الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صحوة الموت للبرلمان العراقي
ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين
(Nagih Al-obaid)
2018 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية
صحوة الموت للبرلمان العراقي
فجأة أصبح مجلس النواب العراقي شعلة من النشاط على الرغم من أن ولايته توشك على الانتهاء. في الثلاثين من شهر يونيو/حزيران الجاري تنتهي رسميا السنوات الأربع المحددة للدورة الانتخابية للمجلس بموجب المادة 56 من الدستور العراقي. لكن رئيس البرلمان سليم الجبوري يحاول بكل قواه إبقاء المجلس الحالي على قيد الحياة حتى لو انتهك ذلك الدستور والأعراف الديمقراطية. منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية قبل أسبوعين يدعو الجبوري النواب يوميا تقريبا لجلسة جديدة. تكاد القضية الوحيدة المطروحة للنقاش تقتصر على الطعن في الانتخابات ونتائجها. في محاولة لذر الرماد في العيون تذكر رئيس البرلمان الموشكة ولايته على الانتهاء فجأة مشكلة انخفاض مناسيب مياه دجلة ليعلن عن عقد جلسة طارئة اليوم الأحد 3/6/2018 لمناقشة أزمة المياه، وذلك للإيحاء بأنه مشغول أيضا بمستقبل العراق وليس فقط بمصيره السياسي المرشح للذهاب إلى المجهول.
منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات والتي كانت أكبر مفاجآتها فشل سليم الجبوري في الفوز بأحد مقاعد العاصمة بغداد عن قائمة الوطنية، أصبح النواب الخاسرون في جلسة مفتوحة هدفها إلغاء النتائج بحجة التزوير. كان بعضهم يحضر على مضض بين الحين والآخر جلسات البرلمان طيلة السنوات الماضية. أما الآن فهم يقيمون بصفة شبه دائمة في مبنى البرلمان لأداء "مهمتهم"، ليس بصفتهم ممثلين عن الشعب، وإنما للدفاع حتى آخر رمق عن مصالحهم الشخصية وامتيازاتهم التي توشك على الضياع. لم ينجح سوى أقل من 30 % من نواب البرلمان الحالي في المحافظة على مقاعدهم، بينما يشكل النواب الجدد أكثر من 70%. لم يزهد سوى القليل من النواب الحاليين في الترشح، بينما أخفق أكثر من 200 منهم في كسب ثقة الناخب مجددا على خلفية الأداء المخيب للآمال في الدورة التشريعية 2014 – 2018 ومشاركة العديد منهم في تمرير صفقات الفساد وهدر المال العام وترسيخ نظام المحاصصة والمحسوبية. صحيح أن الراتب التقاعدي لهم أكثر من مجزٍ ولا يستبعد أن ينجح بعضهم في دخول العملية السياسية من الباب الخلفي، لكن امتيازات المقعد تبدو أكبر من أن يتخلون عنها طواعية ويرضخون لإرادة الناخب الذي عبر بوضوح عن رغبته في التغيير.
يبدو سليم الجبوري الأكثر حماسا في صفوف السياسيين الداعين لإلغاء نتائج الانتخابات لأنه لا يستطيع ببساطة أن يتقبل معاقبة الناخبين له. في عام 2014 حصل القيادي السابق في الحزب الإسلامي على أكثر من 13500 صوت في محافظة ديالى، بينما لم يفز في الانتخابات الحالية سوى بأقل من 5300 صوت في بغداد. جاء هذه التراجع الكبير في شعبيته على الرغم من أن توليه منصب رئيس البرلمان طيلة السنوات الأربعة الماضية ضمن له دعاية مجانية وساعده في إقامة شبكة علاقات واسعة في مجالات عديدة.
بطبيعة الحال لا يجوز التهوين من قدرات سليم الجبوري الذي أثبت في عدة أزمات أنه يجيد اللعب على تناقضات خصومه وتوظيف أوراقه القوية وتشابك المصالح بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. هذا ما حصل في صيف عام 2016 مع وزير الدفاع السابق خالد العبيدي الذي أطلق خلال جلسة استجوابه الشهيرة اتهامات خطيرة بحق رئيس البرلمان بالابتزار والفساد. حينها بدا كرسي الجبوري مهتزا وأن أيامه أصبحت معدودة، غير أنه سرعان ما قلب الطاولة على غريمه العبيدي. بعد تحقيق قضائي لم تتجاوز مدته 40 دقيقة أعلن القضاء العراقي تبرئة الجبوري من تهم الفساد الأمر الذي مهد للإطاحة بوزير الدفاع في مرحلة عسكرية حرجة في تاريخ البلاد. الآن عاد خالد العبيدي إلى المسرح السياسي من أوسع أبوابه بعد تحالفه مع رئيس الورزاء العراقي حيدر العبادي وتبوأه المركز الأول في محافظة نينوي حيث فاز بأكثر من 72000 صوت. وبطبيعة الحال فإن سليم الجبوري يخشى الآن انتقام خصمه اللدود الذي يستعد للعب دور هام في السنوات القادمة.
يحاول رئيس البرلمان المنتهية ولايته استغلال ورقة التزوير والجدل حول أجهزة التصويت والفرز الإلكتروني للتشكيك بنتائج الانتخابات وصولا إلى إلغائها. من المؤكد أن غالبية القوى السياسية العراقية لن تتردد في تزييف إرادة الناخب العراقي ومحاولة التأثير عليها إذا ما تسنى لها هذا. كما تم الكشف فعلا عن عدة محاولات تزوير جرت في الداخل والخارج الأمر الذي دفع مفوضية الانتخابات لإلغاء نتائج أكثر من ألف محطة انتخابية . غير أنه من المستبعد أن تؤثر عمليات التزوير هذه على النتيجة النهائية. بموجب بيانات المفوضية العليا للانتخابات أدلى العراقيون بأصواتهم في أكثر من 51 ألف محطة انتخابية في داخل العراق فقط، أي أن المحطات المشتبه بها تقل عن 2% من إجمالي العدد. من جانب آخر يسود في العراق توازن قوى معين لا يرجح حدوث عمليات تزوير بسهولة على نطاق واسع. فلو أراد ممثلو قائمة معينة الغش في عمليات الفرز فإن القوائم الأخرى التي لا تقل نفوذا وشراسة لن تسكت على ذلك، لا سيما وأن جميع هذه القوى أرسل ممثليه إلى مراكز الاقتراع لمراقبة عمليات التصويت والعد والفرز، هذا إضافة إلى الحضور المكثف لمراقبين محليين ودوليين ووسائل الإعلام.
تنطبق على سليم الجبوري ومن يدعمه في محاولة إلغاء الانتخابات والطعن بنتائجها صفة "الخاسر السيء"، أي المنهزم الذي لا يريد الإقرار بهزيمته ويحاول تعليق المسؤولية على شماعة الآخرين بدلا من البحث عن أسبابها الحقيقية. للأسف تنتشر هذه العقلية في أوساط المجتمع العراقي (والعالم العربي عموما) حيث جسدها خير تجسيد "بطل المعارك" و"صانع الانتصارات" و"قائد الأمة" صدام حسين على مدى عقود. غير أن خاسري هذه الأيام لا يشككون بالانتخابات فقط وإنما يساهمون - شاءوا أم أبوا- في محاولة وأد التجربة الديمقراطية على علاتها الكثيرة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الإدارة الأميركية تبحث إنشاء قوات متعددة الجنسيات لحفظ السلا
.. شاهد| دوي اشتباكات عنيفة في محيط مستشفى الشفاء بغزة
.. بينهم 5 من حزب الله.. عشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على
.. بعد سقوط صواريخ من جنوب لبنان.. اندلاع حريق في غابة بالجليل
.. أميركا ترصد مكافأة 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن -القطة ا