الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفط.. مرتكز العلاقات الخليجية الهندية

عبدالله المدني

2018 / 7 / 8
الادارة و الاقتصاد


على الرغم من انطلاق علاقات التعاون بين جمهورية الهند الصديقة ودول الخليج العربية الست نحو آفاق بعيدة على أعلى المستويات وفي سائر المجالات، من بعد إهمال لأسباب لا نريد الخوض فيها، فإن محورها الرئيسي لا يزال يدور حول النفط. هذه السلعة الاستراتيجية التي تعني الكثير للهند وهي تخوض مسيرة الارتقاء إلى مصاف القوى الاقتصادية المؤثرة على الساحة الدولية، بدليل ما ذكرته وكالة الطاقة الدولية من أن الاستهلاك اليومي للهند من البترول سوف يصل إلى 5.6 ملايين برميل بحلول عام 2030، ما يجعل الهند لاعبًا أساسيًا في السوق، علمًا بأن الأرقام تشير إلى أنها استهلكت في العام 2002 نحو 2.1 مليون برميل في اليوم، كان 1.4 مليون برميل منه مستوردًا.
صحيح أن الهند تنتج النفط من حقول تقع على ساحلها الشرقي المطل على المحيط الهندي بالقرب من مدينة مومباي، إلا أن إنتاجها اليومي الذي لا يتجاوز 750 ألف برميل لا يفي باحتياجاتها الصناعية واحتياجات سكانها الذين تجاوز عددهم اليوم حاجز 1.3 مليار نسمة.
ومن هنا بدأت الهند منذ سنوات طويلة خلت باستيراد الخام من الخارج، مع زيادات سنوية في الكميات المستوردة، وبالتالي تنامي الضغوط على موازنتها العامة إلى أن وصلت فواتيرها النفطية في العام المالي 2017/‏2018 إلى قرابة 88 مليار دولار، من أصل مبلغ 417.5 مليار دولار هو مجموع قيمة وارداتها الخارجية، الأمر الذي جعل فاتورة واردات النفط هي الأعلى رقمًا في الهند. وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى أن الهند تستورد 75% من احتياجاتها النفطية و37% من حاجاتها من الغاز الطبيعي من دول الخليج العربية، بل تستورد خمس حاجاتها من بلد خليجي واحد هوالمملكة العربية السعودية.
ومما فعلته الهند، تنويع مصادر وارداتها النفطية كي لا تقع تحت تأثير ضغوط سياسية، وكي تتجنب حالات الحروب التي قد تقطع خطوط إمدادات الطاقة. وإذا ما استعدنا التجربة المرة التي تعرضت لها زمن حرب الخليج الثانية، ومن قبلها تجربة أقل مرارة زمن الحرب الإيرانية العراقية، عرفنا لماذا تهتم نيودلهي كثيرًا بموضوع أمن الممرات البحرية التي تعبر من خلالها ناقلات النفط الحاملة لاحتياجاتها من النفط والغاز، وتمر من خلالها أيضًا الصادرات الهندية إلى أوروبا عبر مياه بحر العرب ومضيق باب المندب فقناة السويس، وعرفنا أيضًا لماذا انضمت الهند مؤخرًا إلى دول مثل الصين والولايات المتحدة لجهة حث منتجي النفط الرئيسيين على ضخ المزيد من الإمدادات للحيلولة دون حدوث عجز في المعروض يقوض النمو الاقتصادي العالمي، خصوصًا في ظل تهديد واشنطون بالضغط لعدم شراء النفط من نظام طهران الإرهابي، وبدء بعض المستوردين البحث عن بدائل للنفط الإيراني.
في لقاء في عام 2015 بين كاتب هذه السطور ووزيرة خارجية الهند ساشما سواراج أكدت الأخيرة لنا حرص بلادها على العمل؛ من أجل ألا تتفاقم الخلافات بين إيران ودول الخليج العربية إلى درجة تنتشر معها الفوضى واللاستقرار في مياه الخليج وبحر العرب كيلا يشكل ذلك تهديدًا لمصالحها الكبيرة والمتزايدة في المنطقة.
ومن أجل تفادي أي خلل قد يصيب حصتها من النفط في السوق العالمية، لجأت الهند إلى إقامة شراكة نفطية استراتيجية مع دولتين من دول الخليج النفطية الكبيرة، ذات المصداقية والمكانة الرفيعة على الساحة الدولية وهما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وتتجلى هذه الشراكة في تكوين مخزون نفطي احتياطي على الأراضي الهندية من خلال بناء خزانات طوارئ ومصافي ضخمة لتكرير الخام تستثمر فيها الدولتان الخليجيتان وفق شروط وتفاهمات معينة. فعلى سبيل المثال توجد استثمارات كبيرة لشركة أرامكو السعودية في القطاع النفطي الهندي شاملة إقامة المصافي وتكرير الخام وتوزيع مشتقاته ومنتجاته داخل الهند خصوصًا، وفي آسيا عمومًا.
وهذه الحالة تنطبق على الإمارات أيضًا، فعلى سبيل المثال وقعت شركة أدنوك الإماراتية النفطية في مطلع العام الجاري اتفاقية مع شركة النفط والغاز الهندية تمتلك بموجبه الأخيرة حصة 10% من امتياز حقل «زاكوم» العلوي في أبوظبي والذي يعد ثاني أكبر حقل نفط بحري في العالم. وبطبيعة الحال فإن الاتفاقية تحقق منافع متبادلة لطرفيها، فهي تلبي من جهة الطلب المتزايد على النفط ومنتجاته في الهند، وتضمن من جهة أخرى زيادة حصة أدنوك الإماراتية في الأسواق الهندية والآسيوية، علمًا بأن إدنوك كانت قد وقعت في يناير 2017 اتفاقية مع السلطات الهندية لبناء منشآت تخزين نفطية للطوارئ تحت الأرض في منغلور بسعة 6 ملايين برميل.
لقد استوعب الهنود دروس ومخاطر الماضي فوجدوا أن الخليج هو أكثر المصادر أمنًا وضمانًا لتزويدهم بحاجاتهم من النفط والغاز وأن ما راهنوا عليه يومًا ما من استيراد تلك الحاجات من دول بعيدة كانت تشاركهم العقيدة الاشتراكية العقيمة مثل العراق وسوريا والجزائر وليبيا كان تجربة فاشلة دعك من تكاليف العملية الباهظة بسبب بعد المسافة.
كما اكتشفوا مؤخرًا أن المراهنة على الاستيراد من إيران تحفه المخاطر بسبب ضلوعها في الإرهاب وخضوع نظامها لعقوبات من قبل الولايات المتحدة، الحليفة التي لا يريدون الدخول معها في مشاكل واتهامات بخرق العقوبات.
لذا تبقى دول الخليج المستقرة وصاحبة السمعة الحميدة على الساحة الدولية هي التي على الهنود الاعتماد عليها في وارداتهم النفطية، ويجب ألا تغريهم عروض البيع الآجل أو البيع بأسعار وشروط تفضيلية من تلك المقدمة من دول نفطية بائسة مثل إيران وفنزويلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعمير- خالد محمود: العاصمة الإدارية أنشأت شراكات كثيرة في جم


.. تعمير - م/خالد محمود يوضح تفاصيل معرض العاصمة الإدارية وهو م




.. بعد تبادل الهجمات.. خسائر فادحة للاقتصادين الإيراني والإسرائ


.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة