الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روايات الفلسطينيين حول النكبة: محمد سعيد سمرة: الطنطورة للطنطورية

فيحاء عبد الهادي

2018 / 5 / 30
الادب والفن



يروي "محمد سعيد سمرة" (أبو خالد) - المهجَّر من قرية الطنطورة، عام 1948، ويقيم في عمان، ذكرياته عمّا حدث في الطنطورة من أحداث تدمي القلب، عام 1948.
وعبر روايته يتبيّن زيف ادّعاء القوات الصهيونية، بأن ترحيل الفلسطينيين من الطنطورة كان بسبب إمدادها القرى حولها بالأسلحة، لموقعها الإستراتيجي على البحر. كانت الخطة مبيّتة لتطهير القرية عرقياً، حيث لم يكن لدى سكان القرية سوى قطع سلاح قليلة بدائية، لا تتعدى الـ 15 قطعة، استخدمها الفلسطينيون للدفاع عن قريتهم:
"إحنا محاصرين بالطنطورة ع البحر، واليهود من شرقنا، وإحنا لا عنّا سلاح ولا عنّا شيء، سلاحنا كان بدائي! عنّا كم بارودة صيد، وعنّا رشاشات، كلّه ما بتجاوز 15 قطعة، وكانوا يِطلعوا تسمّيهم المجاهدين، كل عيلة يطلع منها واحد.
إحنا بنتذكّر، كل عيلة لازم تجيب قطعة سلاح، إحنا جبنا قطعة سلاح بارودة ألمانية، يمكن من الحرب العالمية الأولى، تطلق فيها طلقة، والطلقة الثانية ما تطلع فيها، هاي كان سلاحنا! السلاح الّلي جابوه الشباب الّلي كانوا يشتغلوا في الشرطة البريطانية هو السلاح أكم بارودة. ناس عزّل من السلاح، لو فيه كان سلاح عنّا في البلد، كل إنسان كان مستعد يستشهد يموت، ولا يخلّي اليهودي يدخل على بلده، على أهله وعلى بناته.
كانت فيه عنّا في الطنطورة سيدات مناضلات بمعنى الكلمة، "إم خليل بيرومي"، هذه كانت تحمل السلاح وتروح تحارب مع المجاهدين، هاي سِتّ بس زيّ رجل بقوّتها، تروح على محل الحراسة، يوم الهجوم، هي الّلي توخذ الذخيرة، طبعاً فيه كمان ثنتين، 3 ستّات، بسّ أنا ما بعرف أسمائهن الباقيات".
وكما حدَّد الراوي مرتكبي المجزرة، القوات الصهيونية، تحدَّث أيضاً عمّن أوقف المجزرة، وهم اليهود الذين عاشوا مع العرب، وطلبوا من القوات الصهيونية أن يوقفوا المذبحة، أو يقتلوهم مع جيرانهم الفلسطينيين:
"سمعت من أهل الطنطورة، إنه (أهالي زمّارين) الّلي أوقفوا المجزرة، أجا مختار زمّارين وأبصر مين! أجوا وشافوا الناس بتنضرب، ووقفوا لهم وقالوا: إحنا وهمّه اقتلونا، يهود العرب، الّلي كانوا إحنا واياهم عايشين مع بعض، يوم هونا توقّفت المجزرة. علاقتنا بقرية زمّارين كانت علاقة جيّدة وتجارية، بتذكّر كان فيه الدكتور اليهودي، كان ييجي ع الطنطورة يوم أحد، يعالج ببلاش، ما كان فيه تفرقة".
*****
"ما زلت أذكر ليلة الهجوم على الطنطورة كأنها الآن! كانت الساعة 12 و5 دقائق، سمعنا إطلاق نار، ثم انتقلنا بالليل، صرنا نسمع إطلاق نار من كل الجهات، من الشرق من الغرب من الشمال من الجنوب، شو نعمل؟! بِقوا هذا الوضع إلى الساعة 9 ونص الصبح.
كيف دخل اليهود البلد؟ فيه عنّا عند البلد مستعمرة يهودية اسمها "زخرون يعقوب"، الّلي هي زمّارين، كان فيه عندهم هناك محطة للقطار، اليهود حطّوا جنودهم في القطار وجابوه لوسط البلد، نزّلوهم في وسط البلد، صاروا المسلّحين بالشرق من الناحية الشرقية واليهود دخلوا البلد، الناس ما شافوا غير اليهود صاروا بوسط البلد، صاروا يجمّعوا بهالناس، وين جمعوهم؟ بالساحة الّلي بين بيت "أبو إبراهيم"، وعنّا، استولوا على البلد، صاروا المسلّحين بالخارج وهمّه بالداخل، احتلّوا بكل بساطة! اليهود، جمّعوا هالناس عنّا، وبعدين أجوا شالوهم، بضلّوا يدفشوهم مشي مشي، يالله يالله يالله يالله!
أطلقوا الرصاص، صاروا يركضوا الناس، وإجينا ع البحر، قعّدونا ع البحر، الستّات لجهة مع الأطفال، وإحنا قاعدين بجهة ع البحر، بخوف ورعب، إجوا 2 يهود مع واحد ملثّم، عنّا بجهة الرجال، واحد ملثّم بأشّر على واحد، بقول له: تعال، 4، 5 يوخذوهم ويرجعوا بدونهم! يقتلوهم، استمرّ الموضوع فترة طويلة، وهمّه نقّوا هذا وهذا، حتى لما اليهودي يشوف واحد شاب هيك ما يحكوا: تعال، يوخذوه ويقتلوه، بعدين أجوا أخذوا جماعة شباب، راحوا على المقبرة حفروا مقابر، مقبرة واحدة جماعية، صاروا يحطّوا الناس فيها، يدفنوهم، هلّأ قبل ما يدفنوهم، كل 2 يمسكوا إيدين بعضهم. أخذونا ع المقبرة، شفنا الجثث وهمّه فوق بعضهم زيّ البطّيخ، وشفنا الحُفر الّلي بدهم يحطّوهم فيها.
كان الناس يهربوا من يشوفوا اليهود، يطلقوا عليهم ويقتلوهم وهمّه هاربين، قُتل في مذبحة الطنطورة 250، آخر إحصائية.
أخذونا على السيارات، والجثث قدّامنا، بعدين خندق طويل عاملينه، حفره شبابنا المكوّمين مشان يحطّوا فيه الميتين، بعد ما دفنوهم، قتلوهم، خلّوهم حفروا قبورهم بإيديهم، واحد اسمه "سليم الدسوقي"، كثير كثير، من بيت "أبو صفية" قالوا فيه 8، هي إمهم بتكون عمة إمي، "إم توفيق" وأولادها، واحد "رفيق"، أكبر مني بسنة، قتلوه، وقتلوا أخوه "توفيق أبو صفية".
وبعدين جايبين شاحنات عالية، طلّعونا بالسيارات، وبعدين وإحنا واقفين، يقول: اقعدوا، كيف بدهم يقعدوا الناس؟! يضربوا في عقب البنادق، بعدين أخذونا على المستعمرة، حطّونا في محل كبير واسع، برّه والسماء والطارق، أخذونا بالسيارات ثاني يوم، ودّونا على بلد اسمها جديد، من جهة تل أبيب ويافا، أهل جديد كانوا طالعين منها، حطّونا بالغرف، وبعد فترة كانوا بحضّروا إلنا مخيم، بنفس البلد بس تحت البلد، كانت عبارة عن بيّارات، قطعوها، عملوا مخيم فيها، نزّلونا فيها، كنّا 75 واحد، دون سن التجنيد عندهم. كان عمري 14 سنة، حطّونا مع بعض، بهالمخيم وأسلاك شائكة.
ثاني يوم جابولنا باصات، ودّونا على صرفند أكم يوم، بعدين وَدّونا على القدس، إحنا الـ 75 أعطونا للجيش الأردني. طلعت بعد 11 شهر".
*****
"في الطنطورة ما كانش فيه أغنياء بسّ ما كانش فيه فقراء، الناس كانوا عايشين ممتازين، وكان فيه مودّة بين الناس، الّلي بحتاج كانوا الناس يساعدوه، كان فيه أرض، وفيه خير وكل شيئ.
اليوم لو ترجع الطنطورة، من عمّان للطنطورة أقعد هيك أقلب لأوصلها، فيها حدا والّلا ما فيها حدا بسّ أشمّ ريحة بلادي، هوا بلادنا.
ما يوم بنام إلّا أدور بشوارع الطنطورة، ما يوم، كل شي كل شي، أزقّة الطنطورة، حلاوتها بالأزقّة تبعتها".

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ