الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية ذات القطب الواحد و الحرية المطلقة

ماهر رزوق

2018 / 4 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الطفل : أمي ، لماذا لا نأكل الوجبة في المطعم ، لماذا علينا أن نأخذها إلى المنزل ؟؟ في كل مرة نأكلها باردة !!

الأم : كيف سنأكلها في المطعم !!؟ تريدني أن أخلع النقاب و أكشف وجهي أمام كل الناس !!؟

الطفل : .......

لو أردنا دائماً أن نطرح مشكلة (بسيطة_معقدة) كهذه ، فسوف نتوقع تهجم المتشددين علينا ، بحجة أننا علمانيين و نحترم الحريات ، فكيف لا نحترم حرية المرأة المسلمة بارتدائها النقاب !!؟

لكن الأسئلة التي تواجهنا هنا : ما هي حدود هذه الحريات ؟؟ أم أنها مطلقة بلا حدود ؟؟
ثم لو كان الشخص حراً بارتداء شيء ما ، فهل هو أيضاً حرٌ بخلعه ؟؟

لأجيب عن هذه الأسئلة ، سأطرح مثالاً عن كل حالة ، لتبسيط الموضوع و تسهيل وصول الفكرة إلى مستهجنها قبل متقبلها ...

بالنسبة للحالة الأولى التي هي : الحريات المطلقة ... نطرح فكرة الانتحار كمثال ، هل الانسان حرٌ إلى درجة الاستهتار بحياته و قتل نفسه و انهاء وجود جسده (ككيان المادي) و ذلك ، طبعاً ، بحجة الحرية الشخصية ؟؟

نوقشت هذه الفكرة من قبل العديد من المفكرين العرب و غير العرب ، و مؤخراً قرأتها في مقالة قديمة للدكتورة رجاء بن سلامة ، بعنوان : من يمتلك الجسد البشري ؟؟ ، حيث ناقشت فيها كل هذه الأفكار بتفصيل مهم ، فكرة الحرية المطلقة و الحرية ذات القطب الواحد ، تلك التي يمكن ممارستها باتجاه واحد فقط ، كمثل فكرة النقاب (التي تشكل المثال عن السؤال الثاني) فالنقاب يمكن ارتداءه بحرية تامة (حسب ادعاء الاسلاميين) بينما لا يمكن خلعه بنفس تلك الحرية المزعومة !!
إذ كيف يمكن لفتاة لم تتجاوز العاشرة من عمرها أن تكون حرة في خياراتها ؟؟ كيف يقرر الطفل المحاط بأجواء دينية متشددة ، ما هو الرداء الذي يناسبه أو لا يناسبه ؟؟ ثم هل هو فعلاً حرٌ ليرفض كل هذه الأفكار عندما يبلغ سن الرشد ، و يصبح قادراً على التحليل المنطقي و اتخاذ القرارات المناسبة ؟؟

إذا كانت المرأة المذكورة في بداية المقالة تلوم طفلها على دعوته لها للتصرف بشكل طبيعي جداً ، و تناول الوجبة ساخنة في المطعم ، كما بقية الناس ، فماذا نتوقع من هكذا طفل عندما يكبر ؟؟ هل نتوقع منه أن يحترم رغبة أخته و زوجته و بناته ، في خلع النقاب مثلاً ؟؟ مع اعتبار طبيعة المجتمع (الأبوي_الذكوري) الذي يعيش فيه هؤلاء ، و الذي يمنح الرجل الحق كاملاً للتحكم بحياة كل أنثى تربطه بها رابطة دم أو زواج !!

الطفل فعلياً لا يختار ، و إنما يتعرف و يحفظ و يمتص كل ما يقوله والداه و يفعلانه ، و عندما يكبر ، يلاحظ أنه تورط بالالتزام بعادات و أفكار ، فرضتها ثقافة معينة لا تسمح له بتجاوزها و نقدها ، و الخروج عن نظامها الصارم ... فهي تعاقبه بكل الأشكال و الوسائل ، بدء من المقاطعة الكلية ، و انتهاء باستباحة كرامته و عرضه و حتى حياته !!

في النهاية أود أن أنوه إلى أن هذه المقالة ليست نقدا للدين ، أو لعادات دينية محددة ، بقدر ما هي محاولة للدفاع عن الحرية كقيمة إنسانية ... إنها محاولة لفهم بعض التصرفات الشاذة عن أبسط مبادئ حقوق الانسان ، و التي كانت و مازالت تمارس عند عدد كبير من الناس ، و كأنها فعل طبيعي و حرية شخصية ...
فقد تبين لي في الآونة الأخيرة و طبقاً لحالات الطلاق الكثيرة التي حدثت بين العديد من الأزواج العرب اللاجئين إلى الدول الأوربية ، أن تلك الحرية المزعومة ليست سوى خوفاً من المجتمع و صبراً على الظلم و الاستلاب الجسدي و النفسي ريثما تتحسن الظروف الاجتماعية أو تتغير تماماً ، فتكون ردة الفعل قاسية على الأطراف الثلاثة (الزوج و الزوجة و الأولاد) ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت