الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لتصعيد الامريكي والغربي الاخير بين الحقيقة والواقع

سامي عبدالقادر ريكاني

2018 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


بعد وضع اللمسات الاخيرة للمرحلة الاولى من اتفاق استانة وسوشي حول مستقبل المناطق التي وزعت بين نفوذ المثلث التركي الايراني الروسي من سوريا بعيدا عن الغرب وامريكا والمناطق التي تقع تحت سيطرتهما من سوريا، والذي تبعه الاجتماع الاخير بين هذا المثلث في انقرة قبل ايام للتحرك نحو اتمام المرحلة الثانية لتشمل المناطق الواقعة تحت النفوذ الغربي والامريكي من سوريا وذلك بعد تصريحات ترامب السابقة بالانسحاب من سوريا.
وفي الايام الاخيرة تسارعت وتيرة الحرب وفق الاتفاق الثلاثي الذي سمي باتفاق المقايضات بينهم مما دفعت بهم لانهاء اخر جيب لم يحسم امره ضمن المناطق التي تقع ضمن نفوذ تحالف استانة وهي منطقة (دوما) والذي كان الاتفاق عالعادة كما في بقية المناطق التي شملتها الاتفاقات السابقة بين الاطراف الثلاثة( القوات الارهابية، وتركيا ، وروسيا مع حليفيها ايران وسوريا )كانت دائما الصفقة تنتهي بنقل الارهابيين من مناطق نفوذ روسيا وحلفائها الى مناطق نفوذ تركيا ضمن المناطق الكوردية من الشمال السوري لتحل مكان القوات الكوردية، وبالمقابل كانت تساعد روسيا وحلفائها، تركيا، لارغام القوات الكوردية للخروج من تلك المناطق حتى تحل محلها الموالين لانقرة اضافة الى القوات الارهابية التي وصلت اليهم عبر تلك الصفقة.
وعلى ضوء ذلك كان الاتفاق في (دوما السورية) تندرج ضمن تلك الخطة التي كانت تروق لتركيا كثيرا باعتبارها اكثر المستفيدين من هذه الصفقة التي كانت ترمي من خلالها تركيا الى تغير ديوغرافية المنطقة الكوردية عبر توطين الارهابيين وعوائلهم فيها، ولكن للتسريع لانهاء الخطوة من قبل اطراف الاتفاق مستفيدين من عامل الزمن، لجات سوريا وحلفائها الى السلاح الكيمياوي لتركيع القواة المتحصنة في دوما.
ورات الغرب في هذه الخطوة خاصة بعد التصريحات التي خرجت من اطراف اللقاء الثلاثي الاخير في اسطنبول والتي كانت تفوح منها رائحة التهديدات المباشرة وغير المباشرة من قبل تركيا وروسيا وايران وسوريا بعد اتهامهم للغرب وامريكا بعرقلة مسيرة السلام في سوريا وبتحصنهم الغير مبرر على الاراضي السورية خاصة بعد الانتهاء من خطر داعش، الذريعة التي بررت القوات الغربية تواجدها في سوريا على اثرها، وكذلك بعد تصعيد تركيا في اتهامها للتحالف الغربي بقيادة امريكا بايوائهم وحمايتهم وتعاونهم مع الارهاب حسب زعمها والتي كانت تقصد من وراء اتهامها القوات الكوردية المتحالفة مع امريكا، ولم يبقى الخطاب التركي عند هذا المستوى بل وصلت الى حالة التهديد بانها ستهاجم تلك المناطق حتى مع وجود قوات غربية فيها في حال لم تسمح بالتنسيق معها في ادارة تلك المناطق واخراج القوات الكوردية منها، عندها ومع كل هذا التصعيد احست الغرب ومعها امريكا بان لدى اطراف اتفاق انقرة نوايا سيئة اتجاه مصالح الغرب وانهم يريدون الانفراد بالكعكة السورية دونهم، حينها دق ناقوس الخطر في واشنطن ولندن وباريس .
وهذا اذا اضفنا اليها الاستفزازات المتكررة السابقة للروس والمليشيات الايرانية والسورية وتهديدهم ومهاجمتهم لقوات التحالف بطرق مختلفة، وكان الرد الامريكي في ضربها القوات الموالية لايران من الحشد الشيعي وحزب الله التي اتجهت الى (التنف) قرب الحدود العراقية والتي يتواجد فيها قوات التحالف، وكذلك ضربها للقوات السورية التي اتجهت مع القوات المرتزقة التابعة للشركة الروسية (فاغنر) التي اقتربت من المنشاة الغازية التي تديرها شركة امريكية منذ 15 عاما في سوريا والتي تنتج من خلالها 40 بالمئة من طاقة الكهرباء للمناطق السورية ، والتي راحت ضحية القصف الامريكي لهذه القوات كل افراد طاقم الشركة الروسية الذي بلغ عددها 200 عنصر، وايضا كان هناك استفزاز اخر من القوات السورية لضرب القوات الكوردية المتحالفة مع امريكا ضمن مناطق الرقة والطبقة وجاء الرد الامريكي قاسيا عليها ايضا، كل هذا اجبر الغرب لاتخاذ الخطوة الاكثر تصعيدا لمواجهة مايحاك اطراف استانة من مؤامرات في المنطقة مستهدفة المصالح الغربية.
لذلك بعد ان اعتبر الغرب وامريكا ان الاجتماع الاخير لذلك الثلاثي في انقرة هو اهمال واصرار صريح لانهاء القضية السورية بعيدا عن الغرب واتفاقات جنيف حول سوريا والذي يعتبر الاخير بروتوكولاتها تعبيرا عن الرؤية الغربية حول الحل السوري وكانت امريكا وحلفائها تنتظر بان ياتي اصحاب اتفاق استانة الذي تقودها كل من تركيا وروسيا وايران بعد الوصول الى صيغة متفقة بينهم للبدء باتمامها عبر مفاوضات مع الغرب وضم طروحات جنيف اليها ومن ثم التوصل الى الصيغة التوافقية حول مستقبل سوريا .
ولكن تبين للغرب بان لانية لهؤلاء بهذه الخطوة وانهم يريدون اخراج الغرب واتفاقات جنيف من المعادلة نهائيا وفرض بنود استانة على مستقبل سوريا، خاصة بعد ان حاولو اعطائها الشرعية القانونية عبر محاولتهم في لقاء الاطراف الثلاثة الاخير في انقرة بارضاء بشار للحضور الى ذلك اللقاء بعد اقناعهم للرئيس التركي من قبل بوتين وروحاني،وذلك للتوقيع على ما اتفقوا عليه تلك الاطراف حول سوريا.
وهذه الخطوة كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير بين اطراف استانة وجنيف وصعدت من وتيرة الغضب الامريكي والغربي ولوحت بالخيار العسكري بعد صبر طويل على حماقات هذا المثلث الذي تمادت بغطرستها وانتهازيتها فقامت بتقسيم المنطقة السورية حسب مصالحها ونفوذها وباسم المحافظة على وحدة الاراضي السورية ومستقبل شعبها بعد ان هدمت ثلث المدن السورية وشردت نصف سكانها وقتلت نصفها الاخر وابعدت كل قوة وطنية سورية من هذا الاتفاق ولم تبقي سوى بالقوات التي تعمل بامرة هذه الدول الثلاث من المليشيات العابرة للوطنية التي اتوا بهم كل من ايران وتركيا وسوريا لخدمة مشاريعهم التوسعية في المنطقة (اي التقسيم جغرافيا واقتصاديا وجيوسياسيا بين الاطراف الثلاثة(روسيا وتركيا وايران) وعبر اعطائها الشرعية بتوقيع من بشار على هذا التقسيم مقابل القبول على بقاءه في الحكم باعتباره المخول الشرعي على الارض السورية وعلى شرعية وديمومة كل ما اتفق عليه بين اطراف هذاا المثلث ونظامها حول مستقبل سوريا.
ولكون هذا الاتفاق الجاري تتحصن خلف الشرعية التي منحتهم اياه النظام السوري، لذلك تحاول امريكا وحلفائها تركيز الضربة وكشف نيتها بانها ستستهدف النظام وترسانته العسكرية، لانها باضعافه او انهائه سوف ينهي اي دور لهذا الاتفاق بين هذا المثلث حول مستقبل سوريا، لذلك اصبحت حماية النظام واخفاء رموزه من اولويات روسيا وايران، كما ان استنفار روسيا لقواتها ترجع الى تقديرها لخطورة الموقف وبانها لو حصلت ان حققت الغرب هدفها من النظام فانها حتما ستقضي على اي مستقبل لادامة المشروع الروسي في سوريا لذلك فان التهديد الغربي بالنسبة لها اعلان للحرب العالمية،وعليها التجهيز والتحضير لها، وفي نفس الوقت فانها ادركت بالاسباب الغربية ومخاوفها بعد ساعات من التصعيد الامريكي لذلك ربما ستتوجه الى تقديم بعض التنازلات ولن تلجا الى التصعيد حتى مع توجيه بعض الضربات كما حصل في السابق .
وباعتقادي كما توقعته في بداية الازمة واشرت اليه في تحليلاتي على القنوات الفضائية بان الحرب لن تقع باستثناء بعض الضربات المحدودة مع ترك خيار التنفيذ مفتوحا من حيث الكيفية والوقت ومن حيث الوقف او الاستمرار ايضا، وذلك لان لدى الغرب وسائل اخرى اكثر نجاعة من الحرب تستطيع من خلالها ارغام اطراف استانة الى الحوار حسب اتفاقات جنيف ومنها العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الغرب على كل من روسيا وايران وسوريا والتي تسعى اليوم الى توسيع دائرتها لتشمل شخصيات مالية وشركات عملاقة روسية وايرانية وباتت تهدد اقتصاد الدولتين، اضافة الى ملاحقة القضاء الامريكي للحكومة التركية عبر قضية رجل الاعمال الايراني الاصل وتركي الجنسية رضا ضراب، الذي أدلى بشهادته في محكمة بالولايات المتحدة ضد مصرفي تركي متهم بانتهاك العقوبات الأمريكية على إيران كما ان رجل الأعمال الايراني يتهم اردوغان ايضا بالتورط في هذه القضية وتتهمه بالمشاركة في "غسيل أموال إيرانية" وخرق العقوبات المفروضة عليها، كما ان الغرب تستطيع ايضا من خلال احياء القضية الكوردية في المنطقة وتشجيع القوميين من الدول العربية ومعهم السعودية وحلفائها للمطالبة بنفوذهم في المناطق السنية في كل من سوريا والعراق، ودفعهم بمساعدتهم ليواجهو بها كل من تركيا وايران ايضا. وبهذا فانها اوصلت رسالتها لاطراف اتفاق الاستانة بانها لاتقبل بنتائجها وان عليهم احترام بنود جنيف وضم اطرافها الى الحل النهائي حول سوريا، ومايخرج من تلك المفاوضات من اتفاقات سيكون هو الحل النهائي لمستقبل سوريا. والا فان عليهم انتظار المزيد من اوراق اللعب التي تمتلكها الغرب واخرها ورقة الحرب التي باتت على الابواب وعلى اطراف استانة اعادة ترتيب اوراقها بما لاتتعارض مع المصالح الغربية.
فهل ستمر مستقبل الحل السوري لتكتمل عبر جنيف وستتحمل جولة اخرى من تغير خارطة المصالح لتضم اليها المصالح الغربية؟، ام ان اطراف استانة ستستمر بفرض ترتيباتها على ارض الواقع وستتحمل جولة من الصراع مع الغرب وامريكا عبر حروب بالوكالة او حرب كبرى مباشرة ؟.
وباعتقادي ان الحرب المباشرة شبه مستحيلة في هذه المرحلة، كما ان ترتيبات استانة بدون الغرب ايضا مستحيلة.
وان الاتفاق على خارطة جديدة للتوافقات بين الاطراف بعد ضم الغرب اليها ايضا صعبة ولكنها ليست مستحيلة ، الا انها ستكلف الاطراف مزيدا من الاستنزاف المادي والبشري اضافة الى هدر المزيد من الوقت والتي ستطول باعتقادي ولفترات طويلة حتى تستطيع الاطراف المعنية الوصول الى حل يرضي الجميع .
ووفق هذه المعطيات ربما ستتمخض عن الحالة تغير اخر في معادلة التحالفات والعداوات، كما ستعيد وتغير من حالة التموضعات، مما سيشمل التغير ليتوسع الصراع لتضم في خارطتها مزيدا من المناطق والدول المجاورة، ولكن مهما كان فلا خيار لوقف التصعيد الا باللجوء الى ضم اتفاقات وترتيبات جنيف الى الحل ومحاولة التفاوض للوصول الى توافق بين بنودها وبنود استانة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد