الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلاسفة العرب المعاصرون , حقيقة أم وهم ؟؟

ماهر رزوق

2018 / 7 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في مقالة قديمة قرأتها منذ زمن طويل ، حتى أنني نسيت اسمها و اسم كاتبها (مع الاسف) ، يتحدث الكاتب عن إمكانية وجود فلاسفة عرب معاصرون ، ينافسون إلى حد ما (حتى لو كان بسيطا) الفلاسفة الأوروبيين الذين قادوا عصر التنوير الذي أثمر عن الحضارة التي نراها الآن و ننعم بإنتاجاتها ، كمستهلكين فقط طبعا ...
ما يقصده : هل لدينا فلاسفة معاصرون يعملون على محاولة خلق حركة تنوير عربية ؟؟ أم أننا بعيدين كل البعد عن ذلك !!؟

يجيب الكاتب نفسه على سؤاله ، و يقول ربما يكون لدينا هؤلاء الفلاسفة الذين يجتهدون و يتحدون مخاطر عملهم ، في سبيل النهضة الفكرية و ردم الهوة بين تفكيرنا و التفكير الغربي ... لكن المشكلة هي في التسمية فقط ، فنحن مازلنا منذ زمن و حتى اليوم ، نطلق عليهم لقب المفكرون و ليس الفلاسفة !!

لماذا !!؟

لأن هذا اللقب ارتبط عبر تراث اسلامي طويل الامد ، بالكفر و الزندقة و الخروج عن المنطق السليم ... فكما نعرف أن الفلسفة تتبع المنطق العقلي في نظرتها للوجود و الحياة و الميتافيزيقيا ... و كما نعرف أيضا أن نظرة الاسلام للفلسفة كانت واضحة و صريحة و غير قابلة للنقاش ، و تختصر بالمقولة الشهيرة (من تمنطق تزندق) ، و الزندقة تعني هنا الكفر و الشرك بالله ... و عقاب الكفر عبر التراث الاسلامي معروف للجميع ...

و لذلك يبدو أن العرب فضلوا لقب المفكر لوصف من يعمل اليوم بالفلسفة و ينتج فيها ، و ذلك لتفادي هذا اللبس اللغوي الذي قد يسبب النفور الاجتماعي من كتب هذا الفيلسوف أو ذاك .. و كذلك لتفادي ما قد يتعرض له الفيلسوف نفسه من محاكمات و تهم و مضايقات ...

أي أن الفكرة لم تتعدى كونها : احتيال لغوي ، لتجنب ردود الأفعال الظلامية و الرجعية ... لكنها أيضا كانت فكرة سلبية للغاية ، فقد ارتبط الأمر بالتفكير العربي السائد ، و الذي ينظر لنتاجه نظرة دونية و غير جدية ، بينما ينظر للإنتاج الغريي نظرة إعجاب و حسد ...

فالعربي ، و بسبب أن اللغة هي مفتاح الفهم ، لم يستطع أن يتقبل كلمة الفيلسوف في وسطه المتدين ، كما أنه يفتقدها إلى حد بعيد في ثقافته العربية ، و يظن أنه ما من سبيل إلى الاشتغال بهذا المجال الذي يحتكره الغرب بسبب لغته المتحررة إلى حد كبير من تراثها الديني ...
أي أن العربي يشعر أن الطريق نحو خلق فلسفة عربية معاصرة هو طريق مسدود ... بينما قد يؤمن بالفكر العربي المعاصر الذي مهما ارتقى فإنه سيبقى تابعا للفلسفة الأوربية !!

السؤال هنا : هل حقا نحن لدينا فلاسفة عرب معاصرين (أو عاصرونا إلى حد ما) ، و لكننا فقط نطلق عليهم لقبا خاطئا !!؟

الجواب من وجهة نظري المتواضعة : نعم !!

لننظر مثلا إلى الأعمال الفكرية العديدة التي كانت على المدى الطويل ، عدوا قويا للمؤسسة الدينية التي تحاول بشتى الوسائل إحباط محولاتها (أقصد الأعمال الفكرية) العديدة لتحفيز العقل العريي على خوض تجربته التنويرية ...

فمثلا : فرج فودة و نصر حامد أبو زيد ، و محمد أركون ، و عبد الرزاق جبران ، و سعيد ناشيد ، و غيرهم كثر ... كانوا و مازال بعضهم يعمل من خلال الفلسفة على خلق قواعد جديدة للتفكير ، لكي ننطلق منها ، بدلا من الطرق القديمة و القروسطية التي مازالت تنتشر حتى الآن و بقوة ... هؤلاء لم نستطع أن ندعوهم بالفلاسفة و لكننا نقول عنهم مفكرين ... قد يقول قائل : و ما أهمية المصطلح ؟؟ ، أقول له : ببساطة كما ذكرت سابقا ، عدم توفر المصطلح يؤدي إلى انغلاق على الذات و انفتاح على الآخر الذي يملك المصطلح و بالتالي ممارسة التبعية الدائمة له ، و عدم القدرة على تسلم دفة القيادة !!

أيضا ينوه الكاتب (نفسه) الذي نسيت اسمه ، إلى فكرة مهمة جدا ، و التي هي أن الفلسفة المعاصرة تعاني من بؤس القيد التراثي ، حيث أنها تتخبط ضمن المواضيع نفسها منذ فترة طويلة جدا ، و حتى مصطلحاتها ليست إلا امتدادا لذلك التراث الذي مازال _لهذه الأسباب_ يمارس سلطته و بقوة ... ثم يعود و يبرر لها ذلك الأمر ، بأن تراث الدين الاسلامي هو الأقوى و الأشمل و الأكثر تماسكا بين بقية الأديان الأخرى ، فعملية تفكيكه و إعادة صياغة أحكامه و طريقة تفكيره ، لهي عملية صعبة جدا ، و خطرة ، و تحتاج إلى وقت و جهد كبيرين !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة