الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي شرط التجريد: جدل العقل والنص , لمن يكون النصر !؟

محمود الزهيري

2018 / 6 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مسألة من المسائل التعبوية تريد أن تتسابق حول مسارات التجهيل للعقل والعاطفة والوجدان لمحو كافة الأمور التي تشوش علي اليقين , أو تثير حول مركزه المتعب بالأحمال التي تم تحميلها عليه بغية الحفاظ علي حياته واستمراره في ديمومة لا تنتهي , وهذه الديمومة صارت مقدسة هي الأخري حتي مسارات الفناء والعدم , حينما تتساوي الإرادة مع العدمية علي مسطرة المطلق , وكذلك فإنها مقدسة علي ذات المسطرة المطلقة , ولذلك وحسب هذه المسائل التعبوية المثارة تجعل النص في حراك يكاد يكون عدمي مع المطلق , ليظل المطلق مثار للنقد والنقض والشد في اتجاه والجذب في اتجاه آخر , حتي يصل إلي مرحلة الإجهاد والتعب فيسقط في قيعان العقل وتتهجاه مركزية العقل وتعمل علي تفكيك حروفه والأشكال التي رسمت عليها , وتفكيك العلامات الظاهرة أو المخفاة عن الحروف أو عليها , لتعطي إشارات ورموز ظاهرة أحياناً ومخفية في أحيان أخري , ويظل المخفي هو الموتور المحرك لتروس ودوائر التفسير والتأويل , لتري المنتج النهائي في شكله المفكك , بحروفه وأشكاله ورسومه ووسوماته الموسوم بها أو عليها , وليصل إلي مرحلة من أخطر المراحل , وهي مرحلة المحاكمة .
ومن ذات المنحي الذي ينتج منحنيات كثيرة عبر السير في خطوط النص , وتماسه أو عدم تماسه معها , والإحتكاك بالرموز الظاهرة , ويصطنع معركة حامية الوطيس , ليلج العقل داخل الإشارات المخفية المخبوءة في مركزية النص , وهنا يصل العقل بالنص إلي مرحلة يراها الواقع حتمية في أن تتم محاكمته , تخديماً علي أدوات الواقع وآلياته المصنوعة علي مسطرة عقلية , تتخفي المصالح خلفها , وتصنع من المؤثرات الصوتية للغة مشوشات علي إفتضاح عجز النص أو عجز العقل المتعامل معه علي مسطرة المصلحة وحسب .
ومن هنا يتم إخضاع آليات النص لينطق بما لايمكن أن يخالف أو يناقض العقل , ومركزية العقل في الحياة والوجود والكون المشاهد/المرئي والمسموع / والمنطوق والمحسوس كذلك , لتظل مركزية العقل حال سقوط المطلق في مركز العقل والسيطرة علي كافة إحداثياته الجغرافية الحديثة , وإعادة تكوينه حسب ظروف النشأة والتكوين , أو بمعني أوضح ؛ طرد المطلق إلي مرحلة الزمان والمكان في الماضي مكانياً , ليتعايش مع ضروريات وأسباب وغاية وجوده في هذه الأماكن وتلك الجغرافيات زمانياً , وفي حالة إزاحة النص إلي الماضي , فلن يجدد من ثمة أسباب لضروريات وجوده , لإنعدام غائيته , التي صارت هي الأخري بمثابة العدم , وليس لها محل أو مكان في الوجود , سواء الزماني أو المكاني / الجغرافي بتنوعاته وألوانه , وبذلك يحتل مركز العقل أويغزو ماتبقي من المطلق وما يراد إعادة تشكيله علي حسب قواعد العقل أو تقييده بزمانه ومكانه حسب إرادة العقل العليا , وفي الغالب الأعم يعمل العقل علي تقييد المطلق في زمانه ومكانه وحصره وحصاره في بيئته وثقافته ومناخاته الثابتة ماضوياً , ليعجز في نهاية المطاف عن إدراك إرادة الهروب من الماضي ليحكم هو أو يتحكم في الواقع العقلي بما له من أدوات متخاصمة مع أدوات المطلق , فالعقل يتعامل مع الموجودات , وحينما يتعامل مع المجاهيل المعرفية يصنع أدوات تلائم البحث فيها / عنها / بها , حتي لايتوه العقل في دروب المجاهيل المعرفية التي هي مجاهيل / غيوب , ومفردها غيب , والفارق بين المجهول والغيب هو أن المجهول ينسب للعقل , ولايكون مقدساً علي الإطلاق , والغيب يصير مقدساً بمجرد نسبته إلي المطلق !!
وتظل أزمة المطلق مستمرة مع العقل , وتصير المعارك والصراعات في حالة ديمومة لاتنتهي إلا بنهاية أحدهما بالإنتصار أو بالهزيمة , وهكذا تتوالد عنها حالات متجددة من الصراعات بين العقل والنقل / النص ,بين الموروث والحداثي , بين العلم والميتافيزيقا / الغيب , إلي أن تكون هناك سلطة عليا للعقل تمتلك المركز منه , وتتعامل مع مركزية النص , وتحدث تأثيراتها الفعلية , وتعمل علي تشتيت الهوامش والإحالات النصية , بما فيها كل مايتعلق بالتفسير والتأويل , وكافة القواعد التي تم تأسيسها منذ بزوغ النص وحتي بزوغ العقل , وبمعني أكثر وضوحاً , تعرية النص من كافة الأزياء والألبسة والأردية الداخلية والخارجية وغطاءات الرأس , حتي يبدوا واضح المعالم والجزئيات في كافة التفاصيل الكلية والدقيقة , ونزع نظرة التقديس والهالات التي أضفيت عليه , والتعامل معه بإجراء محاورات وإدخاله في نزاعات مع عناصر الحياة والطبيعة والكون , وإذا إستلزم الأمر محاكمته علي ضوء مايتبدي من إشكاليات أو أزمات معاصرة , سواء صنعها النص أو شارك في صناعتها أو حرض علي جرائم بعينها أو مازالت هناك جرائم لم يصنعها ولم يشارك في صناعتها , وينتظر الظرف الزماني والمكاني الملائم لإحداث ما يتغياه , وفي هذه اللحظة تكون هي الفارقة في موت العقل وحياة النص , علي شرطية تجريد النص من كافة القواعد التي صنعت له / به / عليه , من قواعد لغوية في الأساس أو قواعد تشريعية أو شرعية أوقانونية أو قواعد تختص بالجذور والأصول أو تختص بالفهم والدراية والمعرفة بالنص وأصوله وتاريخ نشأته وتطوره ووجوده النهائي , ففي هذه الحالة يكون الصراع بين العقل والنص , صراعاً متعادلاً , متكافئاً علي شرطية التجريد , فالعقل في الأساس والأصل مجرد وغير منحاز إلا لمركزه , وكذلك النص في حالة تجريده يكون منحاز لمركزه وفقط , ففي هذه الحالة الوحيدة والحصرية , يكون النصر حليف العقل , ويتيقن النص بأنه لم تكن له ثمة حياة إلا عبر القناطر التي صنعوها له لكي يصل إلي حيث يريد أرباب المصالح مخترعي القواعد وصانعيها بداية من القواعد اللغوية والتشريعية/شرعية/ قانونية أو قواعد الجذور والأصول والفهم والدراية والمعرفة بالنص وتاريخ نشأته وتطوره ووجوده النهائي , الذي صار مع وجود العقل عاجز وقاصر عن القيام بأدواره التي يؤديها نيابة عنه أصحاب تلك القواعد , ثم ينسبونها إليه لكي يحتموا به ويحققوا أعلي نسبة وأكبر قدر من المصالح في مواجهتهم مع الخارجين عن مركزية النص أو الخارجين عن دائرته , ليجعلوه مقدساً , في مواجهةالمعتصمين بالعقل الذي يصفوه ويسموه علي الدوام حال تصادمه مع رؤاهم وتصوراتهم ‘ , بالمدنس !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل


.. تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل




.. العقيدة النووية الإيرانية… فتوى خامنئي تفصل بين التحريم والت


.. العالم الليلة | ليست نيتساح يهودا وحدها.. عقوبات أميركية تلا




.. شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ