الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تركت الحصان وحيداً ؟

فريدة النقاش

2018 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


قضية للمناقشة: لماذا تركت الحصان وحيداً ؟


استدعيت عنوان هذا الديوان للشاعر الفلسطيني الراحل « محمود درويش» حين وجدتني أدخل فى حزن عميق كاد يشل قدرتي على التفكير الهادئ بعد سقوط سبعة عشر شهيدا فلسطينيا برصاص إسرائيل وهم يسيرون فى مظاهرة سلمية فى غزة فى ذكرى يوم الأرض.
وقلت لنفسي لعلنا اعتدنا على السقوط اليومي للشهداء فى المواجهة الباسلة الجارية فى سيناء بين أبطال الجيش والشرطة من جهة وقوى الإرهاب من جهة أخرى، وهي القوى التي جندتها ودربتها ومولتها أجهزة مخابرات الدول الكبرى وأطلقتها علينا بهدف تعطيل تطورنا مع الابقاء على المنطقة العربية فى موقع التبعية والإذعان أو الانتقام من الشعب المصري الذي أسقط حكم الإخوان فى يونيو 2013.
وتذكرت أيضا أننا فى الصباح الباكر من يوم 20 مارس سنة 2003 تدفقنا إلى الشوارع احتجاجا على الغزو الأمريكي للعراق، وأخذت أقارن بين الاستجابة لنداء الاحتجاج ضد هذا الغزو، وما يمكن أن أسميه باللامبالاة إزاء آلام الشعب الفلسطيني، مع مراعاة اختلاف الظروف والملابسات، والتي أعطت مفاتيح المنطقة إلى واشنطن.
ورغم كل فروض الولاء التي يقدمها غالبية القادة العرب للولايات المتحدة مصحوبة بتريليونات الدولارات، فقد اتخذت إدارة « ترمب» مواقف عدائية صريحة ضد ما سماه العرب فى زمن مضى قضيتهم المركزية وهي قضية فلسطين، بدأت هذه المواقف العدائية بقرار نقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل من « تل أبيب» إلى « القدس» متحدية مايشابه الاجماع الدولي على أن « القدس « الشرقية هي أرض محتلة، وهي عاصمة الدولة الفلسطينية المرتقبة، ومروراً بوقف حصة الولايات المتحدة فى تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين « الأونروا» إلى أن وقفت أمريكا ضد إصدار قرار من مجلس الأمن يدين المجزرة الإسرائيلية الأخيرة فى غزة، وقد إعتدنا نحن العرب على أن أمريكا هي حامي حمى « إسرائيل « بالفيتو فى مجلس الأمن، وبالتصدي لأي محاولة لإدانتها فى أي محفل دولي.
وبعد أن كانت الإدارات الأمريكية السابقة تعتبر الاستيطان الإسرائيلي فى الأراضي المحتلة إجراء غير شرعي أصبح « ترامب» يباركه واقعيا، بينما يمنحه بعض العرب أموالا بلا حصر، ولا يخطر ببالهم أن يستخدموا هذه الأموال كعنصر ضغط لصالح قضايانا العادلة.
وتمثل مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة الجانب المظلم والعنصري العميق فى الثقافة الأمريكية، هذه الثقافة التي تتطابق فى أحد أسسها الغائرة فى الضمير الجمعي مع الثقافة العنصرية الصهيونية التي تنهض على التفوق العرقي، وتستبطن أسطورة « مدينة على جبل» رمزا للتعالي والسمو على كل الآخرين الذين يحل للشعب المختار قتلهم وتشريدهم بما أنهم جنس أدنى.
وهكذا ارتكبت أمريكا المذابح ضد السكان الأصليين ودمرت حضارتهم وثقافتهم، وتاجرت فى السود الإفريقيين بعد أن خطفتهم من بلادهم واستعبدتهم، وارتكبت مجازر بشعة ضد الشعب الفيتنامي، وضد العراقيين وليس هذا إلا غيضاً من فيض كما يقال.
وتقف المصالح الأمريكية فى منطقتنا خلف هذا الستار المعتم من ثقافة القوة العنصرية، وهو المنوال الذي سارت عليه بحذافيره الدولة العنصرية الصهيونية التي اغتصبت أرض فلسطين بمعاونة ودعم من كل القوى الإمبريالية التي مولتها وسلحتها وأسبغت عليها الحماية.
وأقدم مثلاً واحداً على التوحش الإسرائيلي يضاف إلى السجل الأسود الذي نعرفه جميعا، فمنذ شهر سبتمبر عام 2000، وحتى نهاية عام 2017 قتل فى المواجهات المتفرقة 132 طفلا إسرائيليا و2035 طفلاً فلسطينيا طبقا لجماعة تذكروا هؤلاء الأطفال الغربية.
لم يتوقف الشعب الفلسطيني أبداً عن الدفاع عن أرضه، وعن حقه فى الحياة، وكما يقول « محمود درويش» نحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً.
ويشكل هذا النهوض الفلسطيني الجديد فى ظل انشغال العرب عنهم، يشكل المضمون الحقيقي للهوية الوطنية والإنسانية ذات الطابع العالمي للشعب الباسل، ويلتف الكثير من الشرفاء والمنصفين فى هذا العالم حول الشعب الفلسطيني سواء فى عدد منهم من الجامعات الأمريكية، أو فى المحافل التقدمية فى العالم كله، أو فى بعض أوساط الشعوب العربية التي يحاصرها الاستبداد والاستغلال وهو ما أهدر طاقاتها، ورمى بها فى براثن التخلف والفقر والتهميش، وأبعدها عن المساندة الجدية للشعب الفلسطيني، إذ أنها هي نفسها مهمشة ومستبعدة.
وقبل قرن ومايزيد على نصف القرن صرخ « عبد الله النديم « أحد قادة الثورة العرابية متحدثا عن الغربيين الذي انخرط فى محاربة نفوذهم وإعلاء شأن بلاده وشعبه :
ـ لماذا يتقدمون ونحن نتأخر، ولماذا هم أقوياء ونحن ضعفاء ؟
ولايزال سؤال « عبد الله النديم « راهنا.
يدفع الشعب الفلسطيني إذن ثمن انهيار حركة التحرر الوطني وتراجع القومية العربية مفهوماً وممارسة، بينما تسعى إسرائيل لترسيخ قواعدها كقومية بديلة، ودولة « يهودية نقية « تهيمن على المنطقة بثرواتها وموقعها الاستراتيجي، بعد أن ينجح المشروع الجاري تنفيذه فى تقسيم بلداننا العربية على أسس طائفية ودينية وعرقية، ولكنه لن ينجح.
وكما قال « إنجلز « قبل أكثر من قرن من الزمان إن اليهود لا يشكلون أمة، ولايمكن للصهيونية أن تكون حركة تحرر قومي أصيلة، ويضيف، إن مصير اليهود مرتبط بمصير الثورة فى البلدان التي يعيشون فيها.
وإن كان هذا القول صحيحا على الصعيد التاريخي فإن تطور الوضع العالمي الآن يزكي نموذج « شيلوك « الذي هو التعبير الواقعي عن توحش الصهيونية، بينما تحفر الهوية الإنسانية حاملة القيم العليا التي يمثلها الكفاح الفلسطيني تحفر لنفسها مجرى فى التاريخ سوف يتسع ويكبر كل يوم لتنهزم المشاريع المعادية للإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - !!!!!!(((يسيرون فى مظاهرة سلمية فى غزة)))
معلق قديم ( 2018 / 4 / 3 - 20:30 )
مظاهرة سلمية في غزة؟!

سيدتي..هل فاتك أن تلك الـ(((مظاهرة السلمية))) اطلقت فيها قنابل حارقة؟
هل فاتك يا سيدتي أن (((في غزة))) عبارة شكلها صحيحة جغرافيا لكنها غير أمينة في نقل الواقع؟

نعم ((في غزة)) ولكن على الحدود تجاه المنطقة الفاصلة واشترك فيها مئات الألوف من المسع..ين والقيت فيها المولوتوف على الجانب الآخر من الحدود...فهل من أمانة الكتابة أن نصفها بـ(سلمية في غزة)!؟

فقد اليسار احترام القراء لميله الدائم لتلوينه الحقائق واستغلال الأحداث للترويج الايديولوجي المصلحجي

خسارة!


2 - (((ما سماه العرب فى زمن مضى قضيتهم المركزية )))
معلق قديم ( 2018 / 4 / 3 - 20:42 )
أخطأ من أسماها بالقضية المركزية وخاب وفشل كل من استغل محنة الشعب الفلسطيني لأغراض وأطماع شخصية أو إيديولوجية (عبد الناصر والقذافي وصدام والأسد)

ألا نتعلم ألا نتّعظ؟


تأخذين على ترامب (((وقف حصة الولايات المتحدة فى تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين)))
هذه الجملة بكل بساطة هي الاعتراف بفضل أمريكا لمدة أكثر من سبعين عاما ووقوفها إلى جانب الفلسطينيين على حساب رفاهية الشعب الأمريكي نفسه
هل نعادي الولايات المتحدة التي ظلّت تنفق على من يهينونها صبحا ومساء وععلى من يرفض السلام ويتكاثر بتشجيع من مهيجين آملا اجتياح حدود دولة اعترف بها العالم بشرقه وغربه ؟

ألا ننظر للواقع بقليل من الصدق وكفانا عنتريات وشعارات فارغة جلبت الخراب؟


3 - اليك صور من قتلوا في المسيرة السلمية جدا جدا
سيلوس العراقي ( 2018 / 4 / 3 - 21:48 )
وأعلنت حماس وقتا قصيرا بعد اشتباكات يوم الجمعة أن خمسة من الفلسطينيين الذين قُتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي كانوا أعضاء في الجناح العسكري لحركة حماس، كتائب عز الدين القسام. ونشرت الحركة صورا للرجال في ملابس عسكرية ويحملون اسلحة

لمزيد من التفاصيل حول النفاق الفلسطيني اقرأوا هذا الرابط
http://ar.timesofisrael.com/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%AA%D9%87%D9%85%D9%88%D9%86-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%A8%D8%A3%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%AA-%D9%85%D8%B5/


4 - من كان وراء انهيار حركة التحرر الوطني ؟
فؤاد النمري ( 2018 / 4 / 4 - 08:26 )
تقول السيدة فريدة ..
يدفع الشعب الفلسطيني إذن ثمن انهيار حركة التحرر الوطني وتراجع القومية العربية مفهوماً وممارسة
ذلك هو لب الحقيقة
لكن لماذا تسكت فريدة عمن كان وراء انهيار حركة التحررالوطني !؟
من كان أول من طالب بفصل ثورة التحرر الوطني عن الثورة الإشتراكية ؟
أليس هو رفيق فريدة النقاش الأثير خروشتشوف والذي قاد الإنقلاب على الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي
إلغاء الخطة الخمسية الخامسة في سبتمبر 53 بقيادة خروشتشوف كان ذلك الإنقلاب الحقيقي على الاشتراكية
ويدون ثورة اشتراكية لا يكون هناك ثورة تحرر وطني بموجب المبدأ اللينيني
الانقلاب على الثورة الاشتراكية لم تعد تطحن عظام الشعب الفلسطيني فقط بل وعظام الشعب السوري أيضا لكن ليس من قبل الصهاينة بل من قبل الروس أعداء الإشتراكية
حصار غوطة دمشق من قبل المخابرات الروسية ذكرنا يحصار لينينغراد من قبل النازيين

اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على