الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعود متناقضة لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة

محمد رياض حمزة

2018 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



افرزت الانتخابات النيابية (ايار 2018 ) حقيقة ان العراقيين ادركوا انهم كانوا مخدوعين مرة بمن اخذتهم عزة الاثم الطائفي فتحالفوا مع الإرهاب متمثلا بفلول البعث وبالقاعدة وبداعش. ومرة اخرى بزوال عشاوة عن عيونهم فأدركوا أنهم كانوا مخدوعين ايضا بمن لبسوا عباءة التدين والولاء لآل بيت الرسول الأطهار فاساؤا للدين ولال البيت في سلوكهم وهم حكاما ووُصموا بالفساد وسرقة المال العام وهدرة تعمدا وجهلا.
ومهما يقال عن ضعف المشاركة في هذه الانتخابات وما سجلت عليها من تجاوزات فإن ذلك متوقعا، فالقوائم المتراجعة اعتادت الطعن بنتائح الانتخابات التي لم تأتِ لصالحها. وكان من بينها قوائم تحالفات المتسببين بقتل اكثر من نصف مليون عراقي بريء. أوتحالفات دهاقنة الفساد وهدر المال العام. أما تصدر قائمة من اعلن التزامه بوعود تؤكد وطنيته وخلوصه للمبادئ . وانها خطوة بالاتجاه الصحيح .. رغم عسر المخاض، فالوعود تبقى وعودا حتى تُنفذ.
الوعود الانتخابية التي يمكن ان تكون منهاج عمل للحكومة الاتحادية وللمحافظات سواء جاءت من قائمة " سائرون" أو قائمة " النصر" كانت حافزا لكسب أصوات الناخبين ... ومع ذلك فإن الوعود الانتخابية لا تمثل إلا الفرضية لمعادلة الصدق وإن تنفيذها يزكي الواعدين، و طالما حنث السياسيون بوعودهم. فالسلطات الثلاث التشريعية ( المجلس النيابي أو الحكومة أو القضاء ) هذه السلطات من المؤكد لا تزال وستبقى مثقلة بالصعاب. لكنها إن أرادت أن تنال ثقة العراقيين وجب عليا تنفيذ وعودها التي كانت سببا في تصدرها القوائم :
ـــــــــ إجتثاث الفساد : يعلم الجميع ان الفساد سكن مفاصل الدولة بسبب انهيار الاقتصاد العراقي الذي أوهنته الحروب و حصار 13عشر عاما . واستشرى الفساد بعد الاحتلال بسبب سوء إدارة معظم أقطاب مكونات العملية السياسية في السلطات الثلاث التي شملت البرلمان و الحكومة المركزية وادارات المحافظات والاقليم . وتمثل الفساد بسرقة المال العام وهدره من قبل مسؤولين في اعلى مواقع صنع القرار الاتحادي تدرجا لنواب مرتشين إلى موظفي الوزارت والهيئات والدوائر الحكومية في بغداد والمحافظات. لذلك فأن محاسبة المتهمين بالفساد ، سواء الهاربين المدانين منهم أو من تحوم حولهم شبهات الفساد ، ويجب أن لا يُتهاون في حسابهم أيا كانوا . وأن لم يأخذ القصاص العادل مجراه فالفساد باقٍ . فخلال 15 عشر عاما تمكن لصوص المال العام من الهرب خارج العراق بتدابير من مسؤولين متنفذين في السلطة أو أقطاب الاحزاب أو التكتلات. وبقيت وعود محاسبتهم واسترجاع مليارات الدولارات وعودا .ولم يكن الفساد مقتصرا على سرقة المال العام أو هدره . فالرشوة ام الفساد والاثراء برواتب سخية وهبات لا يستحقها المسؤول فساد . واستغلال المنصب وتحويل الوزارة او الهيئة او الدائرة إلى اقطاعية لذوي القربى فساد. ووهب المال العام و الاملاك العامة من قصور ومباني وتأجيرها صوريا لمتنفذين في الاحزاب وقوى في العملية السياسية فساد.
وخلال السنوات الثلات الماضية تكررت وعود بمحاربة الفساد وبقيت الوعود وعودا. ويبدو انها ستبقى. فرعيل الساسة المتنفذين التي تحوم حولهم شبهات الفساد والجهل وهدر المال العام ما زالوا نشطين يتطلعون لتحالف بعد فشل قوائمهم في الانتخابات. فهم يحاولون اللجوء لأي تحالف يشملهم بمنصب سيادي يسبغ عليهم الحصانة من المحاسبة عمّا اقترفوه.
شكك العديد من المتابعين في امكانية رئيس الوزراء حيدر العبادي تنفيذ وعوده ب " الحرب على الفساد" التي اعلنها مرارا وبأعلى صوت .غير أن الرجل كان صادقا قولا إلاّ أن إنتماءه الحزبي أضعف تنفيذ وعوده خلال سنوات حكمه. فمعظم من وصم بتهم الفساد وسرقة المال العام هم رفاق حزبة أو ممن كان لهم فضل عليه في توليه المنصب . بل أن بعض خصومه نبشوا ماضيه القريب وأشاروا الى لغط بفساد دون اثبات يوم كان رئيسا للجنة الإقتصاد والإستثمار والإعمار وهي من اللجان الاساسية الفاعلة والحيوية في مجلس النواب. وعندما شغل مصب مستشارا لرئيس في العام 2005 وقبلها يوم عين وزيرا للاتصالات في العام 2003.
ــــــــــ المجلس النيابي ( البرلمان) : كتبت مقالا في 5 آب 2016 بعنوان " صلاحية التظام البرلماتي لظروف العراق الآنية" جاء قي مقدمته "ليس حبا بالنظام الرئاسي الذي أثبت التاريخ أن تحوله للدكتاتورية متوقع . وليس رفضا للنظام النيابي ( البرلماني) الذي يترجم إرادة الشعب ممثلا بنوابه . بل إنه التطبيق الفعلي للديمقراطية .ومع ذلك فإن شعوب الدول " النامية" التي لم تنل من الاستقرار والأمن لمئات السنين ليست كالشعوب التي تنورت بالعلم والمعرفة وبمنجزات التشريعات والنظم والقوانين الوضعية . فالعراق ومنذ 1958 حكم بنظم إتسمت بالجهل أو العفوية أو الطغيان أو بكلها . فنظام الحكم قبل 2003 تمثل بحكم العراق بإسلوب " المافيا" السياسية فتسبب بإحتلاله وهدم أركانه . وكان من بين جملة أخطاء سلطة الإحتلال فرض النظام " البرلماني الفدرالي " وفق دستور "سُلِقَ" على عجالة وبإشراف المحتل . وخلال الثلاثة عشر عاما الماضية من نظام الحكم البرلماني وما يسمى بالعملية السياسية فالعراق تتهدده مخاطر سياسية واقتصادية وينخر الفساد في مؤسساته الحكومية" ( إنتهت المقدمة)
اثبتت تطورات العملية السياسية خلال السنوات الخمسة عشر أن البرلمان بدورتيه السابقتين كان من بين أهم معوقات استتباب أمن العراق وإنجاز إعماره. بل أن تقييم اداء عمله في جلسات تسودها الفوضى والشجار وتراشق الشتائم يؤكد اخفاقه في تمثيل الشعب.ذلك أن معظم أعضاءه خاضعون لأجندات الأحزاب والتحالفات المتنفذة . فطالما أجل البت في مشاريع قرارات ذات أثر تنموي للاقتصاد وانجاز للخدمات أوتم طيها في أدراج رئاسته. بل ان شبهات الفساد طالت معظم اعضاءه بشهادات من نواب وطنيين مخلصين تحدثوا عن بالارقام صفقات فساد ورشى.
على مدى دورتي المجلس النيابي السابقتين كان الفوز بمقعد وسيلة للإثراء والجاه والشخصنة. واعتبرها العديد من النواب محاولة تستحق المغامرة على اعتبارهم مستهدفين من قبل الارهاب .الأمر الذي نقلهم الى " مسؤولين " مثرين برواتب لم يحلموا بها وسيارات و حمايات . فتم تحديد الراتب الشهري لرئيس المجلس بما مجمو عة ( 32) مليون دينار عراقي.وخلال اربعة سنوات خدمة سيتقاضى راتبا تقاعديا 80 % من مجموع راتبه ومخصصاته الشهرية. أي 26 مليون وستة آلاف دولار( أنظر جريدة الوقائع العراقية العدد4212 في 24 أيلول 2011). أما راتب عضو المجلس فحسب الدائرة الاعلامية للمجلس " كان 12 مليونا و900 ألف دينار قبل إطلاق حزمة الإصلاح، في حين بلغ الراتب الكلي للنائب بعد تطبيق التخفيض وفقا للقرار 333 في أعلى معدلاته 10 ملايين دينارعراقي.( الشفق نيوز 16 تشرين الثاني 2015).
فسواء أكان راتب رئيس المجلس أو النائب فإنهم يمثلون طبقة قد لا يماثلهم أو يتجاوز رواتبهم من موظفي الدولة سوى المسؤولين في الرئاستين التنفيذية والقضائية . ولعل العراقيين مطلعون على تصريحات مسؤولين ونواب عن فساد يطال معظم نواب المجلس والله أعلم.
من أجل مجلس نيابي نزيه ، سيما وأن ذريعة الخوف من استهداف أعضاءه من قبل الارهاب تراجعت ، فالمقترح أن يتم تطبيق حدود الراتب لرئيس المجلس ولأعضاءه حسب قانون رواتب موظفي الدولة و القطاع العام رقم (22) لسنة 2008 الصادر عن وزارة المالية العراقية. وليس كما أسبغوا على أنفسهم رواتب لا يستحقونها وكانوا سببا في الفوضى السياسية التي اوهنت العراق. فنادرا ما إستهدف بعضهم من قبل الارهاب . بينما قتل تحالف قوى الارهاب ما قد يصل الى نصف مليون عراقي خلال دورتي المجلس السابقتين . والان فإن ثلث العراقيين يعيشون تحت خط الفقر.وشهدت قبة البرلمان صراعات الاحزاب والكتل المتناضة على المصالح او تنفيذا لاوامر اقطاب الاحزاب والتحالفات بل أن بعض الكتل تأتمر بقوى خارجية.
ولا يختلف حال الحكومات المحلية في المحافظات والاقليم عن حالة المجلس النيابي الاتحادي من حيث الفساد والجهل في الادارة والتبعية الحزبية . فمعظم مدن العراق لا تزال كما كانت قبل 2003 بل اسوأ حالا .رغم أن محافضات وسط العراق وجنوبة نادرا ما كانت هدفا للارهاب فلم تكن لدى حكوماتها المحلية عذرا إلاّ ان تنمو وتتطور وتنجز الخدمات . ولم يستثنَ إلاّ القليل من مسؤوليها من تهم الفساد والجهل وهدر المال العام.
ـــــــــ عسرالمخاض: رغم تراجع الاقبال على التصويت في انتحابات 12 ايار 2018 عن سابقتها 2014 . إلاّ إنها أزاحت وجوها أو قلصت عدد المقاعد لوجوه كان يجب إزاحها . كما إنها أفرزت وضعا غير يسير على التشكيل الحكومي المرتجى. ففي 18 أيار 2018 أعلنت مفوضية الانتخابات في العراق النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، حيث تصدر تحالف "سائرون". وجاء في المركز الثاني، تحالف فصائل الحشد الشعبي ، فيما حلّ ائتلاف رئيس الوزراء حيدر العبادي ثالثا.
في 21 ايار 2018 أوردت جريدة الصباح العراقية ) ( شبه الرسمية) تقريرا على صدر صفحتها الأولى بعنوان " توقعات بإعلانها خلال أيام وتحديد بوصلة التحالفات بين الكتل" جاء فيه أن زعماء الكتل والأحزاب السياسية يواصلون مشاوراتهم مشاوراتهم ولقاءاتهم الماراثونية في سبيل تشكيل "الكتلة الأكبر" التي ستقدم لمجلس النواب الجديد وتأخذ على عاتقها تشكيل الحكومة المقبلة، ففي وقت أكد رئيس الوزراء حيدر العبادي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ضرورة استيعاب الجميع والاسراع في تشكيل الحكومة، أعلن تحالف "الفتح” أنه شرع بالتشاور مع ائتلافي العبادي "النصر" والمالكي "دولة القانون" لتشكيل الكتلة الأكبر، فيما كشف تيار الحكمة الوطني أن الـ48 ساعة المقبلة ستحدد بوصلة التحالفات بين الكتل السياسية".
التقرير ينطوي على تناقض المواقف بين فرقاء الأمس وبين المتحاورين اليوم . فإن تطابقت وجهات النظر بين الصدر والعباديفذللك متوقع فالرجلان ميالان لحكومة عراقية ذات سيادة غير منقوصة وغير تابعة . أما قائمة "الفتح ــــ العامري " التي تسعى للتحالف مع" النصرــــــ العبادي" و قائمة " دولة القانون ــــ المالكي" فإن توجهات القوائم التي اعلنت خلال الحملات الانتخابية تؤكد تناقض الاهداف والرؤى إن صدقوا وعودا.وتتواصل الاتصالات بين معظم القوى المكونة للعملية السياسيىة المتصدرة للعملية الساسية منذ 2003 لتشكيل الحكومة. فإن جاءت حكومة توافقية بذريعة اشراك كافة المكونات بإسلوب محاصصة مبطنة دون ذكرهها فأربع سنوات أخرى لا تختلف ضعفا عن سابقاتها. وهنا وجب التذكير.
ــــــــــــــ أن المناصب في الرئاسات الثلاثة يجب أن تسند لذوى الخبرة في الإدارة السياسية العليا للبلاد. وليس لإعتبارات حزبية أو دينية أو طائقية تطبيقا لما ورد في الدستور.
ــــــــــــــــــ أن الحقائب الوزارية يجب اسنادها على اسس النزاهة والخبرة. فالوزير يجب أن يكون خبيرا متخصصا في صلب شؤون وزارته وليس كما يشاع سياسيا وحسب. كذلك فإن وكلاء الوزارات والمدراء العموم يجب أن يكونوا من ذوي الخبرة والتخصص في صلب عمل وزاراتهم. فطالما عيّن وزراء جهلة في عمل وزاراتهم فإلتف حولهم رعيل من موظفين فاسدين فكرسوا الفساد.
فإن لم تأت حكومة مدنية مكونات وزاراتها وهيئاتها من ذوي الخبرة والتخصص كل في عمله ، فإن سنوات ضياع أخرى مقبلة. والعراق بلد غني بثروات طبيعية يمكن ان توفر العيش الكريم لمائة مليون انسان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ