الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى السنوية للمبدع الراحل حميد العقابي

بلقيس حميد حسن

2018 / 4 / 1
المجتمع المدني


حينَ الروح تشفّ،
يزول الشغف بالحياة،
يصبح الجوع لذّةً
والموت بحثاً عن المجهول
فتكون الأماكن كلها واحدة .

هكذا كانت روح الراحل المبدع حميد العقابي، شفافة، زاهدة، غير آبهة بما يجعل الناس يتصارعون ويلهثون وراء أهداف هي عنده لاتساوي شروى نقير..
يمر عام على هذا الرحيل الموجع
يمر عام على خلو العالم من كلماتك البيضاء الصادقة ومواقفك الجريئة التي لاتشوبها شائبة.
يمر عام أيها الصديق العزيز ونحن لانرى تلك اللغة الجميلة السامقة في القدرة والبلاغة والعذوبة، في زمن أصبحت اللغة تتعثر في أنفاق مظلمة لانعرف مداها وتتعكز على الواهي والركيك ، وكم تحاورنا حول مستقبل لغتنا العربية واتفقنا على أن المؤامرة طالت اللغة وهي هدف من أهداف الشر العالمي.
رحلت َ صديقي النبيل المسالم جداً حميد العقابي ورحلت معك أفكار كثيرة كنا نتوقف عندها كواحة من ابداع يمنحنا الإطمئنان، إذ كنت حارسا أمينا على كل مايقع بيدك من مشاريع كتب أو كتب منشورة..
كنت حاضرا وشجاعا لطرح مواقفك الوطنية المميزة، النابعة من حبك للخير، والوطن وللمقهورين.
لايعرف الناس كم كنت زاهدا بالمظاهر وبكل مباهج الحياة التي يلهث الناس وراءها، ربما لم يعرفوا صلابة روحك وقوتها وتحملك الصبر على ضغط الحياة وشحّها وانت في غربتك لم يساعدك أحد، وليس لك من تستند عليه، كان فرحك هو أن تكتب نصا وكنت حينما تكتب في اليوم صفحات جديدة في أحد كتبك تقول اليوم كان عرسا كتابيا فقد كتبت اكثر من 15 صفحة ، اتذكر ذلك وأنت تكتب القلادة. تكتب كل يوم وكم تفرح حين انتهاء الكتاب.
تبدأ بعدها رحلتك الدائمة بالقراءة فتقرأ بعض الأحيان كتابا كاملا بيوم واحد. كان شغفك للمعرفة لايضاهيه شغف، ورغبتك في كشف العميق والغامض جامحة، وكنت تتابع كل جديد بدقة متناهية ، وكنت تعرف وتعرف وتعرف، نعم كانت المعرفة هي الشئ الوحيد الذي لهثتَ وراءه وعشقته كما لم تعشق شيئا ابداً.
كنت موسوعيا متنوعا، ويكون جاحداً من يعرفك ولايعترف بأنه قد تعلّم منك شيئا، وأعترف ، بأن وعيي بعد معرفتك، وحواراتي معك، وقراءتي لكل كتبك هو غيره قبل ذلك، وبهذا أنت تعطي كل من يعرفك دونما منّة ..
لقد خسرتك الثقافة العراقية وكنت قاموسا ومرجعا لخارطة الأدب والفن، فقد قرأتَ -تقريباً -لكل من كتبَ قصيدة جميلة في العالم العربي وإن كانت يتيمة، وحفظتَ اسمه ونوع قصيدته، وكل من كتب ديوان شعرٍ عربي وإن كان في أقاصي العالم، وعرفتَ كل من غنى اغنية واحدة أو لحنها، فشعورك العالي بضرورة معرفة كل مايدور بمجال الأدب والفن جعلك حينما تكتب نصا يأسر القارئ وإن كان موقفا سياسيا.
كانت الناس تقول مواقفها ببساطة، لكنك تقول موقفك بعمق معرفتك ورؤيتك للعالم بعينك الثاقبة التي ترى ماوراء الأكمة، لذا يأتي منشورك مميزا ، ومختلفا عن كل من ناقش الفكرة حتى وإن سبقوك فيها.
لم تكن تشبه أحدا أبدا، متفردا، متمردا، تخلق سعادتك الروحية رغما عن الحياة وبأبسط الأساليب، فلا تغريك الأضواء، ولا المهرجانات، ولا الدعوات، ولا الفضائيات ،ولا الجوائز، ولا كل ما قد يغرينا جميعاً.
رحلتَ وكنت نوعا نادرا من البشر لايرقى الكثيرون لفهمك، الغالبية لم ترتق لصمتك الآسر ياصديقي، ولا لقلة ماتأخذ من هذه الدنيا، ولا لغبطتك بالعطاء، وقد فهموك على أنك انسان غريب في حين كان هدوءك وخجلك رمزا لسمو روحك وتواضعها لو يعلمون..
رحلت بغفلة زمن، لم تمرض ولم تشتك ولم نسمع شكواك يوما.
كنت تتجرع الحياة غربة وحرمانا وعطاءً لاينضب.
حتى في رحيلك كنت سلسا مثل نسمة ناعمة، لم تتعب أحدا، ولم تعط بادرة عن رحيلك المباغت.
ولأنك رقيق وطيب صار وجع أرواحنا برحيلك يترفق بنا بحضور ابتسامتك البريئة الدافئة، وحسن نواياك...

صديقي الراحل الأعز

لك الخلود في فكرك، وكتبك ، والصبر لعائلتك وابنتيك اللتين كانتا همك الأكبر في الحياة ..
ستبقى في ذاكرتنا وأرواحنا خالدا أبداً، مهما همشتك المؤسسات الثقافية العراقية والعربية التي مادرت َ لها بالا ًيوما، ومهما طال الزمن فسيأتي زمنٌ تنهض به كتبك وأفكارك كالعنقاء في الناس ويعرفون من هذا الذي نتذكره اليوم وقد رحل من حياتنا على عجل ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة يتظاهرون بأسلوبهم لدعم غزة


.. إعلام فرنسي: اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية في باريس




.. إعلام فرنسي: اعتقال الرجل المتحصن داخل القنصلية الإيرانية في


.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في




.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ