الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء عن الإسلام في البحرين - رؤوس هيدرا

موسى راكان موسى

2018 / 5 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




الدين الرسمي ، الدين الشعبي ، الإيديولوجيات العضوية ، الإيديولوجيات الاعتباطية ، الفلسفة ، الحكمة الشعبية (فلكلور الفلسفة) ، هي مفاهيم طرحها غرامشي و حاول التمييز بينها في معرض تناوله قضايا المادية التاريخية ، و هذا البحث المعني بـ(( شيء عن الإسلام في البحرين )) هو محاولة لتجاوز الأطروحات اليسارية السطحية و الغوغائية المتعلقة بالإسلام ؛ فمنهج البحث هو المنهج المادي التاريخي .



تذكر الميثولوجيا الأغريقية (( هيدرا )) و هي كائن بتسعة رؤوس ، و كان على هرقل أن يقتله ضمن مهامه المُكلف بها ، في أول مواجهة كان الرأس الذي يقطعه هرقل ينمو مكانه رأسين ، فعمد هرقل فيما بعد إلى كَوي مكان الرأس المقطوع من الجسد بالنار حتى لا تنمو رؤوس مضاعفة بدل المقطوعة ، و هكذا نجح هرقل في مهمته هذه .



الحكمة الشعبية تمثل جسد (( هيدرا )) ، و الدين الشعبي و الإيديولوجيات العضوية جزء من الحكمة الشعبية ، و العلاقة بين الدين الشعبي و الإيديولوجيات العضوية ليست ثابتة ، فالإيديولوجيا العضوية تكون عضوية كلما كانت جزء من الحكمة الشعبية و إلا كانت إيديولوجيا اعتباطية ، و الإيديولوجيا العضوية ليست بالضرورة مرتبطة بالدين الشعبي ، لكن هناك إيديولوجيات عضوية مرتبطة بالدين الشعبي ؛ ميّز البحث بين الإسلام الجديد و الإسلام السياسي الجهادي ، نعم هناك متشابهات بينهما لكن أيضا هناك فرق بينهما و المتمثل في كون الأول تعبير عن دين شعبي و الثاني إيديولوجيات عضوية ، و لأنها عضوية فتمييزها عن الدين الشعبي ليس سهلا .


من الممكن أن يكون الدين الشعبي هو ذاته في مجتمعين مختلفين ، و أن لا تكون الإيديولوجيا العضوية هي ذاتها في المجتمعين ، ربما تكون الإيديولوجيا عضوية في مجتمع و في آخر تكون اعتباطية ؛ فمجتمعات كثيرة من ضمنها المجتمع البحريني دخل في الإسلام الجديد [الدين الشعبي] ، لكنها لم تتقبل فكر "الإخوان المسلمون" كما تقبلته غيرها من المجتمعات ، إذ مَثّل الفكر إيديولوجيا عضوية في بعض المجتمعات [مصر مثلا] و في مجتمعات أخرى إيديولوجيا اعتباطية [البحرين مثلا] .



فإذا كانت الحكمة الشعبية تمثل جسد (( هيدرا )) ، فما الذي يمثل رؤوسها ؟ .
الدين الرسمي ، الفلسفة ، الإيديولوجيات الاعتباطية ، هذه تمثل رؤوسها .



من المهم الإشارة إلى غلط البعض بمماثلة الحالة الأوروبية بالعربية فيما يتعلق بالدين الرسمي ، دور الكنيسة و رجال الدين المسيحيين مختلف تماما عن دور المسجد و رجال الدين المسلمين من منطلق اختلاف المجتمعات نفسها ؛ الدين الرسمي الأوروبي لعب دورا توفيقيا بين دين البسطاء و دين المثقفين ، هذا الدور التوفيقي كان سببا في القمع الديني و الإصلاح الديني ــ في البحرين لا يلعب الدين الرسمي في الواقع أي دور توفيقي ، و الغريب حقا أنه في أكثر من موقع أظهر الدين الرسمي إنهزامية غير مبررة ؛ لم يتحرك رجال الدين الرسمي في مواجهة الإسلام الجديد ، فبالإضافة لعزل الشيخ راشد المريخي عن المنبر كان الدين الرسمي يغازل الإسلام الجديد ، كما و أظهر المجلس الإسلامي العلمائي (الشيعي) تحديا واضحا للدين الرسمي في البلاد [و رغم حلّ المجلس إلا أن الدين الرسمي بقي خجولا أمامه حتى بعد الحلّ] .



بغض النظر عما يدله وضع الدين الرسمي في البحرين ، فهو يُبقي مساحة من الحرية ليست بهيّنة فيما يتعلق بالنقد الديني ؛ القمع الديني و المُتمثل في القانون تجريم (( إزدراء الأديان )) يُلجأ إليه في العادة كوسيلة ضغط لمصالح طائفية ، بالتالي فهو قمع طائفي أكثر من كونه في الحقيقة قمع ديني ، فما تعرض له الشيخين "جاسم السعيدي" و "محمد خالد" من رفع دعاوي و تحرك إجتماعي شيعي طائفي يوضح الأمر [و طال الأمر حتى الدكتور الجامعي منذر العياشي ، و أنتهى الأمر بإعتذاره] .



على الرغم من تهويل أدوار السلفية و الإخوان في البحرين ، إلا أن أدوارهم أقل بكثير جدا مما يُثار ، فالواقع أن الأفكار السلفية و الإخوانية في البحرين أيديولوجيات اعتباطية لا عضوية ، بينما دور الأفكار الشيعية الوفاقية [نسبة إلى جمعية الوفاق المُنحلة و فروعها المُنشقة] كبير جدا و مُخيف ، فهي أيديولوجيات عضوية ؛ فالسلطات في البحرين بقيّت تحابي و تهادن حتى أدركت [مُتأخرا جدا] أن المسألة الشيعية ليست مسألة مذهبية بل طائفية [سياسية] ، و نشهد منذ أحداث 2011 عملية قص مخالب الطائفية الشيعية في البحرين [مؤخرا (( أنذرت )) وزارة الداخلية البحرينية بيان أصدره الشيخ الغريفي مع أربع من مشايخ الشيعة يحوي مطالب سياسية] .



أما الفلسفة كنظام متكامل [و يعنينا هنا الفلسفة الدينية فقط] فهي في إختصاصيي رجال الدين الشيعة ظاهرة بارزة [بغض النظر عن النقد الموجه لها] ، بينما إختصاصيي رجال الدين السنة يندر إنخراطهم في الفلسفة [حتى في إنخراطهم هم مُتأخرين عن نظرائهم الشيعة] ؛ لكن فعليا تبقى الفلسفة غائبة عن الساحة ، و تنحصر في دروس جدا نادرة و متخصصة و بعيدة عن الدين الشعبي ، إذ تكون عن العرفان أو المنطق أو خصوصية مذهبية عميقة .



هذه هي (( هيدرا )) مع روؤسها في البحرين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم


.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي




.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟


.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني




.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح