الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيد الشغل، بأي وجه عدت يا عيد؟

هشام حمدي

2018 / 5 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هي في المغرب لكنها ليست شغيلة ربما هي مفصولة أو عاطلة أو متقاعدة أو مغادرة طوعا أو كرها أو منفصلة عن واقع المغرب حاليا أو رافعة لشعار المطرقة والمنديل بدل المطرقة والمنجل.
الشغيلة التي كانت الدولة قبل الحكومة تخشاها وكانت تهتز لها وزارة الداخلية ويعمل لها المجتمع المغربي ألف حساب وحساب، نعاينها الآن ترضخ وتصبح رخوة ورخيمة وأُقفلت معاملها وشركاتها ومصانعها وبيعت زمرا ببلادة مستوحاة من مجتمع بأكمله، استسلم العامل لطرده هو شخصيا من العمل والرزق، فإذا به "العامل المغربي" يصل بصمته ليس فقط لحد الاشتراك تواطؤا بل ولحد السكوت تورطا في عملية الفساد التي تسود وتتسيد المغرب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وأهدر و شوه و شوش كفاح ونضال عمال المغرب على مدى تاريخ الحركة النقابية في المغرب، لقد تحول العامل البسيط والتقني المتخصص والميكانيكي المجرب ...الخ، تحولوا إلى خاضعة وخانعة وأصبحت ظهورها منحنية ورؤوسها مطأطأة كان من نتائجها كما يعلم الجميع أخذ الضربات على قفا المغرب والصفعات بطرد اليد العاملة على يد مرض سرطاني خبيث أسموه المغادرة الطوعية وهو جزء من سياسة ممنهجة ومنتهجة هدفها تعطيل الرجال النشطين اقتصاديا واجتماعيا، فالبطالة أصبحت معدلاتها قياسية ليس فقط بين الفئات العمرية التي تتراوح أعمارها 21 سنة و35 سنة بل وصنعت وزادت عليها فئة عمرية جديدة تتراوح أعمارها 40 سنة و55 سنة، وصارت ضربا من تعطيل القدرات والملكات وعطاءات الرجال، حقيقة أقول هذا ضرب للرجولة والذكورة في مقتل.
حيث يفقد الإنسان مع البطالة والعطالة جزء من كرامته وكبرياءه وكثيرا من مكانته، فينتهي الأمر بتغييب دوره وانحسار وجوده ووضعه فتضيع الرجولة (ليس الحسية ولا الجسدية كما تضيع أشياء وأمور عديدة في المغرب بالرغم من شيوع استعمال أقراص الفياغرا منذ سنين يوحي بأن المغرب تعطل فعلا وليس كذلك للأمر علاقة بقدرات جهاز تنظيم الأسرة على إقناع المغاربة فلعلهم مقتنعون أصلا) ستبحثون قطعا عن عمال الطبقة الشغيلة في الاحتجاجات والمظاهرات ضد الفساد والاستبداد وضد استمراريته في ظل الاحتفال باليوم العالمي للشغيلة، لم تجدوهم تواروا أو اختفوا أو ضاعوا أم باعوا، شغيلة المغرب كانت قائدة للحركات النضالية الوطنية ضد الجور والظلم منذ الاستعمار مرورا بأيام الرصاص إلى زمن قمع الفرد-المواطن وبيع الوطن، شغيلة المغرب كانت زينة حياة الضمير السياسي وكانت شغيلة جريئة وشجاعة في مواجهة الحكومة والمخزن والتي عانت الفصل والعزل والسجن والحرمان بقطع الأرزاق ومع كل هذا بقيت مواقفها رائعة وبطولاتها ناصعة ورموزها قناديل وفوانيس في حياة سياسية واقعية قاتمة ومعتمة، كانت هناك حركات عمالية وحركة وطنية وسياسية بقيادة الشغيلة إلى أن غابوا واختفوا منذ سنوات ولم نعد نسمع أخبارهم.
رغم تضاعف سوء الحال والمآل والتراجع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وبالرغم تراجع الحقوق والحريات وتآكل الديمقراطية، قد تقول عزيزي القارئ أني ربما متحامل بعض الشيء لكني أدعوك للتأمل في محيطك لأولئك الذين غادروا وخرجوا للمعاش مبكرا بعد عام واحد فقط من تطبيق القانون الخاص بالتقاعد والمغادرة الطوعية، فقد خرج الآلاف للتقاعد مع مراعاة أن من بقي في عمله في القطاع العمومي والخاص، الكل أصبح يعلم أن عددا من المعامل تغلق أبوابها ومصانع كثيرة يتم بيعها وشركات يتم تفكيكها وتصفيتها وأن عمالها أحيلوا قسرا وجبرا على التقاعد المبكر بأخذ مقاعدهم على المقاهي التي تنبت كالفطر، ومازالت بعض الشركات والمعامل تقاوم المد النيوليبرالي المتوحش ومع ذلك تجد عمالها بايعين الماتش، والكل يدري أن الحكومة وقبلها المخزن قد قامت بإخصاء العمل النقابي تارة بالفساد وبالريع والإغراء وتارة أخرى بالقهر وبالقمع كما أن دواليب الحركة العمالية أصبحت تعشعش فيها وبها أجهزة ورجالات لا تمت للعمل النقابي لا من قريب ولا من بعيد بل وقد خلدت بالعمل الحكومي والمخزني، كما أن الكل أصبح موقنا ومتيقنا أن الانتخابات العمالية باتت كوميديا وضحك على الذقون وأن الجسد النقابي أصيب بداء التعيين المكتسب حكوميا سواء في الجامعات أو المدارس العليا أو العمداء وربما عما قريب نعاين تعيين نواب البرلمان، لكن ومع كل هذا المرض الذي تعيشه الحياة النقابية ويحياه العمل النقابي فقد كنت متوقعا أن تهتز القلوب وتتحرك العقول ويستفيق الوعي ويستيقظ الضمير السياسي (حتى لا أقول الضمير الوطني) وينهضوا من سباتهم الطويل ضد عمليات السرقة والنهب التي ينشرها على شكل تقارير المجلس الأعلى للحسابات، والتي لم تعرف مثلها في البلاد، والمتعلقة بتبذير الأموال العامة والاختلاسات بأشكال فاضحة وفادحة وهي تصرفات وقرارات من مدراء يؤججون مشاعر السخط ليس لدى العاملين بل وحتى العاطلين.
ولذا لا توجه الشغيلة أيا من أعمال الاحتجاج ضد المخزن، بحيث ظلت القضايا المادية، حول الأجور والمكافآت والحوافز وهي مجالات من اختصاص المدراء، هي الأساسية وبالرغم من كثرة الاحتجاجات فقد ظلت محدودة في الزمان والمكان. كما أنها غير متضامنة في ما بينها بحيث لا تشارك كل النقابات في المطالب سياسية أو وطنية خاصة بالمحاسبة أو المساءلة لرئيس الحكومة أو وزرائه المتورطين في قضايا مشبوهة تهم الفساد واستغلال السلطة عدا نقابة تابعة للحزب الحاكم التي تجلجل وتهلل لرئيس الحكومة بالمدح وكأنه كارل ماركس الشيوعي نصير البروليتاريا.
أصبنا بخيبة أمل ممتطية جمل في مواقف الشغيلة المغربية التي أثبتت شلل ضميرها السياسي النائم لكنه لم يُبَع بعدُ كما تباع شركاتهم ومصانعهم ومعاملهم، كانوا، كما أن قادتهم صاروا أعيانا وعمالا ووزراء حكومات ونسوا وتناسوا الوزرة الزرقاء، يا عمال العالم اتحدوا، وهكذا خرج ضمير العمال ولم يعد، ولم تحركه مناخ الحكومة ضد ثروة البلد و لم يحسوا على دمهم حتى بعد أن خرج أولادهم وأحفادهم في مظاهرات واحتجاجات ولم يرقوا إلى شجاعة ووعي وبراءة أبناءهم الذين نقول لهم كل عام والشغل والعمل بخير.

الإنسانية هي الحل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة