الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لوحة متوالية الاوجاع والكاتب عقيل الواجدي.. للناقد الاستاذ وجدان عبدالعزيز

عقيل الواجدي

2018 / 5 / 27
الادب والفن


قصة (لاذاكرة للوطن) للقاص عقيل الواجدي،المتوّجة بالمركزالاول في مسابقة احمد بوزفور للقصة القصيرة في المغرب العربي ، جاءت على هيئة لوحة لاتحمل الوانا معتادة، انما تركزت فيها الوان غير مرئية، الوان وجع جسدي ووجع روحي، وهذه انواع الوجع ترسم خارطتها ويلات الحروب المتعاقبة على بلد الكاتب العراق، وبالرغم من كره جميع شعوب العالم للحرب، إلّا أنّها تعد ظاهرة إنسانية قديمة، فلم يخلُ أيّ عصر من العصور القديمة من اشتعال الحروب التي كانت ضحاياها عشرات الآلاف من الناس، فتاريخ الحرب قديم جداً، فمنذ أن هبط آدم عليه السلام على الأرض والنزاعات قائمة، كما لاتخلو صفحات التاريخ من النزاعات والحروب بين الأمم، وخاصة بين الإمبراطوريات والممالك القديمة، ولكن حروب العراق المستمرة، جعلت من الكاتب الواجدي ان يعطيها سمة الاوجاع المتتالية، فالحتمية التاريخية تؤكد ان بعد كل حرب يحدث اصلاح وتفاؤل وتنمية بشرية، الا في العراق فهناك متوالية بالحرب ومتوالية بالوجع، هذا عرك الانسان العراقي، واعطاه ميزة المطوالة، ومحاولة الحفاظ على البقاء، فالحرب تدل بالافتراض الاول على انها محصلة قانون الحفاظ على البقاء، والصراع من أجل البقاء للأصلح، وتنافس الشعوب وتزاحمها لتوفير شروط أفضل لحياتها، أو توفير مكانة أعلى لها بين جماعات البشر في النظام العالمي. وتدل فالافتراض الثاني على إن الحرب تعبير عن طبيعة السلوك الإنساني الخاضع للغريزة، ويتحدد بالشعور العدواني الذي تطور بالاصطفاء الطبيعي وتوارثه أفراد النوع، ويرى المختصون في هذا العلم أن سلوك الإنسان سلوكاً غير مفهوم ناشئ عن طبيعته الحيوانية، وخاصة في معالجته المشكلات السياسية والاجتماعية التي تعترض سبيله ومن ذلك اللجوء إلى الحرب، ويرى العلماء أن في الإنسان ميلاً فطرياً إلى قتل أبناء جنسه، وأن فيه ما يسمى «الحنين إلى الأرض» المتمثل في التصاقه العاطفي بأرض معينة، وحاجته إلى مجال «حيوي» يختص به، وأنه طوّر ،انطلاقاً من هذا الأمر، ميله إلى القتال من أجل الوطن، وهو سمة وراثية متأصلة في السلوك الإنساني، وظل هذا الصراع الذي اداره الكاتب الواجدي في قصته اعلاه، فبقي الواجدي بين محاولة البقاء، وبين الوازع الاخلاقي، لان الحرب مرفوضة أخلاقياً وإنسانياً، وهي تتسبب في دمار واسع لكل مقومات الحضارة، وليست حتمية أو ضرورية كأدوات السياسة الأخرى، ويمكن تجنبها بالمعارضة السياسية السلمية التي تحرم الطرف المعادي من مسوّغاته وأطماعه وتجبره على التخلي عن مخططاته العدوانية، ولما كانت الحرب حدثاً عابراً فإن الدول تسعى إلى تلافي الأسباب التي تؤدي إليها وإلى إيجاد البنية السياسية والاقتصادية التي توفر لها تحاشي الحرب في المستقبل. ويرى بعض المؤرخين أن هناك صلة وثيقة بين الحرب والكساد الاقتصادي. إذ إن الكساد الاقتصادي يخلق للدولة وللفئات الحاكمة فيها مشكلات تحفزها إلى البحث عن سبل حلها، فتحاول أن تحمي نفسها على حساب دول وشعوب أخرى، وقد يؤدي الشعور بالخطر إلى مواجهة تلك الحلول بردّ عنيف وإثارة سخط الطرف المتضرر شعباً وحكومة، فيلجأ إلى الحرب.. ومهما اختلفت أشكال الحروب وأسبابها فإن إيجاد المسوّغ الأخلاقي للشروع بها يبقى مطلب الراغبين فيها، وقد يبلور هذا المسوغ في محاولات إقناع الآخرين بعدالة القضية التي يخوضون الحرب من أجلها والدفاع عن مصالح الأمة ودرء الخطر عنها، وهم يسعون دائماً إلى التقليل من آلامها وأضرارها المحتملة ما أمكن، وليس من الضروري أن تكون تلك المسوغات حقيقية واضطرارية، ولكن المهم إقناع الآخرين بها ولو كانت كاذبة أو لاأساس لها من الصحة، وقد يلجأ أنصار الحرب إلى اختلاق أفعال وتوفير بعض الشروط التي تدفع الناس إلى تصديق ما يزعمونه. في حين ترى أطراف كثيرة، لاتؤمن بمبدأ العنف، أنه مهما كانت المسوغات مقنعة فإن الحرب غير ملزمة، وأن الحرب مع تطور وسائلها وتقنياتها، ولاسيما في القرن العشرين والقرن الحالي، ارتفع ثمنها بتفاقم أعداد الضحايا نتيجة استعمال الأسلحة الشديدة الفاعلية العالية التدمير، وزادت أضرارها المادية إلى درجة كبيرة، وتقوم المنظمات الدولية وغير الدولية، وخاصة الأمم المتحدة ، بدور كبير في هذا الصدد، فتبحث في أسباب الحروب وكيفية تلافيها، وتسعى إلى التوسط بين الأطراف المختلفة وإقناعها بعدم اللجوء إلى السلاح لحل القضايا العالقة فيما بينها، وإلى اقتراح الحلول لها، فهل ان الكاتب الواجدي ركب هذا الاتجاه او انه ركب الاتجاه الاخر..؟ وكما قلت ان الكاتب قاد ثورة انفعالية موجعة ضد الحرب، لانها سبب كل الفقدانات التي كان يعاني منها، فقدان اعضاء من جسده، الفقر الذي يعانيه، والاسلاب الاخرى التي يعانيها .. فعاش صراعات عديدة، وحتى يكون الكاتب حياديا بعض الشيء حرك احداث القصة من خلال السرد الموضوعي، وكان استهلاله يؤكد استمرار الاوجاع .. النص يقول : (علامة فارقة سيجارته التي في يده ، معقود قِرانها منذ اول فجيعة المّت بروحه، دخانها الذي يعبّأ المكان يرسمُ ذات المشهد دون خروج عن النص، هما عنوانان – يده وسيجارته - لأيامٍ تعيد نفسها .)، وتظل لوحة الوجع متوالية تزحف حتى على حالة التذكر (لا فيروز للصباحات الكسولة في مدينة تتلفتُ طيورها فزعا من حصى الصبية الذين يسبقون الفجر نحو المزابل، هي روحٌ اخرى يشيعها العويل نحو السماء لتُمطر َ البيوتَ وجوما وحزنا، الحالمون بسقفٍ وحدهم من يشيدون الجدران وينسجون الاماني سلالما، ووحدهم من يهبون الارواح بلاثمن ..) اذن بقي فقط الحلم الذي، قد يكون ملاذا لبطل القصة، الذي خسر كل شيء، فقط الارض الواسعة وهي هنا الوطن، ولذا كان يحلم ان يعيد ترتيب اوراق حياته، وكانت الضربة الاخيرة بالقصة، عبارة عن حلم يلبسه لباس الحياة .. يقول النص الاخير من القصة : (وهو يقفز السواتر تباعا للوصول نحو الرابية التي تنفث رصاصها نحوهم ، قلبه الذي دفنه نبضت به الارض، الفقراء وحدهم من يخافون على مالايملكون ووحدهم من يظنون انهم يملكون كل شيء !! لكنما ما كانت الشجاعة كافية لان يعود بساقه ولا الدماء التي تناثرت كافية لاخضرار غد !) وبهذا اوقف متوالية الوجع فالفقراء وحدهم من يخافون على مالايملكون، لانهم وحدهم من يظنون انهم يملكون كل شيء ...
ـ قصة (لا ذاكرة للوطن) للكاتب عقيل الواجدي/ الفائزة بالمركز الاول /مسابقة احمد بوزفور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و