الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول تحالف ( السائرون) ثانيةً

عادل امين

2018 / 7 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بدءاً لا بد من القول ان اي تقييم لأمورٍ تحدث للمرة الأولى في الحياة السياسية، من الضروري اعطاءها ما يكفي من الوقت، لتنضج نتائجها، السلبية أو الإيجابية، وخاصة موضوعة غير مسبوقة، كدخول الحزب الشيوعي العراقي في العملية الأنتخابية بإتلافٍ مع التيار الصدري (التيار الوطني المعتدل في الأسلام السياسي في العراق) هذا التحالف الذي أثار مناقشات واسعة سواء داخل الحزب أوفي صفوف جماهيره وحتى داخل التيار المدني، حول ما سيجنيه الحزب من المكاسب السياسية أو الانتخابية من هذا التحالف، بين من كان معارضاً ومن كان مؤيداً له، وما أن انتهت العملية الإنتخابية وبآنت نتائجها بحصول الحزب الشيوعي على مقعدين لا أكثر، حتى تعالت بعض الأصوات في صفوف المعارضين، ( ربما اشبهت بشماتةـ ها ماذا قلنا !!!)
بالرغم من اقراري بضرورة التريث وعدم استباق ما يؤول اليه هذا الحدث من النتائج، ألا أني لا أجد ضيراً من القاء النظرة الأولية، أو القراءة الأولية لهذا الحدث الفريد من نوعه في تأريخ الحزب الشيوعي العراقي، ولإجتهاد قيادته، (وللمجتهد إن أصاب ثوابان).
باعتقادي لا تقاس المكاسب بعدد المقاعد التي حصل عليها الحزب، الحزب حصل على مكاسب سياسية جيدة، بأعتقادي أكثر من لو خاض العملية الإنتخابية مع التيار المدني أو لو خاضها بمفرده أو لو قاطعها،
مقعدان هذا هو استحقاق الحزب في ظل قانون أنتخابي (يشوبه شوائب كثيرة)، في ظل مقاطعة شريحة لابأس بها من جماهيرالحزب لعدم قناعتها بهذا التحالف، في ظل شحة الإمكانيات المادية، انعدام الوسائل ألاعلامية الخاصة به(قنوات فضائية) ممارسة الأرهاب المعنوي والعنفي ضده، عدم وجود قوى اقليمية ودولية مسانده له كما هي عند معظم الأطراف السياسية الآخرى، ناهيك عن الجزرالذي أصاب عموم الحركة الشيوعية العالمية ، خاصة بعد سقوط التجربة الأشتراكية في الأتحاد السوفيتي واوربا الشرقية ...الخ، مقعدان جاءا من الأصوات النظيفة غير الملوثة بالرشاوي ولا بالتزوير، إنها اصوات مخلصة ونبيلة، كل صوت يعادل الآف من الأصوات المشتراة من الفقراء أو الجهلة، ولم يراهن الحزب عند دخوله في هذا التحالف على شحذ اصوات الأطراف المتحالفة معه، وإنما أعتمد على الأصوات التي اقتنعت بالبرنامج الأنتخابي الذي قدمه التحالف، لأن كل طرف في التحالف صوت لممثليه.
دخل الحزب في العملية الأنتخابية ببرنامجٍ تحالفي وطني ديمقراطي صادق، فبدلاً من العزلة والتغرد خارج البرلمان أقتحم الساحة مع الآخرين، مع من هم أقرب له جماهيرياً وسياسياً وبرنامجياً مرحلياً، وحقق مكاسب بالرغم تواضعها لكنها مع حلفائه تكون خميرة لأصلاح العملية السياسية، لأنقاذ البلاد من وضعها المأساوي، ومن هذه النتيجة المتواضعة أرتعبت اطراف داخلية وأقليمية، فلملمت جيوشها الأعلامية ضد تحالف (السائرون) والحزب الشيوعي.
أقتحم الحزب الشيوعي العراقي بجرأةٍ جداراً قوياً في الدخول مع الأسلام السياسي الوطني المعتدل، والعمل المشترك للدفاع عن مصالح الفقراء والكادحين وحماية البلاد من التدهور، وهذا اقرار ضمني بأن الحزب ليس الطرف الوحيد الذي يحتكرالدفاع عن مصالح الفقراء والمعدومين بل هناك اطراف غيره وذات الوزن الكبيرعلى الساحة تدافع عن مصالح الفقراء والقريبة سياسياً منه بالرغم من التباين الآيدولوجي، وهذا يمنح بعداَ سياسياً توسعياً للساحة التي تمثل مصالح الفقراء والكادحين ولا أستبعد من جذب أطراف سياسية أخرى للمساهمة فيها مستقبلاً بما فيها القوى الأسلامية المعتدلة.
في انتخابات 2014 دخل الحزب فيها مع التيار المدني، ولم يحصد شيئاً منها، ذهبت أصوات جماهيره إلى شخصيات آخرى في التيار المدني، في أنتخابات 2018 على الأقل حصل الحزب على اصوات جماهيره( الذين صوتوا)وأعتقد لو لم تكن هناك مقاطعة ( البعض من جماهير الحزب) لكانت النتائج أفضل مما عليها الآن.
دخول الحزب في التحالف مع ( الأسلام السياسي الوطني المعتدل) بالعمل المشترك، هوالحداثة بذاتها، وأظهر للجميع بانه غير مقيد بالعقيدة الجامدة( الدوغماتية) وإنما منفتح على كل جديد، ويده ممدودة إلى كل من يلتقي معه للعمل المشترك في الدفاع عن مصالح شغيلة اليد والفكر.
التعاون المشترك مع جماهير التيار الصدري لحد الأنتخابات وما بعدها يظهر للعيان جيدة، وأعتقد الأرضية ممهدة لأستمرار هذا التعاون، وليس من ( المستحيل ) أن يقود السيد مقتدى الصدر بجرأته التي ظهر بها ليس الأصلاحات السياسية فحسب، لا بل حتى الدينية، التي تتناغم مع الحداثة العلمانية المنفتحة على القوى الدينية المتنورة للسير بالأصلاحات السياسية لما فيها من الخير للبلاد والعباد.
الحصيلة الأنتخابية، رسخت أكثر القناعة من ان الحزب، إذا كان غير قادرٍعلى التأثيرعلى الأحداث في البلاد بمفرده، فعليه ان يتحالف مع الآخرين، الذين لهم أهداف مماثلة لأهداف الحزب الآنية في الدفاع عن مصالح عامة الشعب بالرغم من التباينات الآيدولوجية، هذه القناعة يجب ان تتوطد عند جماهير الحزب، وأعتقد العملية الأنتخابية الأخيرة والعمل المشترك في الساحات العراقية مع التيار الصدري رسخ وسيرسخ أكثر فأكثر تلك القناعة.
العملية الأنتخابية المشتركة ساهمت في تقليص الفجوات بين جماهير الحزب وجماهير التيار الصدري، لأن الكل يعانون من التهميش والظلم الأجتماعي والفقروالحرمان، أن المناطق الفقيرة في بغداد والمدن العراقية الآخرى هي أكثر من وقع عليها أعباء التغيير ما بعد عام 2003 ومعاناته، وهي نفس مناطق جماهير التيار الصدري وجماهير الحزب الشيوعي، فمقارعة الظلم يوحد الجميع ويوحد العمل المشترك لجماهير التيارين، وزيادة التفاعل فيما بينهما.
النتيجة الأنتخابية التي حصل عليها تحالف (السائرون) لم تكن بمعزل عن جماهير الطرفين من جهة، ورضى وقناعة الجماهير والمخلصين للبلاد بذلك التحالف من جهة آخرى، وهذه الحصيلة الايجابية هي ثمرة التعاون المشترك، لنتريث وننتظر هل ستعكس بظلالها مستقبلاً على العملية السياسية ؟ وإلى أين ستؤول مجريات الأحداث في الفترة القادمة، قبل التسرع في وضع هذه التجربة الفريدة على السفود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في