الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تنظيم الظهور الإعلامى لعلماء الدين في مصر

إبراهيم رمزي

2018 / 7 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تنظيم الظهور الإعلامى لعلماء الدين في مصر

نشرت – عدة مواقع على الشبكة، منذ أيام ـ خبرا عن مناقشة لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب المصري لمشروع قانون "تنظيم الظهور الإعلامى لعلماء الدين"،
وحسمت اللجنة خلال اجتماعها في إحدى المواد، ... لتصبح كالآتى: "يتعين على كل مؤسسة إعلامية (مرئية ومسموعة ومكتوبة) التحقق من حصول عالم الدين على ترخيص ساري قبل السماح له بالظهور إعلاميا للحديث فى الشأن الدينى،

ويشترط فيمن يتقدم للحصول على الترخيص من اللجنة أن يكون:
1ـ مصرى الجنسية،
2 - حاصلا على مؤهل علمي - من جامعة معترف بها - له صلة بالعلوم الدينية الشرعية،
3 - امتحان إجازة الخطابة الدينية،
4 - ألا يكون قد سبق الحكم عليه فى جنحة أو جناية تفقده الثقة والاعتبار،
5 - اجتياز الاختبارات التى تحددها اللجنة.

وتم استحداث مادة لإضافتها لمشروع القانون نصت علي أن يستثنى من شرط الحصول على تصريح الظهور الإعلامى:
أعضاء هيئة كبار العلماء،
وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية،
وأعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية من أساتذة جامعة الأزهر،
وكل من شغل:
درجة وزير للأوقاف
أو مفتيا للجمهورية
أو وكيلا للأزهر
أو رئيسا لجامعة الأزهر
أو عميدا لإحدى كلياتها الشرعية أو العربية،

وللجنة الحق فى إيقاف الترخيص أو سحبه فى الحالات الآتية:
إذا أبدى رأيا مخالفا لصحيح الدين، أو منافيا لأصوله أو مبادئه الكلية المعتبرة،
إذا ترتب على آرائه إشاعة الفتنة بين أبناء الأمة،
إذا فقد شرط الأهلية،
إذا فقد شرطا من الشروط اللازمة للحصول على الترخيص.

هذا القانون سلاح ذو حدين:
فهو من جهة ينشد القطع مع الفوضى، والتطاول، وسد الباب في وجه كل من هب ودب، ممن اتخذ الدين سلعة للمتاجرة، لا يهمه إن روّج الثابت والمعلوم أم الأساطير والخرافات.
ومن جهة أخرى هو رديف لقانون ازدراء الأديان، الذي يكمم الأفواه والأقلام، ويعرقل حرية التعبير التي تروم تسليط الضوء على الفكر الديني. ومن الحق أن يدعى: "قانون ازدراء العقول".

ما نوعية الحديث عن الدين؟
هل هو الخوض في تفسير الآيات، والأحاديث؟ ووِفق أي منهج؟ أهو القديم المثقل بالشوائب؟ أم المستحدث المبتدع للإعجاز "العلمي والتكنولوجي .."؟
هل هو استعراض جزء من التاريخ، والسيرة، والفتوحات، وأخبار الخلفاء، ...؟؟؟ والتطرق لما اشتملت عليه "أيامهم" من "خرافات" ومبالغات وخوارق .. ودماء ونكبات؟ .. وعقد مقارنات بأديان أخرى؟ ..
هل هو الإفتاء والاجتهاد وتسويغ ما يتعارض مع المنطق والعقل؟ (بول البعير ـ رضاع الكبير ـ جناح الذبابة ـ مجامعة الميتة ـ اتخاذ اكرينج من الخضروات ـ الأرض مسطحة ـ زواج الجن ومسه ـ الكلب الأسود ـ الفويسقة ـ الإسرائليات - ... إلخ)
هل هو انتقاد الفكر الديني (علمانية) وتقديم اقتراحات وبدائل؟

اشتراط المؤهل؟
طبقة الإكليروس .. هم الدارسون والمتمكّنون من "أسرار" الدين .. هم العرّافون القادرون على تأويل الرؤى وتفسير دلالات الرموز، هم "الكهنة" المالكون للعصا السحرية، هم الحواة الذين يخرجون الأرانب من القبعة، ويحولون الماء السائل إلى ثلج، والحجرة إلى ثمرة، ..
ربما كان هذا هو واقع الحال عندما كان فقيه الكتاب في قريتنا هو الوحيد الذي: يقرأ، ويكتب، ويعلم الصغار، ويؤم الكبار، ويفتي في الدين، ويشرف على المعاملات، ويكتب العقود والرسائل، .. أما اليوم فصار طفل دون البلوغ أعلم من فقيه كتابنا وأفقه .. وينخرط في علوم العقل الدقيقة حسب مستواه.
في الماضي كانت الكتب نادرة، والحصول عليها يعتبر معجزة، .. أما اليوم فبالإمكان تصفح المجلدات التي كانت حلما بالنسبة للبعض .. ساعد النشر الإلكتروني على الشبكة في شيوع ما كان يعتبر من "المعرفة المحرمة" أو المحظورة .. وبالتالي انكشف ما كان "يتستر" عليه "الفقهاء والعلماء" ويخجلون من إظهاره للناس، معتبرين أنه ضَنٌّ على العامة بما لا يستطيعون سبر غوره لفهمه حق الفهم.
ويشترط فيمن يتقدم للحصول على الترخيص من اللجنة أن يكون: ... حاصلا على مؤهل علمي - من جامعة معترف بها - له صلة بالعلوم الدينية الشرعية.
سيكون بندا عميق الأثر، جليل الشأن، لو نُفِّذ حرفيا .. بحيث يُلزَم المرخَّص له أن لا يخرج عن دائرة "العلوم الدينية الشرعية" .. وأن لا يتجاوز "تخصصه" .. فقد مللنا ممن يلبس بذلة رائد الفضاء .. وممن يمسك بمبضع الجراح في غرفة العمليات .. وممن يزاحم الغواصين في أعماق البحار .. وممن يعرف أسرار البوذية والزرادشتية والمندائية والبهائية، ناهيك عن المسيحية واليهودية .. وممن يعرف كل شيء، ويخوض في كل شيء، .. فهو موسوعة فراغ وفقاعات، ولو رحم جهلَه لرحمنا معه.

الاستثناء
كل شيء لا بد فيه من استثناء. هل يعقل أن يقطع موردُ رزقٍ عن فئة من "العلماء، والفقهاء، والوكلاء، والوزراء، والأحبار، والأئمة، والشيوخ، والملالي، ...."؟ قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق. لا بد من تأمين سبيل للظفر بجزء من الكعكة ـ أو فتاتها ـ.. (عند البعض هي ليست أجرا، لأن كل ما يتعلق بالدين لا يؤخذ عليه أجر، وإنما هي: إكراميات .. تعويضات عن أعباء التنقل .. مساهمة في دعم: مشروع/هيئة/لجنة/جمعية/ ...)

الاختلاف في الرأي/الآراء:
تنص إحدى الفقرات على حيثيات سحب الترخيص ممن حصل عليه سابقا:
إذا أبدى رأيا مخالفا لصحيح الدين، أو منافيا لأصوله أو مبادئه الكلية المعتبرة،
إذا ترتب على آرائه إشاعة الفتنة بين أبناء الأمة،
سطران فيهما كلمتا: رأي، وآراء، وهما بذلك يلخصان الأهداف والغايات من القانون كله، متمثلة في قمع الرأي ـ الآراء .. في أي مؤسسة إعلامية (مرئية ومسموعة ومكتوبة)، بحجج غير دقيقة:
من الذي يملك صحيح الدين؟ أي مذهب؟ أي عالم؟ أي شيخ؟ أي فقيه؟ أي هيئة؟ أي دولة؟ ..
وإذا افترضنا أننا توصلنا إلى تحديد من يملك صحيح الدين، فهل هو موضع إجماع، ولا اعتراض عليه من هذه الناحية أو تلك؟
ثم ماذا نعني بصحيح الدين؟ هل هو الجزء المعتمد على النقل وحده؟ أم الممتزج بالعقل، أيضا؟ ولا ننس أن المنقول لا إجماع حوله لدى أتباع المذاهب، وهو مستهدف دائما بالنقد من هذه الطائفة أو تلك، لكثرة الدس الذي خدم أغراضا سياسية.
هل نقد الفكر الديني يشيع الفتنة؟ أم يسهم في التوعية وتوضيح ما يعتمد عليه الإكليروس للتحكم في مصائر الناس ومشاركتهم في أرزاقهم.
وهل من الأصول والمباديء المعتبرة الترخيص للمصري السني للحديث في الشؤون المتعلقة بالشيعة، ومناقشتها، وانتقادها، و"تسفيه" بعضٍ مما "لا يرضيه" من معتقداتهم؟
وهل يمكن أن يسمح للشيعي من خارج مصر أن يظهر في قنوات مصر، ويبسط آراءه ومعتقداته، حتى وإن لم توافق هوى البعض ..

وأخيرا، هل سيعاد النظر ـ من جديد ـ في تصنيف القنوات الفضائية وفق المذاهب والتيارات الدينية؟ وتجديد الهيئات الرقابية بكل قناة لمنح الترخيص أو لسحبه؟
ثم ماذا عن القنوات والمواقع الخاصة على الشبكة العنكبوتية؟ هل تقع في مرمى "الرقابة" وتستلزم الترخيص أيضا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد