الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ناتالي بورتمان والاجماع الصهيوني

يعقوب بن افرات

2018 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


كانت مراسيم الإحتفال بيوبيل السبعين لدولة إسرائيل على أوجها. ووزيرة الثقافة الإسرائيلية، ميري ريجيف، عمدت على أن تكون الإحتفالات الأكبر في تاريخ اسرائيل. حسب التقاليد المتبعة يمثل الدولة، في هذا الاحتفال رئيس الكنيست، الا ان الوزيرة كانت على استعداد لخرق هذا التقليد، في سبيل ابراز شخصية رئيس الحكومة "بنيامين نتنياهو" المُلاحق من قبل الشرطة، بتحقيقات جنائية بشبهات الفساد.
وحاز هذا الامر على نقاش واسع، مثله مثل العديد من القرارات الحكومية، التي لا تنال اجماع وطني داخل المجتمع الاسرائيلي، فالانقسامات بين اليمين واليسار، تحتل صفحات الصحف ومواقع الاعلام والتواصل الاجتماعي، اتهامات متبادلة بين اليمين الذي يتهم اليسار بالخيانة، واليسار الذي يتهم اليمين بالفاشية.
وكان الموقف الذي اعلنته النجمة الامريكية الاسرائيلية " ناتالي بورتمان" برفضها قبول "جائزة نوبل اليهودية " بقيمة 2 مليون دولار، انعكاسا لهذه الانقسامات داخل المجتمع الاسرائيلي، والذي اتسع ليشمل المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة الامريكية أيضا.
وقد بررت النجمة الامريكية الاسرائيلية قرارها، بعدم المشاركة في الاحتفال، نتيجة مقتل 35 فلسطينيا بايدي قناصة اسرائيليين على الشريط الحدودي مع غزة، إلا أنها في توضيح لاحق كتبت: "اخترت عدم الحضور، لأنني لا أريد أن أبدو مؤيدة لبنيامين نتنياهو، الذي كان سيلقي كلمة خلال الحفل".
إن إقحام إسم نتانياهو في البيان، يدل على أن الموضوع ليس الحصار المفروض على غزة فقط، بل الإستياء من سياسة نتانياهو وحكومته بشكل عام. وما عًمق الإستقطاب بين مؤيدي اليمين الإسرائيلي وبين معارضيه، سوى انعكاس للعلاقة الحميمة بين نتانياهو والرئيس الامريكي دونالد ترامب التي بدت واضحة، حين اقحم نتنياهو نفسه في الصراع السياسي داخل امريكا، ووقوف نتنياهو مع ترامب ضد الحزب الديمقراطي، الامر الذي اثار حفيظة قطاع واسع من الجمهور اليهودي في أمريكا، الذي يكره ترامب بما يمثله من فساد، وكراهيته للأجانب، وموقفه ضد النساء، وضد القيم الليبرالية والديمقراطية في آن.
وبنفس الوقت لا يقتصر استياء المجتمع اليهودي في امريكا من نتنياهو وسياسات اسرائيل تجاه الفلسطينيين على الجناح الليبرالي ، بل شمل أيضا أهم مؤيدي نتانياهو في أمريكا، وعلى رأسهم الملياردير اليهودي" رون لاودر" رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، وعضو الحزب الجمهوري. حيث جاء في مقال له نُشر في صحيفة "نيويورك تايمز" 18 اذار /مارس، قال فيه:" بأن وجود إسرائيل "كدولة يهودية وديمقراطية" يشكل اليوم "خطر وجودي" عليها، بسبب زوال حل الدولتين واضاف: "أنا جمهوري محافظ، وأنا أؤيد الليكود، منذ الثمانينات، لكن هناك حقيقة ثابتة، هي وجود 13 مليون شخص بين نهر الأردن، والبحر الأبيض المتوسط، ونصفهم تقريبا من الفلسطينيين".
الا ان الموضوع لم يقتصر على النقاش الأبدي حول مستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بل يشمل قضايا لا تقل أهمية بالنسبة" لرون لاودر" وهو التعصب الديني حيث قال: "عدد متزايد من الشبان اليهود، خاصة في الولايات المتحدة، يبتعدون عن إسرائيل، لأنهم يشعرون أن هذه الدولة لا تمثل عالم قيمهم، فالنتيجة هي الإستيعاب والتغريب ... ويشعر العديد من اليهود غير الأرثوذكس، بمن فيهم أنا، بأن الإكراه الديني المدعوم من الحكومة، يحول إسرائيل من دولة حديثة وليبرالية، إلى دولة شبه دينية".
ان هذا الشعور بالتغريب يشمل أيضا قطاع واسع من الجمهور الإسرائيلي فالسياسة العنصرية لا تقتصر على الفلسطينيين فقط، بل تشمل ايضا اللاجئين السود من اريتريا والسودان، الذين يتعرضون لملاحقات قانونية، وعملية طرد ممنهج من قبل الحكومة. فقد أثارت السياسة العنصرية تجاه هؤلاء اللاجئين، استياء عميق في صفوف قطاعات واسعة من الجمهور الليبرالي.
وقد قدم بعض الناشطين إلتماسا للمحكمة العليا ضد قرارات الطرد، الامر الذي جمد عملية الطرد، بعدما سبب احراجا كبيرا للحكومة. التي قد تعمل على سن "قانون التخطي" وهو قانون خاص يهدف الى لجم صلاحيات المحكمة العليا، الأمر الذي يزيد من إستياء الجناح الليبرالي في اسرائيل، الذي يعتبرها واحة العقلانية، في غابة من العنصرية والقومية المفرطة.
ولا بد من التذكير هنا بان المحكمة العليا وقفت مؤخراً ضد قرار وزير الدفاع "افيغدور ليبرمان" القاضي، بمنع عائلات ثكلى فلسطينية، حضور حفل تذكاري مشترك مع عائلات ثكلى اسرائيلية في تل ابيب، حيث يتم هذا الحفل سنويا عشية عيد الاستقلال الإسرائيلي، كحفل بديل عن الحفل الرسمي لذكرى الجنود الاسرائيليين الذي سقطوا في الحرب.
هذا الإنقسام الخطير داخل المجتمع الاسرائيلي الذي توسع الى داخل الأوساط اليهودية في أمريكا، يقابله عجز عربي ملحوظ في التعاطي والتواصل معه، بفعل حملة المقاطعة ضد إسرائيل، وغالبا بفضل الانقسامات العميقة داخل المجتمع العربي والفلسطيني نفسه.
ان الإنقسام داخل إسرائيل يبقى همشيا مقابل الانقسام في العالم العربي، حيث تبقى الفاشية الإسرائيلية ضمن حدود "حضارية" مقارنة بالفاشية السورية او السعودية والمصرية، اما الانقسام الفلسطيني فترجماته عملية وفعلية وقاسية بالنسبة للمواطن الفلسطيني ، حيث يعاني 70 الف مواظف في غزة من توقيف رواتبهم من قبل السلطة في رام الله، وهذه مجرد مثال، للحرب الدائرة على السلطة بين حماس وفتح. في ظل لا مبالاة كل التيارات المحسوبة على التيار الوطني- ناهيك عن الإسلاميين- تجاه أي تعاون مع قوى إسرائيلية تقدمية. حتى أعضاء الكنيست العرب، وهم جزء من الواقع الاسرائيلي لم يجدوا لغة تواصل مشتركة مع معارضي سياسة نتنياهو تجاه الفلسطينيين.
فكيف يمكن ان يتواصل من يدعم بشار الاسد في سوريا مع الليبراليين الاسرائيليين وطالبي حقوق الانسان؟ كيف يمكن لممثلي الحركة الاسلامية ان يتواصلوا مع الشرائح الليبرالية العلمانية الاسرائيلية التي تؤمن بالديمقراطية، وهي بالنسبة الى خطابهم الديني كافرة ؟ كيف يمكن لانصار حزب التجمع ان يتواصلوا مع هؤلاء وهم يدعمون المقاطعة، ويرون في كل إسرائيلي غازي لفلسطين، ومتهم بالصهيونية، الا اذا أثبت براءته ألف مرة؟
أن تجاهل ما يحدث داخل المجتمع الاسرائيلي من نقاش حول طبيعة الدولة (دينية او ليبرالية)، وعلى طبيعة النظام، (نظام قانون او ديكتاتورية الأغلبية)، على طبيعة الثقافة، (قومية او اممية)، على طبيعة المجتمع (عنصري يكره الاجنبي او متسامح) ، وعلى القضية المركزية،( نظام ابرتهايد او نظام ديمقراطي) متسامح ينهي الاحتلال ويعترف بحقوق الفلسطينيين، والعيش في ظل حياة ديمقراطية كريمة، هذا التجاهل بإسم مصطلحات شمولية مثل "اليهود"، "الصهاينة" والخوف من الإحتكاك المباشر بحجة "التطبيع" يخدم كل هؤلاء الذين يريدون للواقع الحالي ان يستمر دون تغيير.
فأول المستفيدين من هذه القطيعة هو اليمين الإسرائيلي، الذي يضمن استمرار سلطته للسنوات القادمة. اما من الجانب الفلسطيني، فهناك فتح والفصائل المنضوية تحت جناحها تريد لسلطة رام الله ان تستمر ما دامت تخدمهم، وكذلك الامر بالنسبة الى حركة حماس التي تعزز خطابها السياسي بأوهام المقاومة على حساب شعب غزة وعموم الشعب الفلسطيني.
من يعتقد ان الاحتلال سينتهي دون التواصل والتحالف والتعاون وإيجاد لغة مشتركة مع قوى ديمقراطية يهودية فهو واهم. ومن يعتقد انه من الممكن إعادة تجربة جنوب أفريقيا لا يزال يعيش في وهم سنوات الثمانينيات من القرن الماضي. واقع اليوم اختلف عن الماضي، فهذا هو بوتن يقصف دون رحمة مخيم اليرموك، ومنظمة التحرير تخدم سلطة فاسدة في رام الله، فكل شعارات الماضي تقادم عليها الزمن. حتى إسرائيل اختلفت عما كانت قبل 50 سنة، كل شيء يتغير والإجماع الوطني الصهيوني قد انتهى كما الإجماع الفلسطيني.
خطوة ناتالي بورتمان هي إشارة لما يحدث، فالأجواء تتغير باستمرار، وحان الوقت لكل من يريد تغيير جذري في الحالة العربية والفلسطينية أن يفحص ما يجري داخل إسرائيل لربما يصحح من نهجه وسلوكه السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأخ إبراهيم الثلجي
جلال البحراني ( 2018 / 4 / 25 - 10:53 )
كيف ممثلة إباحية، Pornography هناك فرق كبير
من أكثر الأعمال التي أستمتع بها موسيقيا هي بحيرة البجع لتشايكوفسي، سنحت لي الفرصة لمشاهدتها كعرض بالية لم أحبها على الإطلاق، و كأن العمل غريب علي، سألت نفسي كثيرا لماذا فالموسيقى مصورة بالرقص هي نفسها، حتى أتى يوم عرضت بالتلفزيون كبالية أيضا كنت أجلس بوحدي و براحتي، لاحظت نفسي و حتى أنا أشاهد التلفزيون إني لا أنظر لحركات الرقص الجميلة لا أنظر للمرونة العالية لكل أعضاء الجسد البشري لا يلفت نظري الأقدام التي تتطاير كأنها أغصان شجرة توت لا أنظر للرجال و لا يعنوني، إلخ إلخ.. بل أنظر لتحت ما بين فخذي الفتيات في حركاتهم علي أرى ..... تعرف ؟؟؟ ههه
عندها قلت لنفسي (حسبي الله عليك من عربو) هكذا نحن وهذا كل ما يهمنا لذلك لا نفهم الرقص
قررت أن أبحث عن معاني الرقص وبالأخص البالية، لكني لم أجد الكتب الوافية للآن

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام