الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض من اسرار حركة 14 تموز 1958

وليد يوسف عطو

2018 / 4 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعض من اسرار حركة 14 تموز 1958

يجزم العقيد محسن الرفيعي في مذكراته المعنونة (انا والزعيم ),حيث كان يشغل منصب مدير الاستخبارات العسكرية في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم ,بان الزعيم عبد الكريم قاسم لم يكن ينتمي الى اي حزب سياسي .وكان شخصا مسلما ملتزما يؤدي فروضه الدينية من صوم وصلاة ويؤدي الزكاة ويكثر من قراءة القران الكريم ويساعد الفقراء .

وقد روجت اذاعة صوت العرب من القاهرة زمن الزعيم عبد الناصر لاكذوبة شيوعية الزعيم عبد الكريم قاسم واعطته اسما حركيا هو ( مطر ).وقد استدعى عبد الكريم قاسم مدير الامن العام عبد المجيد جليل ومدير الاستخبارات العسكرية العقيد محسن الرفيعي وقال لهما :

( يامحسن وانت ياعبد المجيد انتبها جيدا لما ساقوله لكما ,كان الشيوعيون في العهد الملكي يعملون وهم في السراديب ,وقد اتيحت لهم الفرصة بعد الثورة للعمل العلني ,فقد اخرجتهم انا من تلك السراديب ,وهم الان معروفون لاجهزتكم ,وانني امركم بان تقوم اجهزتكم بمكافحتهم ).
في اوائل العام 1963 وبينما كان محسن الرفيعي في غرفة الحاكم العسكري اللواء احمد صالح العبدي , دخل الزعيم عبد الكريم قاسم فوجه كلامه مباشرة الى العقيد محسن الرفيعي :
( يامحسن , الم اطلب منك نقل محمد حسين المهداوي من مديرية الاستخبارات العسكرية ؟) فاجابه الرفيعي قائلا :
(سيدي الزعيم انت تعرف انني قومي العقيدة وكنت منتظما قبل ثورة 14 تموز 1958 في صف القوميين , ثم اوقفت نشاطي بعد الثورة مباشرة , ولا يزال الحس القومي يجري في عروقي وسابقى كذلك , ولهذا السبب لاتطاوعني نفسي وانا اقولها بكل صراحة ان اسخر الجهاز الذي اراسه لمحاربة القوميين , في حين ان الشيوعيين من الضباط لايزالون في مناصبهم كالزعيم جلال الاوقاتي قائد القوة الجوية والعقيد طه الشيخ احمد مدير الخطط العسكرية والعقيد فاضل المهداوي رئيس المحكمة العسكرية الخاصة والعقيد ماجد محمد امين المدعي العام والعقيد وصفي طاهر المرافق الاقدم لسيادتكم وغيرهم الكثير ).

وطلب الزعيم عبد الكريم قاسم من العقيد محسن الرفيعي ان يقدم مقترحاته , فاقترح على عبد الكريم قاسم ان يقوم بجمع هؤلاء الضباط كما فعل جمال عبد الناصر وتبليغهم ان مصلحة العراق تقتضي بان يكون الجيش بعيدا عن السياسة وان الحقبة الانتقالية ستنتهي قريبا ,والشروع بانتخاب اعضاء المجلس الوطني سيكون قريبا , بل وقريبا جدا .

لذا فعلى من يرغب بممارسة السياسة ان يترك الجيش ,وهو حر في ان يمضي في الطريق الذي اختاره .اما من يفضل البقاء في المؤسسة العسكرية فعليه الابتعادعن السياسة ,واذا ثبت استمراره بالعمل السياسي فستتم ملاحقته قانونيا .فوافق الزعيم على مقترحه وطلب منه قائمة باسماء الضباط وقدعلم الرفيعي فيما بعد انه تم عرض مقترحه على قائد القوة الجوية جلال الاوقاتي فرفض ذلك المقترح .وقد قام محسن الرفيعي باعداد قائمة بالاسماء المطلوبة وسلمها الى الحاكم العسكري العام الذي احتفظ بها حتى يوم الانقلاب العسكري في الثامن من شباط 1963 , وعثر عليها في حيازته عند القاء القبض عليه .

عندما كان الرفيعي معتقلا في السجن رقم (1 )بعد الانقلاب العسكري في 8 شباط 1963 طلب منه الحضور الى الهيئة التحقيقية المنعقدة في مقر اللواء التاسع عشر في معسكر الرشيد في بغداد . وقد كانت القاعة مكتظة باركان حكومة عبد الكريم قاسم , ومن بينهم مدير الامن العام ووزير المعارف اسماعيل العارف وحامد قاسم شقيق الزعيم عبد الكريم قاسم .

وعند دخول الرفيعي غرفة الهيئة التحقيقية وجد فيها ثلاثة اشخاص , كان احدهم اللواء احمد صالح العبدي الحاكم العسكري العام ,اما الشخصان الاخران فاتضح له فيما بعد ان احدهما هو رئيس الهيئة التحقيقية والثاني عضو الهيئة . وقد اجلس رئيس الهيئة التحقيقية الرفيعي امامه وقدم له سيجارة . وبعد برهة من الزمن عرض على الرفيعي قائمة باسماء الضباط هي نفسها التي اعدتها مديرية الاستخبارات العسكرية وقدمها الرفيعي في حينه الى الحاكم العسكري العام .

وقد عرف رئيس الهيئة التحقيقية بنفسه للرفيعي بانه علي صالح السعدي امين سر حزب البعث العربي الاشتراكي ونائب رئيس الوزراء , والشخص الاخر هو حازم جواد وزير الاعلام .بعد ذلك اجاب الرفيعي عن سؤال صالح السعدي بخصوص قائمة الضباط .بعدها خرج علي صالح السعدي مصطحبا محسن الرفيعي ونادى على الضابط الذي اقتاد الرفيعي ابتداء من السجن وبصوت جهوري قائلا له ( بلغ مدير السجن باسمي بان يعتني بشؤون العقيد محسن , اذ سيطلق سراحه بعد ايام معدودة ).

وهذا ماحصل فعلا .وكان يتردد على الرفيعي في السجن العميد الطيار حردان التكريتي .

قضية كاظم العزاوي

القت اجهزة الامن العامة القبض على شخص يدعى كاظم العزاوي بعد مراقبته بدقة ,بتهمة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم , وبترتيب من مدحت الحاج سري . وتمت احالته على المحكمة العسكرية الخاصة . وبعد عدة جلسات من المرافعة نودي عليه , وقدمه رئيس المحكمة المهداوي قائلا :
( ان المتهم قد استيقظ ضميره, وسيدلي باعترافات جديدة ). وبدا المتهم كلامه ( ان مدحت الحاج سري المشرف الذي يقف وراء عملية الاغتيال اخبره بان كلا من رئيس مجلس السيادة والحاكم العسكري العام ومدير الشرطة العام ومدير الاستخبارات العسكرية متفقون معه ومشاركون في مؤامرة الاغتيال ,وان مدحت فاتح الشيخ حبيب الخيزران رئيس عشائر العزة بالاشتراك في العملية, الا ان الاخير رفض ذلك بدعوى ان الزعيم رجل وطني وانه لايوافق على اغتياله).وكان الاجراء القانوني في مثل هذه الحالات القاء القبض على كل الاشخاص الذين وردت اسمائهم في هذه الافادة .

وحتى لاترتبك عائلة الرفيعي فقد قرر ترك الدائرة والذهاب الى منزله , حيث وجد الكثير من اقاربه في الدار وهم في حالة ارتباك . وفي اليوم التالي ظهرت الصحف الشيوعية بعناوين بارزة وباللون الاحمر تعلن ان الاسماء المذكورة اسمائهم متامرون وضالعون مع مدحت الحاج سري والعزاوي في عملية اغتيال الزعيم .

وعند ذهاب الرفيعي الى مديرية الاستخبارات العسكرية رن الهاتف السري , وكان المتكلم مدير الامن , وهو في حالة عصبية جدا لما حدث يوم امس .فترجاه الرفيعي الحضور الى مديرية الاستخبارات العسكرية .واعقبه بعد ذلك مدير الشرطة العام للغرض نفسه .وعند حضورهما توجه الجميع الى مكتب الحاكم العسكري العام , وتوجه الجميع بصحبة الحاكم العسكري العام لمواجهة الزعيم عبد الكريم قاسم الذي استقبلهم بابتسامة ساخرة , وصادف ان كان المهداوي في غرفة المرافق الاقدم وصفي طاهر , فطلب الزعيم حضوره , وحال دخوله بادره الزعيم عبد الكريم قاسم قائلا :

( انت تبقى زمال ؟ ماذا تفوهت بالمحكمة مساء امس , تؤيد اقوال كاظم العزاوي عندما يفتري على المخلصين وتصف ذلك باستيقاظ الضمير ؟عليك اليوم ان تعقد جلسة وتصحح ماتفوهت به بالامس ).والتفت الينا قائلا :
(ان ماقيل عنكم في المحكمة يوم امس قد ينفعكم في المستقبل ). وهو ماحصل فعلا .
ختاما يقول الرفيعي في مذكراته ان كاظم العزاوي قد تم اجباره على تقديم شهادة زور بالاكراه من قبل المدعي العام العقيد الركن ماجد محمد امين .. ص 56

مقالات ذات صلة :

مقالتنا ( بعض الخفايا في حركة 14 تموز 1958 ) والمنشورة على الرابط التالي :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=595336








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرفيق جيفارا ماركس المحترم
وليد يوسف عطو ( 2018 / 4 / 17 - 17:44 )
اهلا بك في بيتك الثقافي ..

نعم كلامك صحيح الى حد كبير ولكن ..

منطقة الشرق الاوسط لاتقع ضمن النفوذ السوفييتي لهذا كان على الحزب الشيوعي

التفاهم مع الاحزاب الاخرى من اجل اقرار دستور دائم وانتخابات وانتقال سلس للحكم

والعمل على ابعاد الجيش عن السلطة والتركيز على مهمات التحرر الوطني الديمقراطي

وليس الاقتتال بينم الاحزاب التي تعاونت من اجل اسقاط النظام الملكي

ختاما تقبل وافر مودتي وتقديري


2 - قاسم 1
بارباروسا آكيم ( 2018 / 4 / 17 - 23:44 )
تحية طيبة..
بالنسبة لقاسم فمن مميزاته
1 . إستقلاليته حيث إنه لم ينتمي لأَي حزب سياسي
بل و قد أثبتت الكثير من الوقائع إن الرجل حاول أن ينأى بالبلد عن أجواء الحرب الباردة ، وحتى أجواء الإستقطاب في صفوف القوميين الفوضويين

2 . نزاهة الرجل و نضافة يده ، حيث إنه لم يستفد من منصبه بأي شكل ( مادي )
وهذا الأمر شهد به أعدائه قبل أصدقائه
أَما بالنسبة لفترة حكمه فأنا واثق لو إن الرجل عرف الفوضى التي ستحصل بعده ، لما خطى تلك الخطوة

مشكلة الناس إنها تقرأ تاريخ قاسم بوجهين
فهو _ أي قاسم _ إما ملاك و إما شيطان !
والحقيقة ليست لا هذه و لا تلك
الرجل بالفعل مَثَّل الشخصية العراقية بكل تناقضاتها الصارخة خير تمثيل
فهو المتدين الذي أغضب رجال الدين
وهو العسكري الذي يريد تأسيس حياة دستورية
وهو النزيه الذي يجمع حوله أقاربه
وهو الذي ينزل عقابه بحق من لا يستحق العقاب و يعفوا عمن لا يستحق العفو
فهذا هو قاسم ابن العراق البار


3 - قاسم 2
بارباروسا آكيم ( 2018 / 4 / 18 - 00:00 )
قضية أُخرى لاحظتها بخصوص قاسم ( تحديداً ) في الأوساط الشيعية الشعبوية
وهي تحويل عبد الكريم قاسم إلى مايشبه القديس
ودائماً ما تكون هناك محاولة لتصوير عملية الإطاحةب قاسم وكأنها نتاج بيئة سنية صرفة !!

مع العلم نبض الشيعة كان مع عبد الناصر
واول مؤسسة دينية هاجمت قانون الإصلاح الزراعي وقانون الأحوال الشخصية كانت المؤسسة الشيعية
وكان رجال الدين الشيعة أصدقاء القوميين العرب من عارف و ناصر
فهذا محسن الحكيم كان صديقاً لعارف
وموسى الصدر كان صديقاً لعبد الناصر
وفي مقابل استقطاب الشيعة لصف القوميين الفوضويين
قام عبد الناصر بإعتبار الشيعة ولأول مرة في التاريخ بأنهم طائفة إسلامية
وذلك عن طريق الفتوى التي أصدرها الشيخ شلتوت في الأزهر
كل هذا كان من أجل دغدغة العواطف و التحريض على الأنظمة التي كانوا يصفونها بالقطرية و الشوفينية

تحياتي و تقديري


4 - الاخ بارباروسا اكيم المحترم
وليد يوسف عطو ( 2018 / 4 / 18 - 00:49 )
شكرا على مرورك وتعليقك على مقالتي

اتفق في الكثير من النقاط معك

هنالك الكثير من الاختلافات في التحليل حول شخصية قاسم ولكم

انا هنا لااقدم وجهة ةنظري الشخصية بل استعراضا لكتاب الرفيعي وهو المقرب من قاسم

ختاما لكم مني وافر الود والتقدير


5 - الرفيق جيفارا ماركس من الفيسبوك
وليد يوسف عطو ( 2018 / 4 / 25 - 15:10 )
شكرا لتعليقك على مقالتي
الموضوع طويل وشائك ربما نتعرض له في المستقبل

دمتم بخير دوما

اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟