الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مازال البحث مستمر...

فاضل الخطيب

2018 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


مازال البحث مستمر عن الجاني، عن السبب، عن خاتمة تريح الضمائر.. لا خلاف بيننا حول مسؤولية أميركا وروسيا وإسرائيل، بل مسؤولية العالم كله، الخلاف فقط حول حجم تلك المسؤولية الدولية، والمسؤولية الدولية تتضمن مسؤولية تركيا قبل أميركا، مسؤولية أردوغان قبل أوباما، مسؤولية الأشقاء قبل الأصدقاء، الخلاف الحقيقي هو حول المسؤولية الذاتية، حول مسؤولية تصفية فصائل الجيش الحر، حول تصفية الفصائل العسكرية الصغيرة اليتيمة غير الإسلامية، حول تصفية شعارات الثورة، حول تصفية مشروع الحرية، حول ظهور مشروع الأسلمة وخطابه وممارساته، حول دور قيادة المعارضة السياسية وتبعيتها للجماعات الجهادية، خلافنا حول المسؤولية في إجهاض الثورة، في تحديد المسؤولية عن دور أصحاب المسؤولية في البؤس السوري في المخيمات، حول حجم الفساد والتبعية والثراء على حساب الدم السوري، الخلاف بيننا حول حجم العقم السياسي وعدم فضحه أو تجاهله، الخلاف بيننا حول تقييم واع لكل تفاصيل محطات الثورة ورموزها وملحقاتها، الخلاف بيننا حول دور المال في شراء الذمم والأقلام، الخلاف حول ضياع البوصلة، الخلاف حول "جبهة النصرة تمثلني"، والتي مازالت سارية المفعول للآن، لأنه لم يعلن أيّ مناضل ثوري سحبه ذلك التمثيل علانية كما أعلنه حينها في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، خلافنا حول دور وحجم التكفير الذي حظي به بعض السوريين من بعضهم الآخر، خلافنا حول حجم الشرح والتفسير في كل نقيصة ثورية لفصيل جهادي، خلافنا حول اعتبار "جبهة النصرة فصيل رئيسي من الثورة"، وأن علوش "حامل همّ الأمة"، خلافنا حول "إذا كان من خيار بين الأسد وداعش، فيكون الانحياز لداعش وقبولها"، خلافنا حول حجم الانتقاد الناعم للكبائر القاتلة في الثورة، خلافنا حول تقييم المرحلة منذ 2012 حتى سقوط إدلب القادم، خلافنا حول عدم وجود أي منطقة سيطرت عليها الفصائل المسلحة وكانت أفضل من مناطق سيطرة الأسد، إن ظهور عشرات الفصائل الجهادية التي لا تختلف عن بعضها إلا في الجزئيات والتفاصيل، ويجمعها نفس المشروع المعادي للحرية والتعايش والتعددية ودولة القانون، هو مؤشر كبير للخطر الذي تحمله، وصراعاتها لاحقاً أكدت الكثير من الحقائق.. ماذا ينفع التمسك بتلك العقلية المناورة المسايرة للإسلاميين والجهاديين ومموليهم؟ إن كان ذلك يساعد على النصر، سنحتاج وإياكم "نمس" كثير للحصول على ذلك الدبس.. يقارن بعض الأصدقاء سلطان الأطرش والثورة السورية الكبرى قبل قرابة قرن من الزمان مع الفصائل العسكرية للمعارضة خلال السنوات الماضية، وأن تلك الثورة لم تحقق شيئاً وبقيت فرنسا محتلة سورية، ولا يقارن هؤلاء حجم المسؤولية الذاتية، حيث كان مطلوباً من الثائر في ثورة سلطان الأطرش أن يتدبر حصانه وبارودته وخرطوشه بنفسه، وتروى القصص عن أن بعض الثوار باع طحين خبز أطفاله واشترى خرطوشاً للقتال، وينسى البعض المقارنة بين من عاش في وادي السرحان بالجوع وكان طعامهم الضب وبعض الحيوانات والأعشاب البرية التي لا تؤكل في الظروف العادية، نسي هؤلاء الأصدقاء المقارنة بين عدد الذين أصبحوا أثرياء في ثورة سلطان وبين الأثرياء من ثوار المجاهدين وملحقاتهم، ونسي المقارنة بين حجم المساعدات التي تلقاها سلطان ورفاقه بحجم المليارات التي حصل عليها المجاهدين، ولا ننسى أنه كانت فرنسا أعظم قوة في العالم، أي أنها كانت "أمريكا العالم" حينها.. هل يوجد عاقل في هذا العالم غير العاقل، يمكنه أن يتضامن مع تلك الفصائل المسلحة ومع تلك المعارضة السياسية البائسة؟ هؤلاء أنقذوا الأسد، هؤلاء كانوا المظلة والجسر الذي عبر بها نظام الأسد إلى العالم، هؤلاء هم الذين حفروا قبور السوريين أيضاً وشاركوا الأسد في براميله وكيماويه، لأنهم لم يكونوا أفضل منه، والهروب من فضح هؤلاء بالإسم الثلاثي، قبل انتقاد أي مسؤول غربي أو إسرائيلي، هو محاولة تبرير وتبرئة هؤلاء "الثوار الكسبة".. لو لم يكن موجود الـ10% من السوريين المنحدرين من الأقليات التي يرمون عليها كل فساد الثورة وخيانات الثوار وبزنس الثوار وتبعية الثوار للخارج، لو لم تكن هذه الـ10% على من تضعون المسؤولية؟ نحتاج شجاعة في قراءة تلك السنوات السبع، بل الخمسين سنة التي سبقتها أيضاً.. مليح اللي فيه أقليات ساتري حال أولياء الثورة، كما إسرائيل ساتري "أعداء أولياء الثورة".. لو تحدثنا بالتفاصيل، من قناة الجزيرة حتى سبايا الأقفاص الحديدية وأبي صقار مروراً بقبنض وغصاب ومنشقي الأسد حتى الباصات الخضر، لو توقفنا عند تفصيلات سوريي أردوغان وثوار الفنادق الفخمة، لو توقفنا في المخيمات ودور أولياء الثورة وأقلام ثوارها في فضح الفساد والعهر الجنسي المشيخي لاغتصاب الطفلات، حتى آخر دبكة احتفال لسوريي أردوغان، لاستنتج العاقل حجم الكارثة التي خلقها الإسلام السياسي، وحجم التقاعس في فضحه وهو في المهد..
أعتقد أن إحدى أهم مفاصل إجهاض الثورة، كانت حملة "جبهة النصرة تمثلني"، ولم يلتقط غالبية أنصار الثورة وأولياء أمرها من السوريين خطورة هذا الموقف.. جبهة النصرة هي منظمة القاعدة التي فجرت في نيويورك وواشنطن وعشرات المدن الغربية، منظمة القاعدة التي حاولت حكم أفغانستان وكانت سبب تدخل أميركا فيها.. وأضاف عليها حبة سكر "العقل الحقوقي الثوري" هيثم المالح أكثر حين قال "أننا انتخبنا علوش كبير المفاوضين نكاية بروسيا"/ونعرف كم فكر علوش بعيد عن القاعدة، وفي تصريح آخر "إذا كان من خيار بين الأسد وداعش، فيكون الانحياز لداعش وقبولها".. عندما كل تلك الجماجم الثورية ومفكريها وأساتذتها وكتابها وصحفييها، لم تستوعب حيثيات تصريح أوباما في 2012، أن القاعدة موجودة في سورية كجزء من الثورة، وما يخفيه هذا الكلام من نوايا سياسية، ووضع المثقف جورج صبرا "عنزة فوق حمل الثورة" وغيره بأن "جبهة النصرة فصيل وطني أساسي في الثورة"، كمان عيّنة من الشعارات والخطاب الثوري لتلك السياسة الثورية التي ستجلب الحرية والتعايش والتقدم في هذا العصر "من جهّز غازياً كمن غزا"، عندما تكون غالبية رسائل الثورة خطأ، فلن تكون النتيجة سوى جبل الأخطاء الثورية.. ومازال الكثيرين يُحمّلون مسؤولية هذا الاستعصاء على مشجب المخابرات الغربية صاحبة ماركة داعش والنصرة!.. بعد هذا لا يكون مستغرباً صحوتنا ورؤيتنا المحطة التي قادونا إليها هؤلاء الفاشلون سياسياً، الفاسدون التابعون، تجار البزنس الثوري، ثوار الفنادق والمايكروفونات، ونكابر! ولم نجد من تفسير لكل هذا، إلا المؤامرة.. من عنده أي إسم من تلك "القامات" مثل هيثم المالح وجورج صبرا والجربا والحريري وسيدا وعلوش والعبدة وسهير وكمان ميشيل كيلو وبرهان غليون وغيرهم، من عنده في قيادة الثورة أيّ من هؤلاء هل يحتاج مؤامرة عليه، فكيف إن كانوا مجتمعين؟ وحتى هذه اللحظة لم يملك أي ثائر من تلك التركيبة ليقف مواجهاً قبور السوريين وأطلال ديارهم ليعترف بخطئه، ليعتذر عن سذاجته، ليقول اعذروني على هزيمتي لكم، ولم يجد أيّ ثوريّ يطالبهم صراحة بدفتر الحساب وكشف الصادر والوارد/سياسياً ومالياً.. شريحة من السوريين تقول وتقدم الأدلة أنه لا يوجد أحداً/لا دولاً ولا جماعات سياسية تهدد أمن وحدود إسرائيل منذ عقود، ومن جهة أخرى تحاول البحث عن أدلة تقنعنا أن المؤامرة الدولية على الثورة هي بسبب إسرائيل وأمنها، وفي الطرف الآخر لعشاق نظرية المؤامرة الدولية، النظام وإيرانييه كذلك "اندبرت اطرافهن وهني راكبين زلط على ظهر حمار المؤامرة" بسبب مقاومتهم لإسرائيل!.. يا جماعة صراع المصالح بين الدول وقبلها بين القبائل موجود منذ آلاف السنين، وسيستمر حتى بعد سقوط الأسد وانتصار الثورة بعدة آلاف من السنين.. ارحمو عقولنا يا عقلاء!.. عندما تحول التكبير من أجل الحرية، إلى تكبير من أجل الجهاد في سبيل الله، ضاعت الثورة.. لو كان عندي صلاحية، لطبقت شعار البعث "الإنسان المناسب في المكان المناسب"، وأرسلت غالبية المعارضين من جماعات الإسلام السياسي و"جبهة النصرة تمثلني، ومن جهّز غازياً كمن غزا..إلخ."، أرسلتهم لمتابعة نشاطهم وتحصيلهم ضمن حدود دولة الخلافة.. وبنفس الوقت أبعث غالبية "معارضي ومعارضات" الإغاثة/ثوار المنافع، للإغاثة والتنفع وزيادة التحصيل الأخلاقي ضمن حدود دولة الوراثة.. لا يكتمل الموقف الرافض لموقف ما، إن لم يكن منحازاً لموقف بديل آخر، يعني أن أكون ضد الأسد، يعني أن أكون مع موقف آخر بديل له، يعني إن لم أعرف أن بديل الأسد داعش، فإن تلك المعارضة للأسد لا تستحق العناء، وإلا في ذلك الكثير من العبثية.. كان بديل الأسد في السنة الأولى للثورة هو مشروع الحرية ودولة القانون والتعددية الديمقراطية، وبعد اغتصاب الثورة وإجهاضها صار البديل عن الأسد مشروع الخلافة والدولة الدينية وقانون عقوبات ابن تيمية.. شماعة الذين يبررون أسلمة الثورة وظهور الجماعات الإرهابية هو تخاذل الأقليات، وشماعة العالم هي جماعات التكفير الجهادي الإرهابي، استطاع الأسد إقناع العالم أنه ليس أسوأ من الإسلاميين، لكن الإسلاميين استطاعوا إقناع العالم أنهم أسوأ من الأسد.. كان يمكن للثورة أن تستمر-حتى بعد إجبارها على استخدام السلاح في مواجهتها نظام القتل الأسدي، كان يمكن لها الاستمرار بنفس روحها الأولى لو تركت خالد ابن الوليد وصلاح الدين وجينكيز خان وتيمورلنك والأمويين وغيرهم في مقابرهم، وكان يمكن استخدام آلاف الأسماء والرموز التي لا تدعو العالم للحذر ثم للابتعاد عن دعم الثورة-حتى قبل أن يدعموها!.. من وصل في خطابه السياسي في بداية القرن الواحد والعشرين إلى قبر خالد ابن الوليد الذي كان يتعطش لشرب دماء الروم في القرن السابع، فإنه من هناك بعيداً جداً حمزة الخطيب وعشرات آلاف بل مئات آلاف الشهداء الضحايا، ليس صعباً معرفة أسباب فشل ذلك الخطاب وما يمثله من رسائل لا علاقة لها بالحرية والانعتاق ودولة القانون واللحاق بالعالم والعصر!.. واهم وساذج ولا يتعلم من دروسه ودروس الغير، من يعتقد أن "المتحكمين بمصير العالم" سيسمحون للجماعات الجهادية وفقهها وفكرها الأخونجي من الوصول للسلطة والتمكن منها!. بالمختصر المفيد وبدون تجامل: عندما انتقدنا وننتقد، بل فضحنا ونفضح داعش وجبهة النصرة، وهما جماعة إرهابية همجية واحدة، صار بعض الثوريين اليوم يبرر نقصته تلك في دعمه أو عدم فضحه ذلك الإرهاب القاتل، صار اليوم يقول، يعني لو ما فيه داعش والنصرة، كان الغرب سمح بانتصار الثورة؟! وأنا أقول لهؤلاء البؤساء، وأكرر البؤساء، لماذا إذاً مظاهرات تلك الملايين في الشهور الأولى للثورة في عشرات المدن والبلدات؟ لماذا أنتم وقفتم مع الثورة؟ لو لم يكن الفساد والتبعية والمحسوبية والولاءات، لو بقيت الثورة نظيفة ولم يلوّثها هؤلاء المرتزقة الذين تاجروا بدماء أهلهم وطائفتهم، وأكررها هؤلاء السنة الذين باعوا دماء السنة في الفنادق والاجتماعات التافهة، لو لم يكونوا في القيادة، لو لم يغتصب الإسلام السياسي والجهادي الثوري الطائفة السنية والثورة، لو لم يلحقهم بضع أسماء صغيرة من الأقليات، لو، لكانت قيمة الثورة ومكانتها في برج آخر.. قامت ثورة في هنغاريا عام 1956 ضد الوجود السوفييتي حينها، وتم قمعها بالقوة، وبقي تقييمها على امتداد أربعين سنة وأكثر على أنها ثورة مضادة معادية للوطن والشعب وبدون أدلة وطنية وثورية ومنطقية، ثم أخذت حقها الأخلاقي التاريخي ومكانتها الرفيعة العظيمة وقيمتها الثورية بين الثورات الكبيرة.. كذلك الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي، لم تلاقي تقييمها الأخلاقي الوطني الحقيقي، إلا بعد سنوات عديدة على "تراجعها" وغيابها الفعلي عن ساحات المعركة، أو كما سماه البعض "هزيمتها".. بينما ثورة 2011 وما تلاها، وبالضبط منذ 2012، كيف يمكن إعادة تقييمها؟ هل تصبح عصبة أو إمارة "جبهة النصرة تمثلني" مرجعية ثورية يُحتذى بها؟ هل ثراء "زلم وزلمات" المعارضة وتجارتهم بدماء وبلدات أهلهم يصبح سلوكاً وأخلاقاً وطنية ثورية؟ كيف يمكن تقييم هيثم المالح والجربا وعلوش والعبدة والآغا وغيرهم من قادة المعارضة وملحقاتهم الصغار؟ كيف يتم إعادة تقييم استعراض القائد علوش لسباياه العلويات في أقفاص حديدية؟ كيف يمكن تقييم معتقلات "الثوار" لنشطاء الثورة؟ كيف يصبح شعار "وما خرجنا إلا لنصرة هذا الدين، من جهز غازياً كمن غزا وغيره من تلك الإيديولوجية الثورية لمشروع الحرية؟".. تريدون إصلاح الإسلام بفضح المفتي حسون والقبيسيات، دون المساس بأبي هريرة والبخاري وابن تيمية، تريدون انتصار الثورة دون المساس بجبهة النصرة وفقهها وفسادكم وتبعيتكم وبؤسكم الثوري.. تريدون إسقاط الأسد بعلوش وغصاب والجربا والمالح؟ ستحتاجون كثيراً حتى تستطيعون لملمة شجاعتكم وتسمية الأشياء بأسمائها، بما يليق بدماء أهلكم، تحتاج منكم أكثر مما تستطيعونه، تحتاجون إعادة إنتاج أنفسكم من جديد، أو تتابعون السقوط بسعر رخيص، وكل شماعات العالم من أوباما وترامب مروراً ببوتين وماكرون حتى أصغر شيخ درزي أو أقلوي، لن تكون عزاءً حقيقياً لتلك المقابر والبلدات المدمرة، أو جواباً منطقياً على أسئلة الغد الجارحة!...
إذا كتب الأسد تاريخ حقبة حكم أهله، لن يجد عنواناً أفضل من "هذا من فضل ربي"...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل