الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكون الواسع والعقول الضيّقة 2

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2018 / 4 / 19
الطب , والعلوم


الكون الواسع والعقول الضيّقة 2
د.مؤيد الحسيني العابد
لقد تلقّى نموذج التوسّع الكونيّ تأكيدا مذهلاً من خلال إكتشاف خلفية الموجات الدقيقة الكونيّة. لقد قام كل من ارنو بيزنياس وروبرت ويلسون الفلكيان المتخصصان بالاشعة الراديوية في مختبر بيل في الولايات المتحدة الامريكية ما بين عامي 1964 و 1965 قاما بعدّة دراسات لرسم خريطة لمصادر الاشعة الراديوية الموجودة في مجرة درب التبانة وحول المجرات القريبة. فقد لاحظوا من خلال التلسكوب الذي يتابع الموجات من داخل المجرة. وكان الاشعاع قد بدا موحّد الخواص او ايزوتروبي وكانت الاشارات قوية بنفس القدر في اتجاهات متعددة. من المسائل التي لعبت دورا مهما في مجال الدراسات المستمرة حول اتساع الكون هي السؤال: لماذا يكون أو ينبغي ان يكون الكون متجانساً ومتكافئا تقريباً؟ وهذه المسألة وكثير من هذه الاسئلة تركت الكثير من الاستفهامات فيما يتعلّق بالنموذج المتعلّق بالتضخّم الكونيّ. ونحن نزيد عليها مسألة مهمّة وحسّاسة فيما يتعلّق بالزمن ووجوده ونشأته التي رافقت وترافق الأحداث والتي قام العلماء بالحديث عنه وعن تأثيراته من خلال غيره لا من خلال ذاته كما اشرت في اكثر من مقالة. وهذه المعضلة (معضلة فهم وادراك الزمن بذاته) قد أرّقت العلماء وبالذات علماء الفيزياء النظرية وجماعة الدراسات النظرية المعمّقة في ميكانيك الكمّ لوضع صورة كاملة عن هذا المختبيء وراء الأشياء ويرافقها في كلّ حدث!! وعندما نتحدث عن الكون واتساعه وانكماشه هل يحدونا الامل في الوصول الى مفهوم مستقل الى الزمن من خلال السلوك المدرك له؟ اي مثلا لو اتّسع الكون مستمرا في اتساعه هل يسبق الزمن حركة الاتساع او يتأخّر عنها؟ هل بالامكان طيّه ورؤية المستقبل من الجهة الاخرى او طي المستقبل لنراه من خلال الحاضر ان كان هناك فرق في سرعة الاتساع او الانكماش عن الزمن لو عزلناه عن المرافقين (السرعة والمسافة)؟ خاصّة وان هوكنز الذي ودّعناه الى عالمه الاخر الذي لا يعتقد بتفاصيله! تطرّق مليّا الى الزمن فيما ذكرناه من تساؤلات ولو بشكا آخر من التساؤل!
لقد أبعدنا انشتاين عن عالم البديهيات النيوتونية بشكل كبير لكنّه لم يستطع ان يلغي بديهياته تماماً، اقول ابعدنا هذا الرجل لكنّنا ما زلنا نعتمد على اساسيات منها العلاقات المهمة ما بين الزمن ومرافقاته الاخرى! ومن حقنا نتساءل عن زمن الاتساع من اي صنف من اصناف الزمن؟ اي هل زمن الاتساع ونحن ادركناه وندركه يختلف عن ذلك الزمن الذي لم ندركه ولن ندركه من خلال نظريات الانكماش الذي لم يحدث لنعرف ان زمن المرافقة هو هو؟ حيث لو فهمنا الزمن بمطلقيّته لعرفنا ما نوع الزمن القادم ومن اي عنوان هو (أو هي!!). اذا تباطأ الكون في حركته ليتهيا للانكماش كيف نفهم هذا المرافق في لحظة التوقّف ولو لاجزاء لا تدركها كل الرياضيات المتوفّرة عندنا! اذا ما عرفنا ان التغيير سيكون بعناوين اخرى منها تباطؤ يتناسب مع كثافة المادة في هذا الكون. ربّما لا يدرك هذا القول عدد من اهل الفيزياء انفسهم لكنّني اقول ليكن ذلك! فمن حقّ اي انسان ان يقول كلمة، خاصّة وانّ الكثير ما يدرّس ويبحث في الفيزياء لم يصل به الانسان الباحث لاي نتيجة، منها الزمن وكيفية ايجاد المعنى الصحيح الذي يتناسب فيه المعنى العلمي والفلسفي وغير ذلك(!)
لقد مرّت على الفيزيائيين العديد من المشاكل العلمية المهمّة، لكنّ لم يستغرق حلّ الصعوبات وقتا مثلما استغرق وقت الحصول على معان وتفسيرات مهمة حول الثقب الاسود! والتي كانت وتكون حاليا من المسائل التي يمكن ان تساعدنا في حل الكثير من الالغاز حول الكون وما يتعلّق به من محن البحث والاستقصاء! ففي غضون أشهر من نشر معادلات ألبرت أنشتاين النسبية العامة في عام 1915 ، استمد كارل شوارزشيلد أول حل غير مسبوق للمعادلة، فيما يتعلّق بزمكان الثقب الأسود. منذ ذلك الحين، وبدأت حالات من التناقض في مسائل طريفة في هذا الجانب، هل لمجتمع الفيزيائيين حب أو كراهية للوضع المتعلّق بالثقب الاسود، وبقيت الاسئلة والمراوحة بين الحب والكراهية قرابة نصف قرن قبل أن يتم اعتبار الوضع حوله ليس أكثر من مجرد فضول رياضي. بينما اليوم يتم قبول وجود الثقوب السود على نطاق واسع، ودراسات معمّقة ترافق الباحثين لاهمية دراستها كما قلت من جهة العلاقة بالكون عموماً،لكنه في بعض الامور لا يزال الثقب الاسود محيراً في امور عديدة. منها ما يتعلّق بمعظم محاولات توحيد نظرية المجال الكمي والنسبية العامة، حيث تظهر مفارقات يصعب حلها.
من الناحية الشكلية يمكن اعتبار الثقب الاسود عبارة عن زمكان فراغيّ مع التركيز الهائل لكل كتلة المادّة في منطقة متناهية في الصغر تقع في مركز ذلك الثقب. ففي مسافات كبيرة من التركيز لتلك المادة تتصرّف حقول الجاذبيّة مثل أي جسم أو كائن آخر. ومع ذلك، فإن الثقب الأسود يكون محاطاً بسطح افتراضي، يسمى أفق الحادثة، لا يمكن لأي شيء أن يهرب منه (أي من ذلك السطح)، ولا حتى الضوء.
للثقب الاسود بعض الخصائص منها ما يعرف باللا برم أو اللا لفّ (باعتبار البرم شكلا جوهرياً من الزخم الزاوي للجسيم الأساسيّ كما يدرّس في ميكانيك الكم وفيزياء الجسيمات. وهذا البرم هو خاصية للجسيمات الاساسية والجسيمات المركّبة التي يطلق عليها بالهادرونات وكذلك يتمّ التطرّق لهذا البرم في الكثير من جوانب الفيزياء النووية) فيكون هناك نصف قطر لأفق الحادثة يعرف هذا نصف القطر بنصف قطر شوارزشيلد والذي يعادل أو يساوي ضعف ثابت الجاذبية مضروبا في كتلة الثقب الاسود مقسوما على مربّع سرعة الضوء! وهناك مشروع مهم هو مشروع تلسكوب أفق الحادثة أو الفعّاليّة والذي يحاول تصوير وضع وحال الثقب الاسود بدقّة أكثر من السابق(#)
في أوائل التسعينيات، تمّ إجراء العديد من الاختبارات التجريبية والتي كان من الممكن من الناحية التقنية قياس المسافة ليس إلى المستعرات العظمى من النمط الأول التي انفجرت على مسافات كونية كبيرة، بل الى العديد من الأجرام، وهنا ينبغي ان نشير الى اهمية توسيع الابحاث في هذا المجال حيث يكون من خلال قياسات المسافات النسبية بين المستعرات العظمى مع عمليات إعادة توزيع مختلفة، يمكن للمرء أن يفرق بين نماذج الكثافة المادية المختلفة لأنها تؤدي إلى تباطؤ قوي مختلف. حيث أظهر أرييل جوبار مثلاً وشاول بيرلموتر عام 1995، أنه مع بعض التحسينات للتلسكوبات المستخدمة في هذا المجال يمكن قياس كثافة المادة بالنسبة إلى ثابت آينشتاين الكوني لامبدا، وقد كان بيرلموتر قادرا بالفعل على تنفيذ هذه الفكرة
عالم الثقب الأسود!
من المميّزات الأساسيّة للثقوب السود أنّها لا علاقة لها بالسواد وأنّها لا علاقة لها باللون إلاّ أنّ لها مميزات كميّة ولها إمكانيّة على إصدار كميات من الأشعة الكهرومغناطيسية ويكون له القدرة على التأثير المباشر للثقب نفسه. ومن مميزات هذا الثقب الأسود أنّ اللغز الكبير مازال يرافق العديد من الظواهر التي ترافق دخول الجسم فيه أو الإقتراب منه.
يتحدث الكثير من العلماء عن خاصية مهمة للثقب الاسود وهي إمتلاكه للجاذبية القوية جداً. وهذه الجاذبية لها ما يبرر وجودها وتميّز الثقب الاسود بها! لكن من ضمن الاسئلة التي تثار هل للثقب الاسود خاصية الموت كبقية الاجرام الكونيّة وهو الناتج في طبيعته عن موت الجرم السماوي ان كان نجما او غيره؟ وان مات هل سيمتلك القابلية على التخلّص مما لحق به من صفات قَدِمَته من الجرم الام؟ هل أثار أنشتاين هذا الموضوع من خلال نظرياته؟ والسؤال الذي يتعلّق بموضوعي هذا: هل يمكن أن يحدث سقوط وإنتهاء لهذا الكون بسبب هذه الثقوب السود؟
هذه الثقوب السود مهمّة جداً في وجودها منتشرة في أماكن معيّنة (وغيرها في أماكن لم يتمّ التوصّل لها في مواصفات مشابهة لسابقاتها، ولا يستطيع ان يفلت منه اي شيء لا جزيئات ولا حتى الاشعة الداخلة اليه حيث تكون سرعة الاشياء اكبر من سرعة الضوء!!)
وقد اهتمت ومازالت وكالة ناسا والكوادر البحثية في كل من روسيا والصين وبريطانيا بموضوع الابحاث حول الثقوب السود! ولا غرابة الا من عالم العرب وغيرهم ممّن مازالوا يتصارعون حول صرف المليارات والملايين على سباق الابل وسباق جَمال الابل وايّها اجمل بعيرك ام بعيري!! أقول ان الشيء الذي يبعث على الاستغراب هو هذا التوجّه لهكذا مواضيع! انا اقول لا غرابة لانّ البحث في هذه المواضيع ليس بما يصبّ في جوانب الفيزياء والفلك بل ما يتعلّق بمصير وجود الانسان والكون عموماً وهو موضوع مهم لوجود واستمرار هذا الكون وكيفية واهمية وضرورة الوجود الانساني عموماً. وهذا يرتبط بالدين والفلسفة والبحث في السبل التي يستطيع فيها الانسان ان يعيش بظروف افضل وما الى ذلك من مواضيع لا مجال لذكرها الان لكنني ساتطرّق الى هذا في موضوع خاص! ان شاء الله.
أطياف النجوم!
جميع المواد الساخنة أو الحارّة تبعث طيفا ما. كل نوع من أنواع الذرات، أو كل مستوى من المستويات الذريّة له بصمة في الطيف المتكوّن أو المنبعث. والأنواع المختلفة من المستويات هي حالات متهيجة لإلكترونات كانت في حالتها الأوليّة وأصبحت في الحالة المتهيجة المذكورة، لكن ينبغي القول أنّها أنواع مختلفة أيضاً من الروابط الكيميائيّة. وبما أنّ النجم جسم أو مادة ساخنة على الدوام فإنّها ستصدر لنا طيفاً (أو أطيافاً) يمكن أن نستنتج منها أي نوع من أنواع المادّة يتشكّل ذلك النجم. فلو تكوّن هذا النجم من القليل من العناصر فقط (أي أنّ الطيف بسيط التركيب) سيكون التحليل بسيطا وسهلاً لنا. لكن إن كان الطيف معقداً (بكونه طيفا للعديد من العناصر) فينبغي حينها أن نعرف الأجزاء أو المكوّنات المختلفة التي وجدت في ذلك النجم والتي تتوافق مع مميزات الذرات التي تشكلها. وينبغي أن نشير كذلك الى أنّ الكثير من الذرات التي يحتويها النجم لا تمتلك إلكتروناتها، أي أنّها لا تبعث أي ضوء. والسؤال ماهو أو كيف يتمّ تحليل الجزء الأكثر برودة من سطح النجم،حيث أنّ الذرات يكون لديها الفرصة كي تحتفظ بإلكتروناتها؟
عند دراسة النجوم القريبة، وتحليل الصور من خلال الطيف باستخدام الموشور، يمكن أن نستدلّ على الكثير من المواصفات من خلال بصمة العناصر التي نتج منها الطيف المذكور، لكن أحيانا يكون من الصعب التعرف على تلك "البصمات" النموذجية من العناصر. وبما أن معظم النجوم تتكون أساسا من الهيدروجين والهليوم، ينبغي أن يكون من السهل العثور على هذه الخطوط النموذجية في الطيف المركب الذي تمّ تحليله بموشورنا المذكور.
لقد وجدت العديد من المواصفات للعديد من العناصر التي تشكّل الطيف أو الخطوط التي تشكّل ذلك الطيف والتي تكون أحياناً متشكّلة من اللون الأزرق وأحياناً من اللون الأحمر. في البداية، كان الإعتقاد أنه تم العثور على مصادر غير معروفة للمادة، لكن الباحثين خلصوا أخيرا إلى أن بعض النجوم اقتربت منا بينما القسم الأخر يبتعد. يقال أنّ الطيف قد تحول قليلا إلى اللون الأزرق في حين أن الأخير قد تحول قليلا إلى اللون الأحمر.
لنا عودة أخرى ضمن هذا الإطار!
Dr.Moayad Al-Abed
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Physics Today 71, 4, 70 (2018) https://doi.org/10.1063/PT.3.3906#








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | مشاهدة مذهلة لأعماق الكون .. ناسا تنشر لقطات


.. ممرض يشكو سوء الوضع الطبي في شمال غزة




.. اتفاق تشاوري حول المياه الجوفية بين الجزاي?ر وتونس وليبيا


.. غزة: انتشال 332 شهيدا من المقبرة الجماعية فى مجمع ناصر الطبى




.. ما الجديد الذي استحدثته مايكروسوفت في برنامج الذكاء المصغر؟