى توسّع الكون بل التوسّع المتسارع لهذا الكون بأكمله. هذا التوسّع الذي سأوضّحه الآن من خلال هذا المقال.
السؤال الذي يطرحه البعض ممّن لا يعرف معنى التطور الفيزيائيّ في هذا الجانب والجوانب الاخرى: ما معنى ان يتّسع الكون؟ أو معنى توسّع الكون؟ للإجابة عن هكذا سؤال يجب أن نعرف أنّ الزمان والمكان اللذان إفترضهما أنشتاين ليسا بالمعنى الذي لا يقبل التغيير، لكن لو إجتمعا معاً وتشكّل لنا ما يعرف بالزمكان فإنّه يتأثّر بالطاقة والزخم الذي يطلق عليه أحيانا بكميّة الحركة (ولو أنّني لا أميل الى هذه التسمية بإعتبار عدم مفهوميّة الحركة فكيف يعطى لها كم أو كميّة؟! لكنّ الترجمة التي إخذت من المعنى الفيزيائي وجاءت ترجمة حرفيّة هي التي لعبت الدور هنا!) والمكوّن من شيء ما في هذا الكون. من المفاهيم المهمّة التي تطرّق لها العالم أنشتاين هو العلاقة ما بين التغيير (الإنحناء) والمعمول من الزمكان لكميّة محددة من المادة أو أكثر من الطاقة بشكل عام حينما ذكرها في نسبيته العامّة في عام 1916. وقد أكّد من خلال مراقبة آرثر أدينغتون عام 1919 حول إنحناء الضوء الصادر من الشمس الذي ينبعث أثناء كسوف الشمس والذي لا يتطابق مع نظرية نيوتن.
إنّ المعنى الفلسفي للزمكان فيه ما فيه من إختلاف عن المعنى الفيزيائيّ ولا غرابة من ذلك (سأحاول بين الحين والآخر ان اتطرّق الى هذا باشكال متعددة). فمثلاً في الفيزياء يكون تعريفه من خلال النسبية العامة لانشتاين ليقول ان هذا الزمكان ليس سكونيا او (ستاتياً) بل هو ديناميكيّ ويكون ثقيلاً كما في النجوم النيوترونية مثلاً والثقوب السوداء التي تتحرك بشكل سريع حول بعضها البعض والتي تستطيع توليد موجات جاذبية كما لاحظتها كاشفات ليغو 2015 (يقوم واحد منها بهذا العمل في الساحل الغربي ويوجد آخر في الساحل الشرقي في الولايات المتحدة) (1)
وفي النظرية النسبية العامة ترى الكثير مما يرتبط بالكون، والربط الذي يمكن ان ينطلق به الانسان الى صلة معيّنة ما بين هذه النظرية وتأثيراتها والعلاقة مع الفلسفة التي تبرّز بشكل واسع (كما أراها أنا على الاقل!) من جوانب هذه النظرية بالخصوص تلك الحلقات التي لم تحسم من خلال النظرية! حيث إعتبرت النظرية واحدة من النظريات الأساسيّة المقبولة علميا لوصف الكون من خلال علم الفيزياء. ولا ننسى ما قام به ألبرت أنشتاين من وضع صورة للكون أشار بها الى أنّ الكون يتوسّع وأنّ هذا التوسّع هو في الحقيقة توسّع في الفراغ الكونيّ الذي يتضمّنه الكون كتركيب شامل. حيث شمل الفراغ أو الفضاء المذكور ما يوجد ما بين المجرات من فراغ والذي يكون لهذا الوجود أهميّة كبرى، وأنّ التوزيع الناتج عن وجوده ضمن الكون الشامل ضروري ضرورة حتميّة. وينبغي أن نشير الى انّ الزمان والمكان في ميكانيك نيوتن غير قابلين للتغيّر. إنّ أي تغيير في الكون من توسّع أو غير ذلك ناتج عن وجود الكتل الكبيرة التي يتضمنها الكون. وتتمّ المراقبة من خلال كذلك دراسة تأثير دوبلر للضوء المنبعث من النجوم التي تتحرّك بعيداً عنا حيث تكون سرعة الحركة لتلك النجوم مقاربة لسرعة الضوء وهنا يكمن البحث من خلال إستخدامنا للنسبية الخاصّة لأنشتاين حيث دراسة المقارنة بين السرعتين والكتلتين كما هو معروف من خلال العلاقة التي تربط بينهما في النظرية المذكورة. لكن حينما ندرس النسبية العامة يظهر لنا او ينبغي ذلك ان ندرس كثافة المادة في الكون من خلال مفهوم ان اي ولادة او اختفاء لاي جرم من الاجرام سيؤثر على وضع الكون وشكله في التوسّع وسرعة التوسّع وفق النظرية، لكن ينبغي القول انّه لايمكن حدوث التوسّع والاندفاع لذلك الجزء او للاجزاء الاخرى ما لم يكن هناك فراغ او فضاء تتمّ من خلاله عملية التوسّع او الاندفاع من الداخل الى الخارج. وهنا ينبغي ان نشير الى ان الزمكان يحتوي او يمكن ان يحتوي على الطاقة طالما تكون هناك ضرورة حتمية لوجود الفضاء او الفراغ فتكون الطاقة هنا هي طاقة الفراغ المذكور، وأنّ هذه الطاقة لها مميزات مهمّة جداً حيث تولّد الضغط السلبي المهم لعملية التوسّع للكون او يمكن ان نقول ان التوسّع يكون ناتجاً عن هذا الضغط الهائل الذي يسرّع من عملية التوسّع عموماً. وهذا الضغط هو في الحقيقة ضغط ذلك الفراغ. لقد قام انشتاين من خلال ابحاثه في هذا المجال الاشارة الى تصوره حول مميزات ذلك الكون من خلال هذه المؤثّرات حيث تصوّر ان الكون مستقرّ أو ستاتيّ، لكنّه وفقا للنسبية العامّة اصبح الكون ديناميكياً له القابلية على التوسّع والانكماش. وينبغي ان نشير الى ان الانكماش هو ميزة مهمة لذلك الكون في اطار الزمكان ايضاً حيث وفق عملية التوسّع وبنفس المميزات لذلك التوسّع تكون هناك مميزات سلبية اي معاكسة للاتجاه الاول يكون فيها الكون او ينبغي ان يكون في طور آخر هو طور الانكماش بعد ان تتوقّف عملية التوسّع. رغم هذه الاشارات والتصورات المهمة لانشتاين لم تشهد اهتماماً حتى عام 1929 من قبل العالم إدوين هابل. حيث درس هذا العالم حركة المجرات المبتعدة عنّا ومسافاتها وأبعادها عن الارض ووضع قياسات لها من خلال العلاقة الخطية المهمّة المسماة بالعلاقة الخطية لحركة المجرات، والتي تشير الى انّ سرعة حركة تلك المجرات تتناسب مع المسافة من خلال ثابت أطلق عليه بثابت هابل. وأطلق على هذه العلاقة أيضاً بقانون هابل
v = HO . D
لقد قام بعض الباحثين بعدد من الدراسات لتدوين عدد من الملاحظات المهمّة في هذا الإطار، منهم مثلاً ميتر في العام 1927 والذي تنبأ ايضا بتوسّع الكون من الناحية النظريّة. لكن بقيت الطريقة المثلى هو ان نقيس النزوح الاحمر للمجرّات. لكن العالم السويدي لوندمارك قد اوجد علاقة مهمة ايضا ما بين السرعة والمسافة. عندما يتمّ الحديث عن توسّع الكون ينبغي ان نضع في البال كيفية ما لذلك التوسّع او تخيّل تلم العملية على اقل تقدير!حيث هناك العديد من المجرّات ننباعد عن بعضها البعض بمسافات نسبية مع مرور الزمن وعامل قياس مناسب آخذين بنظر الاعتبار ان العلاقة الاشتقاقية للمسافة بالنسبة للزمن تظهر لنا السرعة التي يتوسّع بها ذلك الكون.
عندما يتدبّر احدنا في العلاقة الاشتقاقية المذكورة يتبادر الى ذهنه سؤال ان كان معامل القياس بقيمة صفر ماذا يعني وهو واحد من القيم التي تظهر من الاضتقاق المذكور؟ بالطبع يكونبداية الكون اي الفترة الزمنية التي تشير الى زمن نظرية الانفجار الاعظم. وهنا تكون العلاقة بحيث يتناسب الزمن الاول اي زمن الصفر او الابتداء مع عامل القياس تناسبا عكسياً.
وفقاً لهذه القياسات تلاحظ الإختلافات في كيفيّة تقدير زمن حصول النظرية التي تفسّر خلق الكون وهي نظرية الانفجار الاعظم. وهذه النظريات هي التي ضتّت الى حدّ ما القيمة المقبولة لحدوث الانفجار المذكور. بينما يكون من السهل نسبيا معرفة معدّلات سرع إنكماش المجرّات من خلال قياس الانزياح الاحمر للطول الموجيّ لخطوط الطيف. حيث من الصعب إجراء القياسات الدقيقة للمسافات الكونيّة لكنّ الطريقة التي باتت مقبولة الى حدّ ما هي استخدام تحديدات هابل للمسافات الى المجرات حيث تتطلب عدّة خطوات تشمل المعايرات المناسبة للنجوم وبعض الاجرام في مجرّتنا المعروفة درب التبّانة. لكنّ التقديرات والدراسات التي تلت دراسات هابل اثبتت وجود خطأ في منهجية هابل في تقدير المسافات الى المجرّات حيث كانت القيمة اقل بكثير من القيمة المعتادة. هذه الابحاث قام بها سانديج عند القيان بعملية مهمّة بتوسيع التلسكور بحيث اصبح اكثر حداثة من السابق.
السؤال الذي يطرح دائما من الفيزيائيين وعليهم كذلك،هو:
من أين يحصل الفراغ على طاقته؟
عرف الفلاسفة القدامى الفراغ على أنه الفراغ المطلق الذي يبقى إذا تذكرت كل شيء، المادة،الضوء وما إلى ذلك. وفي العلوم التقنية، فإن الفراغ له معنى بشكل أساسي من خلال القول –عن طريق ضخ الهواء الى خارج وعاء ما يمكن لك ان تحصل على ضغط ما يساوي أو يماثل ألف مليار مرة من ضغط الهواء. يكون ضغط الفضاء ما بين المجرّات مازال الأقلّ بعدّة مراتب. لكن إذا إحتوى الفراغ على الطاقة سيكون بالطبع أن هذه المنظومة قد تفرّغت من محتوى المادة في الاساس.
في الفيزياء الحديثة، نعلم مصدرا ممكناً لطاقة الفراغ:تقلبات أو تأرجحات الميكانيك الكميّ للجسيمات الظاهريّة، مثل أزواج البوزترون الإلكترون لجسيمات الضوء، الفوتونات. هناك آثار قليلة في طيف ذرة الهيدروجين،إنزياح لامب، والذي يشرح أو يفسّر فقط اذا حدث شيء على طول الطريق أو المسارعندما ينتقل فوتون ما بين الإلكترون والبروتون. في الكهرومغناطيسيّة الكلاسيكيّة، هناك فراغ فقط بين الإلكترونات والنوى النوويّة،وتأثير لامب كان لغزاً لفترة طويلة. ومع ذلك، فإن التفسير في الديناميكا الكهربائية الكمومية هو أن التقلبات الافتراضية للإلكترونات والبوزيترونات في الفراغ تؤثر على انتشار الصورة، والحسابات هي مناسبة تماما للقياسات. ومن حيث المبدأ، ينبغي أن تسهم تقلبات أو تأرجحات جميع طبقات الجسيمات والجسيمات المضادة في طاقة الفراغ. (لا يكون إنزياح لامب حساسا لهذه الطاقة الكلية - الإلكترون مهم بشكل خاص لأنه هو أخف جسيم مشحون).
محاولة حساب المساهمة الكلية في كثافة طاقة الفراغ من جميع طبقات الجسيمات المعروفة (بما في ذلك الكوارتز العلوي و جسيم هيغز على سبيل المثال) يبدو أنه ينبغي للمرء أن يحصل على تقدير معقول لقيمة ثابت الكون. ولكن للأسف هذا لا يعمل على الإطلاق. والقيمة التي يحصل عليها للعامل على ما لايقل عن 57^10 فهي كبيرة جداً! وهي لاتزال من المشاكل الكبيرة والرئيسة التي لم تحلّ في الفيزياء والتي ربّما ترتبط بحقيقة أن لاتوجد حتى الآن نظريّة في الميكانيك الكميّ للجاذبية مقبولة على نطاق واسع. ربّما سيأتي يوم من الأيام ويكون أحد من القرّاء يفاجئنا بحلّ لهذا.
اليوم يمكننا أن نقبل فقط أن طاقة الفراغ هناك، مفصولة عن الصفر، ولكن كثافة الطاقة لها قيمة صغيرة للغاية. لحسن الحظ، إذا كان حقا 10 للقوة 57 من المرات أكبر، كان لدينا الكون قد "انسكب" أو إمتدّ على المادة بسرعة بسبب التسارع الضخم الذي للنجوم والكواكب حيث لم تكن الحياة قد تشكّلت بعد. والأسس حول هذا تؤدي الى ما يسمّى بمبدأ الإنتروبي ـ وهو مبدأ مثير للإهتمام والذي مع ذلك له قيمة تفسيريّة محددة والتي نتركها الى وقت آخر.
ولنا عودة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أنظر
(Physics Act No. 2016-3, pages 8-9)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وضع لؤي وائل لاعب المقاولون تحت الملاحظة الطبية 24 ساعة بعد


.. رئيسة جمعية العون الطبي للفلسطينيين تحذر من كارثة صحية في غز




.. بلع لسانه.. وضع لو?ى واي?ل لاعب المقاولون تحت الملاحظة الطب


.. دعوى قضائية: أطباء يابانيون يطالبون غوغل بتعويضات بسبب نشر -




.. مهندسة متفوقة في الطب في كاليفورنيا داعمة للفلسطينيين تحظى ب