الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اكتشاف كنز معرفي اجنبي في مدينة الناصرية

عباس ساجت الغزي

2018 / 4 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اكتشاف كنز معرفي اجنبي في مدينة الناصرية
(10) آلاف كتاب باللغة الانجليزية من امهات مصادر التاريخ والادب الامريكي والروسي .. وغيرها.
"التبرع بالكتب مقابل ان توضع في مكتبة رسمية تليق بالموروث العلمي وتحمل اسم المتبرع".
"المتبرع .. المدينة خذلتني ولم تقدم لي شيء لكن قررت ان اقدم لابنائها عصارة عمري الذي ناهز (75) عاماً"
ما ان انطلق مشروع المكتبة العلمية لحملة الشهادات العليا في مدينة الحرف الاول حتى بان جُود وكرم مجانين وعشاق الكتب في التسابق لاثرائها بمختلف ينابيع المعرفة من امهات الكتب.
في خضم تلك البركة الالهية في دعم الحركة العلمية في المدينة توالت الزيارات والاتصالات لغرض التبرع بالكتب المعرفية المتنوعة لرفد المشروع العلمي الكبير, ورغم التنافس والتسابق في بذل المقتنيات الغالية والنفيسة من امهات الكتب والرسائل الورقية والاقراص المدمجة الا ان هنالك حديث فريد من نوعه توج بالحصول على قرابة (10) آلاف كتاب باللغة الانجليزية من امهات مصادر التاريخ والادب الامريكي والروسي والتي تعتبر من نوادر الكتب في طبعتها الاولى سنة اصدارها.
قصة اغرب من الخيال في مدينة انهكتها الحروب والصراعات وعدم استتباب الوضع الامني لسنوات طوال, وضيق العيش الذي دفع بأهلها ان يقوموا ببيع كل ما في متناول ايديهم من اجل ان يقتاتوا وعيالهم, لكن بطل القصة قرر وعياله ان يلوك الصبر خبزاً على ان يفرطوا بكتاب واحد.
في اتصال هاتفي علمنا بان هناك رجل لديه الرغبة للتبرع بمكتبة تحوي اكثر من ألف كتاب باللغة الانكليزية .. من هنا بدأت القصة, وما منحها أثارة الانتقال الى المكان برفقة فريق من المحافظة ومديرية الشؤون الادارية والمالية ومديرية التربية ورابطة حملة الشهادات العليا لنلتقي بالاستاذ "سامي شياع سفيح" من مواليد (1943) مدرس اللغة الانكليزية خريج جامعة بغداد/ كلية التربية للعام الدراسي 1966.
يسكن بطل القصة منزل بسيط على طراز البناء الناصري القديم تفوح من ثنايا جدرانه القديمة الرطبة والاثاث الخشبي السبعيني رائحة التاريخ وصراع البقاء شامخاً بالعنفوان رغم مرور الزمن ونظريات التقادم.. اللطيف ان احد المكتبات الخشبية التي تحمل الكنوز كان قد اشترها والد بطلنا بمبلغ (3) دنانير عراقية.
كانت المكتبات الخشبية مغطاة بقطع من القماش الابيض للحفاظ على الكتب من الغبار والاتربة, في المكان يوجد ايضاً صناديق كارتونية بأحجام مختلفة ومرزومة بالشكل غير المنتظم تحوي اعداد كبيرة من الكتب المتنوعة الاشكال والاحجام.
كان بطل قصتنا يجود بنفسه في التنقل للترحاب, يقدم العصائر والماء في دلالة كبيرة على حسن الخلق وكرم الضيافة, وما ان استقر بنا الحال حتى رفع غطاء المكتبة القريبة من مكان جلوسنا والتي تضم (400) كتاباً قائلاً:
"لدينا هنا.. (24) مجلداً تمثل تاريخ وادب الولايات المتحدة الامريكية من بداية وجودها حتى العصر الحديث وتعتبر من امهات الكتب التي نشرت آنذاك وتعتبر مصادر ومراجع".
ثم التفت الى مكتبة خشبية صغيرة (مربعة الشكل), وامسك بأحد المجلدات التي بدت نظيفة كأنها طبعت اليوم وقال: "مجلدات من الادب الروسي (امريكية المنشاْ)"..
انتقلنا الى غرفة مجاورة فيها مكتبة خشبية كبيرة مزججة.. قائلاً: "هنا ثلاثة آلاف كتاباً فيها قمم العالم؛ فيودور دوستويفسكي Fyodor Dostoevsky (1821 ـــ 1881) روائي وكاتب قصص قصيرة وصحفي وفيلسوف روسي .. واحدٌ من أشهر الكُتاب والمؤلفين حول العالم) مشـرح الــــروح ( The Morgue of the Soul).
توماس هاردي Thomas Hardy (1840 ــ 1928) روائي وشاعر إنجليزي، وكاتب واقعي من العصر الفيكتوري.. كان متأثرا بالرومانسية، خاصة بالكاتب ويليام وردزورث.
إرنست ميلر همينغوي Ernest Hemingway (مواليد الولايات المتحدة الامريكية 1899 ــ 1961) كاتب أمريكي يعد من أهم الروائيين وكتاب القصة الأمريكيين كتب الروايات والقصص القصيرة لقب بـ "بابا".
"A Farewell to Arms Ernest Hemingway"
"For Whom the Bell Tolls Ernest Hemingway"
هوميروس Homeric شاعرٌ ملحمي إغريقي أسطوري يُعتقد أنه مؤلف الملحمتين الإغريقيتين الإلياذة والأوديسة "The Iliad and Odyssey" ترانيم هوميروس "مجموعة من ثلاثة وثلاثين تراتيل يونانية قديمة مجهولة تحتفي بالآلهة الفردية الأناشيد هي "هومريك" بمعنى أنها تستخدم نفس المقياس الملحمي - وهو الهيكساميتير dactylic hexameter - مثل الإلياذة والأوديسة ، وتستخدم العديد من الصيغ المماثلة ويتم صياغتها بنفس اللهجة.
جون أوهارا John O Hara كاتب أمريكي ولد في مدينة بوتسفيل بولاية بنسلفانيا وتوفي في برنستون في ولاية نيوجرسي (1905 ــ 1970).
السير كومبتون ماكنزي Compton Mackenzie ولد إدوارد مونتاجو كومبتون ماكنزي (17 يناير 1883 - 30 نوفمبر 1972) كان كاتبًا اسكتلنديًا مبتدئًا باللغة الإنجليزية ، ومن سيرته الذاتية كان أحد المؤسسين للحزب الوطني الاسكتلندي جنبا إلى جنب مع هيو في عام 1928.
ديفيد هربرت لورانس D. H. Lawrence أحد أهم الأدباء البريطانيين في القرن العشرين, تعددت مجالات إبداعه من الروايات الطويلة إلى القصص القصيرة والمسرحيات والقصائد الشعرية والكتابات النقدية ومن أشهر أعماله عشيق الليدي تشاترلي.
وكثير من كتب جيكوف, هاميروي, اشتاين, اوهارا (بالقصص القصيرة), هورزديباك 1960, هامنك وي الذي يكتب في الحرب الاهلية الاسبانية خلال فترة عشرة سنوات (For Whom The Bills Tulle ), وكذلك في ايطاليا اثناء الحرب الاهلية.
استغرق وقت جمع الكتب (10) آلاف كتاباً التي قررت ان اتبرع بها قرابة (60) عاماً, واتخذت قرار التبرع من اجل ابناء مدينتي العزيزة التي اعشقها حد البكاء حين كنت في الجزائر واليمن وامريكا ودول أوربا, وتحقيق الهدف في عمل منجز يخلد اسمي من خلال اقامة مكتبة معرفية تحفظ الموروث وتحمل اسمي.
اعلم يا أبني.. أن عظمة الولايات المتحدة الامريكية بمكتباتها وجامعاتها العلمية الرصينة, ويال حسرتي على بغداد الحبيبة كان فيها اكثر من (18) مكتبة زاخرة بالمصادر الانكليزية لغاية زمن النظام البائد, وبعدها لم تعد تجد كتاباً للطفل لتقرأ في المكتبات.
بني.. سأغادر الى الولايات المتحدة هذا الاسبوع, قد تم تكليفي بأعطاء تقارير ومحاضرات في الجامعات الامريكية عن حضارة العراق واللغة العربية في العراق باللهجات العراقية؛ الكوردية, المصلاوية, البغدادية واللهجات الجنوبية .. وجميع المدن العراقية بأعتبار اني قد عملت في مهمة تدريس اللغة الانكليزية في العراق.
وصيتي.. ان تجد الثروة العلمية مكاناً مناسباً يليق بأهميتها العلمية وقيمتها التاريخية, وان يخلد اسمي على جدران ذاك المكان فقد افنيت عمري بجمعها والحفاظ عليها, حتى اني كنت اشترط على كل من يرغب استعارة كتاب من زملائي وطلبتي "ان يعيد الكتاب المستعار دون ان يضع نقطة او خط على احدى صفحات الكتاب والا فانه يفقد الاحترام امامي ولن اعيره كتاب مستقبلاً".
هنا .. اوضح رئيس الوفد الزائر المستشار رزاق كشيش الغزي قائلاُ: "اعتقد ان المكان الطبيعي والمناسب للأرث المعرفي هي دور المعرفة والمكتبات التي تقوم التربية والتعليم بترتيبها وتنظيم عملها", واضاف "نقبل يديك التي جمعت تلك الكنوز, وجبهتك التي حملت العلم نبراساً وهموم المدينة وابنائها واجباً وطنياً وانسانياً طوال عمرك".
هنا طأطأ الرأس بطل قصتنا (سامي شياع سفيح) قائلاً: المدينة .. الناصرية لم تكافئني بل ظلمتني كثيرا", اذكر في زمن شاكر دعير كنت مشرف تربوي حينها تشاجرت بسبب التدخل في العمل والاملاءات آنذاك وما كان مني الا ان قمت دون شعور بضرب احدهم بـ "القندرة" وكانت حادثة كبيرة نقل على اثرها ذاك الشخص الى السماوة, وقاموا بأعادتي الى التدريس من جديد.
كما انتقد بطلنا منح الشهادة الجامعية في بعض الكليات غير الرصينة, واصفاً الشهادة فيها بأنها لم تعد لها قيمة.. موضحاً "كيف لك ان ترى صاحب شهادة ماجستير لا يستطيع اعادة جملة تقرأ امامه باللغة الانكليزية, وحين اسال ذاك الشخص؛ عن الشهادة الجامعية التي حصل عليها في اللغة الانكليزية.. تاتي الاجابة: من الهند".
للحديث بقية .. حين عودة بطلنا من السفر.

عباس ساجت الغزي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة