الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تظاهرات العراقيين - تحليل سيكوبيئي

وعد عباس
كاتب وباحث

(Waad Abbas)

2018 / 7 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


التفت علماء النفس منذ فترة ليست ببعيدة إلى اثر البيئة في سلوك الإنسان ، حيث أنها وبما تحتويه من ظواهر كثير تترك آثاراً متنوعة سلبية وايجابية في شخصية الإنسان .
وقد اظهرت الملاحظات المنظمة لسلوك الانسان والاختبارات المعملية وجود علاقة ارتباطية وطيدة بين درجات الحرارة وسلوك الفرد ، حيث ان ارتفاعها يتسبب بتعكر المزاج ويؤدي إلى سرعة الغضب ما ينتج عنه سلوك عدواني ، وقد استخدم "اندرسون 1987" المصادر الوثائقية المستمدة من المدن في الولايات المتحدة لجمع البيانات عن معدلات القتل والاغتصاب والاقتحام والسرقة بالاكراه والسطو المسلح وسرقة السيارات وتبين أن جرائم العنف تتزايد مع ارتفاع درجات الحرارة ، اما الجرائم غير العنيفة فليست كذلك .
ولأن العراق ابتداء من البصرة التي انطلقت فيها التظاهرات يتسم بدرجات حرارة عالية ترافقها رطوبة تجعل الحرارة تبدو أعلى من معدلاتها الطبيعية ، فإن السلوك العدواني ، والرغبة في الانتفاض والانتقام تزداد صيفا في العراق ، وتقل معدلاتها مع بداية اعتدال المناخ ، وإن الحرارة والرطوبة ليسا العاملين الوحيدين لاستثارة العراقيين ، بل يرافقهما الحزن والاحباط الناجم عن تخطئة التوقع من قبل الدولة ، حيث أن طريقة تفكير الانسان الطبيعي أن يضع توقعا لكل شيء ويسير عليه ، وفي حال حدوث خطأ في نتيجة التوقع يصبه الاحباط ، ولنفترض رجلا يريد السفر غدا صباحا إلى بغداد ، فإنه يتوقع أن الأمور ستجري بشكل جيد معه ، فيرتب أمره على أن يقضي نهار اليوم بالتسوق ، وانجاز بعض الأعمال ، ثم يعود إلى المنزل ليلا لينام ليلة هانئة يستيقظ بعدها مستعدا للسفر وامضاء يوم جميل في العاصمة بغداد ، وبعد انجازه لأعماله عاد ليلا وبعد دقائق من النوم قطع التيار الكهربائي ، وخاب توقعه ، وأصابه الإحباط الذي يؤدي إلى الغضب والعدوان .
كهذه القصة وغيرها تحدث لكل العراقيين في كل يوم من أيام صيفنا الحار ، فتستثيرهم وتجعلهم مستعدين للانتقام ، ولا استبعد ممارسة المتظاهرين لبعض السلوكيات العدوانية تجاه الآخرين أو تجاه البيئة والممتلكات العامة ، فهم محبطون وتقعوا كل العدوان من المحبط ، دون ان ننسى المندسين ، إلا أن الحكومة العراقية حفظت تحركات الشعب ، وأخذت تفهم آلية التصرف معه ، إنها تطلق إليه مجموعة من الحلول الترقيعية التي لا ينفذ غالبها ، ليخدر المجتمع ، ويعود إلى البيوت ، ويبدأ السبات مرة أخرى ، فالعراقيون "كملح الفوار" كما يصفهم نوري السعيد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قميص -بركان- .. جدل بين المغاربة والجزائريين


.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا




.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع


.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا




.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع