الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبيل فياض المثقف المشتبك

سالم المرزوقي

2018 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


قرأت كتابين للدكتور نبيل فياض،الأول أم المؤمنين تأكل أولادها والثاني يوم انحدر الجمل من السقيفه إضافة لبعض مقالاته،الحقيقة أن الرجل شغلني ووجدت ذاتي في كل كلمة صاغها وكل تساءل محيّر طرحه ووجدت نفسي طرفا في كل اشتباك حصل معه ،فرغم أني لست محترفا ولا مختصا حتى أتناول بالنقد كبار الأكادميين مثل الدكتور نبيل فياض وخصومه مثل الشيخ الدكتور محمد سعيد البوطي، ولا حتى أحاول أن أدافع عن أحدهم ضد الآخر لأن هذا يتطلب جهدا بحثيا واسعا وخبرة وثقافة ليست في متناول الهواة والعصاميين مثلي،لكن هذا لايعني أني محايدا في السجالات والصراعات الفكريةالدائره بين هؤلاء الكبار،فالمرء مجبر للاصفاف مع هذا أو ذاك ،ليس اعتباطا أو تعصبا أعمى بل لأنه مؤمن بمنهج فكري معين يدرك سلفا أنه المنهج القويم الذي يقربه للحقيقه، وهنا أجدني "فيّاضيا" بعيدا عن "البوطيه" عكس غيري الذي يرى في منهج الدكتور البوطي المثل الأعلى الذي يغذي نواقصه الثقافيه،وهذا يقودنا الى التناقض الرئيسي بين المنهج العقلاني والمنهج المثالي في تناول قضايانا الفكريه والثقافيه وهو انعكاس للانقسام الحاد منذ بدأ الانسان يفكر وسيتواصل بشكل مّا الى ما لا نهايه، فالتحيز للمنهج العقلاني الذي يعتمده الدكتور نبيل فياض هو حسب اعتقادي انحياز للحياديه في تناول الأحداث التاريخيه الماضيه والحاضره للاسلام والمسلمين ولا مصلحه له لا للحفاظ على الموروث ولا هدمه،ديدنه الحقيقه كما هي،عكس المنهج الذي يعتمده الدكتور البوطي ومعسكره المنحاز للحفاظ على الموروث بترميمه وتنظيفه من الشوائب وإخفاء ما يعيبه بحكم مصلحتهم كرجال دين وسلطه. من هنا يستقطب الصراع بين المعسكرين الثقافيين وهو صراع مصالح اقتصاديه سياسيه طرفاه معسكر أداته الدين ليتنفذ ويتسلط ويعتبر أي اهتزاز لقراءته للموروث الاسلامي هو اهتزاز لسلطته فيتطرف ليس دفاعا عن الدين بحد ذاته وأبطاله التاريخيين بل دفاعا عن موقعه الذاتي وحاضره الحالي وهذا المعسكر ليس فقط سنيا أو شيعيا أو إخوانيا أو وهابيا أو متطرفا أو معتدلا بل كل المعسكر المثالي،أما المعسكر النقيض فهو المعسكر العقلاني بمختلف مدارسه والذي ييحث عن الحقيقه حتى لو قوضت الواقع السياسي وأعادت قراءة التاريخ وشككت في أبطاله، لأن هذا الانقلاب إن حصل لا يمس مصلحة الدارس العقلاني السياسيه والطبقيه بل ربما يفتح مجالات جديده لطموحاته وأحلامه المستقبليه.فمثلا في تقييم موقعة الجمل بين الصحابة والتي ذهب ضحيتها عشرات آلاف القتلى من المسلمين وأحدثت فتنة لازالت ارتداداتها الى الآن بين شعوبنا،هذه الموقعه لا يمكن للدكتور البوطي أو غيره من المثاليين تحميلها لعائشه زوجة الرسول لأن المس من هيبة أم المؤمنين هو مس من هيبة مشيختهم ومن زادهم الثقافي و السياسي وليس حبا في الصحابه المبشرين بالجنة والراشدين وكذلك الحال مع شيعة علي الذين لا يقبلون فيه دغمائيته وغباءه السياسي في إدارة الصراع على السلطه لأن ذالك يمس من إمامتهم وزعامتهم اليوم ،بينما الدكتور فياض العقلاني وأمثاله تمكنهم حياديتهم من الجرأة على اتهام زوجة الرسول بإيقاد نار الفتنة وتحميلها وزر المآسي التي نتجت عن فتنة الصحابه وصراعهم على السلطة باسم الدين ولا تهمهم كذلك عصمة الامام علي من الخطأ، وذلك بالأدلة والبراهين من خلال قراءة الوقائع التاريخيه وتمحيصها وتقييمها بكل تجرد، عكس المثاليين الذين يستعملون المكر لانتقاء الأحداث التي تدعم أفكارهم وتخفي أو تبرّر ما يحرجهم.
إذن فالمدرسه المثاليه لا تقبل الحياد وليس فيها اعتدال وهو ما يدفعها للتطرف دائما، سواءا فكريا بالتزييف والحيلة في تناول الموروث الاسلامي أو عمليا بفرض قراءاتها بالعنف المادي والعسكري والتسلط والزجر عبر التكفير وقمع الرأي الآخر وهو ما يحصل كل يوم في منطقتنا العربيه وقد بلغ أشده في الحروب الطائفية مثلما يجري في سوريا واليمن والعراق وباقي المنطقه العربيه ومن المفارقات وللأسف أن المرحوم محمد سعيد البوطي نفسه كان ضحية هذه المدرسه المتطرفه كما الصحابة المبشرين بالجنة الذين قضوا في حروب الصراعات على السلطة إبان الفتره الراشديه.

الاجماع على محاربة كتاب يوم انحدر الجمل من السقيفه:

قد يعتقد القارئ أن هذه المقدمه هي مدخل لاستعراض ونقد محتوى كتاب نبيل فياض يوم انحدر الجمل وسجالاته مع المفكرين المثاليين،ليس هذا ،بل أن ما دفعني للكتابة في شأن هذا الكتاب هو الحدة والاجماع على عداءه ومحاربته رغم مضي أكثر من عقدين على نشره ،فالكتاب ممنوع تداوله وقد حاولت تحميله عدة مرات ولم أفلح وحتى تواصلت مع موقع الكاتب نفسه في الفضاء الإفتراضي واستعملت الروابط التي نشرها وفشلت فكل مواقع التحميل مقرصنه ولم أفلح إلا بعد جهد جهيد وأنشر هنا للتدليل عينه من بعض السطور المقرصنه بالتقطيع ومسح بعض الكلمات والجمل لمنع القارئ من الوصول للمحتوى الاصلي:

" الأهم في اية هذا القرن في عالم البحثية الغربية غير محكومة على
الاطلاق بأية قيود ما-ورائية، والبذرة الالهية لشجرة الدين الباسقة.
الغربية أنّ ثمّة تناقضات هامة في الرأي حول أصول الاسلام؛
فالنظرة إلى الدين الشرق-أوسطي الأهم في "............................. هكذا إذن يشوه النص ويُعبث بمحتواه، دون احتساب الصفحات البيضاء ومواقع التحميل المغلقه.
السؤال الذي يفرض نفسه: ما السر في المواجهه الدائمه لكتاب قديم يقرأ التراث الاسلامي بحياديه وموضوعيه وينأى عن المس من مشاعر عامة المسلمين وتجريح عقيدتهم وقد أخد نصيبه من الحصار و المنع والمصادره في المكتبات والمعارض وصدرت بعده عديد المؤلفات الساخره من الدين ومعلنه الالحاد ولم تحظى بهذه الحرب المستدامه والعدائيه؟ فحتى صور الكاريكاتير والمقالات المباشره القادحه في الدين الاسلامي والساخره منه والتي أثارت ضجة عامة الناس وقع التغاضي عنها والتسامح معها وحضيت بحاضنه مدافعه ونسيت ،ثم إذا أخذنا في الاعتبار أن الغرب المتحضر والمدافع عن حرية الرأي والتعبير ،هو المشرف بشكل تام على تقنيات الانترنيت والوسائط الالكترونيه مقابل تخلف المتطرفين المسلمين من إخوان ووهابيين وشيعه،لا نستنتج إلا شيئا واحدا هو الاجماع الضمني على ديمومة محاصرة كتب فياض وخاصة كتاب يوم انحدر الجمل من السقيفه.

نبيل فياض المثقف المشتبك

أم المؤمنين تأكل أبناءها ويوم انحدر الجمل من السقيفه كتابان نوعيان في قراءة الموروث الاسلامي وضع الكاتب فيهما منهجه العقلاني في حالة اشتباك جامع مع المتدينيين ومناهجهم المثاليه شيعة وسنة وحتى موروث اليهود والمسيحيين الديني في بعض الحالات،ونفض الغبار عن أحداث تعمّد السائد(سلطة تستعمل الدين ومجتمعا متدينا) تجاهلها وإخفاءها خشية انكشافه وسقوطه ،وتقديس ما يضمن بقاءه وديمومته،رغم القناعة التي أثبتها العلم والمعرفه بأنه أي السائد انتهى وأفلس وأصبح عائقا للتطور،في هذا الشأن يقول فياض بجرأة في مقدمة كتابه يوم انحدر الجمل... ص 8 : " مشكلة المسلمين انحباسهم في زنزانات نصوصهم المقدسه،فهم لا يستطيعون حملها والدخول بها الى عالم الحضاره ولا يستطيعون رميها خوفا على ذواتهم من التعريه التراثيه،والحقيقة أننا لن نحزن كثيرا إذا انقرضوا،لأنهم صاروا بالفعل،عبر هذا الانسجان الذاتي ،عبئا على الحضارة ـ دونهم يمكن للحضارة أن تصبح أكثر جمالا وتحررا وفراشيه،من لا يصدق ذلك ماعليه إلا أن يفتح خارطة العالم ويتفحص هوية أماكن الاضطراب والارهاب والحروب المعيقه لتقدم البشريه وتحضرها ـ"
إذن هذا هو السبب الرئيسي في الاجماع على محاربته وتجاهل أغلب المنظمات المدافعه عن حرية الرأي و التعبير لمحنة حصار كتبه لأنه فقع دمّالة القيح المتعفن في العقل الاسلامي ومن خلال هذا نكتشف كذلك النفاق الغربي والمكر والخداع ففي قضايا الصور والكاريكاتير المسيئ للرسول مثلا والحملات الاعلاميه والهرج المضاد لها نستنتج أن جوهرها وهدفها تحريض المسلمين وتعبئتهم للبقاء مكانهم وتحييدهم عن نبش تراثهم وإعادة قراءته وطرح التساؤلات المشككه في تأويله كهل أم المؤمنين عائشه محرضه على الفتنة وقائدة انقلاب سياسي لفائدة شقيقها عبدلله المورط في قتل الخليفه عثمان وابن عمها الطموح لاعادة الخلافه لآل أبو بكر،أم هي قديسه تحارب من أجل الاسلام النقي؟
ما يزيد الطين بلـّه في العداء لكتب فياض هو كشفه للتأثير اليهودي في سياسة دولة الخلافه الاسلاميه المقدسه في العقل الاسلامي وهذا يتقاطع إخفاءه مع مصالح الغرب الصهيومسيحي والدوله الصهيونيه( التي تعمل على تحويل اليهوديه الى قوميه) الكل له مصلحه في عدم نبش هذا التراث لأن الكل من مصلحته تقديس هالته الوهميه وديمومة مشاريع التآمر الخفيه والمعلنه ضد النهضه (التي تبدأ حتما بالفكر والمعرفه ) لتوظيفها أي هذه المشاريع للبقاء والسيطره والنفوذ،فإبن سبأ مستشار عمر ابن الخطاب اليهودي المحرض على الانتقام من النصاره المحتلين للقدس هو دونالد ترامب المحرض للرجعيات العربيه على مواجهة الروس والصينيين كقوى صاعده والدول الوطنيه والمقاومات في المنطقه العربيه كنواتات للنهضه، مرة باسم السلام ومرة بصفقة القرن ومرة بالحروب والتدمير ،كذلك الحال مع ابن ميمون المأثر في دولة صلاح الدين الأيوبي هو نفس برنار ليفي والماسونيه المتغلغله عبر الاخوان المسلمين وبعض المنظمات التي تتخفى بالمدنيه والديمقراطيه،ولا تختلف الأدوار إلا من حيث التاريخ، ما كشفه فياض أن الجمل لازال ينحدر منذ سقيفة بني ساعده وأن أم المؤمنين لا زالت على الجمل تقود معركة السلطة باسم الدين وأن صورة الأمس هي صورة اليوم بحروبها ومآسيها ومؤامراتها ودسائسها رغم فاصل القرون بين الصورتين.

ما بين التخلف والفضيحه

الحقيقة أن مصطلح شعوب متخلفه لم يعد ينسجم مع العرب المسلمين بعد انكشاف الأمر في الحرب على سوريا بدمويتها ووحشيتها ، ليس لأن الحروب الأهليه والقبليه لدى الشعوب الأخرى أقل دمويه بل لأن أدواتها الفكريه والثقافيه والسياسيه هي أدوات القرن السابع الميلادي أي أدوات موقعة الجمل بالذبح وقطع الرؤوس رغم حمل الأسلحه الناريه الحديثه والسبي والغنيمه رغم الصراخ بالديمقراطيه وحقوق الانسان وسياسة سقيفة بني ساعده التآمريه القبليه رغم وجود دول ومنظمات وأحزاب ، ما يعني أن شعوب هذه المنطقه وأنظمتها ليست متخلفه بل فضيحة في عصر يتحرك فيه العالم بسرعة الضوء، وهو ما أراد نبيل فياض كشفه باختيار عناوين مستفزه فالجمل لازال ينحدر ولم يعدل من سيره أسوة بعالم القرن الواحد والعشرين وأم المؤمنين لازالت تأكل أكباد أبناءها ولم تدرك وحشيتها في عالم أصبح يطمح لبناء إنساني جميل ، والمؤسف أكثر أن بعض النخب المثقفه لازالت تدعي المؤامره ولم تدرك بعد فضيحة العقل العربي المسلم الذي لازال يعيش هناك بين السقيفة والجمل وإلا لما حصل هذا النفير الجاهل لتنفيذ المؤامرات.
ملاحظه أخيره: بلغني أثناء كتابة هذا النص أن الدكتور نبيل فياض يعاني من المرض أتمنى له الشفاء العاجل ليواصل عطاءه واشتباكه من أجل أن ننهض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الإمام علي ليس غبيا
جلال البحراني ( 2018 / 3 / 28 - 19:01 )
الإمام علي ليس غبيا
هو لم يدور ويحكم السياسة، بل وضعه الفقراء زعيما لسياستهم و هم من أداروه،، و ألفوا عنه الأقاويل التي تناسب حاجاتهم كبشر
نبيل فياض ليس على إطلاع كافي لما يسمى (سواد الكوفة)
كان الإسلام، أعلى تجليات ثورات العبيد، من عرب وغير أقوام بالمنطقة
ولأنه الأشرف بينهم و الأنقى و الأعف، بين ثوار المسلمين إختارته الطبقات الكادحة
كان الحال مثل أي ثورة بالوجود، ليومنها هذا، طبقات الكادحين تتمرد و تثور لإنسانيتها،، و تختار روبن هودها
فهل كان هذا غبي أيضا؟

اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل