الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة الاجتماعية في ظروف المناطق الغامضة

ضحى عبدالرؤوف المل

2018 / 4 / 4
الادب والفن


بّلغت ذروة الانتعاش في الحياة الاجتماعية مداها في عصرنا هذا، وما زالت الظروف الجغرافية لبعض المناطق الغامضة تلعب دورها في الحياة، وبدرجات متفاوتة لما تتطلبه من تفصيل للتأثيرات الجغرافية الناتجة عن عدة ايديولوجيات منها النزوح الحالي من البلدان المجاورة، ومن قبل الهجرة من القرى الى المدينة ، والخصائص الفسيولوجية المؤثرة على تمايز الافراد خلال فترات زمنية مختلفة. خاصة تلك التي تجسد الانتقال والهجرة والتغيرات في طبيعة الامكنه والبيئة المرافقة لها ، وتمازج الانسان بها لتحقيق رؤية اوسع للوقائع الحياتية، وضمن الانتقاء الطبيعي المؤثر على الاشخاص، وقوة التكييف مع العوامل التي تساهم بتأمين احتياجاته دون ان تقوض خصوصيته او وجوده الجماعي في الحي او القرية او المدينة ، كجزء مهم في وجوده المتناغم مع محيطه في ظل الظروف غير المستقرة كالانتقال من مكان الى مكان اخر. وتأثيرات الامكنه على الانسان ان من ناحية بؤسها وفقرها او من ناحية تنميتها وقدرتها على خلق التطور المعيشي او البيئي او حتى المعرفي والثقافي .
التفاوت الطبقي في المناطق يقودنا جغرافيا الى البحث عن مفاهيم اساسية لزرع ثقافي منتج يتجلى فيه الوعي الاجتماعي، ولا اريد هنا ان اقول السياسي . لأن الثقافة المناطقية تكشف ما وراء هذا التفاوت وتغذي الوحدة المعيشية بين الجماعات للتغلب على مخاوفها من التأقلم مع بيئات مختلفة تم النزوح اليها او الهجرة نحوها. اذ تعيد تشكيل الفرد، وتنزع عنه الذاكرة من خلال الحصول على هوية مكانية جديدة تفرض عليه انماطا من العيش تجعله يعيداً عن الانتماء او كالمتذبذب بين الفرد والجماعة، للتغلب على تناقضات البيئة التي يلجأ اليها او تلك التي تفرض نفسها. ليتواجد فيها كفرد ناشط ضمن طبقة كادحة تمثل توليفة معقدة يصعب فهمها او اختراقها. لأنها ذات فهم خاص بها من ناحية معيشتها وسلوكياتها وفهمها للحياة ، وهذا يؤثر على وزن الاحياء الفقيرة على الحياة الاجتماعية بشكل عام .
الاحياء العشوائية او التجمعات البشرية ضمن المدن والقرى في المناطق المنسية او الرازحة تحت العبء المعيشي المتدني، والتي تقبع تحت تأثير وظروف معيشة تجعل من غير الممكن تطورها وفق المعايير الانسانية وتوازناتها الطبقية تبعا لاصل الفرد وتكوينه العائلي، والوضع الاجتماعي والثقافي غير المرتبط بالاصل العائلي. فهل تعتمد المعرفة الثقافية على البيئة المكتسبة وفقا للطبقات الاجتماعية .وما هي التصورات الموضوعية الهادفة الى تنمية هذه الطبقات الاجتماعية، ولو بعبارات ثقافية بسيطة من خلال الاعمال الادبية والفنية والانشطة الثقافية في احياء ذات صفة اجتماعية يمكن تطويرها الثقافي من خلال المكتسبات المعرفية وقدرة كل فرد على استيعاب سلوكيات الاخرين ومورثاتهم التي تتناقض مع البيئة الاساسية العامة ..
ان الرموز الاجتماعية والسياسية والاخلاقية وغيرها في اي عمل ادبي هي نتيجة تحليلات لاذواق وقيم فردية تم جمعها من بيئات مختلفة وفق اختلاف الطبقات وقدرتها على التطور، وقبولها للمتغيرات وان بتفاوت في مسار الحياة الاجتماعية نفسها ، تبعا للاماكن التي تكشف عن المستويات البيئية والاجتماعية، والسلوكيات الناتجة عنها لما لها من تأثير فيما بعد على المجتمع بشكل عام . وما الوجود الفطري لانسان ما منذ ولادته الا عوامل بيولوجية ووراثية، ومكتسبات تشكل العوامل الاساسية في تكوين شخصيته فيما بعد التي يمكن اجراء بعض الاضافات التنموية عليها من خلال ثقافات يتم غرسها في هذه البيئة تحديدا التي تشكل صورة تراثية فيما بعد ايضا ، وما الزمن الا تطورات ينبغي ان تترجم نقد المجتمعات لا تأخرها او تقهقرها، مما يؤدي الى كوارث اجتماعية لاحقة بدأنا نلحظ تشققاتها وتصدعات لا يمكن اصلاحها ، الا من خلال العودة الثقافية التي تعتمد على المعرفة قبل التعلم، وعلى ادخال الضوء الثقافي على الاماكن المظلمة او الفقيرة التي تجاهد لتبقى على قيد الحياة.
المناطق الغامضة او الاماكن المبهمة او التسلسل الزمني الذي يضع الشخوص فيها ضمن حركة بشرية تطورية من المفترض انها الجزء الاهم من البناء الاجتماعي في الاحياء الشعبية التي يضعها الروائي تحت منظاره السردي متوسعا بالاستكشاف لفك شفرة المعضلات القائمة الحالية من خلال المقارنات بين الازمنه القديمة والحديثة، وما يرافقها من تطورات للمجتمع المعاصر ضمن النص الدرامي الاجتماعي، واهميته في سرد البؤس او تمثيل المشاهد الحياتية الواقعية المقتطعة من الحياة للفهم الاجتماعي، وفك الغموض الغائب عن أذهان العوالم الاخرى البعيدة عن هذه الامكنه الاجتماعية المظلمة او التي مازالت خلف ستارة مسرح الحياة. حيث تتوسع أشكال المعرفة الاجتماعية في العمل الروائي وتمثيلاته الادبية بشكل اوضح عندما بصبح الكاتب كمراقب اجتماعي او كمستكشف يلقي الضوء على معاناة الاحياء ذات النكهة القديمة لقارىء يغزو هذا الفضاء الروائي، المرتبط بالواقع الاجتماعي الغامض للاخرين، كذلك الهدف الذي يأخذه اليه الروائي لجعل الرواية عبارة عن اداة لمعرفة اجتماعية قديمة ومعاصرة .

ان العرض التاريخي لمسار عائلى في حي شعبي ما هو الا تفسيرات لظواهر شروخات عائلية تبدأ منذ الولادة ولا تنتهي . اذ تتوارثها الاجيال، فإما ان تنهض بها او تبقىها في الحضيض ، فالعائلة في كل زمان ومكان هي مجموعة افراد وحدهم الانتماء او فرقهم اللانتماء، وما هو قائم اليوم ستكون نتائجه السلبية او الايجابية غدا ، فمسألة العائلة في الاحياء المنغلقة او الفقيرة او العشوائية ، ليست مسألة فردية وانما مسألة ثنائية وتنتقل الى مرحلة الجماعة قبل التكوين وبعده، وما المشاهد الاجتماعية في الروايات من" نجيب محفوظ" الى الروائية الاميركية "توني موريسون "والروائي الهندي "ارافيندا اديغا" وحتى الفرنسي "بلزاك" قديما . سوى مشاهد من الحياة الاجتماعية التي تدفعنا الى البحث عن حلول، لانها توضح المشهد الاجتماعي الذي يرسم المعاناة والاحتياجات عبر الدخول الى اماكن غير مستكشفة اجتماعيا او الرازحة في زوايا ما بعد الحروب او المناطق التي تعرضت للدمار، ومن ثم اصبحت منطقة تنتظر عودة من هجرها ، وضمن الواقع المرير الذي فرض وجود بعض النصوص الروائية. لتكون سؤالا مفتوحا اين هذه المناطق من العالم المعاصر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما