الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسية وتحرر المرأة

كامل عباس

2006 / 3 / 20
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات


يحلو لي أن أصف الماركسية بالدين الرئيسي الثالث , مثلها مثل الاسلام والمسيحية , والتشابه مذهل بين انبياء الأديان الثلاثة , يسوع , محمد , ماركس , من حيث اخلاص كل منهما لمبادئه وانحيازهم المطلق الى جانب الفقراء والمضطهدين الذين يعملون ولا يملكون من انتاج عملهم سوى ما يسمح بتجديد شروط حياتهم .
المسيح قال : دخول جمل في خرم ابرة أسهل من دخول غني ملكوت الله
ومحمد قال : ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين .
وماركس قال : ان الطبقة العاملة لن تخسر بالثورة سوى أغلالها .
والمؤسف حقا ان يرتبط الدينان السماويان ببرنامجيهما أكثر مما يرتبطان باسم نبييهما - حيث نادرا ما يقال " المحمدية " بل الاسلام أو : اليسوعية " بل المسيحية - في حين يرتبط الدين الأرضي باسم نبيه اكثر مما يرتبط ببرنامجه , فنحن نقول الماركسية , اكثر مما نقول الشيوعية . علما بان الاسلام والمسيحية لم يعرفا قبل عيسى ومحمد , في حين قامت الشيوعية كتيار فلسفي وأيديولوجي وسياسي قبل ماركس بكثير
ترى مالفرق بين دعاة الاسلام هو الحل ودعاة الماركسية هي الحل ؟ اليس كليهما يريد ان يقيس الشاهد على الغائب ويتطلع الى الماضي بدلا من ان يتطلع الى المستقبل , مالفرق بين المجتهدين ضمن الجهتين ؟ اليس كليهما ينطلق من اولوية النص على اولوية الواقع ؟ ويحاول ان يطور تلك النصوص لتتلاءم مع الواقع الجديد . والمأساة انه يمكن ان تتفهم ببساطة انطلاقة المسلم والمسيحي من دينه وتعاليمه , فالمؤمن لديه قناعة مسبقة بان الدين فوق دائرة العقل يجب التسليم به كما جاء من السماء بدون أي مناقشة , لكن اين العذر لماركسي تقوم عقيدته على العقل ؟ وتقدم نفسها بوصفها علم !! . لقد نشأت الماركسية في زمان ومكان محددين كايديولوجيا للطبقة العاملة وغلبت الجانب الطبقي على الانساني بحجة ان أيديولجيا الطبقة العاملة هي معرفة وليست أيديولوجيا كونها تنسجم مع منطق التاريخ , وهي آخر الطبقات في التشكيلات الاجتماعية فهل دعم التطور تلك المقولة ؟. اين هي الطبقة العاملة الآن ؟ وما هو دورها في المجتمع ؟ في ظل عصر الأتمتة وعصر المعلوماتية ؟ أين هو التركز والتمركز لهذه الطبقة الذي تحدث عنه ماركس ؟
يقوم العمود الفقري لنظرية ماركس كما بينها هو في رسالة الى يوسف فيدماير (1)
المؤرخة في الخامس من آذار عام 1852
(( ... وفيما يخصني , ليس لي لا فضل اكتشاف وجود الطبقات في المجتمع المعاصر ولا فضل اكتشاف النضال فيما بينها , وقد سبقني بوقت طويل مؤرخون بورجوازيون بسطوا التطور التاريخي لهذا النضال بين الطبقات , واقتصاديون بورجوازيون بسطوا تركيب الطبقات الاقتصادي , وان الجديد الذي أعطيته يتلخص في اقامة البرهان على ما يأتي
1- ان وحود الطبقات لا يقترن الا بمراحل تاريخية معينة من تطور الانتاج .
2- ان النضال الطبقي يفضي بالضرورة الى ديكتاتورية البروليتاريا
3- ان هذه الديكتاتورية نفسها لا تعني غير الانتقال الى القضاء على كل الطبقات والى المجتمع الخالي من الطبقات . ..))
تتمة هذا النص في تلخيصه مذهبه في مقدمة كتابه مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي (2)
(( تقوم بين الناس , أثناء الانتاج الاجتماعي لحياتهم , علاقات معينة ضرورية , مستقلة عن ارادتهم , هي علاقات الانتاج التي تطابق درجة معينة من تطور قواهم المنتجة المادية , ومجموع علاقات الانتاج هذه يؤلف البناء الاقتصادي للمجتمع , أي الأساس الواقعي الذي يقوم عليه بناء فوقي حقوقي وسياسي وتطابقه أشكال معينة من الوعي الاجتماعي , ان أسلوب انتاج الحياة المادية يشترط تفاعل الحياة الاجتماعي والسياسي والفكري . بصورة عامة , فليس ادراك الناس هو الذي يحدد معيشتهم , وعلى العكس من ذلك , معيشتهم الاجتماعية هي التي تحدد ادراكهم . وعندما تبلغ قوى المجتمع المادية درجة معينة من تطورها , تدخل في تناقض مع علاقات الانتاج الموجودة او مع علاقات الملكية – وليست هذه سوى التعبير الحقوقي لتلك – التي كانت الى ذلك الحين تتطور ضمنها , فبعد ما كانت هذه العلاقات أشكالا لتطور القوى المنتجة , تصبح قيودا لهذه القوى . وعندئذ ينفتح عهد الثورة الاجتماعية ...... ))
العنف الثوري عند ماركس هو قابلة التاريخ , وهو يدعو الى الثورة الاجتماعية من أجل قلب نظام الانتاج الرأسمالي بالقوة , واذا اخذنا بجوهر نظريته هذه الأيام كاننا ندعو بصراحة الى تدمير حضارة هذا الكوكب , فلايخفى على احد وجود القنابل الهيدروجينية بين أيدي قلة من الراسماليين اذا أفلتت من عقالها تحيل هذه الحضارة الى ركام بدقائق , بالتاكيد لايلام ماركس عندما كان يفكر في هذه الطريقة قبل اختراع هذه الأسلحة . يلام أتباعه الذين لا يستعملون عقلهم ليصلوا الى نتيجة مفادها - ان الوعي هو قابلة التاريخ - في عصرنا , وهي خصوصيته عن بقية العصور السابقة . يلام هؤلاء لأنهم لايقرون بان الماركسية لاتصلح لهذا العصر , مع انها جزء كبير جدا من التراث الانساني والكثير مما قاله ماركس في تشريح أسلوب االانتاج الراسمالي لايزال يحتفظ بقيمته ولكن استنتاجاته التي استخلصها وفي مقدمتها ديكتاتورية البروليتاريا لم يبرهن التطور الاجتماعي اللاحق على صحتها (3)
يهمني في هذا الفصل موقف الماركسية من تحرر المرأة وفهمها للعلاقة بين جنسي النوع البشري في الماضي والحاضر والمستقبل (4)
الماركسية والعلاقة بين الجنسين في الماضي :
نظرت الماركسية الى التجمعات البشرية الأولى بوصفها – مجتمعا شيوعيا بدائيا (5) قائما على العوز والحرمان , يناضل فيه الناس بشكل جماعي لتامين متطلبات حياتهم من الطعام والشراب والسكن ودرء مخاطر الطبيعة ,وأطنبت بمديح تلك الحياة الاجتماعية وما رافقها من ديمقراطية سادت في تلك التجمعات التي عرفت في كل مكان بداية التاريخ بما يسمى العشائر (6)
(( جميع أعضاءها أناس أحرار وملزمون بحماية حرية بعضهم بعضا , ومتساوون في الحقوق الشخصية – فلا الساخمات ولا القادة العسكريون يدعون بأي أفضليات – وهم يشكلون أخوية تشد لحمتها روابط الدم . ان الحرية والمساواة والأخوة كانت المبادئ الأساسية في العشيرة , رغم انها لم تتبلور يوما في صيغة معينة , وكانت العشيرة بدورها وحدة نظام اجتماعي كامل وأساس مجتمع الهنود الحمر المنظم . وهذا ما يفسر الشعور الثابت الذي لايلين بالاستقلال والكرامة الشخصية , ))
وتتمة تلك الديمقراطية هي بالعلاقات الجنسية الحرة بين الرجل والمراة حيث (( أن كل امرأة تخص كل رجل وبحيث ان كل رجل كان يخص كل امرأة )) (7) . ولآن والد الطفل داخل العشيرة في ظل ذلك الزواج الجماعي يستحيل معرفة أباه , فقد كان النسب يعود للأم وما يتبعه من مركز مشرف للمراة داخل العشيرة يفوق مركز الرجل بأضعاف وهكذا ف (( الاقتصاد البيتي الشيوعي يعني سيادة النساء في البيت , كما ان الاعتراف بالأم وحدها , نظرا لاستحالة معرفة الوالد بكل ثقة يعني رفيع الاحترام للنساء أي الأمهات , وان الرأي الزاعم ان المرأة كانت عبدة الرجل في بداية تطور المجتمع هو من أسخف الآراء التي تركها لنا عصر الأنوار في القرن الثامن عشر , فان المراة عند جميع المتوحشين وعند جميع القبائل في الطورين الأدنى والأوسط وجزئيا في الطور الأعلى من البربرية , لا تتمتع بالحرية وحسب بل تشغل أيضا مركزا مشرفا جدا )) (8) .
ولذلك عندما ظهرت الملكية الخاصة وما رافقها من زواج أحادي قائم على العائلة البطريركية , خسرت المرأة مركزها المشرف , وما ينسب للزواج الأحادي من فضائل يتم السخرية منها على الشكل التالي
(( فعند الطيور , مثلا , تفسرها حاجة الأنثى الى المساعدة والحماية في مرحلة حضانة البيض والأفراخ ؛ وان امثلة على متانة احادية الزواج لا تثبت شيئا قيما يتعلق بالناس لأن الناس لا ينحدرون من الطيور , واذا كانت أحادية الزواج الصرف ذروة كل فضيلة , فان قصب السبق في هذا المجال يعود عن حق واستحقاق الى الدودة الشريطية التي يوجد في كل عقدة من عقدها أو مفاصلها جهاز تناسلي كامل للذكر والأنثى , والتي تقضي حياتها كلها في مضاجعة نفسها بنفسها )) (9) .
أقل مايقال في هذا الكلام انه يحمل من الأيديولوجيا أضعاف مما يحمل من العلم والحقيقة المعرفية , وأنه دعاية محضة ونوع من التبشير في المجتمع الشيوعي القادم الذي سيدفن المجتمعات المؤسسة على الملكية الخاصة , ويعمم وسائل الانتاج , وتصبح فيه الحياة الجماعية قائمة على الوفرة وليس على العوز والحرمان , كما كان الحال في المجتمع الشيوعي البدائي , وذلك ما يعتقد الماركسيون انه يساعدهم على حث الطبقة العاملة وحلفاؤها للنضال من أجل ذلك المجتمع , أما الحقيقة العلمية , فهي ان تلك المجتمعات كانت أقرب الى القطيع الحيواني , ولم يكن النوع البشري قد قطع حبله السري المتعلق بالمملكة الحيوانية . لم تكن المشاعر والأحاسيس التي تميز هذا النوع قد نمت بعد , وعندما تقدمت تجربته وتطورت مشاعره واحاسيسه قاد ذلك الى الغيرة وبالتالي الى الزواج الأحادي والعائلة المرافقة له , وهذا يعني ان الزواج الأحادي مع كل اشكالياته وسلبياته , كان خطوة كبيرة الى الأمام في تاريخ هذا الجنس وفرته له الملكية الخاصة , ليس للرجل فقط بل وللمراة ايضا , وان كانت مزاياه قد خدمت الرجل اكثر من المراة , أما الحديث عن الهزيمة العالمية للجنس النسائي بسبب ذلك فما هو سوى محض هراء
(( ان اسقاط الحق الأمي كان هزيمة تاريخية عالمية للجنس النسائي , فقد أخذ الزوج دفة القيادة في البيت أيضا وحرمت الزوجة من مركزها المشرف , واستذلت وغدت عبدة رغائب زوجها , وأمست أداة بسيطة لإنتاج الأولاد )) (10)
الماركسية والعلاقة بين الجنسين في الفترة التاريخية القائمة على الملكية الخاصة :
نظرت الماركسية الى العلاقة بين الرجل والمراة في كل التشكيلات الاجتماعية القائمة على الملكية الخاصة انها تقوم على (المصلحة في نقل الملكية بالوراثة ) (11) والتي تقوم على العائلة البطريركية التي تكون فيها السيادة للرجل واستفاضت في شرح تلك العلاقة داخل المجتمع الرأسمالي ووصفت العائلة فيه انها (( ترتكز على الرأسمال والربح الفردي , وتتمتها هي الإلغاء القسري للعائلة باانسبة للبروليتاري , ثم البغاء العلني )) (12) . والمرأة في تلك العائلة تعاني من اضطهاد مركب طبقي واجتماعي حيث (( الرجل في العائلة هو البورجوازي بينما المرأة تمثل البروليتاريا )) (13) . وان العلاقة القائمة بين الرجل والمراة على أساس الحب العاطفي والجنسي الصحيح - ان وجدت – لن توجد الا خارج المؤسسة الزوجية على شكل خيانة عند البورجوازية أو في بيئة الطبقات المظلومة أي بيئة البروليتاريا .
الماركسية والعلاقة بين الجنسين في المستقبل :
رأت الما ركسية ان البغاء بشقيه العلني والمستتر لن يزول الا بزوال نظام الانتاج الرأسمالي (( ان العائلة البورجوازية تضمحل طبعا باضمحلال تتمتها هذه . وكلتاهما , العائلة البورجوازية وتتمتها , تتلاشيان بتلاشي الرأسمال )) (14) .والحل يكمن في تجاوز النظام الرأسمالي ’ والعمل على اقامة النظام الشيوعي على أنقاضه , الذي (( تتحول فيه وسائل الانتاج الى ملكية عامة , اجتماعية ,لا تبقى العائلة الفردية فيه وحدة المجتمع الاقتصادية , والاقتصاد البيتي يصبح فرعا من فروع النشاط الاجتماعي , , وتغدو العناية بالأطفال وتربيتهم من شؤون المجتمع , والمجتمع سيعنى بالقدر ذاته بجميع الأطفال سواء كانوا شرعيين ام غير شرعيين . وبفضل هذا يزول هم " العواقب " الذي يشكل في الوقت الحاضر أكبر سبب اجتماعي أخلاقي واقتصادي , يمنع الفتاة من الاستسلام بلا تحفظ للرجل الذي تحبه )) (15) ا] انها دعت بوضوح الى اشاعة النساء (( ولشد ما يضحكنا هذا الذعر فوق الأخلاقي الذي توحيه الى البورجوازيين اشاعة النساء الرسمية التي يزعمون ان الشيوعيين يدعون اليها . ليست بالشيوعيين حاجة الى إدخال اشاعة النساء , فهي تقريبا كانت دائما موجودة ....
ليس الزواج الورجوازي في الحقيقة والواقع سوى إشاعة النساء المتزوجات , فقصارى ما يمكن ان يتهم به الشيوعيون اذن هو انهم يريدون , كما يزعم , الاستعاضة عن اشاعة النساء بإشاعة صريحة واضحة )) (16)
ما من شك عندي ان الرأسمالية ليست خالدة , وليس المجتمع البورجوازي هو نهاية التاريخ كما يقول الفيلسوف الأمريكي فرانسيس فوكوياما , والمجتمع البورجوازي قائم حقا على الاستغلال والربح والمنفعة الخاصة , وبالتاكيد ايضا ان مجتمعا اشتراكيا قائما على الملكية العامة لوسائل الانتاج سيكون متقدم عن المجتمع الحالي فيما لوتمكنا من الوصول اليه ويمكن ان يضرب المرء مثالا واقعيا للتدليل على صحة ذلك , مأخوذ من واقع وسائل المواصلات الحالية والتي تقوم على مبدا توفير سيارة لكل شخص قادر على شرائها وما يسبب ذلك من مشاكل لاحصر لها للبشر من ازدحام على الطرقات وتلوث للبيئة , أما عندما تصبح وسائل الانتاج ملكية عامة , يصبح لقطاع المواصلات موظفون يوصلون الناس الى الأماكن التي يقصدونها , ولا وجود لأي سيارة خاصة . ولنا ان نتصور في مجتمع حقق ذلك كم سينقص من استعمال الوقود ومن نسبة غاز ثاني اوكسيد الكربون في الجو ومن تحسن في النظام البيئي الخ .. – ولكن الأمانة الموضوعية تقتضي منا ان نقول ان تطبيق ذلك في مجتمع غير ناضج له سيعطي نتائج أسوا من التطبيق البورجوازي السابق –
لكن مجتمعا قائما على الملكية العامة وقطع شوطا كبيرا في التطبيق الاشتراكي وبدأ بالمجتمع الشيوعي - حيث ياخذ فيه كل من أعضائة حصة من الانتاج تناسب حاجته وليس عمله - لن تضمحل العائلة فيه وتتلاشى على ما أعتقد , فالعائلة من وجهة نظري هي النسيج الاجتماعي المتماسك الذي سيلازم صيرورة الجنس البشري والذي جاء نتيجة ابتعاده عن مملكة الحيوان , وستبقى في كل زمان ومكان , بعد أن ابتعدنا عن جذرنا الحيواني . ان معرفة الأب لأطفاله ,والأم لهم ولأبيهم ضمن العائلة القائمة على الزواج الأحادي ,ستكون ضرورتها اكبر في مجتمع شيوعي عادت للانسان فيه ذاته الانسانية المستلبة منه على مر العصور , ولن يكون في مجتمع انساني متقدم كهذا اولاد لقطاء لايعرف أحد منهم أباه , ولن يوفر أي مجتمع حنان ورعاية وحضانة للأطفال كما يوفرها الأبوين , فالرعاية العائلية يجب أن تسبق رعاية المجتمع , ومن ثم تكملها الرعاية المجتمعية الشيوعية . لكن بالتأكيد أيضا سيتسامح ذلك المجتمع في اقامة علاقات جنسية للمرأة خارج المؤسسة الزوجية بالقدر ذاته الذي يتسامح فيه مع الرجل ,- لابل انني شخصيا اعتبر هذا التسامح حتى في الوقت الحالي هو معيار أساسي من تقدم ورقي وحضارة أي مجتمع بشري .
على الأقل لا نستطيع ان نجزم كيف ستكون تلك العلاقات في المستقبل الا اذا اردنا تصور جنتنا الأرضية القادمة على طريقة جنة الأديان السماوية , التي ترغب المؤمنين بالجنة لأن فيها انهار من عسل وحور وولدان .
اما بالنسبة ل (( الشرط الأول لتحرر المرأة هو عودة جنس النساء بكليته الى الانتاج الاجتماعي , الأمر الذي يتطلب بدوره زوال العائلة الفردية بوصفها وحدة اقتصادية في المجتمع )) (17) . فأجد في هذا القول ان الماركسية منسجمة مع ذاتها في الشق الأول من القول حيث التحرر الاقتصادي هو شرط التحرر الاجتماعي ككل في نظريتها .
أما بالنسبة لي فتحرر المراة حسب فهمي , هو مساواة المراة بالرجل في كل النواحي القانونية والسياسية والاجتماعية , أي بصريح العبارة تجاوز الحضارة الذكورية القائمة على سيادة الرجل في العائلة الحالية , وهو ما يمكن ان يتم على يد البورجوازية , وامامنا مثال واضح هو الدول الأوروبية المتقدمة والتي اصبحت فيه المراة تتمتع بنفس الحقوق الي يتمتع بها الرجل , مع انني أعرف ان تلك العائلة ما تزال لها تتمة وهي البغاء سواء كان علنيا أم مستترا . ما يهمني في موضوع كتابي هذ1, وفي واقعنا العربي عموما والسوري خصوصا هو مساواة الرجل بالمراة في كافة الميادين وعدم اعتبارها ناقصة عقل ودين .
على انني لا انكر اهمية التحرر الاقتصادي على الطريقة الاشتراكية للمراة , وهو ما لمسناه في الدول الاشتراكية بداية نهوضها وما وفرت من فرص عمل للذكر والأنثى وبالتالي قللت الى أبعد حد من ظاهرة البغاء في تلك الدول حيث تتاجر المرأة بجسدها من اجل اعالة أسرتها .
ولكن ليس بالضرورة دائما ان تكون التجارة بجسد المرأة ناتجة عن حاجتها لذلك .
***************
ملاحظة :
هذه الدراسة هي فصل من كتاب سيصدر لاحقا تحت عنوان – اليسار السوري وتحرر المرأة –
اكون شاكرا لكل من يتقدم حولها بأي ملاحظة أو تعليق على الشكل والمضمون , وأرحب بأي اقتراح , وأعد بان آخذ بما أراه مفيد وموضوعي من تلك الملاحظات قبل دفع الكتاب للنشر
وهذا بريدي الالكتروني
[email protected]


.............................................................................................................

هوامش :

1- من مجلدات ماركس أنجلز م1ج2 ص 279
2- مجلدات ماركس م1ج2 ص 252
3- أنا على ثقة من ان دراستي هذه ستصدم الكثير من الشيوعيين في بلادي وسيصفونني مجددا كما وصفني احدهم سابقا بأنني انقلبت على ثقافتي الأولى وتنكرت لفضلها علي . ولكن الحقيقة هي غير ذلك , فانا هنا أعمل بما يمليه علي عقلي , وليس من الضروري ان يكون صحيحا , بل انني مجتهد . ان اصبت لي اجران وان أخطأت لي اجر واحد .
4- سأعتمد على مرجعين أساسيين حول هذا الموضوع هما البيان الشيوعي الذي صاغه ماركس , وأصل العائلة والملكية الخاصة والدولة من تأليف فريدريك أنجلز .
5- من ملاحظة أنجلز وردت في تقديم الطبعة الأنجليزية للبيان الشيوعي .
6- استشهاد ل كارل ماركس اقتطفه من كتاب العالم الأمريكي لويس هنري مورغان ورد في كتاب أصل العائلة ص 112
7- أصل العائلة ص 36
8- أصل العائلة ص 59
9- أصل العئلة ص 37
10- أصل العائلة ص71
11- أصل العئلة ص 100
12- البيان الشيوعي ص 68
13- أصل العائلة ص 94
14- البيان الشيوعي ص 68
15- أصل العائلة ص 96
16- البيان الشيوعي ص 69
17- أصل العائلة ص 94








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتعاض واعتراض وغرامات.. ما رأي الشارع العراقي بنظام المخالف


.. عبد الله حمدوك: لا حل عسكريا للحرب في السودان ويجب توحيد الم




.. إسرائيل أبلغت دول المنطقة بأن استقرارها لن يتعرض للخطر جراء


.. توقعات أميركية.. تل أبيب تسعى لضرب إيران دون التسبب بحرب شا




.. إبراهيم رئيسي: أي استهداف لمصالح إيران سيقابل برد شديد وواسع