الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الازدواجية احدى مشكلات الهوية الانثوية

وليد يوسف عطو

2018 / 3 / 27
التربية والتعليم والبحث العلمي


الازدواجية احدى مشكلات الهوية الانثوية

لقد اصبح بامكان المراة القروية في العراق والنساء الساكنات في المناطق الطرفية والشعبية في بغداد والمدن الكبرى وحولها , مشاهدة عالم الاستهلاك والبذخ عن طريق المولات والمطاعم الفخمة من خلال الاعلانات , عبر الفضائيات وشاشات الحواسيب والموبايلات .لقد اصبحت المراة تعيش ازدواجية في السلوك وفي النفس وفي الهوية .فالمراة تبقى مسؤولة الى درجة كبيرة عن الهوية الجماعية باعتبارها حارسة للتقاليد والموروثات .

تقول الباحثة الدكتورة خلود السباعي في كتابها (الجسد الانثوي وهوية الجندر)ان الازدواجية اصبحت احدى ابرز الاليات الموحدة بين النساء,حيث هنالك الكثير من النساءمتلهفات الى الحداثة والحضارة ومنجزاتهما , لكنها في نفس الوقت تبقى المراة متشبثة بالتقاليد المتوارثة الناتجة عن مخزون سيكولوجي وثقافي واجتماعي والذي يعيق في كثير من الاحيان تحررها وانفتاحها .

الازدواجية تدفع النساء الى الكذب والتبرير وهي ظاهرة سيكو اجتماعية تعكس حالة نفسية قلقة تدفع بالمراة الى ممارسة سلوكيات متناقضة تعبيرا عن قلق هويتها الانثوية .وقد وصف الباحث مصطفى عوض خميس في كتابه (دفاعا عن المراة )التناقضات والضغوط التي تواجهها المراة بالقول :
(لاشك ان مشاكل المراة العصرية تختلف باختلاف طبقتها الاجتماعية. وتزيد المشاكل والماسي كلما هبطت المراة في السلم الاجتماعي , الا ان هناك ماساة مشتركة تشترك فيها جميع النساء ,الا وهي ماساة الزواج والطلاق والازدواجية ).

ان معيشة الكثير من القرويات في اماكن طرفية قريبة من المدن الكبرى في العراق تجعلها تشعر بالفقر المدقع الذي تعاني منه ومن ثقافة المجتمع وتقاليده العشائرية وشعورها بالاضطهاد لعدم امتلاكها مؤهلات علمية مما جعل الكثير من هؤلاء النساء مدمنات على الثرثرة ومشاهدة المسلسلات التركية المدبلجة والتي تغذي فيهن احلامهن المستحيلة التحقيق كمرادف لعالم الف ليلة وليلة , حيث تحلم الفتيات بالثراء السريع والزوج الغني والسيارات الفارهة والملابس الفاخرة مع الحلي .

كما تزيد وسائل الاعلام النار اشتعالا من خلال الرغبة العارمة في الاستهلاك باعتباره مؤشر دال على حياة الرفاهية في شكلها الجذاب .تمثل هذه الظواهر بحسب الدكتورة خلود السباعي احد ابرز الاسباب المعززة لهوية الجندر لترسيخها في اعماق الفتاة , الرغبة في الاستهلاك والحصول على العيش الرغيد .

وهكذا تفكر المراة في تقديم نفسها وجسدها الى الرجل الذي يمكن ان يحقق هذه المطاليب .وهذا يدخلها في عبودية اساسها وسائل التجميل وملابس الموضة والعيش الرغيد ,حيث يتحول الزواج في كثير من الاحيان الى نوع من البغاء الشرعي الذي تبيع فيه المراة جسدها للرجل القادر على تلبية احتياجاتها . فاذا كانت نماذج الحداثة قد وصلت الى استقطاب النساء المثقفات وصاحبات الشهادات العليا ,نجد نسبة كبيرة منهن منشغلات بالجسد , مهووسات بتجميله والحفاظ على رونقه ,فماذا نقول عن المراة القروية والتي تعاني من الجهل والفقر والحرمان والامية؟

ان التغييرات في المجتمع العراقي نحو الانفتاح على التقنيات الالكترونية والتعليم الاهلي قد اوجد اشكالا جديدة من المعاناة النفسية للمراة , وهو ماادى الى تعميق ازمة الهوية لدى النساء بسبب التنازع بين الواقع وبين الطموح , بين الهوية القروية وبين هوية المدينة البعيدة المنال خصوصا ان مدن العراق الكبرى تحولت الى حاضنات لاعادة انتاج ثقافة الريف والعشيرة .

لذا من الضروري البدء بتعليم المراة حتى تستطيع الدفاع عن مصالحها وافكارها دون خوف او شعور بالذنب او بالخجل .اتفق مع راي الدكتورة خلود السباعي في التوكيد على الهوية الانثوية من خلال انتقاد ثقافة وسائل التجميل والتي بات يستخدمها الشباب اليوم في مدن العراق مع قصات الشعر الغريبة وكذلك عدم التاثر ببرامج الموضة وعمليات التجميل مبينة اهمية الجمال الداخلي للمراة الذي لايحتاج الى اكسسوارات ,حيث ان البحث عن اخر صيحات الموضة لن يصل بالمراة سوى الى عبودية جديدة .

لذا من الضروري الحفاظ على خصوصية مجتمعاتنا , لكي نعيد للمراة مكانتها باعتبارها انثى تتمتع بكل الاحترام عليها ان تفعل ذلك بعملها ودراستها وتكون زميلة للرجل وليست جارية له , وهي الخطوة الاولى نحو انشاء هوية انثوية تنظر الى المراة ككائن مستقل وليست ضلع ادم المعوج . في الختام تقول الدكتورة خلود السباعي :
ان لعلاقة المراة بجسدها انعكاسات عميقة على احساسها بهويتها ,وبالتالي فهي احد ابرز الاسباب المؤدية الى ماتعرفه هوية الجندر من اجحاف وظلم بحقها .فكثير من معالم اللامساواة الجندرية نتاج مواقف وسلوكات تتحمل مسؤوليتها المراة ,لذلك فانه يبقى من الاجحاف ربط كل اسباب اللامساواة الجندرية بالرجل . فلربما بحث الرجل عن المراة فلم يجد غير الانثى الفاتنة بجمالها المستعار,التي سعت بشكل مقصود الى ان تحرك فيه الغريزة , وتسكت صوت العقل .

وامام هذه العلاقة المعقدة للمراة بالجسد والهوية الجندرية تقول سيمون دي بوفوار (ان يكون الانسان امراة امر متناقض ومعقد وغامض , لايمكن ان يتحمله غير المراة ).

ختاما للمراة كل الحب !

مقالات ذات صلة :

مقالتنا (هوية الجندر والموضة ) والمنشورة على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=592945








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المرأة
وليد مهدي ( 2018 / 3 / 28 - 12:49 )

بيديها من تاخذ حقوقها

لا يجب ان تعتمد على الرجل

- سيمون دي بفوار -


دمت بحب ايها الغالي


2 - الاستاذ وليد مهدي الجزيل الاحترام
وليد يوسف عطو ( 2018 / 3 / 28 - 17:02 )
اسعدني مروركم وتعليقكم على مقالتي ..

نعم على المراة المبادرة بالمطالبة بحقوقها ويدعمها الرجل في مطالبها ولكن ..

العراق ليس مجتمع اوربا ..

لذا على الحكومة تغيير مناهج التربية والتعليم للقيام بالتغيير المنشود ..

ختاما تقبل مني وافر مودتي وتقديري واحترامي ايها الغالي..

اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر