الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتخابات باكستان على الأبواب.. والتوقعات صعبة

عبدالله المدني

2018 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


في الوقت الذي يتراجع فيه نفوذها في أفغانستان لصالح لاعبين إقليميين آخرين، وفي الوقت الذي تتعرض فيه لضغوطات هائلة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لتطهير بيئتها الداخلية من شبكات الإرهاب وغسيل الأموال، تقف باكستان على أعتاب انتخابات تشريعية عاصفة ومثيرة وصعبة التكهن بنتائجها، بل تصدق عليها مقولة المواجهة ما بين مكونات الدولة العميقة ممثلة بالجيش وأجهزة الأمن والاستخبارات والبيروقراطية الحكومية من جهة والساسة المدنيين من جهة أخرى.
ففي الخامس والعشرين من يوليو الجاري سوف يتوجه الباكستانيون إلى اختيار برلمان جديد، علمًا بأنه مكون من 342 مقعدًا تتنافس عليه أحزاب رئيسة في مقدمتها حزب يمين الوسط ممثلاً بـ«حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز)» بزعامة شهباز شريف شقيق رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي عزلته المحكمة العليا من منصبه في يوليو 2017 بدعوى أنه لم يكشف عن كامل ثروته وقت ترشحه للانتخابات السابقة، ولذلك فهو «غير مؤهل» للحكم، وذلك على خلفية الكشف عما سُمي بـ«وثائق بنما». وقد حكمت عليه المحكمة مؤخرًا بالسجن غيابيًا لمدة عشر سنوات وبغرامة قدرها عشرة ملايين دولار، إلا أنه لا يزال ناشطًا في الخارج ومتعاونًا مع شقيقه شهباز شريف وابنته الديناميكية وخليفته المحتملة مريم شريف لتعزيز النفوذ السياسي للعائلة في إقليم البنجاب تحديدا الذي يأتي منه معظم شاغلي مقاعد البرلمان (كونه أكبر أقاليم البلاد الأربعة لجهة عدد السكان)، وبالتالي يمثل عامل الحسم في أي انتخابات عامة.
أما الحزب الثاني المتنافس فهو حزب «حركة الإنصاف» الذي يتزعمه لاعب الكريكيت السابق عمران خان المتعطش للسلطة بشراهة، بدليل خوضه كل المعارك الانتخابية على مدى السنوات الماضية من أجل الوصول إلى الحكم، بل إقدامه على تلويث سمعة منافسيه بإطلاق الإشاعات ضدهم كيفما اتفق (مثلما فعل تحديدًا مع عائلة شريف)، طارحا نفسه منقذًا للديمقراطية الباكستانية الموصوفة بـ«ديمقراطية الأشخاص المتنفذين والسلالات العائلية والعسكر المديرين لخيوط اللعبة من وراء الكواليس». ومن بين حملاته ضد حزب الرابطة الإسلامية ونواز شريف تلك الحملة التي تهكم فيها ضد بلاده، واصفا إياها بـ«جمهورية الموز» وذلك على خلفية استدعاء نواز شريف لقيادات حزبه، ومن ضمنهم رئيس الوزراء الحالي «شاهد عباس خاقاني» ووزراء الخارجية والداخلية والمالية إلى لندن في أكتوبر 2017، أي بعد ثلاثة أشهر على القرار القضائي بعزله.
كما ينافس في الانتخابات «حزب الشعب» الذي يستمد نفوذه من قاعدته الشعبية في إقليم السند مسقط رأس آل بوتو، لكن استطلاعات الرأي لا تعطي لهذا الحزب، الذي قاد باكستان في سنواتها الحالكة في حقبة ما بعد انفصال باكستان الشرقية، سوى نسبة متواضعة من مقاعد البرلمان؛ بسبب عاملين، أولهما غياب الشخصيات الكاريزمية عن قيادته بعد اغتيال رئيسة الوزراء الأسبق السيدة «بي نظير بوتو»، وثانيهما تهم الفساد الذي لاحقت الكثيرين من رموزه، الأمر الذي أثر سلبًا على حضوره خارج إقليم السند.
وهناك بطبيعة الحال الأحزاب الدينية مثل «الجماعة الإسلامية» و«جمعية علماء الإسلام» اللذين شكلا تحالفًا انتخابيًا لتقديم مرشحين مشتركين. كما توجد أيضا الأحزاب العرقية مثل «رابطة مسلمي باكستان» و«حزب عوامي الوطني»، إذ ينشط الأول في كراتشي كبرى المناطق الناطقة بالأوردية، بينما ينشط الثاني في إقليم «خيبر بوختونخوا» الذي يستمد منه نفوذه القبلي البشتوني منذ تأسيسه على يد «عبدالغفار خان»، الشخصية المناهضة لجميع أشكال العنف إلى درجة أنه سُمي «غاندي الحدود».
المراقبون المهتمون بالشأن الباكستاني يجمعون على حقيقة واحدة، هي صعوبة التكهن باسم الحزب الذي سيحصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان القادم، على الرغم من أن استطلاعات الرأي منحت حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز) النسبة الكبرى. صحيح أن هذا الحزب يملك التأثير في حسم النتائج كما قلنا بسبب خلفيته البنجابية، إلا أنه يعيش الآن أسوأ أيامه بسبب انقسامات داخلية، ناهيك عن انفصال الكثيرين من مؤيديه عن قيادته المتهمة بالفساد، وإعلان العشرات من رموزه داخل البرلمان الحالي النأي بأنفسهم عنه وقرارهم بالترشح مستقلين في انتخابات يوليو 2018، خصوصا بعدما رفع الحزب عقيرته ضد الجيش وجهاز الاستخبارات متهما إياهما بالتآمر ضد نواز شريف.
وفيما خص حظوظ عمران خان وحزبه، فقد يحقق الرجل مفاجأة غير متوقعه بسبب حروبه الإعلامية وديناميكيته وقراره خوض الانتخابات في ثلاثة أقاليم من أصل أربعة، ناهيك عن نشاطه الدؤوب في معقل الطبقة المتوسطة المتعلمة بكراتشي دونما اكتراث بحقيقة كونه بشتونيا يتحرك في مدينة لا تحتضن سوى أقلية بشتونية ضئيلة. وهناك من يقول إنه قد يدخل في مساومات مع العسكر من أجل تفويزه في الانتخابات وإيصاله إلى الحكم.
ولعل أحد عوامل صعوبة التكهن بنتائج انتخابات باكستان المقبلة هو أن الناخب الباكستاني يتحول من حزب إلى آخر بسهولة إذا ما اقتضت مصلحته الخاصة ذلك. وبكلام آخر، قد يمنح صوته في الانتخابات القادمة إلى حزب كان قد حجب عنه صوته في انتخابات ماضية بتأثير من الإعلام الصاخب والدعاية الانتخابية والشعارات الطنانة والشائعات المضللة والمال السياسي. وفي هذا السياق ذكّرنا الزميل عمر فاروق المتابع للشأن الباكستاني في تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط (1/‏7/‏2018) بما حدث في انتخابات 2008 حينما ابتعد ناخبو حزب الرابطة الإسلامية المؤيدة آنذاك للجنرال برويز مشرف عن حزبهم ومنحوا أصواتهم لحزب الشعب، ليبتعدوا في انتخابات 2013 عن حزب الشعب ويعودوا إلى التصويت لحزب الرابطة الإسلامية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار