الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكون الواسع والعقول الضيّقة 3

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2018 / 7 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الكون الواسع والعقول الضيّقة 3
لا مُدرَكات فيزيائيّة
د.مؤيد الحسيني العابد
لدينا قول في القرآن الكريم: (فلا أقسم بما تبصرون، وما لا تبصرون)، وهو قول فيه ما فيه من معان يدركها من يدركها ولا يدركها من لا يتصوّر اللامدركات!
ممّا يساعدني على أن آخذ أنفاسي قليلاً في زحمة الصيف من يباس هناك وإخضرار هنا، وبين جفاف نفوس وقسوة قلوب هناك وإرتواء نفوس ورقّة قلوب هنا، أرى في نفسي طاقة جلّى للإنبثاق والولوج الى حيث الجمال الحقّ ومكانه في اللامكان المحدّد، فالجمال خِلقة من خِلق الله تعالى وضَعَه الخالقُ وضعاً مع الوجود لأنّه جميل!(إنّ الله جميل يحبّ الجمال). وكما أعتقد فإنّ جزءا كبيرا من هذا الجمال تموضع في القانون والذي يحكم حركة الكون بدقّة متناهية، ومنها هذا الوجود الثرّ والغني بهذا الجمال والتصوّر الجمالي في ذهن المتفاعل بلا أيّ شكّ!
إنّ من مزايا وجود ذلك الجمال هو هذا التناسق في النظام الذي يحتويه، لكنّ الذي يعطي إنطباع القنوط بالحصول على مسحة متجددة من هذا الجمال كلّ يوم هو هذا اللاوعي عند الكثير من بيدهم صنعة الاعلام الفاسد الذي لاث وسحق هذا السراج الذي سُلّط على هذه المسحات الرائعة كي يكشفها لنا! من بيده الفساد المذكور لا يعرف كنه هذا الجمال لأنّ الذي يعرفه هو ذلك الذي يذوب فيه حبّاً وشغفا عميقا!
الاشياء تنمو بجمال والطبيعة تتغيّر بجمال ونظرات العابرين المتغيّرة تنتقل ما بين صور الجمال وجماليّة الصور المتناوبة على إحساس القلوب الرقيقة والعميقة!
الكون في كلّ ما طرحه الفيزيائيون مازال جميلا وسيبقى جميلا لانّه من جميل ولانّه متغيّر في صوره، لن يحصل فيه الثبات مهما حاول أنشتاين والأنشتاينيون! ومهما حاول منظّرو الفيزياء الجميلة فإنّهم لن ينالوا مرادهم لانّ جماليّة الكون وموجوداته في أن لا ثبات فيه (على الاقل حتى الأن أيّها السادة!)، لأنّ الجسيمات المكوّنة لهذا الكون صغائر الكتل متغيرة الى الدرجة التي تجعل أيّ تفاعل فيه ما بين أيّ جسيم مع أيّ شعاع منبثق من هنا أو هناك يؤدي الى تغيير في موضعه فجماله في عدم ثباته! ومما نراه في تجاربنا انّما هو كمّ من الكموم او الكميات والذي يمثّل متوسطا مقبولا ممّا حصلنا عليه لعدد كبير من الجسيمات المتفاعلة ليغيب عنّا كثير منها إمّ لعدم حصولنا عليه أو لإنّه لم يحدث التفاعل المطلوب كي يدخل في دائرة حسابنا التجريبي وربّما العقلي أو الذهني! وبمعادلاتنا الجميلة نناضل كي نخضع بعضا من الظواهر الى ارادتنا وتبقى طرق النظرات أو التصورات الذهنية هي الاعمق للتعبير عن مسافة أقرب الى جماليّة ذلك التنظيم في ذلك الكون الجميل!
أيّها السادة كلّ ما حصلنا عليه وتصادفنا معه بشكل أو بآخر هو صورة من الصور التي تنقل الوضع الميكروسكوبي الدقيق عن جزء يسير من تشكيلة هذا الكون. لأنّ التعقيد في الشكل أو البنية إنّما هو مسحة من مسحات هذا الجمال! حيث لا يمكن أن تخضع عوالم الجمال لحدود عالمنا المحدود إدراكا لا فعلاً! وأدوات معرفتنا قاصرة عن إدراك ما هو موجود بالفعل. لاننا تعودنا على أنّ العقل السليم هو العقل الذي يتفاعل مع الاشياء ببرهان أو ببراهين أطلقنا عليها بالبراهين العلمية وما هي الا براهين ناقصة لعامل العوامل المهمّة التي ينبغي لنا ان ندخلها في حساباتنا وهي التقديرات المبنية على ما لا يدرك وفرض وجوده الذي يشكّل جزءا مهما بل الاهم في كشف جماليّة هذا الكون!
هل رأيت جمالاً مثل ذلك الجمال الذي لا تدركه إلاّ نفوس عالية؟
جزء كبير من معنى الجمال يكمن في تفاعلك مع الأشياء فمثلاً رؤيتك للون ما تتفاعل معه إيجابا يجعلك في محور التفكير العالي لإنتاج ما يجعلك في أعلى المراتب إن كان لك ما يمكن أن نسميه اللامنغّصات من سياسيين كسياسيي العراق ودول النفط العربي التي لا تستلذ الا بالدمّ! والمال السحت. أيّها الأحباب الجمال جمال فهم اللامدرَك وما يترتّب عنه
إنّ العقل السليم هو ذلك العقل الذي يستوعب ما يدرك وما لايدرك على حدّ سواء، فكلّما تركنا مساحة أو مسافة لل لامدرَك إستطعنا أن نضيف الاضافات الضروريّة لهذا التركيب، بلا عناء وبالتالي سنملأ الفراغات التي تركناها وتركها غيرنا من قبل. فمن الاسقاطات التي تركتها لنا الكثير من النظريات الفيزيائيّة هي عدم استيعاب اللامدرَك لنصل بما موجود الى لملمة الاخطاء المستنتَجة بما أطلقنا عليها ثوابت فيزيائيّة أو ربّما كيميائيّة! فمن اللامدرَك الذي إكتشفناه مؤخرا هو (كيف يمكن القبول بوجود ميزون داخل البروتون وأنّ الميزون نفسه يضمّ بروتوناً؟)
لقد كان ومازال السباق المستمر حول البحث عن مواصفات جديدة لجسيم من الجسيمات الأولية أو الأساسيّة التي تكون في تكوينها بالفعل أساساً لهذا الكون كما بيّنت الكثير من الدراسات والأبحاث. فمازالت عدد من المميزات والخواص لجسيمات متفاعلة في تكوين الكون الذي نحن جزء منه (ونحن جزء مهم من هذه الجسيمات والتي بنفس الوقت تكون جزءاً منّا! لا غرابة في ذلك)، بل يمكن القول أنّ الكون يتكوّن معظمه من جسيمات غير معروفة لنا بعد! ويستمر البحث عن جسيمات المادة المجهولة بنسبة كبيرة وهي تلك التي نطلق عليها بالمادة المظلمة.
كثيرا ما يوصف اكتشاف جسيم تقليص للمسافة تجاه الحقيقة الكونيّة،كما في جسيم هيغز والذي اكتشف عام 2012 من الجسيمات المهمة التي كانت مفقودة في مجموعة اللغز في النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. ورغم كل هذه النتائج التي حصلنا عليها وهذا اكتشاف رائع لكن لا يعني ذلك ان كل الجسيمات قد تمّ الوصول اليها أو تمّ اكتشافها. بل بالعكس فان علماء الفيزياء يرون ان هذه الاكتشافات ماهي الا جزء يسير من وجود العديد من الجسيمات التي لم يتمّ اكتشافها بعد. والحديث المهم هو انّ ايّ نموذج معياري في اي بحث من الابحاث لا يمكن ان يكون هو النتيجة المطلقة الكافية لفهم الكون، واذا اخذنا بنظر الاعتبار بعض الفرضيات المهمة حول شكل ونوع الكون (او الاكوان!) فينبغي علينا ان نقول ان ما وصلنا اليه لا يمثل نصف او ربع الحقيقة الموضوعة افتراضاً لفهم الكون. ولو قمنا بمسح للابحاث حول المادة المظلمة لا اعتقد سنكون في وضع يؤهلنا للسير قدماً ما لم ندرك اللامدرَك كما أشرنا آنفاً!
ومن اللامدرَكات التي لم تدرس الى الآن هو وجود المستقبل في دائرة بعيدة كلّ البعد عن الذهن التقليديّ! حيث أنّ الشيء في الوجود الذي مضى أو هو ذلك الذي ودّعناه وإنزلقت حدوده في الوجود السابق. لكنّ المشكلة تكمن في فهم المستقبل فإنّه غامض مازالت تفاصيله عديمة الشكل (لكنّها في كلّ الأحوال هي جزء من تركيب ذلك الكون الذي نحن جزء منه. وكلمة (الآن) في الوعي الانساني هي الزمن الحالي بسموّه ونكوصه. والاحداث المتدفّقة الى الحاضر ستكون في الماضي بعد برهة. أي أنّ المستقبل بالنسبة لنا عديم الشكل (تصوراً!) إلاّ أنّ الحاضر والماضي لهما شكلان واضحان يمكن وصفهما بسهولة في الوعي الانساني يكمنان ويبرزان في أيّ وقت من الاوقات (حسب الطلب!). المستقبل تدفّق عديم المفهوم تصوراً! ولكنّه مفهوم في أطر أخرى يمكن الوصول إليها ببعض الجهد حينما نفهم معنى طيّ الزمن أو العودة الى حالة فهم اللازمن!
لقد إرتبط مفهوم الزمن بالكون وتكوينه وتمدده وتغيّره إلى الأشكال المتعددة والتي تتغيّر تبعاً لتكوين ما ينشأ ويخلق فيه(كما يقول أنشتاين في نظريّته النسبيّة العامة). حيث يرى الفيزيائيون إلى أنّ الزمن (بحكم إرتباطه بالكون) وكأنّه يتمدد إلى الخارج أي أنّه يتحرّك بإتّجاه بعيد عنّا
هل سمعت مصطلح (اللازمن) من قبل؟ أي ذلك الذي قبل وجود الوجود وحينما وجد الوجود وكجزء من تشكيلة الكون ولإستيعابه نشأت متناقضات الموجودات ومنها الزمن فله مثلاً ذلك اللازمن ومنه نستطيع استيعاب متغيّر جديد لمعادلاتنا هو اللازمن والذي يعتبر عاملاً مهما لما قبل حدوث الحدث كي نفهم الأثر القادم بعد الحدوث فنقول بتغيّر الحالتين! لا تنسَ حالة الثقب الأسود ومصائبه لنا وعلينا نحن الفيزيائيين!(تحمّلني قليلاً لست مصابا بالزهايمر حيث مازال الوقت مبكّرا عليّ رحمك الله!).
من مواصفات هذا المسمّى بالثقب الأسود أن حالة من الحالات التي يمرّبها هو تداخل الجسيمات والذرات فيما بينها وينعدم كلّ فراغ ما بين المكوّنات المذكورة وحالة من هذه الحالات كما تنصّ عليه نظرية أنشتاين النسبية العامّة هو جذب هذا الثقب لأيّ جسيم يمرّ بالقرب منه وتزداد كتلة المادة داخل هذا الثقب فيسير فيه بشكل منحنٍ أي يبدأ بتقوّس هذه الحركة الى أن يوصل طرفا الجسيم (أو غيره!) بل ويمكن أن يطوي الزمن الى بدايته أي قبل حدوث الحدث (لا تنسَ اللازمن الذي تحدثنا عنه!). كيف يحدث ذلك؟ هل هو سفسطة لا علاقة لها بالفيزياء؟ أقول لك بالعكس فهي فيزياء متقدمة ترتبط بما هو أكبر منها لنجمل المفاهيم فهي كلّ متكامل لا إنفصال ولا إنفصام فيه. الكثير من مواصفات الثقب الأسود تحمل تصورات خارج المفاهيم المعتادة، ففي هذا المكان نفهم معنى العدم ونفهم معنى اللازمن ونفهم معنى اللاإتّجاه فلا يمين ولا شِمال هناك ولا أعلى ولا أسفل ولا فوق ولا تحت هناك! حتى الجاذبيّة التي يتحدّث عنها العلماء هي غير الجاذبيّة التي إعتدنا على مفهومها! هل عرفت أو سمعت بأفق الحدث
Event Horizon
تنقلب الأمور هناك رأساً على عقب! المادّة لها ضديدها يعيش معها سوية بلا منغّصات! ليشكّلا معاً إشعاعاً تتمنّاه لعدوّك اللدود العامل في حكومات فاسدة منذ عقدين من الزمان! ومازال هذا العامل العدو يسرق قوت الشعب ويشرب كأس دم الفقير الساخن!
كنت ألهو مع صديق لي: قلت له هل تعتقد أن الثقب الأسود يمكن أن يكون جحيما لمثل سرّاق العراق وقاتليه؟ قال يمكن! (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ) كأنّه درب الصدّ ما ردّ! حيث في هذا الثقب الغضب! قدرة على إمتلاكه سطحاً يسمح بمرور كلّ شيء بإتّجاه واحد ولا يسمح العكس. فهو وحيد الإتّجاه، كلّ شيء يذهب الى هناك الى نقطة التفرّد
Point of singularity
مركز ذلك الثقب!
في ذلك تتغيّر الكثير من المعاني! وخوفي أن نصل الى مستوى نندم فيه عن البوح بما ذكرت ففي عقل الكثير من شبابنا للاسف عدم فهم لكثير من الامور واذا اردت التصديق فاذهب الى كتاباتهم في تويتر ترى العجب العجاب! فكيف بهم اذا عرفوا ما نكتب عن اللامدرَك وهم بهذه الكلمات لم يبقوا حدّاً لقيم ولا لغيرها!! ودمتم بصيف كلّه محبّة لا مجال لمميزات الثقب الاسود فيه!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف