الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة [ الجامع أمقران] بسيذي يذير .

الطيب آيت حمودة

2018 / 3 / 27
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


الزمن : ليلة 11/10 ديسمبر 1956
المكان : [الجامع أمقران] وسط قرية سيذي يذير ، الماين .
الحدث : معركة بين كتيبة جيش التحرير بقيادة (الصديق أومحفي ) ، وقوات الإستعمار الفرنسي بقيادة القبطان جورج لوارا Le Capitaine Georges Laurent ، المعروف بشنيدير .

°°°ماقبل المعركة :

قبيل الحادثة وقع انزال وهجوم عسكري فرنسي في [حقول ثابوذة ] القريبة من الماين بغرض القضاء على المناضل الشرس مقراني محند الشريف ، فقد شاهد الناس حراكا غير عاديا و أصوات حوامات لم يتبينوا سرها ووجهتها ، وفي هذا الوقت بالذات كانت كتيبة من جيش التحرير بقيادة (الصديق أومحفي) رابضة في قرية تاوريرت القريبة و هي على لمح البصر من سيذي يذير .
الجيش الفرنسي الذي يقوده القبطان [ لورا ] له معرفة جيدة بطبوغرافية المكان ، وله سوابق في نصب الكمائن للمناضلين ، وله سجل حافل ب[الإغتيالات] و[الإستنطاقات] و[ التعذيب ] ، فهو دائم التهجم على الجهة قادما من المركز الرئيسي في بني ورثران ، ( كانت جهات بني عيدل تابعة لثكنة بني ورثران التي حطّ بها الفيلق الرابع للتنانين بأفواجه العاملة على الأرض ) .
°°°جيش التحرير يريد المبيت في[ قرية سيذي يذير] .
حرص قائد الكتيبة ( الصديق أومحفي) النازل في قرية توريرت الإنتقال للمبيت بكتيبته في سيذي يذير ، لا ندري ما المبتغى من ذلك ، قد يكون الغرض هو الإقتراب من مراكز التوتر لفك الحصار عن المجاهدين ب(ثبوذة ) ، مع العلم أن جنوده ُ حديثو العهد بالجهاد الميداني وغرباء عن المكان .

أرسل الصديق أومحفي المناضل ( شريف أوشيخ ) أحد أبناء قرية سيذي يذير لإعلام المكلف بالتموين في القرية المناضل (ابن براهم بلقاسم ) بنية الجيش التحرك ناحية قريتهم ، لتحضير ما يجب تحضيره ، ارتاب [ بلقاسم] في الأمر وقرر الذهاب بنفسه لقرية تاوريرت لنصح قائد الكتيبة بعدم المغامرة ، فالجيش الفرنسي يومها كان في جهة إلماين وقد خاض معركة قوية مع المجاهدين ، لكن الصديق أومحفي أصر المبيت وجنوده في ( قرية أذرار) ولم تثنيه حتى نصائح المناضلين في قرية تاوريرت الذين حاولوا اقناعه بالبقاء حتى يتضح الأمر .

°°°قام [ ابن براهم بلقاسم ] و من معه من المناضلين بترتيب أمر استقبال هذه الكتيبة ، وتقرر ايواؤهم في ( الجامع أمقران ) وسط القرية في ليلة شتوية باردة ، فكل الضروريات وُفّرت لهؤلاء الجنود سواء ما تعلق منها بالأكل والشرب أو الأفرشة والأغطية ،أوما يلحق ذلك من تأمين المكان بالحراسة ، واتخذت الزاوية الملاصقة للجامع مكانا لاستقبال الوجبات وتوزيعها .

°°الجامع أمقران ، هو مسجد جامع تُقام فيه صلاة الجمعة والأعياد ، يتوسط القرية تمر به ممرات ضيقة خاصة للراجلين والأنعام ، يمر به طريق رئيسي من الشمال نحو الجنوب أنحدارا ، يربط ثادارث بمشريوة وثاخامت إقمير، ودروب ثانوية نازلة باتجاه ثعوينت وأثلّي غربا وأخرى نحو أسامر .
وهو ما يعني أن القيام بالمناورة سهل لأهل القرية لتعودهم عليها على عكس الغريب الذي يجهل دهاليزها وممراتها ومخارجها .

°°°هشاشة الجانب الأمني
.
يبدو من خلال سرد الأحداث من طرف شهود عيان ، أن جانب تأمين المكان لم يكن محكما ، فالمناضل [معالومحمد الصديق] الذي كلفه المناضل [ العربي بابور] بالتشوف والإستطلاع جهة الطريق المؤدي ل[لأماين] قد تم ضبطه باقلاقال من قبل عسكر فرنسا بقيادة القبطان لورا ، ربما أرغموه تحت التعذيب على الإفشاء بسر تواجد الجيش في الجامع أمقران ، لأن هجوم عساكر فرنسا في حدود 10 ليلا ، وبخطة مدروسة دل عليها الحصار المحكم للجامع من جهة ( ثاخامت أوسامر) ، ونصب القناصة في أماكن استراتيجية ، و وإقامة الحواجز الحجرية داخل الممرات ، فقد عجز المكلفون بالأمن إنذار إخوانهم لأسباب قد تكون موضوعية ، فلم ينتبه جنود جيش التحرير للأمر وهم شبه نيام إلا على وقع طلقات الرصاص قريبا من الجامع ، فهبوا جميعهم وسط ظلام شتوي دامس ، فحاولوا الخروج لكن الرصاص تخطفهم ، فقد اتخذ عساكر [ لورا ] مواقع جيدة لقنص كل خارج ، فتدفق المجاهدون تبادلا للرصاص مع العدو ، فتمكن بعضهم الخروج عبر الممرات المؤدية لثعوينت والشريعة ، وبعضهم الأخر حاول الخروج من نوافذ المسجد باتجاه أسامر ، غير أن المكان سيطر عليه عساكر فرنسا فكل من خرج من ذلك الطريق إلا ونالته رصاصات الموت .
ليلة مرعبة عاشتها [ قرية سيذي يذير] ، طلقات نارية متواصلة ومتقطعة، ودوي انفجارت وصياح وكر وفر داخل ممرات المحيط القريب من الجامع ، فقد سمع أهالي القرية هول الصدام وقوة التقاتل وانتظروا الصباح ليعلموا ما وقع .

°°° خسائر بشرية ومادية.

استيقظ الناس الذين لم يناموا ليلتهم ، فكان يوم 11 ديسمبر 1956 يوما حزينا كئيبا فيه رائحة البارود والدخان ، فيه الموت والدمار ، فقد أمر [لورا ]الأهالي بإخلاء المنازل المجاوة للجامع أمقران، ليتسنى قنبلتها بالطائرات للقضاء على الجنود المختبئين بها ، فأزهقت أرواح وهدمت بيوت وأهلكت الأنعام ، فوقع ما وقع من اعتداء ورفس وإهانة ، وعُدَّ أهالي سيذي يذير [فلاقة ] من الطراز الأول ، فأرضهم مستباحة لأنهم أعداءٌ لفرنسا ، ذاك ما أبانوه من جعل قريتهم معقلا للثوار ، فقد استولى العساكر على كل الأغطية والأفرشة والأدوات فحمَّلوها على ظهور البغال باتجاه ثكنتهم الرئيسية بإيث ورثيران .
°° خرج الناس بحثا عن القتلى والجرحى ، فاكتشفوا 10 جثث لشهداء جنود ، منهم ثلاثة من الجهة [ يعقوبي مختار ] من توريرت ، و[ مولود أومداح ] من بيشر ، و[المجاهد مولود] من أقروي واكلي ، أما الباقي فهم جنود غير معروفين ، وأمراة استشهدت بسبب قصف الطائرات هي (ايث الجودي زينب) رحمهم الله جميعا ، أما خسائر العساكر الفرنسية فقد وقع التكتم عليها كالعادة ، فلم يشاهد الناس سوى حوامة تتردد على لوطا اسقفان قد يكون حضورها لسبب نقل الجثث والجرحى .
تمكن بقية المجاهدين من الإفلات من الكمين ، كخياري يدريس وغيرهم..... ، أما القائد [ الصديق أومحفي] فقد أصيب بجروح خطيرة بقي طريح الفراش لشهرين في [قرية ثوفيرث ]، وبعد شفائه عيّن في جهة تيزي وزوا وتقلد مناصب رفيعة في الثورة على رأس [فيلق جرجرة] في الولاية التاريخية الثالثة .

خاتمة
واقعة [ الجامع أمقران] أظهرت قوة التلاحم بين الثورة والشعب ، وأبانت بأن الإنتصارات الكبرى تسبقها غالبا حالات الإخفاق و العثرة التي هي نواتج طبيعية لقلة التجربة ، وأن [عامل المباغتة] يلعب دورا محوريا في سير المعارك ، فالذي انتكس في معركة الجامع أمقران حقق - فيما بعد - انتصارات باهرة ضد جيش فرنسا على رأس فيلق جرجرة ، فالممارسة طريق لكسب المهارة والتفوق .

-----------------------------------------------------
أغلب الحقائق مصدرها كتاب [ مذكرات بن براهم براهيم بعنوان ناحية سيذي يذير من الحركة الإصلاحية إلى الثورة التحريرية ] للكاتب خير عبد الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا