الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رقابة عبثية .. في الفضاء الفسيح

إبراهيم رمزي

2018 / 4 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مما قرأت اليوم:
وضع عامل سلا (محافظ مدينة سلا) دعوى قضائية استعجالية، ضد المطبعة التي طبعت كتاب: "صحيح البخاري نهاية أسطورة" للكاتب: رشيد أيلال.
وأصدرت المحكمة قرارا استعجاليا بحجز جميع الكتب المطبوعة، والنسخ التي هي قيد الطبع، مع شمول القرار بالنفاذ المعجل، وذلك بحجة: أن الكتاب المحجوز يمس بالثوابت الدينية والأمن الروحي للمغاربة - حسب منطوق الحكم -.

العالم قرية صغيرة ووسائل الاتصال قصّرت المسافات، وقفزت فوق الحدود والحواجز.
بالأمس كنا معلبين، نفتح أعيننا وآذاننا على: صحيفة الحاكم، وإذاعة الحاكم، وتلفزيون الحاكم، وخطب الحاكم، وأنشطة الحاكم، وتصرفات أعوان الحاكم ..
الآن أصبح العالم بين يديك .. بضغطة زر تتنقل في أنحائه .. وتتعرف على أخباره: الرصين ـ منها ـ والمائع، .. الجدّي والهازل، .. الباني والهادم .. الصادق والكاذب، .. لم يعُد شيء يَخفى .. كل صاحبِ هاتفٍ صار يزاحم كاميرات المراقبة في ممارسة التوثيق والتسجيل .. وويل لمن ضبط متلبسا بسلوك مشين.
من الأمثال المغربية الدالة على سهولة انتشار "الأنباء/ المعلومات" كانتشار البخور: (ريال ديال الجاوي يبخَّر مدينة) .. وقياسا عليه، يمكن القول: خبر واحد يبخر العالم. ولك أن تضع مكان "خبر" أي كلمة تشاء: رسم، .. صورة، .. مقال، .. كتاب، .. خطاب، .. تصريح، ..
صارت المعلومات قريبة المتناول، وصارت المقالات والكتب الإلكترونية تحاصرك من كل حدب وصوب، تعرضها عليك مواقع اختصت في منحى معرفي معين، أو لها مناحي اهتمامات متعددة. فأين ذلك من فترة كنا نقصد فيها المكتبات العامة، نمضي الساعات وأعيننا مدفونة في الأوراق، وقد نحصل على مبتغانا، وقد نخيب .. لنبدأ الكرة من جديد ..

ولهذه التكنولوجيا عدد من المزايا، منها:
*إسقاط سلطة الرقيب، وحجره على الأفكار،
*تخطّي الحدود السياسية، والمعرفية، والتنميطية،
*سهولة الاطلاع على مختلف الإنتاجات الإبداعية والمعرفية .. قديمها وحديثها .. التقليدي منها والمجدِّد، .. المروَّض والمتمنِّع، .. المسبِّح بها والعازف، ..
*كشْف ممارسات سدنة هياكل الوهم، وتربّحهم على حساب المريدين والأتباع وكل السائرين في ركاب القطيع.

ولها مساويء، منها:
*تسويق الضلال والوهم في صورة الهداية، بحجج سوفسطائية.
فكم من حق أضفي عليه الزيف، وكم باطل لُوِّن بالخداع والتدليس.
ولا ينقذك من التيه إلا المِراس وتنويع مصادر الاطلاع، ثم المقارنة وإعمال العقل .. فالبقاء للأصلح.

وبرجوعنا إلى الخبر الذي انطلقنا منه، نتساءل:
*هل اطمأن عامل سلا على تحصين الثوابت الدينية والأمن الروحي للمغاربة – بعد حكم المحكمة -؟
*هل كانت مبادرة العامل انفرادية وشخصية، تتجاوز تبعيته لسلطة وزير الداخلية؟ أم كانت بإذن من وزيره؟
*ولماذا لم يتخذ هذه المبادرة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية؟ أو أحد المجالس أو الهيئات "العلمية" التابعة له؟
*ما موقف المناوئين للكاتب رشيد أيلال، من الكتب التالية، والموجودة – كنماذج- بالمجان على الشبكة:
جناية البخاري – زكريا أوزون
جناية قبيلة "حدثنا" – جمال البنا
أكثر أبو هريرة – مصطفى بوهندي
شيخ المضيرة أبو هريرة – محمود أبو رية
وهناك المئات من الكُتّاب في مختلف المواقع والمدونات قتلوا الموضوع بحثا وتشريحا ومناقشة وتعليقا .. وما زالوا ينبشون في حفريات المحدِّث وتجريد لُقاه .. لكشف "قيمة" مخلّفات البخاري.
فهل قرأ المناوؤون واحدا من هذه الكتب وحكموا بمنعها حماية للثوابت ... إلخ؟ أم هم محجمون لدرايتهم بخوض مناوشات دونكيشوطية؟

*أمَا يزال للرقابة والمنع دورٌ حقيقي في حياتنا؟ أم هي عجاج يثار لتعمية العيون، قبل انجلائه، وخبوّه، وعلى إثره تظهر الحقيقة عارية.
الشبكة العنكبوتية "حمّالة أوجه"، تتجاوز سلطة الرقيب في هذا البلد أو ذاك. بل إن الرقيب "يستحق" الشكر حينما "يَمنع" فيصبح المنع دعاية للممنوع، وكل ممنوع مرغوب فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح