الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن اقتصاد القوات المسلحة: عارضوا النظام حتى لا يبيع ما تبقى.. وليس العكس

السيد شبل

2018 / 6 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


محليًا كان رجل الأعمال نجيب ساويرس من أوائل من شنّوا هجومًا على اقتصاد القوات المسلحة، وذلك عبر الصحف التي يساهم في ملكيتها كالمصري اليوم، نظرًا للمنافسة التي شكلتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لشركة أوراسكوم للإنشاءات، خاصة عندما تشبثت القوات المسلحة بالقيام بعمليات الانشاءات في أي منطقة ذات بعد استراتيجي وحساس كجنوب البحر الأحمر*.

اليوم، هناك أخبار متداولة عن أن صندوق النقد الدولي يصعّد من هجومه على الاقتصاد المملوك للدولة وعلى رأسه اقتصاد الجيش، ويدفع بأجندته، وكما هو المتوقع، لتطال هذا القطاع، وتطالب بتخفيض مساهمته.

وقد أشرك الكونجرس الأمريكي هذه القضية في كل جلسة عقدها لمناقشة الوضع في مصر، وفي إبريل 2017 هاجمت "ميشيل دان" الباحثة بمركز «كارنيجى» للسلام اقتصاد الجيش صراحة في جلسة استماع الكونجرس في إبريل 2017 (وهي الجلسة التي حضرها وحرّض عليها إخونج وجمعيات محسوبة عليهم).

الحكاية وما فيها أن الرأسماليّات الغربية، والمحلية التابعة، مستاءة من وجود منافس محلي، يضيّق من أرباحها، ويعطّل من مساعيها لنزح الأرباح للخارج، ودهس العملة الوطنية في الطريق، وهي لهذا الغرض تحرّض ضد هذا النوع من الاقتصاد، حتى لو كان هو ذاته غير مستقل بالكلية. كما أن وجود قطاع مملوك للدولة بأي شكل يسند قرارها السياسي كما هو الطبيعي، وهي تريد خضوعًا فوق الخضوع، وتبعية فوق التبعية. والأهم أنها تريد قطع الطريق على أي فرصة أفضل حتى ولو بالمستقبل.

في أوقات سابقة فنّد عدد من الاقتصاديين الأساطير التي تُقال عن اقتصاد الجيش، وأكّدوا أننا نتحدث عن 1,8% هي حصة اقتصاد الجيش في الناتج المحلي الإجمالي على أقصى تقدير، وأشاروا إلى أن الشركات المدنية التابعة للجيش، نشأت بعد تحرير أسعار السلع وبدء خصخصة القطاع العام الذي كان يمد الجيش بالأغذية والمواد اللازمة، منذ السبعينيات، وذلك لضمان توفير هذه المواد للجيش. (انظر مقال أحمد السيد النجار: ماذا يريد الغرب من اقتصاد الجيش المصري؟.. الموجز). أي أن هذا القطاع كان محاولة لتعويض الفجوة التي صنعتها سياسات الانفتاح والخصخصة التي اعتمدتها الدولة منذ السبعينيات، ولكي تؤمّن القوات المسلحة، مستلزامتها الغذائية (لحوم، معكرونة.. إلخ)، بالاعتماد على ذاتها، وليس على القطاع الخاص غير المضمون والخاضع لتقلبات السوق، ولكي تضمن سند استرتيجي للبلد في أوقات الأزمات، وهذا التوجه لا يمنع من وجود أوجه قصور وفساد.. إلخ، لكن المطلوب الإصلاح، لا الهدم.. خاصة أن المستفيد من الهدم هي رأسمالية غربية، أو تابعة وضعيفة محليّة.

الحقيقة أن الوعي يقتضي معارضة السلطة المحلية في حال طأطأت الرأس أمام الضغط الأجنبي، وبدأت في طاعة مؤسسات المال الدولية، والشروع في خصخصة هذا القطاع، أو حصار وجوده، وتخلية الساحة أمامهم بالكلية.

ولنفهم أن الرابح، مثلًا، في حال تم إغلاق بنازين وطنية والتعاون، هم: موبيل وتوتال وشل. أي شركات أوروبية وأمريكية، أي الشركات المملوكة للرجال القريبين والذين ينفقون على حملات وحكومات الويلات المتحدة وغرب أوروبا.

في الواقع هناك تجاوزات في أي قطاع مملوك للدولة ومنها الجيش، كما في أي قطاع خاص، وهناك تحسينات لا بد أن تدخل، وتصعيد في الرقابة يجب أن يحدث، وهناك أموال تضيع في جيوب المديرين، وهناك منهم من يدير هذه المؤسسات كعزبة شبه خاصة.. كل ما سبق يجب إصلاحه، وكشفه، لكن ونحن نستهدف علاج الرأس المعطوب، لا قطعه، ودفن صاحبه.

كما لا بد من الوعي الدائم بمركزية هذه القطاعات، خاصة في الظرف الحالي، والتهشيم المتعمّد الذي جرى للقطاع العام. فلا يمكن تجاهل أن قطاع اقتصاد الجيش هو ما يمثل الركيزة الأساسية التي يمكن أن يعتمد عليها القطاع العام مستقبلًا في حال تبدلت الظروف.

ومع التأكيد على أن التصحيح الأساسي والمقبول لتلك الحالة، هو نقل هذا القطاع من يد القوات المسلحة إلى القطاع العام الحكومي، وليس تصفيته لصالح القطاع الخاص التابع، والقيام بهذه نقلة سيستدعي مسبقًا الاستقلال السياسي، ونفض القطاع العام ذاته وتثوير أدائه.

رغم حساسية الملف وارتباطه الجذري بمسألة الأمن القومي، فإن تجارب الأعوام الماضية مع النظام الحاكم، وتفريطه بتيران وصنافير، واعتماده الصريح لاجندات البنك والصنودق، لا تطمئن.. لذا فالمعارضة السليمة اليوم هي التي عليها أن تحذر مبكرًا من مثل تلك الخطوة، وتحاول صناعة وعي بخصوصها، وذلك لتخويف النظام من التجرؤ عليها.. لكن، مع الأسف، المعارضة الطافية جزء من التخديم على هذا النوع من المشاريع التخريبية الخادمة للفئة المالية الغربية التي تسعى للهيمنة على الثروة والسوق في العالم كله.

في العقود الثلاثة ما قبل 2011، لم يكن أحد يختلف على فساد أركان نظام مبارك، لكن هذا كان دافعًا للمعارضة، للتحذير أكثر من الخصخصة، وليس العكس.. وهذا ما يجب أن يكون عليه الأمر دومًا.

---
هامش:
*أراء عائلة ساويرس تغيرت مؤخرًا بعدما تم إدخال شركات العائلة في المشاريع بقناة السويس والعاصمة الجديدة.. وذلك دليل إضافي على أن المصالح الاقتصادية، وليس أي شيء أخر، هي الحكم لهذا الملف بالكلية.

مصادر:
http://delta.alaraby.co.uk/politics/2018/5/26/صندوق-النقد-يطالب-مصر-بخطة-خفض-مساهمة-الجيش-بالاقتصاد

https://pulpit.alwatanvoice.com/content/-print-/308621.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في