الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصاصات سيلوسية 19 : يسوع الأسد

سيلوس العراقي

2018 / 5 / 2
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ليسوع المسيح، يشوّع ها مشيّاح، ايشوع مْشيحا، العديد من الألقاب ومن التسميات الكتابية العبرية الرمزية
فمثلا : هو الحمل الوديع لكنه أيضًا الأسد


أصول يهودية لقب الأسد

يهودا هو الأبن الرابع ليعقوب من زوجته ليّا ومعنى الأسم يهودا (تكوين 29: 35) الشكر والحمد : ـ
وحبلت (ليئة أو ليّا) أيضًا وولدت ابنًا وقالت : الآن أُقرّ بفضل الرب. فسَمّته يهودا

اسم "يهودا" انتقل من اسمٍ لشخص رأسٍ لعشيرة، الى اسمٍ مُرادف للشعب الذي أصبح يسمى بالـ "يهوديم" كما انتقل أيضًا ليصبح اسمًا لدينٍ يسمى بالـ : يهوديت
يعيد البعض (من الرابيين) أهمية "يهودا" الى وفائه واخلاصه في انقاذ حياة يوسف من الموت على أيدي باقي إخوته تكوين 37: 26 ـ 27 : ـ

فقال يهودا لأخوته: ما الفائدة من أن نقتل أخانا ونخفي دمه ؟ تعالوا نبيعه للاسماعيليين ولا نرفع أيدينا عليه، فهو أخونا من لحمِنا ودمِنا فسمع له إخوته

كما يعيدون ذلك إلى تقديمه لنفسه بديلا لبنيامين في مصر (راجع رواية يوسف في مصر مع إخوته). بالرغم من ذلك فان العقوبة نالته لعدم انقاذ يوسف من الأسر والبيع، ففي تكوين 38: 7 ـ 12 ، حيث "يهودا" قد فقد اثنين من أبنائه المتزوجين تباعًا من تامار، ومن ثم فقد زوجته، قد تم رؤية هذه الحوادث كعقوباتٍ له

يهودا وكنته تامار
تامار التي خدعت حماها "يهودا" ستصبح حاملاً منه وستصبح بالتالي جدّة وتجعل من يهودا جَدّا لداؤد ونسل داؤد (تكوين 38 ) كما ستصبح جَدّة للمشياح ـ المسيح

وفي الحقبة الملكية، وعند انقسام المملكة بعد ملك سليمان، ستبقى أُسرَتا يهودا وبنيامين كأكثرية مطلقة في "يهودا" وسيبقى اسم "يهودا" عنوانًا واسمًا لمملكة الجنوب ـ مملكة يهودا

وفيما بعد سيستمر الرومان في تسمية المنطقة بيهودا أو اليهودية وتسمية الشعب باليهوديت، ومنه تم اشتقاق الاسم الذي يطلق على الشعب باللغة الانكليزية
Jews

اشتهرت أسرة "يهودا" بمحاربيها الأقوياء، ولا ننسى اللقب الذي أعطاه إياها يعقوب ـ اسرائيل الأب باسم الأسد في تكوين 49 : 9 ـ 10: ـ

يهودا شبل أسد
من الأطراف صعدتَ يا ابني
كأسدٍ يركع ويربض
وكلبوةٍ
فمن يقيمه ؟
لا يزول الصولجان من يهودا
ولا عصا السلطان من صُلبِه،
الى أن يتبوأ في شيلوة
من له طاعة الشعوب

والمدراش في (تكوين رابا 93 : 6 ) يشرح بهذا الخصوص، بأن "يهودا" حين كان يغضب، فكان شعرُ صدرِه ينفذ ويخرق ثيابه، وكان بامكانه أن يمضغَ الحديد كما يُمضغُ التراب

في التاريخ اليهودي أصبح "أسد يهودا" الرمز الأكثر شعبيةً وانتشارًا بين الشعب اليهودي، ويظهر ذلك في الرسومات وفي الشعارات وفي التصاميم والزخرفات الفنية المنتشرة في العديد من أبنية السيناغوغات وغيرها من المباني والمرافق والمنشآت الدينية والثقافية

وما يجدر ذكره بأن السامريين، لم يعترفوا بُملكِ يهودا ولا بمُلكِ داؤد ونسلِه كنسلٍ ملكيّ، وسيظهر الموقف بين السامرة والساميين مع اليهودية واليهود في لقاء يسوع وحواره مع المرأة السامرية في انجيل يوحنا الفصل 4
التي يبدو عليها أنها بدأت في قبول فكر وطرح محاورها يسوع، حين يقول لها


إنّ الخلاص يأتي من اليهوديت

وبالتأكيد ان المرأة السامرية، التي كانت تعلم بالخلاف الذي كان بين السامرة ويهودا ـ يهوديت، فهمت السامرية (ليس مثلما يفهم القاريء المعاصر اليوم) بأن الخلاص يأتي من عشيرة أو أسرة يهودا
تمامًا مثلما كان في فكر وفهم يسوع بأن الخلاص يأتي من (عشيرة) يهودا
ففي خلفية فكرة يسوع يظهر وعدُ يعقوب في بركته لأبنه "يهودا" الموثق في سفر التكوين 49: 9 ـ 10

يسوع الأسد

وسيُعيد ذلك يوحنا مستشهدًا به في كتابه سفر الرؤيا في 5: 5ـ 6

فقال لي واحدٌ من الشيوخ : لا تبكِ
غلَبَ الأسدُ الذي من عشيرة يهودا
ونسل داؤد
وهو سيفتح الكتاب ويفضّ ختومه السبعة
ورأيت بين العرش والكائنات الحية الأربعة
حَمَلاً واقفًا كأنه مذبوح

معطيًا هكذا لقب "يهودا الأسد" ليسوع المسيح ولقب الحَمَل بذات الوقت


والى قصاصة سيلوسية قادمة : تحية وسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يهوذا - المسيح - النمط الأولي
نضال الربضي ( 2018 / 5 / 2 - 10:13 )
يوما ً طيبا ً أتمناه لك أخي سيلوس،

قصاصة جميلة تختزل الفكر الديني بشكل ٍ سلس و بسيط.

و كأنك تقول (إن فهمتك بطريقة صحيحة، أو ربما هي رؤيتي أنا، أو كلا الأمرين) بأن:

- يهوذا رمز ٌ لبُنية ما، تشتمل ُ على الهوية الدينية للأمة اليهودية، متفاعلة ً مع تاريخها ووقائع مجتمعها، مُتجاوزا ً (أي الرمز) الشخص َ لينتقل َ عبر الزمن، كفكرة، كبناء هوية، كمرجع استدلالي و معقد رجاء و منارة هداية.

- هذا الرمز ذاته يتخذه لاحقا ً يسوع الناصري كمسيح، لكن على مستوى أعلى من المستوى المشيحاني السياسي المُنتظر يهودياً، أي على مستوى إنساني شمولي يتجاوز اليهود كشعب مختار إلى الإنسان كمخلوق مُختار أمام رب ٍّ كوني يحتضن كل َّ أبنائه.

ثنائية الحمل و الأسد هي في حقيقتها التعبير الديني عن الطبيعة البشرية المُشتركة التي تعترف بما يوجد داخل الإنسان من ضعف و لِين و استسلام للأقدار المرسومة (الحمل)، و بقوَّته و قدرته على الفعل و تغيره لتلك الأقدار (الأسد)

هذه الثنائية المُتصالحة على تناقُضها لا بُدَّ أن تُنتج َ وُعودا ً بعالم مثالي (مسيح يهودي و ملكوت أرضي) أو آخرة مثالية (ملكوت سماوي مسيحي).

إنه عقل الإنسان!

مودتي!


2 - مالك ومال المسيحية
عبر غابرييل ( 2018 / 5 / 2 - 10:55 )
خليك بالكتاب القدس العبري
سفر الرؤيا عهد جديد
؟


3 - الاخ نضال
سيلوس العراقي ( 2018 / 5 / 2 - 11:18 )
شكرا لمرورك
واقدر بل اقيّم نباهتك
انك قاريء ذكي جدا
نعم ان ذات الثنائية الرمزية المتوائمة ،ومن دون اي تناقض، للاله الذي يزأر كأسد ومن جهة اخرى وديع كالحمل
تنتقل الى المشياح المسيح الحمل ـ الاسد
تقبل تقديري ومحبتي


4 - مالذي يزعجك
سيلوس العراقي ( 2018 / 5 / 2 - 11:23 )
اخي (أو اختي) عبر غابرييل ؟
هل يمكن ان تفهم العهد الجديد من دون الكتاب المقدس العبري؟
كن متسامحا اكثر مع نفسك
لا يمكنني ان افهم موقفك ؟
بالرغم من ذلك
حاول ان تتامل فيما دعوتني اليه في تعليقك إن كان صائبا برايك أم لا ؟
تقبل تحياتي


5 - شكرا ُ لك أخي سيلوس
نضال الربضي ( 2018 / 5 / 2 - 11:46 )
يسعدني دوماً التفاعل معك أخي العزيز، فنحن جميعا ً في النهاية نبحث عن الحقيقة و نقترب منها على قدر استطاعة العقل البشري.

دمت بودٍّ!

اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا