الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسار - العدد 17

الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)

2018 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية




المسار- العدد (17) - حزيرانيونيو 2018

السوريون في سبع سنوات من الأزمة

الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي(أيار2018)
مقدمة:
الزلازل الاجتماعية هي، مثل الزلازل في الطبيعة، كاشفة لباطن التربة. كان يوم 18 آذار/مارس 2011 في درعا، وما لحقه في مدن وبلدات وأرياف سورية، انفجاراً للبنية الاقتصادية - الاجتماعية - الثقافية التي أقيمت منذ يوم 8 آذار/مارس 1963 عندما وصل حزب البعث للسلطة بالتشارك مع الناصريين ثم انفرد بها منذ يوم18 تموزيوليو 1963. أنتج هذا الانفجار أزمة داخلية لم يستطع طرفاها الحسم لصالح أحدهما ولا استطاعا إنتاج تسوية بينهما، ثم تحولت الأزمة السورية إلى أكبر أزمة داخلية - اقليمية - دولية (مع ما انضاف لتلك الطوابق الثلاث من منظمات عابرة للحدود عند طرفي السلطة والمعارضة) شهدتها العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، سواء من حيث قوة نيران الحطب الداخلي المشتعل في موقد الأزمة، أوعوامل التغذية الخارجية لأطراف الأزمة المتصارعة، أو من حيث تأثيرات الأزمة السورية على المحيط الإقليمي، وعلى الجو الدولي، أو من حيث تشكيل بعض الأرض السورية حاضنة للإرهاب العابر للحدود كان موازياً، عبر (داعش) وعملياتها في أوروبا، لما أنتجته أفغانستان بالتسعينيات عبر (تنظيم القاعدة) وعملياته في نيروبي ودار السلام (1998) ونيويورك وواشنطن (2001) ومدريد (2004) ولندن (2005).
على السوريين أن يدرسوا إن كانت البذرة الأولى للانفجار السوري قد بدأت عند أي تاريخ: 25 تموزيوليو 1920مع الاحتلال الفرنسي، أو 17 نيسان 1946 مع الاستقلال، أو 22 شباط 1958 مع الوحدة المصرية - السورية، أو 8 آذار 1963 مع استلام البعث للسلطة، أم 16 تشرين ثاني1970؟...
مسار الأزمة السورية:
هنا من الضروري المقارنة: بين يومي 17 كانون أول/ديسمبر 2010 و 18 آذارمارس 2011 انفجرت مجتمعات عربية خمسة على التوالي كانت ذوات أنظمة جمهورية في (تونس - مصر - اليمن - ليبيا - سوريا). كان الانفجار السوري أقواها، ولكن السلطة السورية هي الوحيدة التي لم تسقط، أو يسقط رئيسها. ليس هذا ناتجاً أساساً عن عامل خارجي، حيث كان الأخير عاملاً مساعداً وليس أساسياً، بل عن الامتداد الاجتماعي للسلطة السورية التي اعتمدت منذ يوم وصول الفريق حافظ الأسد للسلطة بيوم 16 تشرين ثانينوفمبر 1970، ومازالت، على تحالف ثلاثي: جهاز السلطة - التجار والصناعيون - مؤسسة الاسلام الرسمي بفرعيها الصوفي بزعامة مفتي الجمهورية الشيخ أحمد كفتارو، والشافعي - الأشعري والحنفي – الماتريدي(أبرز الرموز:الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي)، واللذين يعتبران أن الخروج على الحاكم فتنة ويعتمدان المناصحة له. هذا التحالف الثلاثي هو الذي هزم (جماعة الاخوان المسلمين) في أحداث 1979 - 1982 وكان جداراً اجتماعياً صلباً للسلطة السورية في أزمة 2011 - 2018. من هنا ليس صحيحاً أن السلطة السورية ذات قاعدة استناد طائفية، بل قاعدتها الاجتماعية عابرة للطوائف وهي تستند إلى السنة، الذين يشكلون غالبية التجار والصناعيين الذين كانوا قاعدة صلبة للسلطة هم والفئات الوسطى المدينية، مثلما تستند إلى الأقليات (ماعدا الأكراد). تأتي نظارة رؤية السلطة السورية من خلال مساحة قاعدتها الاجتماعية، التي هي بمساحة 185 ألف كيلومتر مربع، فيما يمكن للكثير من مؤيدي السلطة بين الأقليات الطائفية - الدينية أن تكون نظاراتهم طائفية إلى المساحة الجغرافية السورية وللخريطة الديموغرافية الطائفية - الدينية، وإلى (الذات) و(الآخر)، بينما السني المؤيد للسلطة ليس طائفياً ما دام ينظر للأمور ليس من منظار طائفي بل من منظار اقتصادي - اجتماعي. السنة لم يتصرفوا كطائفة في أحداث 1979 - 1982 وأزمة 2011 - 2018 وهم لا يمكن بحكم فضائهم الجغرافي - الديموغرافي، وبخلاف غيرهم، أن يكونوا طائفة والطائفي السني هو الذي حصراً من اتجاه اسلامي بفرعيه الأصولي الإخواني والسلفي الجهادي أو هو اليساري أو الليبرالي الملتحق بالإسلاميين، فيما السنة الآخرون يتصرفون من منظار المصالح بمافيهم المتدين والذي ليس هناك توحد ماهية بينه وبين الاسلامي. كانت القاعدة الاجتماعية للحراك المعارض بأعوام 2011 - 2018 في الريف السني، وفي مدن مهمشة مثل دير الزور اقتصادياً وخدماتياً أو مدن تم تهميشها اقتصادياً بعد تحول الطرق بين المدن السورية عن داخلها لخارجها مثل حمص منذ الثمانينيات والتي أيضاً عانت من إدارات محلية بالغة الفساد أو درعا (ومنطقة حوران) التي تم تهميشها اقتصادياً بعد انسداد طرق التهريب للبضائع من الأردن وإليه إثر إنشاء (المنطقة الحرة السورية الأردنية) عام 2008. استمرت مدن وبلدات وريف محافظة إدلب، التي عانت من تهميش مديد، في أن تكون حاضنة للاسلاميين في أعوام 2011 - 2018 مثلما كانت بأعوام 1979 - 1982 فيما لم تعد مدينة حلب كذلك وإلى حد "ما" حماه بخلاف ريفهما الذي تحرك بأعوام 2011 - 2018 وكان كلا الريفين في موقع التأييد للسلطة في 1979 - 1982 ولم يؤيد المدينتين آنذاك. كانت القاعدة الاجتماعية الريفية للحراك تعبيراً عن تدهور وخراب الزراعة وخاصة بعد قرارات أيارمايو 2008 بزيادة أسعار المازوت والأسمدة الزراعية، وهنا يلفت النظر أن الطابع الريفي أنتج سلفية جهادية، ومعظم قادة الفصائل العسكرية المعارضة ريفيون (عبدالقادر صالح - هاشم الشيخ - حسان عبود - مهند المصري - أبوصالح الطحان… إلخ) من أرياف حلب وحماة وادلب، فيما تزعم العمل العسكري الأصولي الإخواني بأعوام 1979 - 1982 أبناء مدن (عبدالستار الزعيم - هشام جنباز - عمر جواد - حسني عابو - مصطفى قصار) من حماة وحلب ويمكن اعتبار عدنان عقلة حلبياً مادام سكن وتعلم وتزوج من مدينة حلب بعد نزوح أهله من الجولان عام 1967، وكذلك كان المدينيون هم أغلب قادة التنظيم العام للإخوان المسلمين، وكانت قاعدة الإخوان المسلمين مدينية في حماة وحلب أساساً وفي مدن وبلدات محافظة إدلب، فيما يلاحظ الآن أن خزان (جبهة النصرة) البشري يأتي أساساً من جبل الزاوية بمحافظة ادلب ومن ريفي حلب الجنوبي والغربي و (أحرار الشام) من ريفي حماة وادلب فيما (داعش) لاقت قاعدة اجتماعية قوية في ريفي دير الزور والرقة. تزَعم الاسلاميون المعارضة أو تصدروا واجهتها في 2011 - 2018 أولاً الاخوان المسلمون المتحالفون مع (إعلان دمشق) من خلال (المجلس الوطني) و (الائتلاف) في ظل توافق أميركي - تركي - قطري وبعد عام 2013 وانفكاك تحالف واشنطن مع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين جاء ثانياً السلفيون الجهاديون بدعم تركي - قطري.
كان تزعم الاسلاميين للمعارضة السورية يحوي اتجاهين: اتجاه نحو استجلاب التدخل العسكري الخارجي على طراز عراق2003وليبيا2011، واتجاه السلاح المعارض،والواقع أن استخدام السلاح عند الاسلاميين منذ خريف2011كان هدفه أن يكون عود ثقاب لاشعال حريق يأتي الخارج لاطفائه على غرار السيناريو الليبي وليس كمازعموا من أجل"حماية المدنيين"أورداً على عنف السلطة رغم أن الأخيرة من خلال عنفها ضد الحراك السلمي أرادت دفع المعارضين للسلاح الذي ظلت تعتبره "ميدانها المجربً"،ثم جرى تجريب السلاح المعارض من الاسلاميين بفترة2014-2016 لفرض وقائع على الأرض بتحريض ودفع تركي- قطري.
في 14 أيلولسبتمبر 2013، ومع اتفاق الكيماوي السوري بين موسكو وواشنطن،انسد أفق خط استجلاب التدخل العسكري الخارجي لحسم الصراع السوري، وفي فترة 2016-2018 وعبر (حلب) و (الغوطة) تمت هزيمة السلاح المعارض السوري، كما تمت هزيمة السلاح الإخواني الأصولي الإسلامي في حماة في شباط 1982.
كانت المعارضة السورية غير الاسلامية أقوى في 1979-1982 من قوتها في 2011-2018، لذلك هي لم تدفع فاتورة سياسية لهزيمة الإسلاميين في حماة وظلت حتى 2005 هي واجهة المعارضة لتعود وتلتحق بالاسلاميين مع تأسيس "اعلان دمشق" بخريف ذلك العام قبل أن يتفارق اليسار العروبي - الماركسي عن "اعلان دمشق"عام2007 وصولاً إلى تأسيسه لـ "هيئة التنسيق" في 25 حزيران 2011، ويملك هذا اليسار العروبي- الماركسي، بالتحالف مع ليبراليين وأكراد ومنصتي القاهرة وموسكو، فرصة لمسك مقود باص المعارضة السورية وخاصة بعد غروب شمس الاسلاميين الآن، من أجل الوصول لتسوية سياسية هي الممر الاجباري، دولياً واقليمياً، لإنهاء الأزمة السورية.
اجتماعياً:
لم تظهر عبر الزلزال السوري تشققات اجتماعية تقود إلى تشكيل حالة من (حرب أهلية)،بخلاف لبنان1975-1990،بل ظل الوضع السوري ضمن حالة نزاع أوصراع سلطة - معارضة. هذا النزاع أوالصراع أنتج أزمة نتجت عن استعصاء توازني لم يستطع بسببه طرفا النزاع أوالصراع الحسم لصالح أحدهما،ولم يستطيعا بالمقابل انتاج تسوية بينهما.تراكبت الأزمة لتصبح بثلاثة طوابق :داخلية- اقليمية- دولية.أيضاً يوجد بين أطراف هذه الأزمة بطوابقها الثلاثة استعصاء توازني،يفرض عليها في النهاية البحث عن تسوية،ولكن تداخل الأطراف الدولية- الاقليمية أنتج (صراعاً في سورية)و(صراعاً على سورية)،وليس (حرباً)أو(حروباً)في سوريا أوعلى سوريا.أظهرت سورية 2011-2018 أن الطائفية هي أقل حدة من لبنان 1975-1990 ومن عراق 2003-2018. مازالت العروبة، حيث 90% من السكان عرب،قوية في سورية وربما هي اللاصق الوطني الأساسي الباقي للسوريين العابر للأديان والطوائف وليس (النزعة السورية)التي لا يمكن أن تنتج سوى (نموذج الطائف اللبناني) القائم على تقاسم الكعكة وفقاً للنسب الطائفية - الدينية.
على الأرجح أن بدء انحسار الموجة الكردية عبر محطتي (كركوك 2017) و (عفرين 2018) ستجعل الأكراد السوريين في حالة عودة للانخراط في مشروع سوري وطني عام وليس في مشاريع فئوية خاصة كما حاول مسعودالبرزاني بالعراق عبر استفتاء 25 أيلولسبتمبر 2017 أو حاول مواربة (حزب الاتحاد الديمقراطي pyd)، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، عبر مشروع الفيدرالية ومن خلال تحويل نفسه لستارة خاصة للوجود العسكري الأميركي على الأرض السورية.
هناك إعادة تشكل لتركيب الرأسماليين السوريين في أعوام 2011 - 2018 هي المرحلة الرابعة منذ الولادة القوية للطبقة البورجوازية السورية في مرحلة 1941 - 1965 ثم 1974 - 1991 والثالثة 2004 - 2010. هناك انحسار كبير للفئات الوسطى البينية بين الأغنياء والفقراء في الريف والمدينة. هناك تنضد طبقي واضح في المجتمع السوري بين الفقراء والأغنياء لم يكن بهذا الوضوح في مرحلة ما قبل 18 آذارمارس 2011. سيتيح هذا نمواً كبيراً لليسار السوري. بحكم تناقص أعداد الذكور نتيجة الكثير من ضحايا الصراع وأيضاً الهجرة. ستصبح للمرأة السورية مكانة أقوى في المجتمع بسبب الحاجة الاقتصادية إلى قوة العمل النسائية، وهذا سينتج ترجمات ثقافية وتشريعية وعلى الأرجح سياسية.
كما أنتج الاسلاميون المصريون بفترة العام التي حكموا فيها بالقاهرة حتى يوم 3 يوليو 2013 حركة نزوح عن الاتجاه الإسلامي فإن فترة 2016-2018 تدل سورياً على حركة بداية طلاق تدريجي بين السنة السوريين والاتجاه الإسلامي، الذي شهد حركة نمو قوية في مرحلة ما بعد 8 آذارمارس 1963، فيما كان الاسلاميون السوريون قبل هذا أضعف من حيث القوة الاجتماعية من حزب البعث والحزب الشيوعي ومن الليبراليين في حزبي (الشعب) و (الوطني).
دروس واستخلاصات:
1- لم يستطع السوريون التحكم بمسار الأزمة السورية بل أصبح مقود الأزمة والتحكم بمساراتها القادمة بيد الخارج الدولي - الإقليمي. هذا ينطبق على السلطة والمعارضة السوريين وعلى عموم المجتمع السوري. هذا سيحدد الكثير من مضامين التسوية السورية التي ستكون على الأرجح لاصقاً دستورياً - سياسياً بين مناطق النفوذ الجغرافية السورية للقوى الدولية والاقليمية وهو ما سينعكس على تركيب السلطة بدمشق في مرحلة ما بعد التسوية.
2- ستجعل هيمنة الخارج الدولي - الإقليمي المهمة الوطنية ذات أولوية في مرحلة ما بعد التسوية من أجل تحرير سوريا من هيمنة الخارج الدولي - الإقليمي بكافة مسمياته. ستحدد المهمة الوطنية هذه، بالترابط مع المهمات الديمقراطية والاقتصادية – الاجتماعية، الكثير من التلاقيات والتباعدات بين القوى السياسية السورية في مرحلة انتقال ما بعد التسوية وفي مرحلة ما بعد الانتقال. على الأرجح سيصبح الوضع السوري مثل اللبناني1989 - 2018 والعراقي 2003 - 2018 حيث تتحكم سفارات عديدة هناك.
3- هناك هزيمة للمعارضة الإسلامية هي الثانية لها في مرحلة 2011-2018 تنضاف لهزيمتها في مرحلة1979-1982. لم تستطع المعارضة السورية غير الاسلامية أن تمسك مقود باص المعارضة في المرحلتين. يجب أن تكون مرحلة (ما بعد حلب والغوطة) مختلفة حيث هناك هزيمة للمعارضة الإسلامية بفرعيها العسكري والمدني ويجب أن يتولى غير الاسلاميين قيادة المعارضة السورية، وهذا أمر مطلوب دولياً وإقليمياً وداخلياً.
4- على الأرجح كان تسلح المعارضة مؤدياً إلى تسيد الإسلاميين لساحة العمل المعارض ومن ثم تطييف الأزمة السورية. كان المسار بشكل عام لصالح النظام ومؤدياً لبروز الرايات السود للنصرة وداعش في واجهة العمل المعارض المسلح. كان هذا من أكبر العوامل لعدم تأييد واشنطن وموسكو للتغيير في سوريا واجتماعهما منذ عام 2013 على ذلك.كان هناك اتجاه خاطىء عند الكثير من المعارضين ،حتى من الذين لم يكونوا يؤمنون بالسلاح،لغض الطرف عن استعمال السلاح المعارض منذ خريف2011 ضد السلطة كوسيلة للضغط أولتحسين شروط المعارضة،وقد استخدمت الكثير من التسويغات الزائفة لذلك مثل "أن السلاح المعارض هو من أجل حماية المتظاهرين السلميين" ..إلخ.
5-هناك اتجاه عند الكثير من السوريين للاستعانة بالخارج، عند طرفي السلطة والمعارضة من أجل حسم الصراع السوري لصالح أحدهما في فترة2011-2018.كما أن القوة الكردية الرئيسية ممثلة في حزب الاتحاد الديمقراطي-PYD،لم يتملكها أي وسواس وطني عند الاستعانة بالأمريكان من أجل تحقيق الأهداف الكردية الفئوية الخاصة ولو تحت ستار رقيق اسمه "داعش" .هنا يلفت النظر طريقة تعامل عند الكثير من الشيوعيين السوريين مع بوتين تذكربطريقة خالد بكداش في تبعيته المطلقة لبريجنيف، وهذا ليس مختلفاً عن تعامل الاسلاميين في تبعيتهم لأردوغان.
6-على الأرجح كان تسلح المعارضة مؤدياً إلى تسيد الاسلاميين لساحة العمل المعارض ومن ثم تطييف الأزمة السورية.كان المسار بشكل عام لصالح النظام ومؤدياً لبروز الرايات السود للنصرة وداعش في واجهة العمل المعارض المسلح.كان هذا من أكبر العوامل لعدم تأييد واشنطن وموسكو للتغيير في سوريا واجتماعهما منذ عام2013على ذلك.
7-يظهر العدوان الثلاثي في يوم14نيسان2018تحول سوريا إلى ساحة للصراع الدولي بين واشنطن وموسكو حيث كان المقصود الأساسي من العمل العسكري الغربي تحديد قواعد جديدة للعب في الساحة السورية في اتجاه انهاء الاستفراد الروسي بالمسألة السورية أوريادية موسكو في هذا الملف برضا أميركي كان موجوداً في عهد أوباما منذ اتفاق7أيار2013بين كيري ولافروف. هذا يعني انهاء مسارات انفرادية روسية مثل(أستانة)و(سوتشي)وتأكيداً على أنه لا يمكن السير في مسارات لحل الأزمة السورية سوى تلك المتوافق عليها بين واشنطن وموسكو . ستتعزز الثنائية الروسية – الأميركية من خلال تأكيد مجلس الأمن القومي الأميركي في نيسان2018على ابقاء القوات الأميركية في شرق الفرات.
الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي(أيار2018)
-----------------------------------------------------------------------


أبوظبي - سكاي نيوز عربية الإثنين 21 أيار2018-
المطالب الأميركية 12من ايران

حدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الاثنين، 12 شرطا للتوصل إلى "اتفاق جديد" مع إيران، مع مطالب أكثر صرامة حول النووي، ووضح حد لبرنامج الصواريخ الباليستية والتدخل الإيراني في النزاعات الشرق الأوسطية.
وجاءت هذه المطالب ضمن الاستراتيجية الجديدة لواشنطن تجاه إيران بعد انسحابها من الاتفاق النووي، وهي:
-1 الإفصاح عن كامل الأبعاد العسكرية لنظامها النووي والسماح لوكالة الطاقة الذرية بتفتيشه بشكل مستمر.
2 - التوقف عن تخصيب اليورانيوم، والتخلي عن محاولات معالجة البلوتونيوم، وإغلاق مفاعل الماء الثقيل.
-3 أن تسمح إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول الكامل إلى كافة المحطات النووية العسكرية وغير العسكرية.
4- أن تضع إيران حدا لانتشار الصواريخ الباليستية وإطلاق الصواريخ التي يمكن أن تحمل رؤوسا نووية.
-5 إطلاق سراح المواطنين الأميركيين وكل مواطني الدول الحليفة.
- 6 إيقاف دعم إيران لمجموعات إرهابية في الشرق الأوسط مثل حزب الله وحركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين.
- 7احترام الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الشيعية.
- 8إيقاف دعم الميليشيات الحوثية في اليمن وأن تعمل على التوصل لحل سياسي في اليمن.
-9 سحب كل القوات التي تخضع لأوامر إيران من سوريا.
10- إيقاف دعم طالبان وجميع العناصر الإرهابية وإيواء عناصر القاعدة.
- 11إيقاف دعم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني شركاءه من الإرهابيين.
-12 يجب على إيران أن توقف سلوكها الذي يهدد جيرانها، وكثير منهم حلفاء للولايات المتحدة.
في مقابل ذلك، فإن الولايات المتحدة أعربت عن استعدادها لرفع العقوبات في نهاية المطاف.
-----------------------------------------------------------------------------------


تلخيص لكتاب "البيان الشيوعي" (1848)تأليف كارل ماركس وفريدريك إنجلز :

ان تاريخ كل مجتمع لم يكن سوى تاريخ نضال بين الطبقات فالحر والعبد والنبيل والعامي والسيد الاقطاعي والقن ورئيس الحرفة والصانع بين المضطهِدون والمضطهَدون حرب مستمرة ظاهرة تارة وتارة مستترة تنتهي اما بانقلاب ثوري او بانهيار الطبقتين المتصارعتين ، فالمجتمع البرجوازي قام على انقاض المجتمع الاقطاعي بحيث ان الفرز الطبقي والعداء واضح بين طبقتين البرجوازية من جهة والبروليتاريا ( العمال ) كان لاكتشاف أمريكا والسياحاتالبحرية حول شواطئ افريقيا ميدانا جديداً للعمل وتعدد وسائل التبادل وتدفق البضائع دفعت التجارة والملاحة والصناعة الى الامام بقوة وامنت نمواً سريعاً للعنصر الثوري في المجتمع الاقطاعي فلم يعد الأسلوب الاقطاعي يفي بالحاجات التي كانت تزداد مع افتتاح الأسواق الجديدة فحلت المانيفاكتورة ثم كان البخار والآلة انقلاباً ثورياً في الإنتاج الصناعي وحلت الصناعة الكبرى محل المانيفاكتورة واخلت البرجوازية الصغيرة لرجال الصناعة أصحاب الملايين وقواد الجيوش الصناعية فنتيجة التطور الصناعي اختفى تقسيم العمل بين هيئات الحرف المختلفة امام تقسيم العمل في قلب الورشة نفسها ، حيث كانت البرجوازية طبقة مضطهَدة تحت عسف الاقطاعيين واستبدادهم ثم كانت جماعة مسلحة تدير نفسها بنفسها ثم كانت جمهورية بلدية حرة ضمن المملكة تدفع الجزية للملك ومنذ توطدت الصناعة الكبيرة وتأسست السوق العالمية استولت البرجوازية على كل السلطة السياسية في الدولة التمثيلية فالحكومة الحديثة ليست سوى لجنة إدارية تدير الشؤون العامة للطبقة البرجوازية فسحقت العلاقات الاقطاعية والبطريركية والعاطفية وحطمت الصلات المزخرفة دون رأفة ولم تبق الا سلطة المصلحة والدفع الجاف نقداً وعداًواغرقت الحمية الدينية والفرسان ورقة البرجوازية الصغيرة في مياه الحساب الجليدية المشبعة بالانانية وجعلت من الكرامة الشخصية مجرد قيمة تبادل وقضت على الحريات التي كلف تحقيقها ثمناً باهضاً واحلت محلها حرية التجارة وابدلت الاستثمار المقنع باستثمار مكشوف وادخلت الطبيب ورجل القانون والكاهن والشاعر في عداد الشغيلة المأجورين ومزقت الحجاب العاطفي بين العائلة واحالتها علاقات مالية صرفة ، لا تعيش البرجوازية الا اذاأدخلت تغييرات على أدوات العمل وباستثمار السوق العالمية تصبغ البرجوازية كل الأقطار بصبغة كوسموبوليتية وتنزع عن الصناعة أساسها الوطني المحلي وتخلي المكان لصناعات جديدة ، واخضعت البرجوازية الريف للمدينة فأنشأت المدن الكبرى واخضعت الأمم الهمجية ونصف الهمجية للأمم المتمدنة واخضعت بلاد الفلاحين لبلاد البرجوازيين أي الشرق للغرب ومع تقدم الآلة وتقسيم العمل ينمو مجموع الجهد المصروف في العمل اما بازدياد الساعات المخصصة للعمل وإما بتعاظم سرعة حركة الآلات أي زيادة الجهد في مدة زمنية معينة .

تجر البرجوازية الى تيار المدنية اشد الأمم تأخراً وهمجية تبعا لتقدم أدوات الإنتاج ورخص منتجاتها بيدها بمثابة مدفعية ضخمة تقحم وتخترق كل الاسوار الصينية وتنحني امامها رؤوس اشد البرابرة عداءاً للأجانب وتجبر الأمم انتقبل الأسلوب البرجوازي في الإنتاج فهي تخلق لنفسها عالماً على صورتها فتقضي على تبعثر وسائل الإنتاج والملكية والسكان وقد كدست ومركزت وسائل الإنتاج وجمعت الملكية في ايدي افراد قلائل ونشأ بالتالي التمركز السياسي وحلت محل الإنتاج الاقطاعي الإنتاج البرجوازي بما فيه من مزاحمة حرة ودستور اجتماعي وسياسي يناسبها وقامت معها السيطرة الاقتصادية والسياسية للبرجوازية فليس تاريخ الصناعة والتجارة سوى تاريخ تمرد القوى المنتجة الحديثة على نظام الملكية ويكفي ذكر الازمات التجارية التي تقع بصورة دورية فتجعل وجود البرجوازية موضوعا للجدل والمناقشة فكل ازمة تقضي على قسم كبير من القوى المنتجة وينقض على المجتمع وباء هو زيادة الإنتاج ليخيل للمرء ان هنالك مجاعة او حربا طاحنة فقد اصبح المجتمع البرجوازي اضيق من ان يستوعب الثروات الناشئة في قلبه فتتغلب البرجوازية على الازمات بالتدمير القسري لمقدار من القوى المنتجة والاستيلاء على أسواق جديدة وزيادة استثمار الأسواق القديمة فتؤدي لتهيئة أزمات اعم واوسع واهول وتقليل الوسائل التي يمكن تلافي الازمات بها ، فالاسلحة التي وجهتها البرجوازية للاقطاعية ترتد الى صدر البرجوازية فلم تصنع البرجوازية الأسلحة وانما الرجال الذين سيتعملون هذه الأسلحة أي البروليتاريا ، تمر البروليتاريا في تطورها بمراحل مختلفة فعمال فرادى منعزلون ثم يتكاتف عمال معمل واحد ثم مهنة واحدة في محلة واحدة ضد نير البرجوازية فبهذه اللحظة تكون البروليتاريا جماهير مبعثرة تفتتها المزاحمة واذا اتفق العمال ووحدوا صفوفهم لا نتيجة لوحدتهم الخاصة بل لوحدة البرجوازية التي ينبغي لها لكي تبلغ مراميها تحريك البروليتاريا بأسرها وفي هذا الدور لا يحاربالبروليتاريون اعداءهم الحقيقيون بل أعداء اعدائهم وهكذا تكون كل الحركة التاريخية متمركزة بايدي البرجوازية وكل انتصار في هذه الظروف كيفما كانت طبيعته انتصار للبرجوازية ، إن الصناعة لا تضخم عدد العمالالبروليتاريين بل توحدهم وشيئا فشيئا نتيجة تقدم الصناعة تتقارب مصالحهم ومستوى معيشتهم وتتوحد ويبدأ العمال بتوحيد صفوفهم وانشاء جمعيات وينفجر النضال الطبقي هنا وهنالك بشكل تمرد وعصيان وقد ينتصر العمال لكن انتصارهم قصير الأمد والنتيجة الحقيقية هي التضامن المتعاظم بين جميع الشغيلة ويكفي الاتصال وتطور المواصلات لتحويل النضالات المحلية الى نضال وطني ذي قيادة مركزية يشمل القطر باسره غير كل نضال طبقي نضال سياسي والاتحاد الذي كان بين البرجوازيين في القرون الوسطى تحققه البروليتاريا خلال بضع سنين بفضل تطور المواصلات ، الا ان انتظام البروليتاريا في طبقة بالتالي في حزب سياسي يعرقله بصورة مستمرة تزاحم العمال فيما بينهم وهذا الانتظام سرعان ما يظهر ويكون اقوى وأشد بأسا وأكثر صلابة ويستفيد من انقسامات البرجوازية فتصبح بعض مصالح الطبقة العاملة حقوقاً معترف بها قانونياً ، إن الطبقات الوسطى من صغار أصحاب العمل والباعة والحرفيين والفلاحين تحارب البرجوازية لانها تهدد وجودها فهي محافظة تريد ان يرجع التاريخ القهقري الى الوراء وهي إذ ذاك تدافع عن مصالحها تتخلى عن نظرتها الخاصة لتتبنى نظرة البروليتاريا ، أما رعاع المدن حثالة أدنى جماعات المجتمع القديم فقد تجرهم البروليتاريا الى الحركة لكن ظروف معيشتهم وأوضاع حياتهم تجعلهم اكثر استعداد لبيع أنفسهم للرجعية ، إن كل الطبقات التي كانت تستولي على السلطة فيما مضى تخضع المجتمع لأسلوب تملكها الخاص اما البروليتاريا باستيلائها على وسائل الإنتاج تقوم بهدم أسلوب التملك الخاص وكانت الحركات التاريخية الى يومنا هذا حركات قامت بها أقليات او في مصلحة أقليات اما البروليتاريا فهي حركة الأكثرية الساحقة في مصلحة الأكثرية الساحقة ولا يمكنها أي البروليتاريا ان تهب ويصلب وتقوم عودها الا اذا نسفت كل الطبقات المتراكب فوق بعضها البعض التي تؤلف المجتمع الرسمي وبالرغم من ان نضال البروليتاريا ضد البرجوازية ليس في أساسه نضالا وطنيا محليا إذ ان على البروليتاريا في كل قطر من الأقطار ان تنتهي من بروجوازيتها الخاصة ، ان الشيوعيين لا يؤلفون حزباً خاصاً معارضاً لأحزاب العمال الأخرى وليس لهم مصالح تفصلهم عن مجموعالبروليتاريا ولا يدعون لمبادىء خاصة فالشيوعيين لا يتميزون عن بقية أحزاب العمال الأخرى سوى في نقطتين : 1- في مختلف النضالات الوطنية يضع الشيوعيون في المقدمة ويبرزون المصالح المستقلة عن الجنسية والعامة والشاملة لمجموع البروليتاريا 2- في مختلف مراحل النضال يمثل الشيوعيين وفي كل مكان المصالح المشتركة العامة للحركة بكاملها فالشيوعيون من الناحية العملية أحزم فريق من أحزاب العمال في جميع البلدان وأشدها عزيمة وهم من الناحية النظرية يمتازون عن بقية البروليتاريين بإدراك واضح لظروف حركة البروليتاريا وسيرها وأهدافها العامة أما هدف الشيوعيين المباشر هي تنظيم البروليتاريين في طبقة وهدم سيادة البرجوازية واستيلاءالبروليتاريا على السلطة السياسية ومفهومات الشيوعيين النظرية لا ترتكز مطلقاً على مبادئ اكتشفها مصلح من مصلحي العالم بل التعبير الإجمالي عن الظروف الواقعية لنضال طبقي موجود ولحركة تاريخية تتطور من ذاتها اماماعيننا وليس هدم علاقات الملكية التي وجدت حتى الآن سوى الطابع المميز للشيوعية .

العمل المأجور يخلق رأسمال أي الملكية التي تستثمر العمل المأجور والتي لا يمكن ان تنمو الا بالعمل المأجور فالملكية تتحرك بين الراسمال والعمل فكون المرء رأسماليا يشغل مركزا اجتماعياً في الإنتاج ورأسمال هي نتاج جماعي فليس الرأسمالي قوة شخصية بل قوة اجتماعية فاذا تحول الرأسمال الى ملك مشترك لجميع أعضاء المجتمع فان الصفة الاجتماعية للملكية قد تغيرت وتفقد الملكية صفتها الطبقية فالعمل الماجور له ثمن متوسط هو الحد الأدنى للأجرة فلا يريد الشيوعيين محو التملك الشخصي لمنتجات العمل فأما الذي يريده الشيوعيين محو أسلوب التملك الكئيب المظلم الذي يجعل العامل لا يحيا الا لأجل انماء رأسمال الطبقة الحاكمة فالمجتمع الشيوعي ليس العمل المتراكم الا وسيلة لتفريج حياة الشغيلة وتحسينها وترفيهها وتبهيجها في المجتمع البرجوازي الماضي يسيطر على الحاضر بالمجتمع الشيوعي الحاضر يسيطر على المستقبل فتزعم البرجوازية ان الشيوعية هدم للشخصية والحرية ! والقول الصحيح هو هدم للشخصية البرجوازية والاستقلال البرجوازي والحرية البرجوازية وتشن البرجوازية هجوما على الشيوعيين بانهم يريدون محو العائلة فالعائلة بالمجتمع البرجوازي ترتكز على الرأسمال والربح الفردي والعائلة بكاملها ليست موجودة الا عند البرجوازية وتتمتها الإلغاء القسري لكل عائلة بالنسبة للبروليتاري ثم البغاء العلني ويزعمون اننا نحطم الاواصر والصلات بإبدالنا التربية في العائلة بالتربية في المجتمع لكن أليست التربية بالمجتمع البرجوازي تفرضه شروط ومصالح وظروف الطبقة البرجوازية فكل ما سيفعله الشيوعيين إبدال التربية البرجوازية بالتربية البروليتارية الشيوعية ويقولون تريد الشيوعية إشاعة المرأة فليست المرأة بالمجتمع البرجوازي سوى أداة إنتاج فنحن نريد إعطاء المرأة دور بالمجتمع يلائمها ويحقق مصلحة المجتمع فإلغاء نظام الملكية يؤدي لمحو إشاعة النساء التي تتفرع منه وتنتج منه ، ليس للعمال وطن فليس باستطاعة البرجوازية سلبهم ما لا يملكون وعلى البروليتاريا في كل قطر الانتهاء من برجوازيتها الحاكمة وهنا تخوض نضالا طبقيا ووطنياً من اجل الأكثرية المفقرة والمهمشة فأزيلوا استثمار الانسان لأخية الانسان تزيلوا إستثمار أمة لأمة أخرى ، وكل نتاج فكري وديني في عهد معين يعبر عن مصالح الطبقة السائدة وآرائها وإن انحلال الأفكار القديمة يسير مع انحلال ظروف المعيشة القديمة فحينما كان العالم القديم على أعتاب السقوط إنتصر الدين المسيحي على الأديان الأخرى وحينما تركت المسيحية محلها لأفكار الرقي الجديدة كانت تخوض الإقطاعية معركتها الأخيرة مع البرجوازية ، في المرحلة الأولى من ثورة العمال تشيَّد البروليتاريا في طبقة سائدة وأوسع الحريات الديمقراطية وستسخدم البروليتاريا سيادتها السياسية لأجل إنتزاع الرأسمال من البرجوازية وتضعها في يدها وزيادة كمية القوى المنتجة وإنمائها بأسرع ما يمكن وتختلف تدابير المرحلة الانتقالية من الرأسمالية الى الاشتراكية والشيوعية غير انه يجب 1- نزع ملكية الأراضي الكبرى وتخصيص ريع عقاري لتغطية نفقات الدولة 2- فرض ضرائب متصاعدة جداً 3- الغاء الوراثة 4- مركزة وسائل النقل بأيدي الدولة 5- مركزة القروض وأدوات الانتاج وإصلاح الأراضي البور وتحسين الأراضي المزروعة 6 تكثير المصانع وأدوات الإنتاج وتنظيم جيوش صناعية 7 – التوفيق بين العمل الزراعي والصناعي ومحو الفروق بين الريف والمدينة 8 – جعل التعليم بكافة مراحله مجانياً وعاما ومنع تشغيل الأحداث في المصانع والتوفيق بين التعلم والتربية والإنتاج .

وإن ما تسيطر البروليتاريا على السلطة تختفي التناقضات الطبقية فتفقد السلطات العامة صبغتها السياسية فان السلطة السياسية ليس الا سلطة طبقة لاستعباد طبقة أخرى وبسيطرة البروليتاريا تلغي الطبقات وتهدم سيادتها ذاتها من حيث هي طبقة ويبرز مجتمع جديد حرية التطور والتقدم لكل عضو شرطاً لحرية وتطور وتقدم جميع الأعضاء .

الأدب الإشتراكي والشيوعي :


الإشتراكية الإقطاعية تعبر عن مطالب ونظام الملكية الإقطاعي وتبحث عن المجد الإقطاعي والشجاعة والفروسية الإقطاعية فإنها كمن يدعو الى إدخال النظام الحرفي في الصناعة الكبرى الآلية وإدخال النظام البطريركي في الزراعة .

أما الاشتراكية الألمانية فنشأت تحت ضغط البرجوازية الحاكمة وكانت التعبير الادبي للتمرد على هذه السيطرة وكانت تمثل بصورة رجعية مصلحة البرجوازية الصغيرة الألمانية وطبقة صغار البرجوازيين التي خلفها القرن السادس عشر فبرأيها الحفاظ على هذه الطبقة حفاظ على النظام القائم وتثبيته في المانيا وادعت ان الامة الألمانية هي الامة الطبيعية وقاومت الشيوعية ووصفتها بالهدام الفظيع وهذا النوع من الاشتراكية تدعي اناها تحلق فوق كل صراع طبقي فكل المؤلفات الاشتراكية والشيوعية في ألمانيا ماعدا القليل النادر تنتمي للإشتراكية الألمانية .

اما الإشتراكية البرجوازية فكانت تدعو الى تحسين وضع الطبقة العاملة المعيشي لكن ان تخلو من النضال التي تنشأ من هذه الظروف نفسها إنهم يريدون المجتمع مطهَّرا من العناصر التي تغيره وتحله إنهم يريدوا البرجوازية بدونبروليتاريا فالكلمة الأخيرة لها هي التبادل الحر لأجل الطبقة العاملة والسجون الإنفرادية لأجل مصلحة البروليتاريا تعرفات جمركية لمصلحة البروليتاريا وان البرجوازية برجوازيين لمصلحة الطبقة العاملة وهذا مخالف للوقائع .
الإشتراكية او الشيوعية الطوباوية فظهرت في المرحلة الأولى للنضال بين العمال والبرجوازية فلا يرون بالبروليتاريا أي استقلال تاريخي او مصلحة خاصة بها ومن أمثال فورييه واوين وسان سيمون ويضعون انفسهم فوق كل تناحر طبقي ويرفضون كل عمل سياسي او ثوري .

موقف الشيوعيين من أحزاب المعارضة :
يناضلون في سبيل المصالح والاهداف المباشرة للطبقة العاملة يدافعون في الوقت نفسه عن مستقبل هذه الحركة ويمثلون هذا المستقبل في سويسرا يؤيدون الراديكاليين دون ان ينكروا ان هذا الحزب فيه عناصر متناقضة في بولونيا يؤيد الشيوعيين الحزب الذي يرى في الثورة الزراعية شرط التحرير الوطني في المانيا يناضل الحزب الشيوعي بالاتفاق مع البرجوازية في كل مرة تناضل فيها هذه البرجوازية ضد النظام الملكي وضد الملكية الاقطاعية العقارية وضد البرجوازية الصغيرة الا ان لا يجب ان ينسوا استقلالهم السياسي والفكري والتنظيمي وصراعهم الطبقي مع البرجوازية ويعبرون عن المصالح المميزة لهم عن البرجوازية لكي يعرف العمال الالمان اذا حانت الساعة كيف يقلبوا الظروف التي خلقها النظام البرجوازي الى أسلحة ضده مع انتباه الشيوعيين لمسار الثورة كونها ثورة برجوازية ممهدة لثورة بروليتارية بالخلاصة ان الشيوعيين يؤيدون كل حركة ثورية ضد النظام الاجتماعي والسياسي القائم في كل هذه الحركات يضعون في المقدمة مسألة الملكية مهما بلغت الملكية من تطور ويعمل الشيوعيين على الإتحاد والتفاهم بين الأحزاب الديمقراطية في جميع الأقطار ولا يتنازل الشيوعيين عن آرائهم ولا يتدنى الى اخفائهابل يعلنون صراحة ان أهدافهم لا يمكن بلوغها الا بهدم النظام الاجتماعي التقليدي بالعنف والقوة .
---------------------------------------------------------------------------

الكشف عن الإمبراطورية الأمريكية
شالميرز جونسون

“إن أمتنا هي القوة الأعظم حباً للخير عِبر التاريخ...”
(الرئيس جورج دبليو بوش...كراوفورد، تكساس.. 31 آب 2002)
ترجمة هيئة التحرير:
بالخلاف مع شعوب أخرى على الأرض، لا يدرك الأمريكيون – أو أنهم لا يريدون أن يدركوا- أن الولايات المتحدة تسيطر على العالم من خلال قوتها العسكرية. كما أنهم لا يدركون أن ثمة شبكة هائلة من القواعد العسكرية تنتشر في كل القارات، عدا القارة القطبية الجنوبية، قد رسمت وبالفعل شكلاً جديداً للإمبراطورية.
تنشر بلادنا ما يزيد عن نصف مليون من الجنود والجواسيس والأتباع والتِّقنيون خارج الولايات المتحدة. بالإضافة إلى أننا نستخدم مقاولون مدنيون من البلدان الأخرى. كما أننا نشر دزينة من الحاملات في كافة بحار ومحيطات العالم. بالإضافة إلى أننا نشغل قواعد سرية عديدة خارج أراضينا لمراقبة الناس، بما فيهم مواطني الولايات المتحدة ذاتها، ويخضع لنظام المراقبة هذا الاتصالات الهاتفية والبريد الإلكتروني والفاكس.
تجلب تجهيزات الجيش والاستخبارات الأرباح للصناعات المدنية والتي بدورها تقوم بتعهُّد عقود الخدمات، وهذا يبقينا مخافر أمامية على نحو واسع. أصبح الاقتصاد الأمريكي قائماً وبالكامل على ما يوفره الجيش من عقود. فعلى سبيل المثال، عشية حربنا الثانية على العراق العام 2003،طلبت وزارة الدفاع 273000 عبوة من واقي الشمس(SPF15 )، وتبلغ هذه الكمية ثلاث أضعاف الكمية التي طلبها الجيش الأمريكي في حربنا الأولى على العراق العام 1991 .كانت هذه الطلبية عبارة عن هدية لشركة Tulsa Sun Fun Products of Daytona
Beach, Florida " في فلوريدا والتي تنتج مستحضرات البحر، وهي إحدى الشركات التابعة "لشركة التجهيز والسيطرة" في أوكلاهوما .
كانت الإمبراطورية الأمريكية الجديدة قد قطعت أشواطاً كبيرة في النمو والتَّطور، ويعود جذر هذا النمو إلى أوائل القرن التاسع عشر، عندما أعلنت الولايات المتحدة كل أرض أمريكا اللاتينية كدائرة نفوذ خاصة بها، ووسَّعت أراضيها على حساب السكان الأصليين في أمريكا الشمالية، بالإضافة المستعمرات البريطانية والفرنسية والإسبانية، وأيضاً على حساب المكسيك، البلد المجاور لها. وقد كرَّست أمريكا، مثلها مثل معاصريها في الجزائر وأستراليا وروسيا القيصرية، الكثير من الجهود لإزاحة السكان الأصليين في أمريكا الشمالية وتسليم الأراضي للمستوطنين الجدد. وكما استخدم المحافظون الجدد مع نهاية القرن العشرين ذريعة الحرب على الإرهاب لنشر الجيش الأمريكي، كذلك استخدمت مجموعة من الإمبرياليين الخجولين في الإدارة الأمريكية آنذاك الحرب الأمريكية الإسبانية كذريعة لنشر قواعد للجيش الأمريكي في جزر مختلفة في الكاريبي وهاواي والفلبين.
ظهرت الأمة الأمريكية مع نهاية الحرب العالمية الثانية كأغنى وأقوى وريث على الأرض للإمبراطورية البريطانية.
تحمَّس قادتنا، وخصوصا الرئيس فرانكلين روزفلت لهذه المهمة، في حين لم يكن لدى الشعب الأمريكي ذات الحماس. كان طموح الشعب الأمريكي يتمحور حول تسريح الجيش وانتباه الأمة نحو العمالة الكاملة والتَّطوير المحلي.لم تدم حالة السلام التي انوجدت بعد الحرب العالمية الثانية طويلاً، فقد اندلعت الحرب الباردة ونمت التَّهديدات التي صارت لا تهدد فقط المصالح الحيوية، بل حتى وجود الأمة بحد ذاته.
تطلَّب احتواء الاتحاد السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية إنشاء المئات من القواعد العسكرية حول العالم، للمحافظة على حالة السلام.أنّكرت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الخمسين عاماً من المواجهة مع السوفييت، بأنَّ نشاطها شكل من أشكال الإمبريالية، وأصرَّت على أن نشاطها ردَّاً على الأفعال الخطِرة "لإمبراطورية الشر" للاتحاد السوفييتي والدّول التي تدور في فلكه. لقد احتجنا لوقت طويل، حتى ندرك نحن الأمريكيين، أن دور الجيش يتعاظم وينمو في بلادنا وأن السلطة التنفيذية- الرئاسة المستبدة – كانت تقوِّض الدَّعامات الديمقراطية من جمهوريتنا الدّستورية. لكن، وحتى أثناء الحرب الفيتنامية وانتهاكات القوة التي عُرِفَت ب "وترغيت" لم تُفضِ لرد فعل كاف، لسحب السلطة من وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات المختلفة وخصوصا وكالة الاستخبارات المركزية، إلى ممثلي الشعب. انهار الاتحاد السّوفييتي في العام 1991 وانهار معه السبب الجوهري لسياسة الاحتواء، كان زعمائنا قد اعتادوا على فكرة الهيمنة على نصف العالم، وبدت فكرة التَّخلي عن تلك الهيمنة غير واردة. استنتج العديد من الأمريكيين أنهم قد ربحوا الحرب وببساطة، لذلك فهم يستحقون أن يقطفوا ثمار ذلك النَّصر. وبدأ العديد من الأمريكيين المتأدلجينبالمجادلة حول فكرة أن الولايات المتحدة هي "إمبراطورية الخير" وينبغي بالتالي أن تتصرف وفقاً لذلك وأن تكون القوة الوحيدة التي تسيطر على العالم. وإن فكرة تسريح الجيش والعودة لإدارة مصادرنا بما يتوافق مع حالة السلم العالمية التي سادت العالم بعد الحرب العالمية الثانية هي عودة لخطيئة "الانعزالية" التي يسعى إليها المحافظون.
قمنا خلال العقد الأول من الحرب الباردة بالعديد من الأعمال والتَّدخّلات "الإنسانية" في بنما, الخليج العربي، الصومال، هايتي، البوسنة، كولومبيا، وصربيا، وذلك بهدف المحافظة على وجودنا كقوة عظمى وإدامتها. واستمر انتشار حربنا الباردة بدون تغيير في شرق أسيا والمحيط الهادي. بقيت الولايات المتحدة الأمريكية في نظر تلك الشعوب أسوأ نموذج للإمبراطورية. مع ذلك، لم يكن لدى الولايات المتحدة مستعمرات، ولكن كانت قواتها العسكرية الهائلة منتشرة حول العالم فقط من أجل المحافظة على "الاستقرار" أو "ضمان" الأمن المتبادل أو التَّرويج لنظام عالمي تحرّري مستند على الانتخابات الحرّة و"الأسواق المفتوحة" وفق النموذج الأمريكي.
يفضِّل الأمريكيون القول أن العالم قد تغيَّر نتيجة هجمات الحادي عشر من أيلول العام 2001 الإرهابية على مبنى التجارة العالمي وعلى البنتاغون. ولكن سوف يكون القول الأكثر دقة هو أن الهجوم أحدثَ تغييراً خطيراً في تفكير بعض قادتنا، والذين أصبحوا ينظرون للولايات المتحدة على أنها الجمهورية الأصيلة وعلى أنها روما الجديدة، وعلى أنها العملاق الأضخم في التاريخ، وأنها لم تعد مقيَّدة بالقانون الدولي أو بمخاوف الحلفاء، وليس ثمة قيود تمنعها من استخدام القوة العسكرية.
لازال الشعب الأمريكي ولحدٍ كبير غير مدرِك لماذا هوجم، أو لماذا بدأت وزارة الخارجية بتوسيع قائمة الدول الأجنبية غير المرغوب بالسياحة فيها للمواطن الأمريكي. (لماذا يكرهونا؟، كانت تلك هي الشكوى المتكررة على برامج الحوارات التلفزيونية، وكان الجواب الأكثر شيوعاً : إنهم يغارون منا.). ولكن، بدأت مجموعة كبيرة من الناس بالإدراك أخيراً، ومعظمهم من غير الأمريكيين، أن الولايات المتحدة كانت خلال النصف قرن الماضي شيئاً يختلف عما حاولت الإدارة الأمريكية تقديمه. واختبر هؤلاء الناس أن الولايات المتحدة ما هي سوى طاغوت عسكري يهدف للسيطرة على العالم.
يفضِّل الأمريكان استخدام التعبير الملطَّف "قوة عظمى وحيدة"، ولكن، مرَّت بلادنا ومنذ أحداث الحادي عشر من أيلول بعميلة تحويل من الجمهورية إلى الإمبراطورية وثبت أن هذا الموضوع غير قابل للنقض. فجأة أصبح "غير أمريكي" كل من يرتاب بإدارة بوش في" الحرب على الإرهاب" ناهيك عن الحرب على العراق أو ضد الدول الستة أو "محور الشَّر" التي أعلنها الرئيس بوش و وزير الدفاع على أنها تؤوي خلايا القاعدة، وكان هناك أهداف مفتوحة لتدخُّلات أمريكية أحادية الجانب. سمحت وسائل الإعلام لنفسها أن تستخدم تعابير برَّاقة مثل "ضرر إضافي" و "تغيير نظام" و"مقاتلون غير شرعيون" و"حرب وقائية" وهم بذلك يوضحون ويبررون وبطريقة ما، الأفعال التي تنوي وزارة الدفاع الأمريكية القيام بها. وفي نفس الوقت كانت الحكومة الأمريكية تقوم بجهود حثيثة لمنع محكمة الجزاء الدولية على عدم امتلاك الخيار أبداً باعتبار هذا السلوك من جرائم الحرب وتوجيه التهم للمسئولين الأمريكيين.

ترجمة هيئة التحرير
---------------------------------------------------------------------------------

صعود الأوتوقراطية:
إعداد: يا سشا مونك وروبرتو ستيفان فوا – تقديم وترجمة: عادل رفيق


نشرت مجلة فورين أفيرز عدد مايو/ يونيو 2018 دراسة بعنوان: “نهاية قرن الديمقراطية”، قام بها ياسشا مونك وروبرتو ستيفان فوا، تنبأت فيه بأفول نجم الديمقراطية الغربية.. وخلصت إلى أن “القرن الطويل الذي هيمنت فيه الديمقراطيات الليبرالية الغربية على الكرة الأرضية قد انتهى إلى الأبد”. وكان تقرير نشرته مؤسسة بيت الحرية (فريدم هاوس) الأمريكية، في أوائل عام 2017 بعنوان “الحرية في العالم 2017: استمرار تراجع الحريات وسط تزايد النزعة الشعبوية والاستبداد” قد كشف عن تراجع ملحوظ في معدل الحريات حول العالم خلال العقد الأخير. ويقول آرت بودينجتون، أحد الذين شاركوا في إعداد هذا التقرير، “إننا نرى بوضوح كيف أن القادة والأمم يسعون لتحقيق مصالحهم الضيقة على حساب المصالح المشتركة في تحقيق السلام والحرية على مستوى العالم. وتسارعت وتيرة هذه التوجهات حتى بدأت بالفعل تنقض غزل النظام الدولي الذي ساد خلال ربع القرن الماضي من بعد قوة أنكاثاً، بما في ذلك الاحترام العام للمعايير الراسخة للحريات الأساسية والديمقراطية”. ويواصل بادينجتون القول بأنه “بينما شهد العالم خلال السنوات الماضية تدهوراً كبيراً في مستوى الحرية لدى الأنظمة الأوتوقراطية والديكتاتوريات، ففي عام 2016 تصدرت أنظمة ديمقراطية راسخة قائمة الدول التي تعاني من انتكاسات في مجال الحريات”. كما شهد العالم كذلك ما آل إليه حال “الربيع العربي” من فشل ذريع، والعودة المؤسفة لروسيا ودول أخرى في الاتحاد السوفييتي السابق إلى ممارسة الديكتاتورية. وبالإضافة لما سبق، يتزايد صعود الأحزاب الشعوبية غير الليبرالية في أوروبا، وتتنامى من جديد نزعة قوموية غاضبة في الولايات المتحدة. وإذا أخذنا كل هذا في الاعتبار، فمن الصعب ألا يقودنا ذلك إلى إدراك حقيقة واحدة مفادها أن الديمقراطية الآن في مهب الريح، وذلك على أقل تقدير”.
ونظراً لأهمية الدراسة التي نشرتها فورين أفيرز، وفي إطار نقل المعارف مع حفظ الحقوق الفكرية، فقد قام المعهد المصري للدراساتhttps://eipss-eg.org
بترجمتها كاملة، وذلك على النحو التالي:
صعود الأوتوقراطية على مستوى العالم
(الأوتوقراطية:AUTOCRACY
:أصل الكلمة يوناني،وتعني الحاكم الفرد بالتعيين لابالانتخاب)
عندما كانت الحرب العالمية الثانية على أشدها، قال هنري لوس، مؤسس مجلة تايم، أن القرن العشرين سيُصبح “القرن الأمريكي” بلا منازع، لما حازته الولايات المتحدة حينئذٍ من الثروة والقوة. وقد أثبتت الأيام صدق نبوءته؛ فعلى الرغم من أن ألمانيا النازية، وبعدها الاتحاد السوفييتي، قد نازعتا الولايات المتحدة السيادة، فإنها تغلبت على جميع خصومها. ومع مطلع الألفية، أصبح وضعها، كأقوى دولة في العالم وأكثرها نفوذاً، لا ينازعها فيه أحد. وترتب على هذه الهيمنة بالضرورة قيام الولايات المتحدة بنشر نظامها السياسي على مستوى العالم، وهو “الديمقراطية الليبرالية”.
وقد أدى ازدهار الديمقراطية في جميع أنحاء العالم إلى إغراء البعض بأن ينسب انتشارها إلى إقبال الشعوب عليها للجذب الذي تمثله الديمقراطية في ذاتها. فإذا أبدى المواطنون في الهند أو إيطاليا أو فنزويلا إخلاصاً لنظامهم السياسي، فلابد أن ذلك يرجع إلى تنامي التزام عميق لديهم بمراعاة حقوق الأفراد وحق تقرير المصير للشعوب. وإذا ما شرع البولنديون والفلبينيون في التحول من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، فإن ذلك بالتأكيد، من وجهة نظرهم، يعني أنهم كانوا يتشاركون في الرغبة الإنسانية العامة لتحقيق الديمقراطية الليبرالية.
لكن الأحداث التي وقعت خلال النصف الثاني من القرن العشرين تجعلنا نفسر هذه الظاهرة بطريقة مختلفة للغاية. فلم تكن معايير وقيم الديمقراطية الليبرالية فحسب هي ما جذب المواطنين إليها في جميع أنحاء العالم، لكنها ترجع كذلك إلى تقديمها لأبرز نموذج للنجاح الاقتصادي والجيوسياسي على وجه البسيطة. وقد تكون القيم المدنية قد لعبت دورها في تحويل قناعات مواطني الأنظمة السلطوية في السابق، حتى أصبحوا ديمقراطيين عن قناعة، لكن النمو الاقتصادي المذهل لأوروبا الغربية خلال خمسينيات وستينات القرن الماضي، والانتصارات التي حققتها الدول الديمقراطية في الحرب الباردة، بالإضافة إلى الهزيمة التي ألحقتها الديمقراطية بأعتى أعدائها من المنافسين الأوتوقراطيين – كانت بنفس القدر من الأهمية.
إن التركيز على الأسس المادية فقط لهيمنة الديمقراطية يطرح قصة النجاحات الكبرى للديمقراطية من زاوية مختلفة، كما أنه بالتأكيد يُغير الطريقة التي يمكن أن يفكر بها المرء حيال أزمة الديمقراطية الحالية. ومع تزايد فشل الديموقراطية الليبرالية في تحسين مستويات المعيشة لمواطنيها، ظهرت حركات شعبوية تنبذ الليبرالية وامتدت من بروكسل إلى برازيليا، ومن وارسو إلى واشنطن. وأصبح عدد مذهل من المواطنين لا يعطي أهمية كبيرة لقيمة العيش في دولة ديمقراطية: وبينما يقول ثلثا الأمريكيين – فوق سن 65 سنة – أنه من المهم جداً بالنسبة لهم أن يعيشوا تحت ظلال الديمقراطية، فهناك، على سبيل المثال، أقل من الثلث فقط ممن تقل أعمارهم عن 35 سنة من يقولون الشيء نفسه. بل هناك أقلية متصاعدة منفتحة حتى على البدائل الاستبدادية: فمنذ عام 1995 إلى عام 2017، زادت نسبة من يفضلون الحكم العسكري في فرنسا وألمانيا وإيطاليا بأكثر من ثلاثة أضعاف.
وكما تشير الانتخابات الأخيرة حول العالم، فإن هذه الآراء ليست مجرد اختيارات مجردة؛ فهي تعكس موجة عنيفة من المشاعر المعادية التي يمكن شحنها بسهولة من قبل المرشحين والأحزاب السياسية المتطرفة. ونتيجة لذلك، حقق كثير من الشعوبيين الاستبداديين الذين لا يحترمون أبسط القواعد الديمقراطية أو المعايير الأساسية للنظام الديمقراطي، تقدمًا سريعًا في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية على مدى العقدين الماضيين. وفي نفس الوقت، كان لبعض الحكام الاستبداديين الأقوياء دور هام في تراجع التقدم الديمقراطي في معظم دول آسيا وأوروبا الشرقية. هل يمكن أن تُعزى هذه التطورات غير المتوقعة إلى التغير في ميزان القوة الاقتصادية والعسكرية في العالم؟
يبدو أن هذا السؤال هو الأكثر إلحاحا اليوم في ظل قرب نهاية عصر الهيمنة طويلة الأمد للديمقراطيات الموحدة ذات الاقتصاديات المتقدمة التي يجمعها تحالف مشترك. فمنذ العقد الأخير من القرن التاسع عشر، كانت الديمقراطيات التي شكلت تحالف الغرب في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي – وتشمل أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا واليابان ما بعد الحرب – تدير معظم دخل العالم. وفي أواخر القرن التاسع عشر، شكلت النظم الديمقراطية الراسخة مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي للعالم. أما في النصف الثاني من القرن العشرين، ومع اتساع النطاق الجغرافي للحكم الديمقراطي ليشمل اليابان وألمانيا في ظل التحالف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة، أصبحت قوة هذا التحالف الديمقراطي الليبرالي أكثر هيمنة. أما في الوقت الحالي، وللمرة الأولى منذ أكثر من مائة عام، فقد انخفضت حصة هذا التحالف من الناتج المحلي الإجمالي للعالم إلى ما دون النصف. ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، فسوف تنخفض هذه النسبة إلى الثلث خلال السنوات العشر المقبلة.
وفي الوقت الذي تلاشت فيه هيمنة الديمقراطيات على مستوى العالم، ازدادت حصة الدول السلطوية في الناتج الاقتصادي بسرعة. ففي عام 1990، كانت الدول التي صنفتها مؤسسة فريدم هاوس على أنها “غير حرة” (وهي الفئة الأدنى، والتي لا تشمل الدول المصنفة “حرة جزئيًا” مثل سنغافورة) تمثل 12٪ فقط من الدخل العالمي. أما الآن، فهي تستحوذ على نسبة 33 %، مطابقة بذلك النسبة التي حققتها في أوائل 1930، خلال صعود الفاشية في أوروبا، ومتجاوزة في نفس الوقت لأقصى نسبة وصلت إليها إبان الحرب الباردة حيث كان الاتحاد السوفييتي في أوج قوته.
ونتيجة لذلك، فإن العالم على أبواب محطة هامة: فخلال السنوات الخمس المقبلة، ستتجاوز حصة تلك الدول – التي تعتبر “غير حرة”، مثل الصين وروسيا والسعودية – من الدخل العالمي النسبة التي تسيطر عليها النظم الديمقراطية الليبرالية الغربية. ففي غضون ربع قرن فقط، انتقلت الديمقراطيات الليبرالية من وضع “القوة الاقتصادية غير المسبوقة” إلى وضع “الضعف الاقتصادي الذي لم يسبق له مثيل”.
ويبدو أن الاحتمالات تتضاءل في أن تتمكن بلدان أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، التي كانت تشكل المعقل التقليدي للديمقراطية الليبرالية، من استعادة سيطرتها السابقة، في ظل انحصار نظمها الديمقراطية في الداخل واستمرار انكماش الحصة التي تهيمن عليها من الاقتصاد العالمي. لذا فإن المستقبل يشي بأن هناك سيناريوهين واقعيين يمكن حدوثهما: إما أن تتحول بعض أقوى الدول الاستبدادية في العالم إلى الديمقراطية الليبرالية، أو أن تبقى الهيمنة الديمقراطية – التي كان من المخطط لها أن تستمر طويلاً – لمرحلة انتقالية فقط قبل الدخول إلى عهد جديد من التدافع بين النظم السياسية المتصارعة.
نفوذ الثروة
من بين أهم الوسائل التي يمكن أن يؤدي عن طريقها الازدهار الاقتصادي إلى إكساب الدول القوة والنفوذ هو خلق جو من الاستقرار داخل البلاد. وكما أوضح آدم برزورسكي وفيرناندو ليمونجي، من علماء السياسة، فإن الأنظمة الديمقراطية الفقيرة غالباً ما يكون مصيرها الانهيار. أما الديمقراطيات الثرية فقط – تلك التي يربو فيها نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على 14000 دولار، وفقاً لما توصلا إليه من نتائج – فهي التي يمكنها أن تبقى في أمان تام بمعزل عن أي مخاطر: فمنذ تشكيل تحالف ما بعد الحرب الذي جمع بين الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا الغربية، لم تشهد أي دولة عضو في التحالف انهياراً للحكم الديمقراطي فيها.
وتوفر القوة الاقتصادية – بالإضافة إلى الحفاظ على استقرار الأنظمة الديمقراطية – عدداً من الأدوات التي يمكن أن تستخدمها هذه الأنظمة للتأثير على الدول الأخرى. ويُعد النفوذ الثقافي من أهم هذه الأدوات: فعندما كانت الديمقراطية الليبرالية الغربية في أوج ازدهارها، كانت الولايات المتحدة – وكذلك أوروبا الغربية بدرجة أقل – موطنا لأكثر الكتاب والموسيقيين شهرة في العالم، وأكثر البرامج التلفزيونية والأفلام مشاهدة، وأكثر الصناعات تقدما، وأعرق الجامعات. وخلال تسعينات القرن الماضي، تمثلت كل هذه الأشياء في أذهان كثير من الشباب في أفريقيا أو آسيا وكأنها شيء واحد: فمع تطلعهم أن ينهلوا من ثروات الغرب المتضخمة، توفرت لديهم الرغبة في تبني أسلوب الحياة الغربية، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى استنساخ النظام السياسي الغربي.
هذا المزيج من القوة الاقتصادية والمكانة الثقافية سهّل بسط النفوذ السياسي إلى درجة كبيرة. فعندما بدأ بث مسلسل دالاس الأمريكي في الاتحاد السوفيتي في ثمانينيات القرن الماضي، على سبيل المثال، فمن الطبيعي أن المواطنين السوفييت كانوا يقارنون بين الثروة الضخمة لسكان الأحياء الراقية في الولايات المتحدة وبين الحرمان المادي الذي يعيشون فيه، ويتساءلون عن سبب التراجع الكبير لنظامهم الاقتصادي. وكان لاري هاجمان، أحد نجوم المسلسل البارزين، بعد ذلك بسنوات يتباهى قائلاً: “لقد كنا مسؤولين بشكل مباشر أو غير مباشر عن سقوط الإمبراطورية [السوفيتية].” وأضاف إنه لا يعزي الأمر إلى “تطلع للمثالية من جانب المواطنين السوفييت، ولكنه كان جشعاُ من الطراز القديم لديهم، وهو الذي دفعهم إلى الشك في سلطة بلادهم.”
وتستطيع الديمقراطيات الغربية بتفوقها الاقتصادي أن تتخذ مواقف أكثر خشونة، كأن تؤثر على الأحداث السياسية في الدول الأخرى عن طريق إطلاق الوعود بإدراج هذه الدول في النظام الاقتصادي العالمي أو من خلال التهديد باستبعادها منه. ففي تسعينيات القرن العشرين وخلال العقد الأول من هذا القرن، مثَّل احتمال الانضمام إلى منظمات مثل الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية حوافز قوية للإصلاحات الديمقراطية في أوروبا الشرقية وتركيا وأجزاء من آسيا، بما في ذلك تايلاند وكوريا الجنوبية. وفي نفس الوقت، ساعدت العقوبات الغربية – التي حرمت بعض الدول من الاستفادة من الاقتصاد العالمي – في احتواء الرئيس العراقي صدام حسين خلال السنوات التي أعقبت حرب الخليج، وفي سقوط الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش بعد الحرب في كوسوفو، حسب زعم البعض.
وأخيراً، فإنه يمكن تحويل القوة الاقتصادية بسهولة إلى قوة عسكرية. وقد أدى هذا أيضا إلى تعزيز موقف الديمقراطيات الليبرالية كثيراً على مستوى العالم، وضمن كذلك عدم تمكن الدول الأخرى من إسقاط الأنظمة الديمقراطية بالقوة، ورفع من شأن الشرعية المحلية لهذه الأنظمة من خلال جعل اللجوء لاستخدام القوة العسكرية أمراً نادراً. وفي الوقت نفسه، شجع ذلك على نشر الديمقراطية من خلال النفوذ الدبلوماسي، والبقاء في حالة تأهب دائم على الأرض. وقد تأثرت الدول التي كانت تقع جغرافياً بين قوة ديمقراطية كبرى وقوة سلطوية رئيسية، مثل بولندا وأوكرانيا – بشكل كبير بالمزايا المادية والعسكرية الكبيرة التي كان يوفرها التحالف مع الغرب. وقامت المستعمرات السابقة بتقليد الأنظمة السياسية لحكامهم السابقين بعد أن حصلوا على الاستقلال، مما نتج عنه انتشار الديمقراطيات البرلمانية من جزر الكاريبي إلى مرتفعات شرق إفريقيا. وفي حالتين كبيرتين على الأقل – ألمانيا واليابان – مهد الاحتلال العسكري الغربي الطريق أمام إدخال دستور ديمقراطي نموذجي.
باختصار، لا يمكن أن نفهم قصة القرن الديمقراطي دون أن ننظر بجدية إلى الدور الذي لعبته القوة الاقتصادية في نشر قيم الديمقراطية الليبرالية حول العالم. وهذا يعني أيضا أنه من المستحيل إجراء قراءات مستنيرة بشأن مستقبل الديمقراطية الليبرالية دون التفكير جدياً في الآثار التي قد يحدثها التناقص النسبي المتوقع لقوة الحلف الديمقراطي الاقتصادية خلال السنوات والعقود القادمة.
مخاطر التدهور
يبدو للوهلة الأولى أن فرضية “الثراء يولّد الاستقرار” تبشر بمستقبل جيد لأمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، حيث كانت ولا زالت مؤسسات الديمقراطية الليبرالية هي الأكثر رسوخاً. وحتى في حال هبوط معدلات قوتها نسبياً، فمن غير المرجح أن ينخفض المستوى المطلق للثروة في كندا أو فرنسا على سبيل المثال إلى ما دون العتبة التي تتجه فيها الديمقراطيات إلى الفشل. لكن يبقى القول بأن مستوى الثروة قد يكون مجرد سمة واحدة من السمات الاقتصادية العديدة التي أبقت الأنظمة الديمقراطية الغربية مستقرة بعد الحرب العالمية الثانية. وبالفعل، فإن هناك ثلاث سمات اقتصادية أخرى كانت تتوفر في الديمقراطيات المستقرة في تلك الحقبة، وهو ما قد يساعد على تفسير نجاحها في الماضي، وهي: المساواة النسبية بين الأفراد، والدخول سريعة النمو لمعظم المواطنين، وحقيقة أن الأنظمة الأوتوقراطية كانت أقل ثراء عن الأنظمة الديمقراطية بشكل ملحوظ.
وقد بدأت كل هذه السمات تتآكل في السنوات الأخيرة. ولنأخذ ما حدث في الولايات المتحدة على سبيل المثال: ففي السبعينيات من القرن الماضي، كان أصحاب الدخل الأعلى، الذين لا يتجاوزون نسبة واحد في المائة من السكان، يحصدون ثمانية في المائة من الدخل قبل الضريبة؛ أما الآن، فهم يستحوذون على أكثر من 20 بالمائة من الدخل. وخلال معظم القرن العشرين، تضاعفت الأجور تقريباً من جيل إلى جيل لتعويض نسبة التضخم؛ بينما ظلت الأجور ثابتة خلال الثلاثين سنة الماضية. وظل الاقتصاد الأمريكي طوال فترة الحرب الباردة متفوقاً على اقتصاد الاتحاد السوفييتي بنسبة الضعفين أو الثلاثة أضعاف، بينما هو الآن يزيد عن اقتصاد الصين بنسبة السدس.
تُعتبر قدرة الأنظمة الأوتوقراطية على منافسة الأداء الاقتصادي للأنظمة الديمقراطية الليبرالية تطوراً جديداً ومهماً للغاية. فبينما تمكنت الشيوعية وهي في ذروة نفوذها من منافسة الديمقراطية الليبرالية أيدولوجياً في أجزاء كبيرة من الدول النامية، فهي في الوقت نفسه، لم تستطع تقديم بديل اقتصادي قوي مقابل الرأسمالية. في الحقيقة، لم تتجاوز حصة الاتحاد السوفيتي والدول التابعة له في ناتج الدخل العالمي حد الـ 13 في المائة على أقصى تقدير في منتصف الخمسينات، ثم انخفضت بشكل مطرد على مدى العقود التالية؛ ووصلت إلى عشرة في المائة فقط في عام 1989. وكذلك لم تستطع الدول الشيوعية أن توفر لمواطنيها أسلوب حياة مريح ينافس أسلوب الحياة في الغرب الرأسمالي. ففي الفترة من 1950 إلى 1989، انخفض نصيب الفرد من الدخل في الاتحاد السوفييتي من ثلثي مستوى الدخل في أوروبا الغربية إلى أقل من النصف. وكما قال الكاتب الألماني هانز ماجنوس إنزنسبيرجر، في تلاعب واضح بعنوان مقال كتبه لينين، “إن اشتراكية الاتحاد السوفيتي كانت تمثل [أرقى مراحل التخلف]”.
قد تتعرض نظم جديدة تتبنى الرأسمالية الاستبدادية في نهاية المطاف إلى أشكال مشابهة من الركود الاقتصادي: لكن الرأسمالية الاستبدادية التي برزت في دول الخليج العربي وشرق آسيا – والتي تجمع بين الدولة القوية والأسواق الحرة نسبياً وحقوق الملكية المضمونة إلى حد معقول – تتميز بتقديم أداء (اقتصادي) جيد حتى الآن. ومن بين 15 دولة في العالم ذات أعلى دخل للفرد، نجد أن الثلثين منهم تقريبًا لأنظمة غير ديمقراطية. وحتى تلك الدول الاستبدادية غير الناجحة نسبيا، مثل إيران، وكازاخستان، وروسيا، فيمكنها أن تفخر بارتفاع نصيب الفرد فيها من الدخل إلى أكثر من 20 ألف دولار. أما الصين، التي كان دخل الفرد فيها منخفضاً إلى حد كبير حتى قبل عقدين من الزمن، فقد بدأت في اللحاق بالركب بسرعة؛ فعلى الرغم من أن متوسط الدخل في مناطقها الريفية لا يزال منخفضًا، إلا أن البلاد أثبتتقدرتها على توفير مستوى أعلى من الثروة لمواطنيها في المناطق الحضرية؛ حيث تضم المنطقة الساحلية في الصين الآن حوالي 420 مليون شخص، بمتوسط دخل يبلغ 23000 دولاراً، وهو في تزايد مستمر. وبعبارة أخرى، فإن مئات الملايين من الصينيين يعيشون الآن في ظل ظروف يمكن أن نطلق عليها “الحداثة الاستبدادية”. وترى الدول الأقل ثراء في جميع أنحاء العالم، والتي تقلد الصين، أن هذا الازدهار الرائع للاقتصاد الصيني هو بمثابة شهادة على حقيقة أن الطريق إلى تحقيق الرخاء لم يعد بحاجة إلى خوض غمار الديمقراطية الليبرالية.
القوة الناعمة للاستبداد
كان من أبرز نتائج هذا التحول هو تحقيق درجة أكبر من الثقة في أيديولوجيات الأنظمة الأوتوقراطية – وعلاوة على ذلك، فقد تولدت الرغبة لدى هذه الأنظمة للتدخل في شؤون الديمقراطيات الغربية. وقد حازت محاولات روسيا للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 على أكبر قدر من الاهتمام خلال العامين الماضيين. لكن تأثير روسيا على السياسة في جميع أنحاء أوروبا الغربية كان أكبر. ففي إيطاليا وفرنسا، على سبيل المثال، ساعدت روسيا في تمويل الأحزاب المتطرفة في كلا الاتجاهين من التوجهات السياسية على مدى عقود. وفي بلدان أوروبية أخرى، حققت روسيا نجاحاً ملحوظاً في تجنيد قادة سياسيين متقاعدين لممارسة الضغط نيابة عنها، بما في ذلك المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر والمستشار النمساوي السابق ألفريد جوسينباور.
والسؤال الكبير الآن هو: هل ستظل روسيا وحيدة في سعيها للتأثير على سياسات الأنظمة الديمقراطية الليبرالية؟ من المؤكد تقريباً أن الإجابة هي: لا.. فقد أثبتت حملاتها أن التدخل الخارجي من قبل القوى السلطوية في النظم الديمقراطية شديدة الانقسام داخلياً هو أمر سهل نسبياً وشديد الفاعلية، مما يجذب كثيراً أشباه روسيا من الأنظمة السلطوية لكي يحذوا حذوها. وتقوم الصين فعلياً بتكثيف الضغط الايديولوجي على مواطنيها في الخارج، وتأسيس معاهد الكونفوشيوسية (نسبة إلى كونفوشيوس، وهو الاسم الغربي لكونج تشيو، الفيلسوف الصيني المؤثر الذي عاش من 551 حتى 479 قبل الميلاد) ذات النفوذ في مراكز التعلم الرئيسية. وخلال العامين الماضيين، رفعت المملكة العربية السعودية بشكل كبير حجم المبالغ التي تدفعها لجماعات الضغط المسجلة في الولايات المتحدة، مما زاد عدد الوكلاء الأجانب المسجلين الذين يعملون لحسابها من 25 إلى 145.
وإذا كان تغير التوازن في القوة الاقتصادية والتكنولوجية بين الديمقراطيات الغربية والدول الاستبدادية يجعل الأولى أكثر عرضة للتدخل الخارجي، فإنه يجعل من السهل كثيراً على الأخيرة القيام بنشر قيمها. ويظهر صعود القوة الناعمة للدول الاستبدادية بالفعل في عدد كبير من المجالات، بما في ذلك الأوساط الأكاديمية، والثقافة الشعبية، والاستثمار الأجنبي، والمساعدات الإنمائية. فقبل بضع سنوات، على سبيل المثال، كانت جميع الجامعات الرائدة في العالم موجودة في الأنظمة الديمقراطية الليبرالية، لكن الدول الاستبدادية بدأت مؤخراً في سد هذه الفجوة. ووفقًا لآخر استطلاع لـ “تايمز” للتعليم العالي، فإن 16 من أفضل 250 مؤسسة في العالم موجودة في نظم غير ديمقراطية، بما في ذلك الصين وروسيا والمملكة العربية السعودية وسنغافورة.
ربما يكون أهم شكل من أشكال القوة الاستبدادية الناعمة هو القدرة المتصاعدة للأنظمة الديكتاتورية على التقليل من حجم السيطرة التي كانت تتمتع بها الأنظمة الديمقراطية في السابق على نشر الأخبار وطرق استقائها. وفي حين لم يكن من الممكن أبداً أن تحلم صحيفة “برافدا” الناطقة باسم الاتحاد السوفيتي أن تجذب جمهوراً واسعاً في الولايات المتحدة، فإن المقاطع التي تنتجها اليوم القنوات الإخبارية التي تمولها الدول، بما في ذلك قناة الجزيرة في قطر، و (CCTV ) في الصين و (RT ) في روسيا، تجد الملايين من الأمريكيين يشاهدونها بانتظام. والنتيجة هي نهاية احتكار الغرب للرسالة الإعلامية، فضلاً عن إنهاء قدرته على المحافظة على مجتمع مدني لا تؤثر فيه الحكومات الأجنبية.
هل هي بداية النهاية؟
خلال فترة طويلة من الاستقرار الديمقراطي، كانت الولايات المتحدة هي القوة العظمى المهيمنة: ثقافياً واقتصادياً. بينما كانت الدول الاستبدادية المنافسة، مثل الاتحاد السوفيتي، قد فقدت مصداقيتها أيديولوجياً، في ظل الركود اقتصادي الذي كانت تعيش فيه. ونتيجة لذلك، أصبحت الديمقراطية لا تُعطي فقط وعوداً بدرجة أكبر من الحرية الفردية وتقرير المصير الجماعي، بل كانت أيضاً تبعث الأمل في معيشة أكثر ثراء. ولم يكن من المفترض فقط أن تبقى الديمقراطية آمنة في معاقلها التقليدية – طالما ظلت تلك الظروف قائمة – بل كانت هناك أيضاً أسباب معقولة للتطلع إلى تحول عدد كبير من الدول الأوتوقراطية إلى صف الدول الديمقراطية.
لكن الفترة الطويلة التي ظلت فيها الديمقراطيات الليبرالية الغربية هي الأقوى ثقافياً واقتصادياً على مستوى العالم تكاد تقترب الآن من نهايتها. ففي الوقت الذي ظهرت فيه مؤشرات قوية على تآكل المؤسسات في الدول الديمقراطية الليبرالية، بدأ الشعبويون الاستبداديون في تطوير بديل أيديولوجي عبر شكل “ديمقراطية غير ليبرالية”، وأصبح بعض الحكام المستبدين يقدمون لمواطنيهم مستويات معيشية تُنافس بشكل كبير المستويات المعيشية في أغنى الدول الغربية.
قد يكون من الطبيعي أن نتطلع إلى أن تستعيد الديمقراطيات الليبرالية الغربية هيمنتها. لكن أهم الطرق التي تقود إلى تحقيق هذه الغاية هو المسار الاقتصادي بلا منازع؛ حيث من الممكن أن يكون النجاحات الاقتصادية الأخيرة للدول الاستبدادية قصيرة الأجل: فلا تزال روسيا والمملكة العربية السعودية تعتمدان بشكل مفرط على النفط كمصدر للدخل. أما النمو الاقتصادي الأخير في الصين فقد اعتمد بشكل كبير على الديون المتصاعدة، والتركيبة السكانية المواتية؛ وقد ينتهي الأمر إلى صعوبة الحفاظ على هذا النمو بمجرد أن تُضطر الدولة إلى التحرك للتخلص من ديونها، بالإضافة إلى الآثار الناجمة عن ارتفاع معدلات الشيخوخة في البلاد. وفي نفس الوقت، فإذا كانت هناك إمكانية لتحسن أداء اقتصادات الدول الغربية المتقدمة، وتلاشي الآثار المتبقية للركود الكبير، وعودة الاقتصادات الأوروبية والأمريكية الشمالية إلى الحياة، فإن معاقل الديمقراطية الليبرالية قد تتفوق مرة أخرى على الأنظمة الاستبدادية الحديثة.
لذلك ينبغي أن تؤخذ التوقعات حول سرعة تحول ميزان القوى بين الدول الديمقراطية والاستبدادية بقدر كبير من الحذر. ومع ذلك، فإن مجرد إلقاء نظرة خاطفة على معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي الغربي خلال العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية ستُظهر أنه بسبب التراجع الديموجرافي وانخفاض نمو الإنتاجية، كانت الاقتصادات الغربية تعاني من الركود قبل الأزمة المالية بزمن طويل. وفي الوقت نفسه، لا تزال الصين والعديد من الاقتصادات الناشئة الأخرى تحظى بمساحات نمو ضخمة يُتوقع أن تشهد تطورًا كبيراً، الأمر الذي يوحي بأن هذه الدول يمكنها الاستمرار في تحقيق مكاسب كبيرة من خلال اتباع نفس نموذج النمو الحالي.
وهناك أمل آخر في أن تلعب الديمقراطيات الناشئة مثل البرازيل والهند وإندونيسيا دوراً أكثر نشاطاً في دعم تحالف الديمقراطيات الليبرالية ونشر قيمها حول العالم. لكن هذا يتطلب تغييرًا جذريًا في مسارها. وكما قال العالِم السياسي مارك بلاتنر، لم تفكر هذه الدول على مدار تاريخها في “الدفاع عن الديمقراطية الليبرالية كمكون مهم في سياساتها الخارجية”. فبعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، على سبيل المثال، امتنعت البرازيل والهند وجنوب إفريقيا عن التصويت على قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين هذه الخطوة. كما عارضت العقوبات التي كانت مقترحة ضد روسيا. ودعمت هذه الدول كذلك الأنظمة الاستبدادية في سعيها نحو تكريس دور أكبر للحكومات في وضع قوانين لتنظيم الإنترنت.
ومما يجعل الأمور أكثر سوءاً، أن الديمقراطيات الناشئة كانت تاريخياً أقل استقراراً من الديمقراطيات الراسخة في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأجزاء من شرق آسيا. وفي الحقيقة، يثير التراجع الديمقراطي الأخير في تركيا، وكذلك مؤشرات الانحراف عن الديمقراطية في الأرجنتين وإندونيسيا والمكسيك والفلبين، احتمالية أن تصبح بعض هذه الدول ديمقراطيات معيبة – أو أن تعود إلى حكم استبدادي مطلق – في العقود القادمة. وبدلاً من تعزيز القوى الديمقراطية المتآكلة أصلاً، فقد تختار بعض هذه الدول الوقوف إلى جانب القوى الاستبدادية.
إن عقد الآمال على احتمالية استعادة المجموعة الحالية من الدول الديمقراطية بطريقة ما موقعها العالمي السابق ربما يكون ضرباً من العبث. أما السيناريو الأكثر احتمالا فهو أن هذه الديمقراطيات سوف تبدو أقل جذباً لغيرها من الدول، حيث أنها لم تعد بنفس المستوى من الارتباط بالثروة والسلطة، وأنها لم تنجح حتى الآن في التصدي لتحدياتها.
ومع ذلك، فمن الممكن تصور أن يكون للمبادئ المحفزة للديمقراطية الليبرالية إمكانية جذب أكبر للمواطنين في الدول الاستبدادية حتى عندما يكون المستوى المعيشي لتلك الشعوب مساوياً للمستوى المعيشي في الدول الغربية. وفي حال قامت دول استبدادية كبيرة مثل إيران وروسيا والمملكة العربية السعودية بإصلاحات ديمقراطية، فإن ذلك سيعزز بشكل كبير القوة الكلية للنظم الديمقراطية. أما إذا كانت الصين هي من ستفعل ذلك، فإن مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة الضربة القاضية لصعود النظم الأوتوقراطية.
وأخيراً، فإن هذه في الحقيقة طريقة أخرى للقول بأن القرن الطويل الذي هيمنت فيه الديمقراطيات الليبرالية الغربية على الكرة الأرضية قد انتهى إلى الأبد. والسؤال الوحيد المتبقي الآن هو: هل ستتمكن الديمقراطية من تخطى حدود الغرب الذي يُعتبر ركيزتها التقليدية الراسخة؟ وهو تحول من شأنه أن يهيئ الظروف لقرن ديمقراطي عالمي حقيقي أم هل ياتُرى ستبقى (الديمقراطية)، على أحسن تقدير، هي الشكل المستديم للحكم في جزء من العالم (الغرب) على الرغم من أنه يشهد الآن حالة من التراجع على المستوى الاقتصاديٍوالديموجرافي. (*).
(*) الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات
https://eipss-eg.org
------------------------------------------------------------------------------
عن الديمقراطية وراهنيتها :

شهدت سوريا بعد الاستقلال والانقلابات العسكرية المتتالية فترة ازدهار اقتصادي وانفراج ديمقراطي حيث أًطلقت الحريات الديمقراطية ووصل للبرلمان نواب عن كافة الكتل والاحزاب الوطنية والقومية واليسارية وصدرت عشرات الصحف والمجلات التي تتناول الشأن العام وصعود للنقابات المهنية واستقلالها .
الآن عندما يتم الدعوة للديمقراطية كضرورة وطنية وطبقية ليس كرد فعل شعبوي على الظروف وليس إستيراداً لمفاهيم خارجية بل من خلال دراسة للواقع الموضوعي الذي يحتم توسيعاً للحريات الديمقراطية لمواجهة استحقاق المرحلة وإستكمال بناء الدولة الوطنية الحديثة المستقّلة وفق رأي الغالبية من الشعب وتوجهاته وأجواء من المنافسة الديمقراطية الصحية .
تأتي أهمية الديمقراطية اليوم ليس من مناداة دولة لها فهي تاريخياً موجودة في برامج القوى السياسية فتأتي راهنيتها من أجل تمتين البلاد اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً وأخلاقياً ونبذاً للعنف والتدخل الخارجي ولأجل استدعاء سياسة اقتصادية تلبي طموحات الجماهير ولتفادي الإنحلال الأخلاقي والعدمية السياسية حيث تستطيع الجماهير من خلال توسيع الحريات الديمقراطية وتوّفر مناخ ديمقراطي ملائم أن تواجه كل الهجمات على مكتسباتها وأن تخلق ثقافة حرّة ديمقراطية إنسانية وتطوير المجتمع من كل النواحي والحفاظ على الإستقلال الوطني والقضاء على الفساد والحد من الظواهر الاجتماعية السلبية وتوفير ظرف لا بد منه لتحرير الأراضي المحتلة ودعم نضال الشعب الفلسطيني من اجل حقوقه المشروعة ودعم نضال الشعوب العربية ضد الفقر والاستبداد وثقافة إرهاب الدولة والعنف والعوز والتوزيع غير العادل للثروة .
إن أكثر ما يخيف الدوائر الإمبريالية العالمية هو دول ديمقراطية عربية تقلص مساحة النفوذ الإمبريالي في المنطقة العربية وتنافس الشركات متعددة الجنسيات في تصنيع الإقتصاد والاهتمام بالزراعة والإكتفاء الذاتي وتحقيق الوحدة العربية المأمولة لأنها من شأنها - أي الديمقراطية -إمتلاك الدولة للثروات الطبيعية والمادية بعيداً عن سيطرة الرأسمال الأجنبي وتقديم نموذج جديد من الحكم الديمقراطي والقرار الوطني المستقل وسيادة الشعب ودعم نضال الشعوب من اجل الحرية والخبز ضد الديكتاتوريات والإفقار.
-------------------------------------------------------------------------------------

كيف يمكن تحديد المعارض السوري في زمن الأزمة؟


محمد سيد رصاص | جريدة "الحياة- 6 مايو 2016 /

تحدّدت المعارضة السورية لسلطة الرئيس حافظ الأسد من خلال حدث مفصلي هو الدخول السوري العسكري إلى لبنان في 1 حزيران (يونيو) 1976: كانت المعارضة حصيلة اجتماع حزبين، هما «حزب الاتحاد الاشتراكي العربي» بقيادة جمال الأتاسي و «الحزب الشيوعي- المكتب السياسي» بقيادة رياض الترك بعد أن خرج الأول من «الجبهة الوطنية التقدمية» في أيار (مايو) 1973 نتيجة معارضته للمادة الثامنة في دستور 1973 التي تقول بـ «قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع»، والثاني خرج من «الجبهة» أيضاً في كانون الثاني (يناير) 1976 بسبب وصوله إلى مفهوم «الديموقراطية» بدلاً من «الديموقراطية الشعبية».
قادت معارضتهما الدخول السوري العسكري إلى لبنان إلى بدء تبلور طرح تغييري ديموقراطي جذري للأوضاع السورية الداخلية تمت ترجمته في كانون الأول (ديسمبر) 1979 بتشكيل «التجمع الوطني الديموقراطي». بالتوازي مع هذا كان «الإخوان المسلمون»، بجناحيهما: «التنظيم العام» بقيادة عدنان سعد الدين و «تنظيم الطلائع الإسلامية» بقيادة عصام العطار، يتّجهون إلى الصدام مع السلطة بعيداً من المهادنة التي انتهجوها منذ 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 1970 وإن مع بعض الاحتكاكات مثل التي جرت في حماة وحمص واللاذقية ضد دستور 1973. بالتوازي مع هذا قام عروبيون، غادروا «حركة الاشتراكيين العرب» و «حركة القوميين العرب» و «تنظيم 23 شباط»، بتأسيس «رابطة العمل الشيوعي» في آب (أغسطس) 1976 التي رفعت شعار «إسقاط النظام». عند صدور «موضوعات المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي- المكتب السياسي- كانون الأول 1978» كانت «رابطة العمل» تنتقد «المكتب» بسبب طرحه التغييري الذي يغيب عنه شعار «إسقاط النظام».
عند مفاوضات تشكيل «التجمُّع» اختلف «الاتحاد» و «المكتب» مع التنظيم السوري التابع للقيادة القومية لحزب البعث في بغداد الذي طالب بإضافة عبارة «إسقاط النظام بكل الوسائل الممكنة» ما جعل الأخيرين يتّجهون إلى التلاقي مع «الإخوان» الذين دخلوا في مجابهة مسلحة مع السلطة السورية منذ حادث مدرسة المدفعية في حلب في 16 حزيران 1979: كان «التغيير الديموقراطي الجذري» هو الفيصل كخط معارض يفصل «التجمع» عن «البعثيين العراقيين» الذين أيدوا العنف المسلح لـ «جماعة الإخوان المسلمين» كوسيلة من أجل إسقاط النظام. في آب 1980، وبعد ستة أشهر من إفراج السلطة عن معتقلي «الرابطة»، تخلّت «رابطة العمل الشيوعي» عن أولوية شعار إسقاط النظام معتبرة أن الأولوية يجب أن تكون ضد جماعة الإخوان المسلمين قبل أن تقوم السلطة في آذار (مارس) 1982 بضرب وريث الرابطة منذ آب 1981 «حزب العمل الشيوعي» بعد شهر من انتصارها العسكري- الأمني على «الإخوان» في حماة.
في كانون الأول 1989 تخلى «التجمع» عن شعار «التغيير» إلى «الإصلاح» وتبعه في ذلك «الإخوان»، وخصوصاً بعد تولي علي البيانوني منصب المراقب العام للجماعة عام 1996، وقد كان الأخير تجاه (العهد الجديد)، في فترة ما بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد في 10 حزيران 2000، أكثر اعتدالاً من رياض الترك. في 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2005 اجتمع البيانوني والترك و «الاتحاد الاشتراكي» عند تأسيس «إعلان دمشق» على العودة إلى البرنامج التغييري، ولكن، ما قاد إلى انشقاق «الإعلان» في 1 كانون الأول 2007 كان رفض «الاتحاد» و" حزب العمل" " لاتجاه الاستعانة بالخارج من أجل احداث تغيير داخلي» كما جرى في عراق 2003 ولبنان 2005، ما قاد إلى تشكيل «الخط الثالث» عام 2008 للتمايز عن خطي «السلطة» و «الإعلان» عبر خط وطني ديموقراطي للتغيير ضم الناصريين والماركسيين وحزبين يساريين كرديين.
هذه المقدمة التحديدية التخومية للمعارضين السوريين ضرورية لتحديد المعارض السوري في زمن الأزمة السورية البادئة منذ 18 آذار 2011: المعارض السوري في زمن الأزمة، وبغض النظر عن ماضيه أكان في السجن أو في السلطة أو قاعداً في بيته، هو من يقول إن الحراك في الشارع السوري مبني أساساً على أسباب داخلية عميقة وناتج عنها وبغض النظر عن المتحركين فيه أو من أين يتجمّعون، في الجامع أو غيره، وبغض النظر عن المحاولات اللاحقة للخارجَيْن الإقليمي والدولي استغلال الأزمة السورية، وأن الأزمة السورية، الناتجة من استعصاء توازني بين النظام والمعارضة لا يستطيع أحدهما التغلُّب على الآخر، تتطلب حلولاً، قالت «هيئة التنسيق»، التي هي استمرار لـ «الخط الثالث» مع تطعيم تمثّل في «حزب الاتحاد الديموقراطي- PYD» عند تأسيسها في 25 حزيران 2011، بـ «التغيير الوطني الديموقراطي» ولكن عبر انتقال «ينتج من اتفاق وتسوية بين المعارضة والسلطة»، فيما قال «المجلس الوطني»، وهو وريث «إعلان دمشق» مع تطعيمات جديدة عند تأسيسه في 2 تشرين الأول 2011 ،ب «إسقاط النظام» مع تأييد «العنف المسلّح المعارض» وبحث عن تكرار سوري لـ «السيناريو الليبي» ضد القذافي الذي مارسه «الناتو» عام 2011.
كل من كان موقفه سلبياً ومضاداً لـ «الحراك» أصبح خارج المعارضة السورية، وبغض النظر عن ماضيه حتى وإن كان في السجون والزنزانات في مرحلة ما قبل 18 آذار 2011.
انقسمت المعارضة السورية بين تغييريين وإسقاطيين وكان الانقسام على موضوعي «الاستعانة بالخارج» و «العنف المسلح المعارض» في مرحلة 2011- 2014.
عندما تم تجاوز «سورية» الأزمة إلى تعريبها وأقلمتها منذ أيلول 2011 ومن ثم تدويلها منذ آذار 2012 أصبح «المعارض» و «الموالي» لا يفترقان فقط أمام «أسباب الأزمة» و «الموقف من القوى السورية المتجابهة» و «طرق حلول الأزمة ومضامينها» بل يختلفان أيضاً في الموقف من القوى الإقليمية والدولية الداخلة في الأزمة السورية.
خلال خمس سنوات من الأزمة السورية كانت هذه المواضيع الأربعة ميداناً لانقسام خطي يشملها كلها يقسم الموالين والمعارضين إلى خندقين متوازيين. كان الاستثناء الوحيد هو الموقف من روسيا حيث لم تتجه «هيئة التنسيق» إلى معاداتها أو عدم التعامل معها كطرف مضاد بل اعتبرتها، بخلاف «المجلس» ،ووريثه «الائتلاف»، مفتاحاً للحل، مع واشنطن، في مرحلة «التدويل» الذي كانت محطته الأولى «مبادرة عنان» في 21 آذار 2012 ثم «بيان جنيف» في 30 حزيران 2012 الذي قال بانتقال تغييري عبر تسوية بين السلطة والمعارضة تترجم بالتشارك بينهما في «هيئة حكم انتقالية تملك كامل السلطات التنفيذية».
مع «بيان جنيف» زاد انقسام المعارضة السورية بين التغييريين والإسقاطيين من خلال الخلاف حول هذا البيان وتحت المباني ذاتها: «الهيئة» التي قبلته بالتمايز عن «المجلس» و «الائتلاف»، ولكن أصبح هناك باب «بيان جنيف» للدخول إلى بيت «المعارضة»، كما حصل لحزب الإرادة الشعبية عام 2014 بعد فترة من إقالة الدكتور قدري جميل من منصب نائب رئيس الوزراء، فيما كان هذا الباب باباً للخروج من بيت «المعارضة» عبر طروحات قال بها معارضون سوريون منذ 2014 تقول بإجراء «مفاوضات موازية»، بعيداً من «التدويل» و «بيان جنيف»، سواء في دمشق أو طهران أو موسكو أو احدى عواصم دول مجموعة البريكس من أجل انتاج «تسوية» بعيداً عن «التغيير عبر الانتقال» لتكون تحت خيمة الدستور الحالي أو «انتقال من حكومة إلى حكومة» كما قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمره الصحافي في 12 آذار 2016 وليس «انتقال حكم» عبر «هيئة الحكم الانتقالية» التي يقول بها «بيان جنيف».
منذ مؤتمر الرياض في الشهر الأخير من 2015 انتصر خط «التغيير عبر الانتقال» في المعارضة السورية على خط «إسقاط النظام»، وكان هذا هو الطريق إلى القرار 2254 في نيويورك وصولاً إلى «جنيف 3»: أمام صعوبات «جنيف 3» يطرح بعض المعارضين السوريين خطاً جديداً أقرب إلى «أوسلو سورية» بعيداً من «الهيئة العليا للمفاوضات» و «جنيف 3»، يقول بالاتجاه إلى عمل «تسوية سورية»، تحت رعاية دولية - إقليمية مصغرة، بعيداً من «التغيير عبر الانتقال» ليكون حلاً وسطاً بينه وبين «الانتقال من حكومة إلى حكومة» من خلال صيغة «حكومة لها كل الصلاحيات التنفيذية ما عدا الجيش والأمن» تشرف على إعداد دستور جديد ومن ثم انتخابات. هؤلاء لا يدركون أن «التسوية السورية»، وفق الموازين الدولية- الإقليمية- السورية الراهنة، لا يمكن أن تكون سوى بين «السلطة السورية» و «الهيئة العليا للمفاوضات» المنبثقة من مؤتمر الرياض الذي ولد في «لقاء فيينا 2»، وأن لا بديل من «الهيئة العليا للمفاوضات» ولكن يمكن تطعيمها بمنصة موسكو أوغيرها، وأنه من دونها لا يوجد «جنيف 3»، وأن كل «تسوية» أخرى سيكون مصيرها الفشل على الأرض، لأن أكتاف حامليها من المعارضين لا تكفي لتحقيقها، ولن يكون مآلها سوى احتراق طرفها المعارض، فيما تبقى خيارات السلطة السورية مفتوحة أمام كل تسوية مقبلة.
--------------------------------------------------------------------------------

إنعاش الأدوار وتأجيل الآمال

أعادت الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية الروح ل"محور المقاومة" الذي أفقدته الأزمة السورية بريقه وامتداده إلى أن أتى إسقاط الطائرة الإسرائيلية وأعاد أوكسجين الإنعاش له .بالمقابل كانت ابتسامة الشاب السعودي ولي العهد مزهوة ولا تعرف التردد وخصوصاً بعد أن تمكن من رمي جميع خصومه أرضاً في أفخم فندق في العالم تكريماً لصلة القرابة التي لم يشأ أن يضربها بعرض الحائط حتى لا تتساقط ملياراتهم على غير أرض المملكة وما يخدم ما يراه مناسباً لدورها المرجو والمحمولة على عربة العولمة التي تؤيده بها، والتي زارها تباعاً وجيوبه تخشخش بالذهب تكريماً لمستقبله وسيراً على لغة العصر ففي الدراهم مراهم تصمّ الآذان والعيون وتبطل العقول عن تناقض صورة الأمير المالك في القرن الواحد والعشرين وهو يرشرش فلوسه على عواصم العولمة الكبرى، التي أصبح مثلها يحارب الإرهاب وشفط ما تركه الاستبداد من لقمة شعوب منطقتنا، إنها الابتسامة الصريحة لمن يفهم لغة العولمة الجديدة وهو يدق رجليه على درجات سلالم الاستقبال برشاقة تبدو من تطاير عباءته الحريريّة داخل المنظومة المرتبة على مقاسات الأمراء، فالمهمة كما يبدو تصل لأبعد مما هو مطلوب والدور أساسي في "صفقة القرن" بكل وضوح وتناغم وإنعاش لدور إسرائيل وأوكسجين لمناوئيه في الطرف الآخر ما يجعل الطمس لغير ذلك هدفاً ويعيد للطرفين أُلقهما بعد أن كسدت بضاعتهما وعلا الصدى أدوات تجارتهما. إنه تكامل في الأدوار تحييه مراكز العولمة الرأسمالية كي لا تتوقف الحروب في منطقتنا وتؤجّل جميع تطلعات شعوبنا من إيران إلى المتوسط وهو ما ينهك وجودنا ويشتت آمالنا ففي الحروب تنتعش الجيوب عند مصاصي دماء الشعوب، وينتعش الشيطان ويتم طرد الرحمن، أيها البعض المؤمنون، وإن إنعاش هذه الأدوار وعدم التوقف عن الحروب والدماء لبلادنا إنما يعيدنا إلى الوراء، وإن مواجهة هذه الأدوار لا يفيد معها تجربة المجرّب والانزلاق في الصراعات الداخلية والخارجية بل بتقوية الإنسان وإيقاف الهدوء والفساد وإحقاق الحقوق، تواجه وتقاوم بسيادة القانون وبالدخول في التنمية وتحديث التعليم وبقاء الإنسان فوق أرضه لا تحت التراب أو رماد في الهواء.
فمن تقاومون إذاً أيها المدَعون أخبرونا فالجميع معكم ضدنا يقاومون نمونا وتحررنا واستقلالنا نحن الشعوب.
-------------------------------------------------------------------------------------

تواريخ سورية:
هؤلاء حكموا سوريا منذ الاستقلال
توالى على حكم سوريا 21 رئيساً منذ استقلالها عن فرنسا في 17 نيسان/أبريل 1946، كانت فترات حكم بعضهم مؤقتة، وهم على الشكل التالي:
1- شكري القوتلي (المرة الأولى): من 17/8/1943 حتى 30/3/1949.
2- حسني الزعيم: استلم بموجب انقلاب عسكري من 30/3/1949 حتى 14/8/1949.
3- محمد سامي حلمي الحناوي (رئيس المجلس العسكري الأعلى): 14-15/8/1949 ، تولى الرئاسة ليوم واحد.
4- هاشم الأتاسي (المرة الأولى): من 1949 إلى 1951، وانتهت رئاسته بانقلاب الشيشكلي في 28تشرين ثاني1951.
5- أديب الشيشكلي (المرة الأولى): 2-3/12/1951، تولى الرئاسة ليوم واحد.
6- فوزي سلو: من 3/12/1951 حتى 1/7/1953، واستلم بعد انقلاب عسكري.
7- أديب الشيشكلي (المرة الثانية): من 11/7/1953 حتى 25/2/1954، ثم اغتيل في البرازيل عام 1964.
8- مأمون الكزبري (المرة الأولى): 25-28/2/1954، ثلاثة أيام انتقالية.
9- هاشم الأتاسي (المرة الثانية): فترة الحكم: 1954-1955 سنة واحدة .
10- شكري القوتلي (المرة الثانية): من 6/9/1955 حتى 22/2/1958. وهو من أبرز دعاة الوحدة العربية في العصر الحديث، وأول رئيس عربي يتنازل عن الحكم طواعية للرئيس جمال عبد الناصر عام 1958 من أجل وحدة سوريا ومصر. توفي عام 1967.
11- جمال عبد الناصر: تولى زمام الأمور بموجب اتفاقية الوحدة بين مصر وسوريا تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، من 22/2/1958 حتى 29/9/1961. انتهت مدة حكمه بانفصال الدولتين عن بعضهما.
12- مأمون الكزبري (المرة الثانية): تولى الحكم مؤقتا من 29/9/1961 حتى 20/11/1961.
13- عزت النص: تولى الحكم مؤقتا بغرض الإشراف على الانتخابات الرئاسية من 20/11/1961 حتى 14/12/1961، وكان حينها رئيسا للوزراء.
14- ناظم القدسي: من 14/12/1961 حتى 8/3/1963. توفي في الأردن عام 1997.
15- لؤي الأتاسي: حكم من 23/3/1963 حتى 27/7/1963، وكان قبل ذلك قائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة. توفي عام 2003.
16- أمين الحافظ: رئيس المجلس الجمهوري من 27/7/1963 حتى 23/2/1966. عاش في المنفى بالعراق ثم عاد عام 2003.
17- نور الدين الأتاسي: من فبراير/شباط 1966 حتى 16تشرين الثانينوفمبر 1970. تم في عهده توقيع اتفاق إنشاء سد الفرات. توفي عام 1992.
18- أحمد الخطيب: من نوفمبر/تشرين الثاني 1970 حتى فبراير/شباط 1971، تولى الرئاسة لأربعة أشهر فقط.
19- حافظ الأسد: من 22/2/1971 حتى 10/6/2000.
20- عبد الحليم خدام: من 10/6/2000 حتى 17/7/2000، تولى الرئاسة مؤقتا بعد شغور المنصب بوفاة الرئيس حافظ الأسد.
21- بشار الأسد: من 17 يوليو/تموز 2000 حتى الآن

-----------------------------------------------------------------------------------------








___________________





زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص